الأربعاء، 2 أبريل 2014

العقيــــلات ـ رجال ينشرون الخير.

(العقيـــــلات)

أبطال ينشرون الخـــــير

رجال العقيلات هم فئة من أهل نجد قاموا في الفترة الواقعة بين عام: 1164/1750م وعام :1370هـ/1950م بربط التجارة بين الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر ودول المغرب العربي والهند وكانوا يطلبون الرزق ويجلبون الخير إلى البلدان التي كانوا يرتادونها، كذلك شاركوا بالأعمال الحربية في تلك الدول والدفاع عن الدول العربية في الشام ومصر والعراق لغرض إعلاء كلمة التوحيد والدفاع عن إخوانهم المسلمين في تلك البقاع، يحدوهم في ذلك الإيمان الصادق بالله بلا رياء ولا سمعة. حيث قال فيهم الشاعر:ـ
أولاد علي لا بتي مالها أجناس     بشّاشة  بضيوفهم  والمسايير
إن عدوا الأجواد هم ذروة الناس   وهم هل الطولات زين المقاصير
أما سبب تسميتهم بالعقيلات فقد روي في ذلك عدة أقوال منها: أنهم سموا بذلك نسبة للعقال الذي كانوا يلفّونه على رؤوسهم وهي علامة دالة عليهم وتميزهم عن الأتراك وأهل الشام ومصر والعراق . وقيل إنهم سموا بذلك بسبب أنهم كانوا يعقلون الإبل والخيل أي يضعون العقال في أقدام إبلهم وخيولهم عندما يصدرون من أعمالهم. وقيل إنهم سموا بذلك من العقل حيث كانوا يحكّمون عقولهم في جميع أمورهم التجارية والعسكرية وهذا جعل منهم مجموعة تتميز بالحكمة والروية في معالجة الأمور وحسن التصرّف عندما تضيق بهم الحياة.
وكانت بلدة الزبير التي تقع في غربي البصرة أولى منافذ العقيلات إلى الخارج والتي هي بوابة نجد إلى الخارج وطريق القوافل من نجد إلى الاحساء ثم الشام وكان لتشابه جوّها وتربتها وطبيعة السكن فيها مع ديار العقيلات في نجد أثر مهم في تهيئة الاستقرار لهم فيها، كذلك وجود الزراعة والكلأ لرعاية الأغنام والإبل جعل المال يكثر عندهم وتزداد التجارة ويعمّ الترف والنعيم بينهم من الحليّ والثياب الجميلة والنعمة الظاهرة عليهم.
 وكانت الدولة العثمانية ترحب برجال العقيلات لوجود ما يميزهم عن غيرهم كالشجاعة والإقدام والكدح في طلب الرزق، كما كانوا يدافعون عن البلاد التي يسكنونها. وكانت الدولة العثمانية تستعين بهم في الدفاع عن الديار وتعيّنهم جنودا محليين بل كانوا العمود الفقري لجنودها تستشيرهم في أعمال الحروب وتأخذ برأيهم في كل نائبة، لقد كان رجال العقيلات الذين في الشام روّاد التجارة واستمروا يحملونها ويسوّقونها سنوات طويلة. كانوا يشترون الإبل والأغنام والأنواع الأخرى من الماشية من شمر والعمارات والحجاز ويبيعونها في الشام. كذلك كان رجال العقيلات العاملون لدى الأشراف بالمدينة المنورة وما حولها يستعان بهم من قبل الأتراك في حروب الشام أمثال ابن دغيثر وابن دخيل وغيرهم.
يقول فيهم عبدالله بن زايد الطويان (رجال في الذاكرة)(1) (ذلك أن  العقيلات رحمهم الله جميعا كانوا مدارس متنقلة وإضافة إلى تجارتهم كانوا جيوشا يدافعون عن مصالح الأوطان، وكانوا أهل فضل وريادة في العطاء للبلاد التي يمرون عليها أو يقيمون على أرضها).
وقد أسهم رجال العقيلات في الخارج بكل الأنشطة التجارية والعمرانية والعسكرية والاجتماعية في البلدان التي يقيمون فيها.
من تلك الأنشطة: مدينة (الخميسية) بالعراق التي أنشأها عبدالله بن صالح الخميس عام 1307هـ وكان أميرا عليها. كذلك إنشاء صوب عقيل في بغداد الذي كان ينبض بالنشاط. كذلك أنشأوا جامع الخنيني بالعراق الذي يعدّ معلما من معالمها وصرحا يؤدي رسالته الإسلامية ومكانا لاجتماع المسلمين يؤدون فيه مشاعرهم ويحلون فيه مشاكلهم ويتواصلون فيه. ولا ننس أوقاف الروّاف في بغداد التي لها الأثر الواضح في تطوير مدينة الزبير ومدينة البصرة. وسوق الشيوخ الذي يغص بالحركة التجارية. وكذلك الميدان الواسع في الشام الذي كان لهم دور فيه. ومن أنشطة العقيلات المشاركة في حفر قناة السويس وكان لهم دور هام في حفز همم الرجال وبث الحماس فيهم لإنجاز هذا المشروع الحيوي الذي عاد بالنفع والفائدة لدولة مصر.
