الثلاثاء، 29 يناير 2019

الرحّالة عبدالله فلبي يتحدث عن حرب إبراهيم باشا لبلدة الرس عام 1232هـ.

كتاب (تاريخ نجد) تأليف: عبدالله فلبي. تعريب: عمر الديسراوي. منشورات المكتبة الأهلية بيروت.
كما تم طباعة الكتاب في مطبعة مدبولي بعنوان (تاريخ نجد ودعوة محمد بن عبدالوهاب السلفية) سنت جون فلبي 2009م. قال:
طوسون في القصيم:
قال المؤلف في الفصل الخامس تحت عنوان(عبدالله الأول بن سعود)(ص 141) (وسمع محمد علي وهو في قنفذة بحدوث اضطرابات في مصر بين مماليك الغزو وحكومته فقرر العودة إلى مصر. تاركا أمر العمليات العسكرية الأخرى لابنه طوسون. وكان آنئذ في المدينة المنورة يقوم بالاستعدادات بحملة على نجد. وجرت اتصالات بينه وبين العناصر الساخنة في رسّ والخبراء شجعته على العمل بدون أي تأخير, فأمر القوة (النازلة) المعسكرة في الحناكية أن تزحف على القصيم. فاحتلت القريتين بدون أية مقاومة, بينما أخضعت الحصون في القرى الصغيرة المجاورة, فيما عدا المدن والقرى الواقعة في المناطق الوسطى والشرقية من القصيم. إذ ظلت هذه موالية للحكومة الوهابية وتحارب المصريين حربا غير نظامية. إلى أن سارع عبدالله إلى لإنقاذهم بجيشه الذي جمعه من جميع أنحاء نجد.
عبدالله بن سعود يهاجم قوات طوسون:
وفي منتصف نيسان من سنة 1815 غادر عبدالله الدرعية للتطواف في المذنب, ومن هناك تقدم نحو الرويضة القريبة من رسّ أما المصريون فاكتفوا بإطلاق مدافعهم من بعيد, بينما هاجم عبدالله حشدا من قبائل حرب ومطير قيل بأنهم كانوا يحتشدون في الغرب من آبار بصيري, وفي الطريق سمع بأن طوسون نفسه قد وصل بقوة كبيرة إلى داث في طريقه إلى رسّ فاستدار في الحال إلى تلك الجهة. مؤملا أن يفاجئ العدو على الآبار, ولكن طوسون كان قد توقع هذا الهجوم فاستمر في زحفه نحو رسّ. فأرسل عبدالله فرقة القصيم لتصد أي تقدم للعدو في ذلك الاتجاه, بينما رجع هو إلى خطته الأولى في مهاجمة القبائل في بصيري. وبعد أن أخضعهم وهزمهم, وردته أخبار جديدة تقول أن طابورا تركيا مع المصريين قد وصل بئر البعجة وحصنها في المنطقة المجاورة, فسار نحوهم وقد التجأت القوة المؤلفة من مائة وعشرين رجلا إلى الحصن فاقتحمها عبدالله عنوة وقتل جميع أفراد الحامية عن بكرة أبيهم, ثم عاد عبدالله إلى قاعدته في المذنب, بينما أرسل طوسون المتمركز جيدا في رسّ والخبرة قوة أمامية إلى الشبيبية قرب عنيزة, من أجل احتلال عنيزة في الوقت الملائم, وجعلها مقره الرئيسي, إلاّ أن عبدالله هو الذي وصلها أولا واتخذ منها قاعدة للغارات المتكررة على المصريين وحلفائهم من البدو الذين أصبح مركزهم العام وسط أراضي العدو حرجا بينما سارعت بعض العناصر من رسّ نفسها إلى احتلال حصون شنانة لمصلحة عبدالله بعد أن ندموا على تسرعهم في خضوعهم لطوسون. أما مركز الشبيبية الطليعي فسُحب, وانتقل عبدالله من عنيزة إلى آبار الحجناوي حيث أمضى قرابة الشهرين ضاغطا باستمرار على موقع طوسون.
