الأربعاء، 2 أبريل 2014

جبال القصيم .. حرف (س) (41) (ساق)

(175) جَبَلْ سَاقْ

ينطق على لفظ ساق الإنسان الذي يمشي عليها. بفتح السين بعدها ألف ثم قاف ساكنة، جبل متوسط الارتفاع يقع في الجهة الشمالية من القصيم، شمال البكيرية وجنوب غرب منطقة الجواء. مجاورا لجبل سويقة من جهة الجنوب –بينهما حوالي [5] أكيال. أقرب القرى العامرة منه هجرة درميحة من الغرب
– بينهما حوالي [18] كيلاً، وهجرة المعدا من الشرق – بينهما حوالي [13] كيلاً.
ويقع الجبل بين خطي عرض (42.85   16   26) وطول
(25.71  18  43) ويرتفع عن سطح البحر ( 912) متراً.
ويحده من الشمال: جبل سويقة، وجبل التيس. ومن الجنوب: البكيرية. ومن الشرق: هجرة المعدا، وقارة حصاني. ومن الغرب: هجرة دريميحة، ومزارع الوسيطاء.
أما الشعاب التي تمر حول الجبل: من الشمال: وادي سويقة الذي يجري بين الجبلين، ووادي الفويلق. ومن الجنوب: وادي القرين، وشعيب سعيدة. ومن الشرق: وادي الفويلق. ومن الغرب: شعيب الدليمية.
ويمر طريق حاج البصرة إلى مكة المكرمة من الجهة الشمالية الغربية من الجبل مخترقاً منطقة الجواء.
تحدث أصحاب كتب البلدان القديمة والحديثة عن الجبل كثيراً، ولننقل ما قالوا:
قال صاحب ابن منظور ( لسان العرب 1/360) ذكره باسم (العناب) وهو الاسم القديم له: بضم العين وفتح النون، قال: العناب: النبكة الطويلة في السماء الفاردة، المحدد الرأس، يكون أسود وأحمر، وعلى كل لون يكون، والغالب عليه السمرة، وهو جبل طويل في السماء لا ينبت شيئاً، مستديراً، ثم قال: جبل بطريق مكة، قال المرار:
جعلن يمينهن رعان حبس




وأعرض، عن شمائلها، العناب

أما الفيروزابادي (القاموس المحيط 3/713) فقال... وساق موضع وساق الفرو أو الفروين جبل لأسد كأنه قرن ظبي وساق الفريد موضع.
وقال البكري (معجم ما استعجم 3/713) [ساق] على لفظ ساق القدم: موضع بتهامة وهي ساق القروين، بفتح أوله وإسكان ثانيه، وهي ضلع سوداء، والقروين بفتح الراء قال ابن مقبل:
سلكن القنان بأيمانها




وساق وعرفة ساق شمالاً

وقال الراجز:
يا إبلي هل تعرفين ساقا؟




قالت نعم وقورها الأنساقا

ثم قال: وفي شعر لبيد: ساق، جبل لبني أسد، بين النباج والنقرة، قال لبيد:
يصرف أحناء الأمور تخاله




بأحقاف ساق مطلع الشمس مائلاً

وقد علق محقق الكتاب على قول البكري [موضع بتهامة] فقال: هذا وهم من البكري إذا كان يريد ساق الفروين، لأنه في ديار بني أسد بنجد، كما قال صاحب التاج، وكما يتضح من قول ابن مقبل، لأن القنان المذكور معه من جبال ضرية، وكما يتضح من قول زهير بن أبي سلمى المزني:
عفا من آل ليلى بطن ساق




فأكثبة العجالز فالقضيم

أقول: وهذا صحيح أنه وهم من البكري، فلو كان يوجد ساق آخر في تهامة لذكره المؤلفون، ولكن قد يكون خطأ من البكري، ولعله يقصد ساق الجواء.
وقال ياقوت ( معجم البلدان 3/172) ساق: بلفظ ساق الرجل، هضبة واحدة شامخة في السماء، لبني وهب، ذكرها زهير في شعره، وقال السكوني: ساق ماء لبني عجل بين طريق البصرة والكوفة إلى مكة، وساق الجواء، ويقال له ساق الفروين، وأنشد الحفصي:
أقفر من خولة ساق فروين




