الأربعاء، 3 يناير 2018

رحلة إلى منطقة المدينة المنورة.



رحلة إلى منطقة المدينة المنورة:
     الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
للرحلات البرية متعة تريح النفس وتصقل العقل وتنمي الفكر وتقوي البصر وتزيد في الثقافة، وفيها صحبة الأخيار وسماع الأخبار، والتفكر في خلق الله من أرض وسماء وجبال ورمال وأنهار وشعاب ووهاد. ومعرفة الطرق والبلدان والتعرف على الأجناس من الخلق، يقول الله تعالى (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شى قدير) (العنكبوت 20).
ثم إن الرحلات عندي فيها فوائد كبيرة في التعليم والتفكير والراحة للنفس والبعد عن حياة المدينة وصخبها وهمومها، والتفريج عما في الخاطر من همّ وضيق، والتفكّر في خلق الله بما في الكون والجبال من أشكال غريبة وكتابات تدل على وجود الأمم ومناظر طبيعية، وما حولها من منازل وديار وما يسكنها من قبائل وأجناس.
قال علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه:
تغرّب عن الأوطان في طلب العلا          وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تَفَرُّجُ  همّ  واكتساب  معيشـة                وعلم  وآداب  وصحبة  مـاجد
فإن قيل في الأسفار هم وكربة        وتشتيت شمل وارتكاب شدائـد
فموت الفتى خير له من حياته         بدار هوان بين واش  وحاسـد
تقوم مجموعة (رحلات بريّة) التي يبلغ عدد أعضاؤها حوالي (55) عضوا. بتنظيم رحلات في أوقات متفرقة من أجل النزهة والتمتّع بالأجواء الجميلة ومشاهدة معالم مملكتنا الغالية. وفي يوم الخميس: 26/3/1439هـ تم تنظيم الرحلة الرابعة لمدة (3) أيام وعدد أفرادها (22) من أعضاء المجموعة, وكانوا من عدة مدن ومحافظات. وكان الاتفاق على أن يسير كل منهم من مكان إقامته إلى مكان الرحلة.  
     بدأت الرحلة الميمونة من يوم الخميس وبعدما تجاوزنا المدينة المنورة على طريق ينبع وصلنا بلدة (حَنَذْ) اتجهنا جهة الجنوب الغربي على طريق قديم معبّد باتجاه جبال السدّة التي بينها وبين المفرق حوالي (37كم) وبعد أن قطعنا عدة أكيال مررنا بلدة (أبو ضباع) وبعدها وصلنا مفرق يتجه من اليمين إلى بلدة (الفقير) ومن الشمال إلى بلدة (الأكحل) ثم اتجهنا جهة اليمين صوب بلدة الفقير باتجاه جبل السدّة. ومررنا بلدة (خَلَصْ) التي تقع في (وادي ريم) ثم قطعنا من أسفل طريق قطار الحرمين, ثم نستمر بالسير بجوار طريق القطار في طريق ترابي صعب. وفي الطريق مررنا بلدة صغيرة تسمى (قاع المَدَرّ) وفي مساء هذا اليوم وصلنا (جبال السدّة) العالية. وكان الجميع متواجدين في شعيب واسع نظيف أرضه حصباء ليّنَة. ثم تناولنا العشاء وبتنا ليلة الجمعة في هذا الشعيب.
وفي صباح يوم الجمعة: 27/3/1439هـ رحلنا من جبال السدّة مواصلين المسير مع طريق الوادي المتعرّج الصعب وهو واد منحدر. ومررنا قرية (خضرة) وقرية (مغيسل) ثم أخذنا جولة في قرية (خضرة) الأثرية.
وخضرة: قرية قديمة وقليلة الماء تتبع (وادي الفرع) وتقع جنوب غرب قرية (الأكحل) بينهما (30كيلا) وجنوب المدينة المنورة بحوالي (170 كيلا) يروى بأن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بها فسأل عن اسمها قالوا اسمها (غدرة) أو (عفرة) فقال " بل هي خضرة " وفيها أطلال منازل مبنية من حجارة الحرّة. منها أثر مبنى مسجد قديم يسمى(مسجد رسول الله).
ومنها أثر مبنى مدرسة قديمة من الحجارة. وفيها آثار حصن قديم يقع فوق الجبل المطلّ على القرية.
كذلك يوجد في قرية خضرة منازل متهدّمة قديمة مبنية من الطين والحجارة السوداء.
     وكانت قرية خضرة عامرة من وادي الحجر وتشتهر بكثرة النخيل, وفيها سوق كبير تباع فيه التمور يسمى (السبال) وكانت القرية يتوافد إليها كل أهل القرى المجاورة للبيع والشراء من السوق التجاري, ووادي خضرة يوجد فيه تسع عيون جارية على مدار العام. وهي تنبع من الأرض من مواقع متفرقة, ويوجد في قرية خضرة مجموعة من الحيوانات المتفرقة. وفيها آثار سدود ومحاجر للماء قديمة من معمولة الحجر.
ويعتبر وادي خضرة من أودية الجزيرة العربية المشهورة ولم يتغير اسمه حتى وقتنا الحاضر. يفد إليه عدد كبير من الزوّار والمتنزهين.
تناولنا الفطور في إحدى عيون قرية خضرة بين المياه الجارية والمناظر الطبيعية الجميلة الخضراء.
وبعد أن تمتعنا بالجلوس والمشي عند إحدى عيون قرية خضرة خرجنا من القرية لمواصلة رحلتنا الجميلة. وفي الطريق مررنا بواد عميق يسمى وادي (الضهاب) وهو واد عميق جدا له جال من كل الجهات, وفي قاعه ماء وأشجار وخضرة.
ونستمر في رحلتنا مرورا بقرية (مغيسل) وهي قرية تتبع محافظة وادي الفرع التابع للمدينة المنورة, وتقع جنوب المدينة بينهما (110 أكيال) ثم مررنا بعدها قرية (حجر) وهي كبيرة وفيها شوارع معبّدة, وتقع كذلك جنوب المدينة المنورة بينهما (200 كيل) واستمرت الرحلة مع ومررنا قرية (مغينية) وبعدها بعدة أكيال دخلنا طريق رابغ /ينبع السريع وبعد حوالي (10 أكيال) نزلنا مع مغيب الشمس على مسحية قديمة متجهين نحو جبال للعشاء والمبيت, حتى توقفنا في شعيب واسع تحيط به الجبال السمراء وتناولنا العشاء وبتنا في ليلة دافئة.
وفي صباح السبت: 28/3/1439هـ واصلنا السير متجهين نحو الطريق العام, وشاهدنا في سفح أحد الجبال جبو يصل قطر فوهته (80 سم) كما يصل عمقه في حدود (150 سم).
ثم واصلنا السير ومررنا قرية (الأبواء) وبعد عدة أكيال نزلنا في موقع مُعْشِب ومنها زهور النرجس وغيرها لتناول الفطور لوقت قصير, وهذه صور العشب:
وبعد الفطور في الساعة العاشرة صباحا رأى بعض أفراد الرحلة العودة إلى بلداتهم. بينما رأى البعض مواصلة الرحلة نحو جبال (ادقس) وتم الوداع بين المجموعة.    
     كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل ــ الرسز