العمليات الحربية على الرس:
ثم يكمل المؤلف حديثه عن العمليات الحربية في الرس (ص 144) ويقول (وقد عقبت ذلك حدوث تطورات جديدة على الموقف. وهي إما أن تكون ناشئة عن وضع طوسون الخطر في وسط الصحراء, أو ضغط الأحداث في مصر أو سوء حالته الصحية, فقد ثبت أن ضابطا بصحبة دليلين من حرب ومطير هوجم وهو في طريقه إلى طوسون ونُقِل على يد آسريه الوهابيين إلى معسكر عبدالله فقُتل الدليلان في الحال بدون سؤال أو جواب. أما الضابط التركي فنقل إلى عبدالله المعلومات التالية: وهو أنه يحمل رسالة إلى طوسون من والده يأمره فيها بعقد الصلح والعودة إلى مصر. وبعد معاملة كريمة أرسل الضابط إلى طوسون, فوصل القائدان المتحاربان إلى اتفاقية تنصّ  (1) إنهاء الأعمال العدوانية, (2) إنهاء التدخل التركي في شئون نجد, (3) إطلاق حرية التجارة بين الجزيرة العربية وجاراتها, وتأمين الحج لجميع الأطراف المعنية.
وهكذا غادرت القوات المصرية رسّ إلى المدينة المنورة في منتصف شهر تموز سنة 1815, ورافق طوسون مرافقان ساميان سعوديان يحملان رسالة من عبدالله إلى محمد علي باشا الذي ابرم بدوره اتفاقية الهدنة وأيدها. ولم يعش طوسون طويلا بعد الفشل الذي لحق به في الجزيرة العربية, إذ توفي في مصر في آخر أيلول سنة 1817, وقبل ذلك يشهر واحد توفي في سالونيك الشريف غالب بن مساعد الذي كان محمد علي قد نفاه إليها.
ويبدو أن عبدالله قد أدار دفة الحرب ضد طوسون بكل نشاط ومهارة, فقد سيطر بيد من حديد على قوته الكبيرة بما فيها من عناصر فرارة طيارة. وكان هو الذي ألهم شعب القصيم أن يصمدوا في وجه الاعتداء المصري كما ظهر ذلك في توبة أهل رسّ المتأخرة لسهولة انقيادهم للعدو. وكون محمد علي هو الذي طلب التوقف, يعتبر بحد ذاته نصرا معنويا للوهابيين, تأتى بفضل المقاومة الضارية التي أبداها أهل نجد لمطامع إبراهيم باشا.
عبدالله بن سعود يغير على البادية:
ثم تحدث الكاتب (ص 146) عن قيام عبدالله بن سعود بحشد قوات كبيرة وتوجه غربا لتأديب القبائل من حرب ومطير حول آبار العلم قرب الحناكية, ثم جنوبا نحز حرة كشب, ثم عاد إلى بلاده عن طريق الدفينة دون أي نشاط حربي.. ثم قال (بينما أخذ أمير رسّ واثنان آخران من أهلها البارزين رهائن إلى الدرعية)أ.هـ.
