الجمعة، 21 فبراير 2020

مرقب الرس القديم عام 1232هـ.


مرقب الرس القديم
وهو بناء من الطين مربع الشكل يتكون من ستة أدوار (رفرف) كل دور يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار, بُني المرقب في شهر رجب عام 1232هـ أي بعد رحيل طوسون باشا عن الرس وقبل وصول إبراهيم باشا بعدة أشهر. والذي بناه رجلٌ مشهور بالبناء يسمى (فريح بن فوُاز التميمي) من البكيرية بمساعدة جماعة من أهل الرس من طينة الوادي المخلوطة بالتبن بعد تخميره لعدة أسابيع، والرجل المختص بصعود هذا المرقب للمشاهدة هو عبدالله بن علي الخليوي الملقّب (أبو عيون) ويسمى (الرقيبة) ويُشاهد الرقيبة من يفد على البلدة أو يعتدي عليها من فوق المرقب على مسافة بعيدة يُروى بأنها في حدود خمسين كيلا من جميع الجهات أو أكثر، وكان ارتفاع المرقب عند بنائه (30 مترا) وعلى شكل مخروطي وله قاعدة واسعة من الأسفل ثم يضيق كلما ارتفع، وقد هَدم جيش إبراهيم باشا من المرقب ثلاثة أدوار (رفوف) أثناء المواجهة مع أهل الرس عام 1232هـ. قال عنه الكاتب محمد بن إبراهيم الخربوش في وثيقة كتبها (الحمد لله عُمِرَ مرقب الرس المعروف في رجب أو شعبان 1232هـ بعد حرب إبراهيم باشا الأستاد الذي بناه فريح، وهو أصله ستة رفوف وجدعوا منه ثلاثة صار فيهن عيب وجدعوهن وباقي فيه الآن ثلاثة والتاريخ مكتوب في أحد الرفوف الباقية الآن، والمنارة الموجودة الآن عمرت 1338 بعد الرحمة عمرها محمد بن سليمان الطريفي رحمه الله وأحسن قصده) والوثيقة الأصلية موجودة حاليا في مكتبتي.
وعندما أرادت البلدية تأسيس شارع وسط البلدة القديمة عام 1396هـ هدمت باقي المرقب.
كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل.

موقع مملكة كندة في بطن عاقل بالرس.


موقع مملكة كندة في بطن عاقل
من المعلوم بأن الرس كان موجودا في العصر الجاهلي أي في عام 433 ميلادية والدليل على ذلك ذكره في أشعار الشعراء الجاهليين وكان عبارة عن مساكن تسكنها الحاضرة. وقد درست تلك المنازل فترة من الوقت وكانت أطلالا يتغنى بها الشعراء. من تلك الأشعار ما قال زهير بن أبي سلمى:
لمن طلل  كالوحي  عاف  منازله   عفا الرس عنها فالرسيس فعاقله
كما أنه في هذا التاريخ 433 ميلادية استوطن بنو كندة في بطن عاقل فترة من الزمن ــ وكان إذا أطلق ذلك فهو يعني الرس ــ وكان يحكمهم حجر بن الحارث آخر ملوك كندة في بطن عاقل. وبعدما استوطنه الحارث زمنا طويلا وكوّن فيه مملكة كبيرة وجمع أموالا كثيرة وكثر الناس حوله. أغار عليه بنو أسد فقتلوه وشردوا من بقي من قومه حتى الملك الضليل امرؤ القيس هام على وجهه هاربا من بطش بني أسد وهلك، وقد وثّق الشاعر الجاهلي لبيد بن ربيعة العامري تلك الحادثة بقوله:
والحارث الحراب خلى عاقلا      دارا  أقام  بها  ولم   يتنقّل
تجري خزائنه على من نابه      مجرى الفرات على فراض الجدول
كذلك قال عبيد بن الأبرص من بني أسد أبياتا في زوال ملك الحارث وهو ممن عاصر مُلك بني كندة وشاهد زوال مملكتهم:
فانظر إلى فيء ملك أنت تاركه    هل  ترسين  أواخيه   بأوتاد
اذهب إليك  فإني من بني  أسد    أهل القباب وأهل الجود  والنادي
ويوجد حاليا من بقايا مملكة كندة دلائل من الآثار والأحجار والنصوص الواضحة والمشاهدة حاليا بجوار بطن عاقل في الجهة الشرقية الجنوبية من الرس وتوحي هذه الكتابات والرسوم أن بطن عاقل والرس كانتا عامرتين بالحياة من حضارة بني كندة ثم حضارة بني أسد وفيهما من العمران والمزارع ما الله به عليم، كذلك يوجد حاليا بجوار الكتابة بئر ماء مطوية وقديمة طمرتها الأتربة، مما يدل على أنهما كانتا موردين هامين لتلك القبيلة التي كان لها الغلبة والسيطرة على القبائل الأخرى. وأخيرا رحل بنو منقذ من بني أسد من الرس إلى العراق بسبب الجدب وبحثا عن الكلأ لأنعامهم حالهم في ذلك حال أمثالهم من الأعراب الرحّل.
ومع الأسف فإن هذا الموقع التاريخي الذي يوثّق حياة مملكة عظيمة نشأت في هذا الموقع وشكّلت حضارة تجارية واقتصادية واجتماعية تتعرّض الآن للعبث والتخريب من بعض الأيدي الطائشة وأصحاب التعدّيات على الأراضي الواسعة. فهل يقيّض الله سبحانه وتعالى لها من يقوم بحفظها وصيانتها لتدوم وتحكي تاريخا عريقا للرس بدأ في العهد الجاهلي واستمرّ على مدى الأزمان حتى عصرنا الحاضر.     
وهي على إحداثية (452     50     25)(527     38     043)