أما الأنشطة الثقافية للعقيلات في الخارج فهو إنشاء صحيفة (الرياض) المشهورة في بغداد التي أنشأها ويقوم عليها سليمان الدخيل عام 1910م. كذلك أصدر مجلة (الحياة) في بغداد والتي كانت منبرا إعلاميا مهما في تلك الناحية.
أما في المجال العسكري: فقد شارك العقيلات إخوانهم العرب والمسلمين في حروبهم وفي صد العدوان عنهم ودافعوا عن ديار إخوانهم المسلمين، مثل معركة ميسلون التي قادها البطل ناصر بن دغيثر بالشام ضد الفرنسيين الذين جاءوا لاحتلال سوريا وأبلوا فيها بلاء حسنا وكانت لهم فيها بطولات أشاد بها المواطنون السوريون. كما اشترك العقيلات في الحروب التي دارت رحاها في فلسطين بجانب إخوانهم هناك. وشاركوا في توحيد البلاد السعودية مع الملك عبدالعزيز أثناء جولاته لتوحيد المملكة.
ويملك العقيلات اصطبلات ومرابط للخيول خاصة بهم في البلدان التي يرتادونها مثل العراق والشام ومصر. ولهم مشاركات في سباق مضمار الخيول في مصر عام 1320هـ وبرز منهم مجموعة من الخيّالة والمدربين المهرة مثل: عبدالله أبا الخيل، وصعب التويجري، وعبدالرحمن العجلان، وعبدالعزيز السابق، وحمود المطلق.
وللعقيلات مجموعة من الأمراء اشتهروا بالفضل والصلاح والحكمة والكرم ينتشرون في البلدان التي يذهبون إليها وهؤلاء الأمراء عادة كانت بيوتهم مفتوحة للجميع من العقيلات، ومنهم: محمد بن عبدالله البسام، محمد بن أحمد الرواف، إبراهيم بن سليمان الجربوع، إبراهيم بن علي الرشودي، حمود بن عبدالله البرّاك، صالح بن سليمان المطوّع، ابراهيم بن عبدالرحمن الشريدة، عيسى بن رميح الرميح، فوزان بن سابق الفوران، محمد بن علي الشويهي، مسلم بن ابراهيم الفرج، ناصر بن عبدالله الصبيحي، حمود بن عبدالله النجيدي، عبدالله بن صالح المديفر. ويذكر الطويان بأن هؤلاء من سادة العقيلات.
كذلك كان منهم قادة عسكريون مثل: ناصر بن علي الدغيثر،عبدالله المكيرش، فهد بن عبدالله الوهيبي، فهد الشارخ، محمد بن رشيد البلاّع، ناصر الروّاف، عبدالله بن عيسى، مبارك الدغيثر، منصور الشعيبي، محمد ابن عقيّل، سعد السكيتي، صالح بن جليدان، ناصر بن حمود، محمد بن صالح المرشود.
وقد ألف الأستاذ إبراهيم المسلم كتابا كاملا عن العقيلات. كما تحدث عنهم الباحث  محمد بن ناصر العبودي في كتابه (الأمثال العامية في نجد) وكتابه (معجم بلاد القصيم) والدكتور حسن الهويمل تحدث عنهم بإسهاب في كتابه عن بريدة. كما ألف عنهم الدكتور نواف بن صالح الحليسي كتابه (عصر العقيلات) من جزأين. وألف عبدالعزيز عبد الغني ابراهيم كتابه (نجديون وراء الحدود). ثم إن الأستاذ عبدالله بن زايد الطويان تحدث عنهم وعن رجالهم كثيرا في كتابه (رجال في الذاكرة)                  
أما الرجال من العقيلات الذين برزوا في التجارة وكثرة الأموال والذين اشتهروا بالقيادة منهم وحل المشكلات والكرم والمروءة بينهم فيحلو لنا أن نذكر مجموعة منهم مثل:ـ
إبراهيم الراشد الحميد،سافر مع العقيلات هو واخوته: عبدالله وعبدالعزيز وسليمان وجالوا الأقطار العربية وبدأت تعلو سمعتهم بين الناس شيئا فشيئا حتى صاروا من أغنى أهل نجد من العقيلات لحسن تعاملهم مع الناس وعلوّ همتهم وحسن خُلقهم وصاروا يديرون أعمالهم في جميع البلدان داخل المملكة وخارجها.