إبراهيم باشا يحارب أهل الرس:
وفي (ص 147) تحدث المؤلف عن حرب أهل الرس مع إبراهيم باشا فقال (أما إبراهيم فلم يضع الوقت بل أخذ يطور نصره ويستفيد منه, فسار من الحنكية إلى ماوية مع جيشه الرئيسي ومعداته كلها, ومن هناك اندفع نحو القصيم فوصل قبالة رسّ في التاسع من تموز. ووجد السكان غير مبالين هذه المرة إلى الاستسلام, فقد أرسل إليهم عبدالله قوة من الجيش لتقوية دفاعهم. واشتد حصار رسّ, وكذلك اشتدت المقاومة العنيدة, غير أن الأمور سارت في صالح إبراهيم, ولم تترك مدافعه ولا معدات حصاره راحة للمدافعين لا ليلا ولا نهارا, كانت الثغرات والشقوق التي تحدثها المدافع في الأسوار نهارا يعيد المدافعون إصلاحها ليلا دون كلل أو ملل. وكانت الألغام والقنابل تطلق من الداخل لإبطال مفعول ألغام العدو المهاجم من الخارج. وقد استعمل المصريون قنابل يطلقونها من مدافعها فتنفجر وسط التحصينات, وكلما مرت الأيام بلا أمل في الخلاص أرسل المحاصرون يستنجدون بعبدالله الذي كان مقيما في عنيزة, فيتوسلونه ويلحون عليه في طلب المساعدة أو السماح لهم بطلب الصلح مع الأعداء. ويبدو أن عبدالله لم يكن بوسعه التدخل بأي شكل, أما الأعداء فكانوا يتلقون الإمدادات والذخائر من مصر بلا انقطاع. وأصبح وضع المدافعين أبعث على اليأس. وبعد أربعة أشهر من الحصار اضطرتهم الأحوال إلى طلب الصلح بشروط سخية في الخامس والعشرين من تشرين الأول سنة 1817, وسمح للمدافعين أن يخرجوا بكامل أسلحتهم ومعداتهم لينضموا إلى عبدالله في عنيزة. أما خسائرهم فبلغت 70 قتيلا بينما يقدر ابن بشر عدد القتلى المصريين بستمائة قتيل).
سقوط القصيـم:
ثم قال مختتما حديثه عن القصيم (ص 149) (وبعد أن وضع إبراهيم باشا الترتيبات الضرورية لتأمين سلامة عنيزة, تقدم صوب بريدة حيث استسلم الأمير حجيلان مع المواطنين دون مقاومة. وهكذا سقطت جميع القصيم في يد إبراهيم خلال أسبوعين أو ثلاثة بعد انهيار مقاومة رسّ الباسلة ...) أ.هـ.
كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ـــ الرس. 

الاثنين، 28 يناير 2019

الرحّالة خالد الفرج يتحدث عن حرب إبراهيم باشا لبلدة الرس عام 1232هـ.


ـ كتاب (الخبر والعيان في تاريح نجد) وهو شرح قصيدة تاريخ نجد البائية. خالد بن محمد الفرج. تحقيق عبدالرحمن بن عبدالله الشقير. مكتبة العبيكان.
زحف طوسون على القصيم:
قال المؤلف (ص 295) بعد أن تحدث عن الوقائع الحربية في الميدان الجنوبي للمملكة (وفي الشمال زحف أحمد طوسون بجنوده من المدينة قاصدا القصيم, فاستولى على الرس والخبراء بمواطأة من أهلها, وأعلن عبدالله بن سعود النفير العام في نجد بدوا وحاضرة, ونازل طوسون في القصيم وجرت بينهما مناوشات ومطاولات.
انعقاد الصلح:
وتحت عنوان (انعقاد الصلح)(ص 297) قال المؤلف (مما لا ريب فيه أن محمد علي لما أزمع الأوبة إلى مصر كتب إلى ابنه طوسون بعقد صلح شريف إن أمكنه, رغبة بهدنة يتفرغ فيها لتأمين مخاوفه, وتسكين الاضطرابات التي كان يتوجس منها, والمؤرخون المصريون يعزون الصلح إلى طلب عبدالله بن سعود في الوقت الذي كان فيه طوسون يفكر في العودة إلى المدينة.
وبديهي لو لم يكن طوسون نفسه راغبا في عقد الصلح لعد طلب عبدالله دليلا على ضعفه وواصل القتال حتى النهاية. على أن ابن بشر المؤرخ الصريح يكشف لنا عن الحقيقة فيقول: إن جنود عبدالله قبضوا على اثنين من البادية: أحدهما حربي, والثاني مطيري, ومعهما أحد رؤساء الترك وجدوا لديه رسائل إلى طوسون من والده يأمره فيها بالصلح, وبالطبع أن الطرفين كانا مائلين لذلك, ولهذا بادر عبدالله بإطلاق سراح التركي وإيصاله إلى معسكر طوسون.
وبعد مفاوضات قصيرة تم عقد صلح شريف تنازل فيه أهل نجد عن الحجاز, وتعهدوا بتأمين طرق الحج وعدم التعرض للقوافل, على ألاّ يتعرض المصريون لنجد ولا لملحقاتها من جهة الشرق. وكُتبت المعاهدة ورفعها عبدالله, وتوجه بها وفد مؤلف من عبدالله بن بنيان والقاضي عبدالعزيز بن إبراهيم إلى مصر, فصادق عليها محمد علي وتم الصلح. وعاد طوسون إلى مصر, فجعله أبوه أميرا على حامية رشيد وهناك أفرط في الملذات حتى أنهكت جسمه, فمات إثر مرض قصير في شوال سنة 1231 ونقلت جثته إلى القاهرة).
حملة إبراهيم باشا على نجد:
ثم يكمل المؤلف حديثه عن الأوضاع في نجد فيقول(ص 299) تحت عنوان (استئناف القتال)(بعد أن أمن محمد علي مركزه في مصر أعاد التفكير في نجد وإعادة الحملة عليها, وكان عبدالله بن سعود فد تجرد لتأديب الخائنين من البادية وأهل نجد الذين ظاهروا الحملة المصرية. فخرب أسوار الرس والخبراء وأغار على كثير من بوادي حرب ومطير الخائنين, فاتخذها محمد علي ذريعة لنقض الصلح, فأخذ يستعد لإرسال حملة بقيادة ابنه ـ أو ابن زوجته ـ إبراهيم باشا, ووصلت أخبار الاستعدادات إلى نجد. فأرسل عبدالله بن سعود وفدا أخر برئاسة حسن بن مزروع, وعبدالله بن عون إلى مصر, ومع الوفد هدايا إلى محمد علي, فوجداه قد تغيرت نواياه, وأخذ يملي شروطا غير معقولة لا يسلم بها حتى المنهزم. وكثير من المؤرخين يكتفي بذكر أحد الموفدين, ولم نر مؤرخا مصريا يعترف بوقوع الصلح, مع أن رجوع طوسون أقوى دليل على إبرامه, وليس من المعقول أن طوسون يخلي الرس وغيرها من نجد بهدنة مؤقتة, كما أن بين الصلح وانتفاضة ما يناهز أربعة عشر شهرا.
صمم محمد علي هذه المرة على مواصلة القتال إلى النهاية مهما كلفه ذلك, واتخذ للأمر عدته, وقد علمته التجارب الماضية دروسا حسب لها كل حساب, فقضى ستة أشهر في إعداد المعدات وتجنيد الجيش, وعقد لواء القيادة لإبراهيم باشا, ونقلت المؤن والذخائر من بولاق إلى قنا ومنها برا إلى القصير حيث الأسطول رأس هناك. وهو مؤلف من نيف وثلاثين قطعة كبيرة, أقلعت بتلك الحملة الهائلة إلى ينبع.
رسا الأسطول المصري في ينبع ونزل منه إبراهيم باشا متوجها إلى المدينة. ومنها باشر الزحف إلى الحناكية. وقدم طلائعه بقيادة أوزون علي, فنزلت على ماء ماوية. فاجتمعت عليه عربان حرب ومطير وعتيبة, وهناك هاجمهم أهل نجد بقيادة عبدالله بن سعود, ولكنهم رأوا الجيش المصري مجهزا بمدافع وأسلحة لا عهد لهم بها, أثّر مفعولها في صفوفهم, ففرت البادية منهزمة وتبعتها الحاضرة’ وعاد عبدالله بن سعود إلى الخبراء ومنها إلى عنيزة).
حصار الرس:
وتحت عنوان (حصار الرس واحتلاله)(ص 301) قال المؤلف(بعد وقعة ماوية والى إبراهيم باشا زحفه من الحناكية إلى أن أحاط بالرس, وجاء أهل الرس يكفرون عن خطيئتهم الأولى, فثبتوا للمصريين ومعهم سرية بقيادة حسن ابن مزروع. وكانت حربهم هائلة لم تشهد نجد مثلها.
أهل الرس ونفق إبراهيم باشا:
صوّب إبراهيم باشا مدافعه على أسوار الرس الحقيرة ـ خمسة آلاف قنبلة في ليلة واحدة ـ فدكها ولكنها بنيت لساعتها, وحفر الأنفاق لإلغامها فأبطلوا عملها بأنفاق مثلها, وسقط تحت أسوارها من رجاله ثلاثة آلاف وأربعمائة جندي, بينما قتلى الرس لا يتجاوز المائتين.
فهاله الأمر, ولكن أهل الرس مالوا إلى التسليم بعدما رأوا الإمدادات لا تنقطع عن عدوهم وهم في نقص مستمر, ولم تأتهم نجدات جديدة, وكانت سياسة عبدالله في توزيع جنوده إلى حاميات غلطة لا يلام عليها, لأنه لم يشأ أن يخاطر في مصاف حاسم بعدما تحقق من قوة خصمه.
الصلح بين إبراهيم باشا وأهل الرس:
جنح إبراهيم باشا إلى الصلح فسلمت الرس, والتحق أهل الرس بجميع ما معهم بعبدالله في عنيزة. وهم يحملون قصص المدافع الحديثة السريعة والقنابل التي تضرب الجدار ثم تنفجر ثانية. وتتطاير شظاياها, وقد يبالغون تبريرا لتسليمهم. وكانت هذه الأخبار بمثابة طلائع إبراهيم باشا, ولولا ثبات أهل الرس لما أدركوا ذلك الصلح المشرّف من إبراهيم باشا.
وقصد إبراهيم باشا الخبراء فاستولى عليها, ورحل منها ووجهته عنيزة وكان عبدالله قد غادرها بعد أن رتب فيها حامية بإمارة إبراهيم بن حسن بن مشاري السعود. وقصد بريدة على أن عنيزة ما عتمت أن سلمت. واعتصمت الحامية بالقصر, ولكنها أرغمت على التسليم لانفجار مستودع ذخائرها.
بعد تسليم بريدة زحف إبراهيم باشا إلى الجنوب وهو يحتل قرى نجد وبلدانها إلى أن استولى على شقراء قاعدة الوشم بعد حصار ستة أيام. ولكنه لقي من أهل ضرمه]ضرما[ ما لاقاه من أهل الرس "أردنا شقراء وأراد الله زرمه (ضرمة)]ضرما[" هذه الكلمات قالها إبراهيم باشا فذهبت مثلا... ومن الغرائب أن تسلم له عنيزة وبريدة وشقراء, وتقاوم الرس وضرما على بعد ما بينهما من قوة ومناعة) أ.هـ.
كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ــ الرس.

الجمعة، 18 يناير 2019

الرحّالة لويمر يتحدث عن حرب إبراهيم باشا لبلدة الرس عام 1232هـ.


ـ كتاب (دليل الخليج) القسم التاريخي. تأليف:ج ج لويمر. الجزء 3 طبع على نفقة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر. قال فيه:
توجه طوسون نحو القصيم:
يقول المؤلف تحت عنوان (تقدم طوسون باشا إلى القصيم مارس ـ مايو 1815(ص 1616)(وفي نهاية مارس سنة 1815 تقدم طوسون باشا إلى القصيم التي كان أرسل إليها حوالي 400 فارس من قبل, وأصبحت معه 200 أو 300 فارس آخر و 400 جندي من المشاة وحوالي 400 بعير للنقل, وكذلك بضع مئات من بدو قبائل حرب ومطير, وتوقف شهرا في طريقه عند حنكية, وهناك جاءته الأوامر من محمد علي بالرجوع إلى المدينة لكن طوسون بسبب اعتقاده وقتذاك أنه ليس أقل في المكانة من أبيه رفض أن يطيع الأمر. ويجب أن نلاحظ أن محمد علي نفسه كان في المدينة إذ جاءه إليها على غير توقع في 14 أبريل لأن وقته كان مشغولا تماما بالمشاكل المحلية. وفي أوائل مايو وصل طوسون باشا إلى القصيم وفي الرس لحق به حلفاؤه السياسيون من رجال القصيم ومنهم الفرسان الذين طلبوا منه التقدم. لكن حجيلان أقوى رجل في القصيم كان مخلصا في ارتباطه بقضية الوهابيين فلم يشترك في هذا الأمر. بل على العكس جمع أنصاره حوله واستعد للحرب في بريدة).
تحرج موقف القوات المصرية في القصيم مايوـ يونيو 1815:
وحين وصل الأمير عبدالله إلى شنانة في قوات كبيرة من البدو وغيرهم أصبح طوسون باشا في موقف حرج. فالوهابيون يستطيعون منع وصول الإمدادات إليه إلاّ من عدة قرى قريبة, وفي نفس الوقت أباد الوهابيون قوة من 250 فارسا كانت متقدمة من المدينة لنجدة طوسون. وكانت هذه الجماعة سيئة الحظ يقودها إبراهيم آغا أو توماس كيث الذي كان طوسون باشا قد جعله حاكما للمدينة والذي أثبت شجاعة حتى اللحظة الأخيرة حين قتل أربعة رجال من بيديه قبل أن يسقط قتيلا, وفي نفس الوقت أسرع محمد علي باشا الذي بدأ غير مهتم بنتائج عمليات ابنه في القصيم, بل حتى داخلته الغيرة من أعماله أسرع من ينبع عائدا إلى مصر. وذكر في تبرير هذا الرحيل المباغت أن صحته ساءت كثيرا لطول إقامته في جزيرة العرب وأنه كان يخشى هجوم الأسطول التركي على ميناء الإسكندرية.
المعاهدة, وعودة طوسون باشا إلى المدينة يونيو 1815:
ويبدو أن ضعف القوات المصرية لم يكن واضحا تمام الوضوح للوهابيين, وكان أميرهم لهذا يعتقد أن موارد مصر الكثيرة لابد ستنتصر في النهاية على مصادره المحدودة. وظن أن من المناسب أن يتراجع عن الاستمرار في هذا الصراع.. ومهما كان السبب فقد استجاب الأمير عبدالله لعقد تسوية اقترحها طوسون. وتم التوصل إلى اتفاقية تخلى فيها الأمير عن مطالبه الأماكن المقدسة في الحجاز واحتفظ بحقه في زيارتها لهدف الحج فقط. كما اعترف أيضا بسيادة سلطان تركيا عليه, وفي مقابل ذلك تعهد طوسون باشا بالانسحاب من القصيم. وتم الاتفاق على أن تكون منطقة حنكية هي الحدود الفاصلة بين المناطق التابعة للوهابيين والتابعة للمصريين. وهكذا رجع طوسون باشا إلى المدينة في يونيو سنة 1815 بعد أن ظلت إقامته في القصيم أربعة أسابيع بالضبط.
عدم التصديق على الاتفاقية:
وفي أغسطس وصل مبعوثان من الوهابيين إلى القاهرة للتصديق على هذه الاتفاقية لكن محمد علي ردهما ردا غير واضح بدأ منه أنه كلن لا يمانع في الصلح بشرط أن يضم إقليم الأحساء إلى ساحل الخليج. ورجع طوسون باشا نفسه إلى القاهرة يوم 7 نوفمبر سنة 1815 فاستقبله أبوه استقبالا فاترا).
وفي(ص 1618)تحت عنوان (القوات المصرية تغزو القصيم للمرة الثانية) قال:
الاستعدادات للحملة 1816:
وظلت الأمور كما هي عدة شهور بعدها. وكان معظم السبب في ذلك إقناع محمد علي بأن الانجليز لا بد سيحاولون النزول إلى مصر. وحين تبدد خوفه هذا استأنف مواصلة حربه في جزيرة العرب, وقد حدثت اضطرابات واسعة في جنوب الحجاز وأرغمت الحاميات المصرية على التراجع من بيشة ورانيه وترابه. وفي أغسطس 1816 خرج إبراهيم باشا بن محمد علي الأكبر (أو ابنه بالتبني) من القاهرة ومعه قوات قوامها 2000 جندي من المشاة و 1500 فارس من بدو الصحراء الليبية. وقبل أن الأوامر صدرت إليه بالتقدم من المدينة إلى الدرعية عن طريق القصيم.
عمليات القوات المصرية في حنكية:
وانقضى وقت طويل على أية حال قبل أن يستطيع إبراهيم باشا تنفيذ التعليمات التي صدرت إليه. فلم يصل حنكية إلا بعد انقضاء وقت دام عدة أشهر من سنة 1817 وجعلها مركز انطلاق غارات متعددة على القبائل المجاورة. وكانت قبائل حرب وعتيبة من الذين عانوا من هذه الغارات. وكان من نتائجها أن أعلنت قبائل كثيرة ولاءها للمصريين, وكان العمل التالي لإبراهيم باشا هو حملته على منطقة جبل شمر, مستعينا أساسا بقبائل البدو الموالية له, يتبعهم طابور من الفرسان المصريين وراءهم. وأصيبت هذه القبائل بخسائر فادحة.. ونجا المصريون فلم يفقدوا أكثر من 20 رجلا.
. حنكية: أي الحناكية.
انتصار القوات المصرية في جبل ماوية 1817:
     وبناء على طلب قبائل البدو الموالية للقوات المصرية والتي بدأ الوهابيون يلحون في مضايقتها أرسل القائد المصري قوة من جنوده إلى جبل ماوية على الطريق بين حنكية ورأس.. وهناك اشتبكت هذه القوة بقوات العدو بقيادة الأمير عبدالله, وكانت نتيجة المعركة في صالح المصريين ويستدل على ذلك من الهياكل العظمية البالية التي ما تزال تغطي ساحة القتال عندما تفقدها الكابتن سادلر في سبتمبر 1819. واضطر الأمير إلى الهرب عن طريق رأس عنيزة في القصيم. وفعل إبراهيم باشا الذي وصل إلى ميدان الحرب بعد انتهائها تقريبا كفعل الوهابيين في مثل هذه الحالات. فأمر بإعدام الأسرى جميعا. وحينما تجمعت قواته في ماوية ـ ووصل عددها إلى 1200 فارس و 4000 من جنود المشاة تقدم نحو الرس. ولحق به شيخ قبيلة مطير علنا فقد كان له ثأر عند الوهابيين. وقام في الطريق بغارة على قبيلة عنيزة.

     القوات المصرية تضرب حصارا فاشلا على الرس 1817:
     وحين وصل إبراهيم باشا إلى الرس أعد العدة للاستيلاء عليها مرة واحدة, ولكن أسوارها استطاعت أن تقاوم نيران مدفعيته لثلاثة أيام. وحين أحدثت ثغرة في الأسوار وبدأت قواته في الاندفاع منها اضطرت إلى التراجع متكبدة خسائر جسيمة, واستمر الحصار بلا جدوى ثلاثة أشهر ونصفا ثم رفع نهائيا, وخسرت القوات المصرية 900 قتيل و 1000 جريح في هذه العمليات. كما استهلكت حمولة 400 بعير من ذخيرة الأسلحة الخفيفة إلى جانب 30 ألف دانة للمدفعية, كل هذا في حين لم تتجاوز خسارة المحاصرين داخل المدينة أكثر من 50 قتيلا و 70 جريحا. وحدث شبه اتفاق مع أهل الرس أصبح مصير هذه المدينة بموجبه مرتبطا بمصير عنيزة عاصمة القصيم) أ.هـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