فالحضر فالركن من أبانين

ويقول العبودي ( معجم بلاد القصيم3/1127): جبل هرمي الشكل، يرى على البعد شامخاً في السماء شديد الشموخ، وهو هضبة واحدة ذات رأس واحد منفردة عن أية صخور أخرى يشملها اسمها.
وهو مشهور في القصيم لأمرين: أولهما أنه يرى على البعد شامخاً شموخاً لا يناسب ارتفاعه الحقيقي عندما يراه من يقف تحته. والثاني أنه أقرب الجبال الواضحة إلى مدن القصيم الرئيسية، فهو لا يبعد عن بريدة إلا بحوالي (70) كيلاً، أما البكيرية فهو أقرب إليها من ذلك بكثير.
يقع جبل ساق ناحية الجواء، إلى الشمال الغربي من بريدة وإلى الشمال من رياض الخبراء، ويوصل إليه من جهة قرية الضلفعه، وأسهل طريق له حالياً من قرية القرين، ويبعد عن الخط المعبد الذي تقع عليه القرين (29) كيلاً إلى جهة الشمال.
أقول: ثم إنشاء خط معبد بين الخط السريع الواصل من القصيم إلى المدينة مجاوراً لمحافظة البكيرية ويصل إلى جبل ساق.
ويرى الجبل من عدة أماكن في القصيم مثل: الرس والبدائع والخبراء والبكيرية.
وتسميته قديمة بل مشهورة في القديم والحديث، ويقع الخلط بينه وبين جبل ( ساق الفروين) الذي يسميه المتأخرون (سويقة) فرقا بينه وبين ساق، ويقع عنه جهة الشمال على (4) أكيال منه. ثم ذكر العبودي قول الأصبهاني : ساق، جبل هضبة واحدة، شامخة في السماء، وهي لبني وهب، وهم من بني أسد.
وقال البكري: ساق في شعر لبيد: جبل لبني أسد بين النباج والنقرة، قال لبيد:

يصرف أحناء الأمور تخاله




بأحقاف ساق مطلع الشمس ما ئلا

  وهو يقصد هذا الجبل حيث قرنه بالقصيدة بأماكن أخرى مثل: صارة ورقد وثادق، وكانت المناطق القريبة منه مرتعاً للظباء وأنواع صيد البر الوحشي، التي تتحصن في المواقع الوعرة شرق الجبل.
وقرن ذكر ساق بذكر العناب حيث يسمى قديماً ( ساق العناب) ويعرف في تلك المنطقة ثلاثة سيقان، أولها: ساق المشهور منها، وأعلاها، والثاني: سويقة وتسمى عند القدماء (ساق الفروين) والثالث: ساق العناب، الذي يسميه العامة الآن (الإصبعة) وكلها ذكرها ياقوت في معجمه.
قال الطوسي: عناب، جبل على طريق المدينة، وساق: جبل عناب، فيقال ( ساق العناب) ويقال لهما جميعاً الساقان، وربما قيل العنابان، أنشد الطوسي لكعب بن زهير:
جعلن القنان بإبط الشمال




وساق العناب جعلن اليمينا

 ويقول العبودي بأن الطوسي خلط بين الجبلين، فساق العناب ( الإصبعة) غير ساق الجواء.
ويسمى ساق حديثاً ( ساق الجواء) لقربه من الجواء حيث يقع غربيها، يقول زهير وهو يتكلم على قدومه من جهة الشرق مع الدهناء إلى بلاده الحاجر في مجرى وادي الرمة فوق عقلة الصقور:
نشزن من الدهناء يقطعن وسطها




شقائق رمل بينهن خمائل


فلما بدت (ساق الجواء) وصارة




وفرش وحماواتهن القوابل

طربت وقال القلب: هل دون أهلها



ومن جاورت إلا ليال قلائل؟

فقرن صارة وهي جبل مشهور يقع شمال ساق، وأضاف له بطناً، فقال من قصيدة:
عفا من آل ليلى (بطن ساق)




فأكثبة العجائز فالقصيم

وبطن ساق أرض منخفظة ذات تربة طينية محيطة بساق من جميع الجهات عدا الجهة الشمالية، وتسميها العامة الآن (روضة ساق) وهي منطقة زراعية الآن.
والذي يلفت النظر أن ساقا أضيف إلى تلك العرفة في القرون الوسطى، وأورد ابن فضل الله العمري في معرض كلامه على ديار بني خالد، ونصه:
( وخالد ودارها: التنومة، وضيدة، وأبو الديدان، والقريع، وضارج والكوراة، والنبوان، وإلى ساق العرفة إلى الرسوس). فقرن اسمه مع أسماء معروفة إلى الآن، أما في صدر الإسلام فكانت العرفة تضاف إلى ساق كما في بيت تميم بن أبي بن مقبل:
سلكن القنان بأيمانها



( وساقا ) وعرفة ساق شمالاً

 فالركاب التي تكون متجهة من الجنوب إلى الشمال تجعل القنان (الموشم) بإيمانها وتجعل ساقا وعرفة ساق في جهة الشمال منها. وهذا هو الواقع بدليل قوله في بيت آخر:
فليس لها مطلب بعدما