أبناء إبراهيم بن محمد الربدي، اشتركوا جميعا في معارك الملك عبدالعزيز لتوحيد البلاد، ثم أصبحوا من أكبر رجال العقيلات الذين يجوبون البلدان العربية ولهم أياد بيضاء على أهلها.
علي بن إبراهيم الرشودي، توفي عام 1314هـ وكان من كبار رجال العقيلات وكان من كبار التجّار الذين يجوبون الديار العربية مثل مصر والشام وفلسطين، وسار أبناؤه من بعده على نهجه.
عبدالله بن تركي العطيشان، كان من علية القوم ومن كبار رجال العقيلات وكان ذا شهرة وصيت كبيرين بين الناس في الداخل والخارج، وصار أبناؤه مثله في علو الهمة والرجوله. كذلك ابنه عبدالعزيز الذي توفي بالعراق أيام العقيلات.
ناصر بن علي بن دغيثر، كان من أشهر العقيلات في الشام واشتهر بالبطولة والشجاعة، وكان الشريف بالحجاز يعتمد عليه في المهام الصعبة، وقاد معركة ميسلون في سوريا. وشهد له الكثيرون بالشجاعة والبطولة وعلو الهمة في الحروب.
إبراهيم بن عبدالمحسن الطويان، ويلقب (درعان) وكان شاعرا من أقوى الشعراء المعاصرين ومجاهدا مشهورا اشترك في معارك البلاد مثل معركة السبلة، وقد انضم إلى قافلة العقيلات مدة من الزمن.
راضي بن عبدالرحمن الراضي، سافر مع العقيلات عندما اشتد عوده  إلى العراق والشام وفلسطين وظل هناك عدة سنوات يعمل بالتجارة وعاد منها عام 1360هـ.
محمد بن أحمد الروّاف، برز في أمور كثيرة بين رجال العقيلات ونال شهرة في التجارة وحسن المعاملة.
     عبدالكريم بن عبدالعزيز الطويان،من أبرز رجال العقيلات ومن أحسنهم معاملة يتسابق الناس إليه في التجارة لأمانته وصدقه وحسن التعامل معه. وكذلك أخوه عبدالله.
عبدالعزيز بن عبدالله الصقير، من القرعاء، تعلق بالعقيلات وهو صغير السن وسافر معهم إلى العراق والشام وفلسطين ومصر وتاجر في المواشي من الإبل والخيل وغيرها ثم استقر في بالعراق، وأسس في الكرخ ديوانية عرفت باسمه وصارت مركزا للعقيلات وغيرهم وكان يقصدها كبار رجال القبائل من نجد وغيرها لما يتمتع به صاحبها من كرم وأريحية.
عبدالله بن سليمان العيسى، سافر مع العقيلات وعمره خمسة عشر عاما وجال في العراق والشام وعمل بالتجارة، ثم التحق بالجيش السوري عام 1346هـ وتعلم فنون العسكرية وحصل على رتبة عسكرية كبيرة آنذاك، ثم عاد إلى البلاد وعين مديرا لشرطة مكة المكرمة، واشترك في حرب اليمن مع الملك فيصل.
ماضي بن عبدالرحمن بن خميس، من رجال العقيلات المشهورين بتجارة الآلات الزراعية وجلبها من الشام إلى أسواق المملكة والكويت، وكان يبيع على المزارعين بالأجل، واشتهر بالحلم وسعة الصدر وقبول اليسير من حقه.
 محمد بن عبدالله العطيشان، من بريدة، اشتهر بين العقيلات، سافر مع والده إلى الكويت ثم إلى الخميسية والزبير والبحرين واستقر في دارين مدة من الزمن، ثم عاد إلى الكويت وعمل بالتجارة، ثم سافر إلى بغداد وانضم للجيش العراقي أكثر من ثماني سنوات وصل رتبة وكيل ضابط وأشرف على جيش البادية، ثم استقال من العسكرية واشترى عدة خيول أصيلة وجلبها إلى سوريا وباعها هناك واشترى ملابس وعاد بها إلى العراق وأخذ يمتهن التجارة فيها وفي مصر.
     ابراهيم بن سليمان الجربوع، من بريدة، أحد أمراء العقيلات البارزين الذين تركوا فيها بصمات واضحة يشكره عليها الجميع، وهو من الكرماء وأهل الجود في البلاد التي سافر إليها.
الفريق/ابراهيم بن صالح الطاسان، من النبهانية وأصله من الرس، سافر مع حملة حمود النجيدي من بريدة إلى عمّان ثم انضم إلى جيش كلوب باشا قبل الحرب العالمية الأولى استطاع بهوايته وجدارته أن يجتاز امتحان القبول للعسكرية ثم استفاد من تدريبه وحصل على رتبة عسكرية وقاد بعض الدوريات، ثم اشترك في معركة ميسلون الشهيرة.
سليمان بن محمد البراك، من الشقّة، انخرط في قوافل العقيلات إلى العراق والشام ولمل يبلغ الثامنة عشرة، ووصل إلى بلبيس بمصر وأخذ يتاجر بالأبل يشتريها من نجد والأردن والشام ويجلبها إلى مصر.
عبدالله بن عقيل العقيل، من الشقّة، وهو الفارس الذي اشترك في معارك البلاد، ثم سافر مع العقيلات للتجارة في الشام والعراق ومصر.
عبدالله بن محمد العجاجي، من بريدة، سافر مع العقيلات في وقت مبكر وصار من كبار رجال العقيلات المعدودين، ومن الأسرة أيضا: فهد بن عبدالعزيز العجاجي، وصالح بن عبدالله العجاجي، ومحمد بن عبدالله العجاجي، وهم من كبار العقيلات.
عقاب بن جزّاع بن عجل، من شمر، وهو من مشاهير العقيلات في العراق، قصده رجال العقيلات الذين اشتروا إبلا من العراق ليجلبوها إلى الشام فصادرتها الحكومة العراقية، فتوسط لهم عند الملك فيصل الثاني ونوري السعيد فردوا الإبل لأهلها.
عبدالله بن علي الحصين، من بريدة، انضم إلى العقيلات وجال معهم في بلاد العراق والشام ومصر وكان يدرس في مصر مع العمل بالتجارة.
علي بن محسن بن مصيخ، من طابة، انضم إلى قافلة العقيلات وتجوّل معهم في العراق والشام وفلسطين، عرف خلالها تلك الديار وتعرّف على شيوخ العقيلات وعمل معهم بالتجارة.
اللواء/عبدالعزيز بن رشيد، من الشقة، عصامي ومكافح وطموح، سافر مع رجال العقيلات المتجهة للشمال عام 1339هـ واستقر في العراق ومارس التجارة فيها وفي الكويت.
الوزير/عبدالله بن سليمان الحمدان، الذي أسند له الماك عبدالعزيز الأمور العسكرية قبل الأمور المالية، كان من رجال العقيلات الذين تغرّبوا عن البلاد ومضى فترة من الزمن في الهند ثم البحرين حتى عاد إلى الوطن وعينه الملك عبدالعزيز وزيرا للمالية.
منصور بن سليمان الجربوع، من بريدة، هو من أمراء العقيلات وأحد زعمائهم، وصاحب سجل حافل بمكارم الأخلاق والمواقف الرجولية الخالدة، وصاحب كرم وجود، وهو مفوض الملك عبدالعزيز بإمارة العقيلات الفخرية. وقد بدأ مع العقيلات وعمره عشرون عاما، ما لبث حتى لمع نجمه أميرا من الأمراء فيهم.
والحديث عن العقيلات ذو شجون واستماع أخبارهم يورث العزة بالنفس ويقوي العزيمة لما يتمتعون به من الشجاعة والكرم والمروءة وحسن الخُلق وهم أهل نخوة ونجدة ومعروفون بالبطولة والإقدام وقد عودهم السفر على القوة وتحمل المشاقّ. وفي قصصهم من العبرة والعظة والاعتزاز، نبراس يضئ طريق العزة والشهامة لأبنائنا من الجيل الحاضر، قال فيهم الشاعر محمد الصغير في معركة البكيرية:
يوم جا العسكر تزاحم طوابيره   والمدافع جامع كل  أوانيها
جاء جمع عقيل هدم  مناجيره    ماحلى ضرب النمس في علابيها

من تولّوا لا بتي ضاع  تدبيره   سلة القصمان ماحد  يناجيها

     هذه نبذة يسيرة عن رجال العقيلات ولما لهم من حق علينا تحدثت عنهم وإلا حقهم أكثر من ذلك، رحمهم الله تعالى وغفر لهم وأسكنهم فسيح جناته.
                     عبدالله بن صالح العقيل ـ الرس.
                          باحث وكاتب ومؤلف

هناك تعليقان (2):

  1. أجد أن تعريف العقيلات قد جانب الصواب عند الباحث فالعقيلات نسبهم الى عُقيل بن عامر وليس كما يصفهم المؤرخ نسبة الى العقال فهذايُعد اجحاف في حق قبيلة العقيلات وماضيها

    ردحذف
  2. أجد أن تعريف العقيلات قد جانب الصواب عند الباحث فالعقيلات نسبهم الى عُقيل بن عامر وليس كما يصفهم المؤرخ نسبة الى العقال فهذايُعد اجحاف في حق قبيلة العقيلات وماضيها

    ردحذف