مررن بفرتاج خوصاً عجالا

وفرتاج يقع إلى جهة مهب الشمال من جبلي القنان وساق، في منطقة حائل.
وقال لغدة: وكفة العرفج ، أي منقطع العرفج ومنتهاه، هي العرفة: عرفة (ساق) وتناصيها عرفة الفروين.
وسمى الحطيئة ساقاً (ساق الفريد) لإنفراده في الشكل عما عداه من الجبال في تلك المنطقة، كما ذكر إلى جانبه (ضارجا) وهو ضاري في الوقت الحاضر في الشقة، و (قو) الذي هو قصيبا، فقال:
نظرت إلى فوت ضحيا وعبرتي




لها من وكيف الرأس شن وواشل

إلى العير تحدى بين قو وضارج



كما رال في الصبح الإشاء الحوامل

فأتبعتهم عيني حتى تفرقت





مع الليل عن (ساق الفريد) الجمائل

وهو يبين المسافة بين ساق وما ذكر من المواقع أن من كان واقع بين قصيببا والشقة في أول الضحى، يسير متجهاً نحو القبلة أي ( الجنوب الغربي) أن المسافة على الإبل من أول الضحى إلى الليل للوصول إلى جبل ساق. وهذا رجز أورده البكري وقرن بساق فيه ذكر قور ساق، والقور يقع إلى جهة مطلع الشمس من ساق، وتمتد على نسق فيما بينه وبين الخبراء:
يا إبلي هل تعرفين ( ساقا )؟

قالت: نعم، وقورها الأنساقا

وقال العبودي: أن هناك من ذكر ساقا باسم ( ساق الفروين) الذي هو (سويقة) والتي تقع بجوار جبل ساق، منهم الإمام لغدة، والإمام الحربي. وقال خالد بن جعفر بن كلاب في الحروب التي سبقت البعثة النبوية في قصيدة:
تركت بني جذيمة في مكر




ونصرا قد تركت لدى الشهود

ومني سوف تأتي قارعات



تبيد المخزيات ولا نبيد

وحي بني سبيع يوم ساقا





تركناهم كجارية وبيد

وذكر بني جذيمة وهم من بني أسد سكان تلك المنطقة، وذكر نصراً وهم بنو نصر الأسديون، وقد ذكر لغدة عدداً من مياههم في ديار بني أسد.
وقال ناهض بن ثومة الكلابي ذاكراً جماد ساق في شعره، والجماذ ما غلظ وخشن من الأرض، فهو ينطبق على الأرض الواقعة جهة ساق الشرقية:
حي الديار عواصهن خوالي




بجماد (ساق) رسومهن بوالي

محتل أحوية عليهم بهجة



بسواء مشرفة بهم محلال

ومن الحوادث التي وقعت قرب ساق في العصور الأخيرة مناخ (يشبه يوم من أيام العرب) حصل هناك، قال ابن عيسى في حوادث عام 1274هـ: وفيها تناوخ عتيبة وحرب بالقرب من ساق، وحصل بينهم قتال شديد، انهزمت عتيبة وقتل منهم نحو ستين رجلاً، ومن حرب نحو خمسين رجلا. ويقع الموقع إلى الشمال الشرقي من ساق.
وكانت منطقة ساق وما حولها مسرحاً لحروب بين عنزة وحرب، ومن الشعر العامي ما نسب لأمير عنزة برجس بن مجلاد قوله من قصيدة:
يا (ساق) يالضلع الطويل
 



العود وصاني عليك

لعيون منسوع الجديل




الحربي ما والله يجيك

فأجابه أحد شعراء حرب:
يا (ساق) يالضلع الطويل
 



آمن وحرب تحتميك

الوايلي قفا ذليل




اللي حلف ما أحد يجيك

فرقى خليل من خليل




فارقك لو وصيي عليك

وهناك مثل عامي عند أهل القصيم: (كل جبل تمسيه المطيه، إلا ساق وطميه) أي كل جبل في منطقتهم يراه الراكب على مطيه في أول النهار فإنه يصل إليه في المساء، إلا ساقا وطميه لأنهما يريان على البعد كأنهما قريبان.
أما الشيخ ابن بلهيد (صحيح الأخبار 1/26) فقال عن ساق: أنه من جبال الجواء وأنه باق على اسمه من الجاهلية حتى اليوم. وقال (1/150) ساق، واقع في الجواء معروف عند عامة أهل نجد إلى هذا العهد، ومنهم من يسميه (ساق الجواء) وهو منفرد من جبال الجواء ومن جبال الموشم ومن صارات، وهو أسود ليس بالكبير، شاهق إلى السماء، في أرض متسعة ثم قال: قال الحطيئة:
فأتبعهم عيني حتى تفرقت




مع الليل عن ساق الفريد الجمائل

وقال (3/177) وقريب الجواء جبل يقال له ساق الجواء.
وقال (3/249) متحدثاً عن الذيبية: هي بين أبان وساق الجواء، وجبل ساق يقع شمال شرق الذيبية.
ثم قال(4/176)... وقال محمد بن حبيب في شرحه لشعر لبيد: ساق جبل لبني أسد بين النباج والنقرة، وهو صحيح بين الموضعين.
أما الباحث عبدالله الشايع( تحقيق مواضع في نجد2/300) وهو يتحدث عن جبلي ساق وسويقة وكيفية التمييز بينهما بعد أن خلط بعض المؤلفين بينهما وبعد أن أورد ما قال العبودي حيث بسط للقول فيهما، قال:  ففي القديم كان كلاهما يقع في ناحية غرب الجواء وكلاهما كان يسمى [ساقا] إذا أطلق ينصرف إلى الأكبر ارتفاعاً في السماء والأظهر للرائي وهو ساق الجواء، كما قال زهير بن أبي سلمى وهو شاعر جاهلي من قصيدة:
ولما بدت [ساق الجواء]وصارة




وفرش وحماواتهن القوابل

وقال: وميزه الحطيئة بوصفه بأنه كان فريداً أي : ذا شكل فريد في قوله:
فأتبعتهم عيني حتى تفرقت




مع الليل عن [ساق الفريد]الجمائل

ثم قال: أما إذا أراد [ساقا] الثانية التي هي أقل ارتفاعاً وأقل شهرة فإنهم يصفونها إما بإضافتها إلى شيء مميز وذلك في قولهم [ساق الفروين] أو أن يقولوا: إنها ساق التي كقرن الظبي تماماً كما يصفون [ساق الجواء]أحياناً بأنه هضبة واحدة شامخة في السماء، هذا كان في القديم. أما المحدثون فقد اكتفوا من ذلك بشيء سهل للتمييز بينهما فجعلوا الكبرى ساقا والصغرى سويقة.
ثم أخذ الشايع مناقشة الرأي الأخير فقال: أقول: إن ساق الجواء اكتسب شهرته عند القدماء والمتأخرين نظراً لعلوه وشموخه حيث يشاهده القادم لناحية الجواء من مسافة بعيدة فريداً في هذه الصحراء لأن الجبال التي حوله متطامنة. ولعل الحطيئة سماه [ساق الفريد] لهذا السبب. أما إذا اقتربنا منه فإن طوله يتضاءل ونشاهد حوله قوره المتتابعة، كما نشاهد بعيداً منه جهة الشرق قارة الأسلاف، وقارة الحصاني وغيرهما.
أقول معلقاً: بأن قارة الحصاني ( 766متراً) تقع عنه جهة الشرق، وأخرى باسم الحصاني( 713متراً) تقع جهة الجنوب، أما قارة الأسلاف (765متراً) فتقع جهة الجنوب، ثم يجاورها قارة حصني (756متراً) وقويرة مطر(751متراً) تقع من ساق جهة الجنوب الشرقي.
ثم أكمل الشايع بقوله: ومن الشمال الشرقي نشاهد جبل عنز وجبل التيس وغيرهما، وتعتبر تلك الأعلام متطامنة إذا قيست بارتفاعه ولذا كان يطل علينا برأسه أينما سرنا.
أقول: ومن الشعر الشعبي الذي ورد فيه ذكر جبل ساق، ما قاله الشاعر سرور الأطرش من الرس.
عديت مرقاب طويل الحجارة





هاضن كمن ركون واديه خالي

طالعت فيه الحضر وادني سماره




وخشم الرحا وهاك الهضاب الطوالي

وماطر ساق وقبلت فيه صاره



منازل لمحددين الجمالي

 وقال الشاعر عبدالله الحرير من الرس:
لو دلهوني عنه يمين القطع ما أنساه





ما أنساه لين أمره تزبن على خضرا ولينه

أيضاً وابانات ترحل والخناق وساق مرباه




أيضاً وضلعان تمشي بين طخفه والمدينة0




0 المراجع:
(1) ياقوت الحوي . المرجع السابق.
(2) محمد بن بلهيد. المرجع السابق.
(3) محمد العبودي. المرجع السابق.
(4) ابن منظور. المرجع السابق.
(5) ناصر المسيميري. ديوان الحرير.
(6) فهد الرشيد. شعراء من الرس.-ط3، 1403هـ.
(7) البكري. معجم ما استعجم .- عالم الكتب.- ط3، 1403هـ.
(8) الفيروزبادي. القاموس المحيط.- مؤسسة الحلبي.
(9) عبدالله بن خميس. المرجع السابق.
(10) عبدالله الشايع. تحقيق مواضع في نجد.- ط1.- الرياض، 1414هـ.
(11) خرائط المملكة ( 1: 250000) لوحة رقم ( 5- 38 NG ) القوارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق