الجمعة، 21 يونيو 2013

ترجمة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل.

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ: عبدالله بن عبدالعزيز العقيل.

اسمه ونسبه:
      هو الشيخ: عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل بن عبدالله بن عبدالكريم آل عقيل.
ولادته ونشأته:
      ولد في عنيزة عام 1335هـ. ونشأ بها في بيت علم وصلاح ودين وفلاح، ومن أسرة فاضلة تربّت على العلم والهُدى من بين علماء أفاضل.
حيث تربى في كنف والده الشيخ الفاضل عبدالعزيز بن عقيل بن عبد الله بن عقيل (1300ـ 1383) من تلاميذ الشيخ ابن سعدي وغيره من علماء ومشائخ بلده وكان ذو أخلاق عالية محبا للعلم والعلماء. وعمه الشيخ الفاضل عبدالرحمن ابن عقيل بن عبدالله بن عقيل (1302هـ)الذي حفظ القرآن ودرس على علماء عنيزة وتولى قضاء جازان وتوفي بعنيزة. وأخوه الشيخ عقيل بن عبدالعزيز بن عقيل  (ت1365هـ) الذي حفظ القرآن الكريم ودرس على والده وعلى علماء عنيزة وغيرهم ودرس على علماء مكة المكرمة وتولى القضاء في عدة مناطق بالمملكة.
مشائخه ورحلته في طلب العلم:
      بدأ الشيخ عبدالله طلب العلم بين يدي والده الشيخ عبدالعزيز بن عقيل وهو أحد المشائخ المشهورين في عنيزة فهو معلمه الأول في باكورة تعليمه حيث كان يتعلم بين يديه في منزله وفي دكانه في سوق المسوكف في عنيزة قبل وجود المدارس النظامية.
ثم انتظم في كتاتيب المطوّع عبد العزيز بن محمد الدامغ في إحدى مدارس عنيزة وتعلم فيها مبادئ القراءة والكتابة. ثم كان يراجع مع أخيه الشيخ عقيل ما يدرسه في كتّاب الشيخ عبد العزيز الدامغ.
وعندما افتتحت مدرسة الأستاذ صالح بن صالح عام 1348هـ في حي البرغوش في عنيزة كان الشيخ عبدالله ضمن الدفعة الأولى من طلاب المدرسة، واستفاد من معلمه ابن صالح مجموعة من العلوم والمعارف كما تعلم منه مكارم الأخلاق والآداب.
كما التحق الشيخ عام 1348هـ في سوق الفرعي بعنيزة في مدرسة الشيخ عبد الله القرعاوي فأخذ منه مبادئ علوم التوحيد والحديث والتجويد والنحو والصرف وغيرها من العلوم الدينية والعربية، كما حصل من شيخه عبد الله القرعاوي إجازة بمسلسل حديث المحبة بسنده إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له (يامعاذ إني أحبك فلا تدعنّ دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعِنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
استمر الشيخ عبد الله عند شيخه عبد الله القرعاوي ينهل مما لديه من العلوم النافعة والآداب الحميدة والأخلاق الفاضلة. وفي عام 1349هـ التحق بحلقات العالم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ولازمه ملازمة كاملة حتى تعلم عليه القرآن والتفسير والتوحيد والحديث والفقه واللغة العربية وغيرها من العلوم الأخرى. كما درس على الشيخ عبد الله بن محمد العوهلي في كتاب الرحبية ودرس عليه الحساب.
وكان من أشهر من تتلمذ عليهم الشيخ عبدالله بن عقيل وأخذ منهم ونهل من علمهم كل من المشايخ: عبدالرحمن بن ناصر السعدي علاّمة القصيم وعمر بن محمد بن سليم رئيس قضاة القصيم ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية وعبدالله بن محمد بن مانع قاضي عنيزة وسليمان بن محمد العمري قاضي الأحساء ومحمد بن الأمين الشنقيطي وعبدالرزاق عفيفي رحمهم الله.  
ثم إن الشيخ حفظه الله عندما سافر إلى مكة المكرمة برفقة الشيخ ابن سليم مكث في مكة عدة أشهر اتصل خلالها بعلماء وأئمة الحرم الشريف ويتابع دروسهم ومنهم المشايخ: محمد بن أمين الكتبي ومحمد بن عبدالرزاق حمزة وعمر بن حمدان المحرسي التونسي، وكان يحضر حلقات رئيس القضاة الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ في مجلسه قرب الحرم.
وعندما كان في قضاء أبي عريش كان له جولات على قرى جازان واللقاء و بعلمائها وأدبائها وأخذ عنهم ومنهم المشايخ: علي بن محمد السنوسي وعبدالله بن علي العمودي وعلي بن محمد بن صالح بن عبدالحق وعلي بن أحمد بن عيسى والبهكلي، كذلك الأديب محمد بن أحمد العقيلي والفقيه عقيل بن أحمد حنين وغيرهم.   
والشيخ عبدالله حفظه الله تتنوع مصادر تعليمه على مشائخ عنيزة وعلمائها فكان يأخذ العلم من كل الموجودين في ذلك الوقت حيث قرأ على المحدّث الشيخ علي بن ناصر أبو وادي (ت1361هـ) الصحيحين والسنن ومسند الإمام أحمد بن حنبل ومشكاة المصابيح، كما أخذ عنه الإجازة بها بسنده عن شيخه محدّث الهند نذير حسين (ت1299هـ) كما أخذ عن قاضي عنيزة الشيخ عبدالله ابن محمد بن مانع (ت1360هـ) والشيخ محمد بن علي التركي (ت1380هـ) والشيخ سليمان ابن عبد الرحمن العمري (ت1375هـ).
ومن تلك الرحلة المباركة في الدرس والتحصيل حفظ الشيخ عبد الله القرآن الكريم وعمدة الأحكام ومتن زاد المستقنع في الفقه وألفية ابن مالك وملحمة الإعراب والأجرومية وغيرها في النحو.
وفي دار الإفتاء توفرت الفرص للشيخ عبدالله لملازمة العلاّمة الشيخ محمد ابن إبراهيم واستفاد منه في علمه وأخلاقه الحسنة وسياسته وتعامله مع الناس وحسن تدبيره للأمور وعلاقاته مع العلماء الآخرين.
كما انتظم بين يدي الشيخ محمد للدراسة في حلقات المسجد التي كان الشيخ يعقدها لطلاب العلم في جميع الفنون والعلوم، وامتدت تلك الفترة أكثر من خمسة عشر عاما وكانت بالنسبة للشيخ عبدالله حافلة بالعلم واستفاد منها فائدة كبيرة في جميع العلوم والمعارف على مجموعة من العلماء الذين تعج بهم الحركة العلمية  في الرياض أمثال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ عبدالرازق عفيفي وغيرهم.     
زملاؤه:
للشيخ عبدالله زملاء كان يدرس معهم بين يدي الشيخ عبدالرحمن بن سعدي ومنهم المشائخ: محمد بن عبدالعزيز المطوّع ومحمد بن منصور الزامل وعبدالله ابن محمد العوهلي وسليمان بن إبراهيم البسام وحمد بن محمد البسام وغيرهم. 
صفاته وأخلاقه: 
الشيخ عبدالله يتمتع بخلق جم وأريحية يجدها من يجالسه، ويحسن استقبال ضيفه ويسأله عن أحواله وأبنائه ومن يعرفه، وكل من سمع به أثنى عليه وعلى علمه وأخلاقه، وكان حفظه الله يرحب بضيوفه من أساتذة الجامعات والطلاب والمعلمين وغيرهم من طلبة العلم ممن ينشدون الفتوى أو البحث والإطلاع. 
أعماله:
في شهر ربيع الأول 1353هـ أمر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن رحمه الله الشيخ عمر بن سليم باختيار مجموعة من المشائخ للسفر إلى منطقة جازان ليكونوا قضاة ومرشدين ومطاوعة فكان الشيخ عبد الله ضمن المنتدبين لذلك وعمره لايتجاوز الثامنة عشرة، حيث سافروا إلى مكة المكرمة وأدوا فريضة الحج في تلك السنة مع موكب الملك عبد العزيز، وبعد الحج تم تعيينهم في منطقة جازان فكان الشيخ عبدالله مع عمه الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن عقيل قاضي جازان، وكان ملازما وكاتبا للقاضي بالإضافة لقيامه بإمامة المسجد والخطابة والتدريس وأعمال الحسبة في جازان ومكث على ذلك حوالي ثلاث سنوات.
وفي أثناء عمله في جازان أرادت حكومة المملكة تحديد الحدود بين المملكة واليمن من أجل منع النزاع فيها وتشكلت لجنة لذلك كان الشيخ عبدالله أحد أعضاء اللجنة وكانت تتجوّل في أنحاء الحدود بين القبائل في الأشهر شعبان ورمضان وشوال عام1355هـ.
في عام 1357هـ عاد الشيخ عبد الله إلى عنيزة ولازم دروس وحلقات شيخه العلاّمة عبدالرحمن بن سعدي ملازمة تامة واستمر على طلب العلم وحفظالمتون ومراجعة الشروح ومطارحة المسائل مع زملائه الذين يدرسون على شيخه.
 وفي شهر رجب 1358هـ أبلغه أمير عنيزة بأن يتوجه إلى الأمير عبدالله ابن فيصل بن فرحان في بريدة بأمر الملك عبدالعزيز وعندما قابله أمره بالتوجه إلى الرياض لمقابلة الملك عبدالعزيز، ولما توجه الشيخ عبدالله إلى الرياض قابله في الطريق شيخه عمر بن محمد بن سليم فأخبره بتعيينه رئيسا لمحكمة جازان خلفا لعمه الشيخ عبدالرحمن بن عقيل ولكن الشيخ عبدالله رأى أن في ذلك صعوبة عليه لصغر سنه (إثنتان وعشرون عاما) فاعتذارعن تلك المهمة فلم يُجْدِ ذلك فاقترح بأن يكون قاضيا في محكمة أبي عريش بدلا من الشيخ محمد بن عبدالله التويجري وينقل هذا إلى محكمة جازان لأنها أصغر حجما وأقل عملا وأخف في المهمة. فاستحسن الشيخ عمر بن سليم هذا الرأي فكتب إلى الملك عبد العزيز فأصدر أمره بأن يتوجّه الشيخ عبدالله إلى أبي عريش وأشعروا الجهات المختصّه بتنفيذ الأمر وباشر الشيخ عمله الجديد في رمضان 1358هـ وجلس فيها مدة سبع سنوات. 
وبتاريخ 7/3/1360هـ تم نقل الشيخ عبد الله بن عبدالعزيز بن عقيل إلى محكمة فرسان وسافر إليها بحرا على سفينة شراعية ولم يبق فيها طويلا سوى سبعة أشهر فقط كان خلالها يتنقّل بين الجزر المجاورة قاضيا وداعيا ومرشدا وواعظا.
ثم بتاريخ 1/10/1360هـ أُعيد إلى محكمة أبي عريش مرة أخرى ولبث فيها خمسة أعوام أخرى متتالية، وفي فترة القضاء في أبي عريش كان الشيخ عبدالله مستمرا على طلب العلم والمطالعة في أمهات كتب الفقه والتوحيد والحديث وغيرها، كما كان يأخذ عن قاضي أبي عريش السابق الشيخ عبدالله بن علي العمودي وكذلك أخذ عن قاضي جازان السابق الشيخ علي بن محمد السنوسي.
وفي شهر رمضان المبارك عام 1365هـ وبتوجيه من مفتي المملكة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم تم نقله إلى محكمة الخرج بدلا من الشيخ المتقاعد سالم ابن ناصر الحناكي ومكث فيها عاما واحدا فقط وكان يتولى القضاء والإمامة والخطابة وتدريس الحسبة. وكان في تلك الفترة على اتصال بسماحة الشيخ محمد ابن إبراهيم يدرس بين يديه ويستشيره في أمور القضاء، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز قاضي الدلم وكان يزوره ويستفيد منه. 
وفي شهر شوال عام 1366هـ صدر الأمر بنقله إلى المحكمة الكبرى بالرياض وتولى أعمال القضاء فيها بجانب الشيخ إبراهيم بن سليمان والشيخ سعود الرشود وجلس فيها قرابة خمس سنوات.
استمر الشيخ عبدالله في قضاء الرياض حتى عام 1370هـ حيث أمر الملك عبد العزيز رحمه الله بنقل الشيخ عبدالله إلى مسقط رأسه عنيزة خلفا للشيخ عبدالرحمن بن عودان فأخذ الشيخ يجتهد في القضاء داخل بلدته وهو يستمر في طلب العلم بين يدي شيخه عبدالرحمن بن سعدي واستفاد منه وكان على اتصال بسماحة الشيخ عبدالله بن حميد قاضي بريدة لمدة خمس سنوات.
وعندما أنشئت دار الإفتاء بالرياض صدر أمر الملك سعود رحمه الله بتاريخ:1/9/1375هـ بنقله إليها وكان يرأسها سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله والشيخ عبدالله بن عقيل عضوا فيها وبقي حتى عام 1389هـ .
وفي أثناء عمله في دار الإفتاء كان يشارك في مجلة الدعوة الأسبوعية حيث عهد إليه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بصفته أحد تلاميذه وعضوا في دار الإفتاء بإصدار صفحة الفتاوى في كل عدد يصدر من المجلة تتولى الإجابة على استفتاءات الناس التي ترد للمجلة فالتزم الشيخ بذلك وبذل جهدا كبيرا للإجابة على ما يرده من أسئلة من المواطنين وغيرهم حتى وصل عدد ما صدر من تلك الفتاوى ما يقارب (657) فتوى ما بين مطوّلو ومختصرة في أصول الدين وفروعه وفي الأدر والتاريخ وغيرها، أرجو أن يهئ الله لها من ينشرها لينتفع بها الناس.
وفي عام 1387هـ رشحه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم لعضوية مجلس الأوقاف الأعلى فكان مندوبا لدار الإفتاء في المجلس. وعندما أعيد تشكيل المجلس استمر في عضويته بترشيح من وزير العدل الأسبق الشيخ محمد الحركان وبق يفيه حتى أحيل للتقاعد. 
وبعد وفاة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله عام 1389هـ أمر الملك فيصل رحمه الله بتشكيل لجنة لجنة للنظر في المعاملات الموجودة في مكتب الشيخ محمد ابن إبراهيم رحمه الله وتم اختيار الشيخ عبدالله لرئاسة تلك اللجنة وعضوية كل من المشايخ: محمد ابن عودة وراشد بن خنين وعبدالله بن منيع وعمر بن مترك وقامت اللجنة بعملها خير قيام.
وبعد أن انتهت اللجنة من عملها التي كُلفت به حتى صدر الأمر بنقل الشيخ عبدالله بن عقيل بتاريخ:1/9/1391هـ ليكون عضوا في هيئة التمييز مع المشايخ: محمد بن جبير ومحمد البواردي وصالح بن غصون ومحمد بن سليم ورئاسة الشيخ عبدالعزيز بن ناصر الرشيد.
وعندما صدر الأمر بتشكيل الهيئة القضائية العليا عام 1392هـ برئاسة الشيخ محمد بن جبير كان الشيخ عبدالله بن عقيل عضوا فيها بمعية المشايخ:  عبد المجيد بن حسن آل الشيخ وصالح اللحيدان وغنيم المبارك .
كما تم في شعبان 1395هـ تشكيل مجلس القضاء الأعلى برئاسة معالي وزير العدل الشيخ محمد الحركان وعُيّن الشيخ عبدالله بن عقيل عضوا في الهيئة الدائمة لمجلس القضاء الأعلى بدرجة رئيس هيئة تمييز ، وبعدها بمدة صار الشيخ رئيسا لتلك الهيئة بالإضافة لعضوية المجلس في هيئته الدائمة. وبعدما تم نقل الشيخ محمد الحركان من مجلس القضاء الأعلى إلى رابطة العالم الإسلامي وتعيين الشيخ عبدالله بن حميد خلفا كان الشيخ عبدالله بن عقيل كثيرا ما يترأس المجلس الأعلى للقضاء نيابة عن الشيخ ابن حميد أثناء سفره للعلاج أو تكليفه بأعمال أخرى حتى التقاعد.
وبعد التقاعد استمر الشيخ عبدالله بن عقيل في طلب العلم وترأس بعض اللجان التي يتم تشكيلها مثل: اللجنة التي أنشأت للنظر في شرعية معاملات شركة الراجحي المصرفية للإستثمار وتصحيح سير معاملاتها ليكون بنكا اسلاميا بلا فوائد ربوية بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية وكان رئيسا لها وكان سكرتير اللجنة ابنه الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله ابن عقيل وعضوية كل من المشايخ: صالح الحصيّن وعبد الله بن منيع وعبد الله البسّام ومصطفى الزرقاء والدكتور يوسف القرضاوي والدكتورعبد الله الزايد والدكتور حمد الجنيدل، وقامت بعملها اعتبارا من تاريخ: 8/4/1409هـ.
كما كان عضوا مندوبا في اللجنة العلمية المكلفة بتحديد حرم المدينة النبوية والمؤيدة من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله والتي اعتمد رايها في ذلك.
كما أن مجلس كبار العلماء رأى تشكيل لجنة جديدة تضم الشيخ عبدالله بن عقيل مع كل من المشايخ: عبدالله البسّام وعبدالله بن منيع وعطيه محمد سالم وأبو بكر الجزائري والسيد حبيب محمود أحمد مع لجنة فنية وسكرتارية ابنه الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن عقيل.
وقد عاصر الشيخ عبدالله بن عقيل القضاء بالمملكة منذ عام 1354هـ حتى أحيل للتقاعد عام 1406هـ أي ما يقارب (53) سنة.
وبعدما تقاعد الشيخ عبدالله عن العمل الحكومي لم يقاعده ذلك عن العلم وأهله بل كان يسعى في طلبه تعلما وتعليما حيث فرّغ نفسه للطلاب والفتوى في كل وقت كما كان في كل أوقاته منشغلا مع طلاب العلم في البحث والدراسة والفتوى حيث ياتيه الطلاب في مجلسه منذ مدة طويلة وفي كل وقت وكان منزله مفتوحا لطلبة العلم من أساتذة وطلاب الجامعات بعد صلاة العصر والمغرب والعشاء والفجر في أغلب الأحيان حسب ما يناسب كل منهم للقراءة والبحث في الفقه والحديث والتوحيد والعقيدة وأصول الفقه والنحو والتفسير وعلوم اللغة وغيرها ، كما يوجد في منزله مكتبة كبيرة تضم أمهات المراجع الدينية والعلمية لجميع العلماء والمؤلفين.
      كما أن للشيخ تعليقات كثيرة على بعض المسائل الفقهية والقضايا الشرعية وشروحات منوعة لطلابه، وكان بينه وبين شيخه الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رسائل علمية كثيرة طُبعت في كتاب ( الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة) اعتنى بها وعلّق عليها هيثم بن جواد الحداد بإشراف ومراجعة الشيخ عبدالله، وقد اطلعت على طبعتها الثانية المصححة والمنقحة من دار ابن الجوزي عام1420هـ. وفي ثنايا الكتاب ترجمة وافية عن الشيخ.
      والشيخ عبدالله بن عقيل حفظه الله يثني في حديثه على ولاة أمرنا أعزهم الله ملكهم وسددهم كما يذكر دور الملك عبدالعزيز رحمه الله في استتباب الأمن بسبب تطبيق الشريعة السمحة والقضاء على الجهل والمرض والفقر، كما يثني على دور القضاة في تبصير الناس وارشادهم وتوجيههم، كما يثني على ميزات القضاء في المملكة واستقلاليته عن المؤثرات والتعامل مع الخصومات وإن القاضي له الخيار بأن يحكم بالنهج الإسلامي، وان الشعب السعودي شعب مسلم ومقتنع بوجوب التحاكم إلى الشريعة الإسلامية.  

حفظ الله الشيخ عبدالله بن عقيل وبارك في عمره وفي علمه وفي عمله، وجعل ما قدم لأمته الإسلامية في ميزان حسناته، وألبسه ثوب الصحة والعافية وجعله ذخرا للإسلام والمسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                               كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ـ الرس.  
المراجـع:

1ـ الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة، رسائل الشيخ عبدالرحمن بن سعدي إلى تلميذه الشيخ عبدالله بن عقيل، علّق عليها هيثم بن جواد الحداد، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، دار المعالي عمّان، الطبعة الثانية 1420هـ.
2ـ علماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم، صالح بن سليمان العمري، الجزء الثاني، الطبعة الأولى 1405هـ.
3ـ علماء نجد خلال ثمانية قرون، الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام، دار العاصمة، الطبعة الثانية 1419هـ. 
4ـ روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين، محمد بن عثمان القاضي، مطبعة الحلبي، الطبعة الثانية، 1403هـ.
5ـ مجلة العدل، تصدر عن وزارة العدل بالمملكة العربية السعودية، العدد الثاني، ربيع الآخر 1420هـ صفحة (209ـ214) .                    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتبها : عبد الله بن صالح العقيل ـ الرس.



الأربعاء، 19 يونيو 2013

وادي الرشــــــــــــــــــا.

  (وادي الرِّشَـــا)

      ينطق بتشديد الراء المكسورة بعدها شين مفتوحة ثم ألف. وهو واد كبير من أودية المملكة المشهورة يجري في مسافة تقرب من (100) كيلو متر. ويسمى قديما عند الجغرافيين (وادي التسرير) لأنه كما يقول ياقوت (ينتهي إلى مكان يقال له التسرير من بلاد عكل) ويسمى عند المتأخرين (وادي الرِّشَا) تشبيها له بالرشا وهو الحبل الطويل الذي يُمتَح  به الدلو أو الغَرب المملوء بالماء من الحسو، كذلك يمر الوادي بهجرة (الرشاوية) عند أول مجراه فقد يكون منسوبا إليها.
      قال عنه ياقوت الحموي (معجم البلدان 2/31) في لفظ (التسرير) "بالفتح ثم السكون وكسر الراء وياء ساكنة وراء؛ قال أبو زياد الكلابي: التسرير ذو بحار وأسفله حيث انتهت سيوله سمّي السِّرّ؛ قال: وقال أعرابي طاح في بعض القرى لمرض أصابه فسأله من يأتيه أي شيء تشتهي؟ فقال:
      إذا يقولون: ما يشفيك؟ قلت لهم:    دخان رمث من التسرير يشفيني
      مما  يضم  إلى  عُمْران  حاطبُه     من الجُنينة ، جزلا غير موزون
      قال ياقوت: الرمث: وقود وحطب حار ودخانه ينفع من الزكام، وقال أبو زياد في موضع آخر: ذو بحار واد يصب أعلاه في بلاد بني كلاب ثم يسلك نحو مهب الصبا ويسلك بين الشريف شريف بني نمير وبين جبلة في بلاد بني تميم حتى ينتهي إلى مكان يقال له التسرير من بلاد عُكْل. وقال: وفيه ماء يقال له الغِرْيَفَة وجبل يقال له الغِرْيَف".
      كما ذكره عبد الله بن خميس (المجاز بين اليمامة والحجاز) بل تحدث عنه كثيرا وبتوسع وشمول فقال(ص 71) قال الهجري" ومن النير تخرج سيول التسرير وسيول نضاد وذي غثث في وادي يقال له ذو بحار حتى يأخذ بين الضلعين ضلع بني شيصبان فإذا خرج من الضلعين كان أسمه التسرير".
      وقال ابن خميس أيضا (ص 73) بأن اسم التسرير يتسع الآن فيشمل كل الشعاب والأراضي الواقعة حوله من جبل النير حتى يفرغ غي الخرماء وخريمان.
      وقال (ص 106) "وادي الرشا: يأتي من ناحية الجنوب بميل إلى الغرب وينصب شمالا بميل إلى الشرق وهو أكبر الروافد التي تفرغ في حوض التسرير ومن أجل هذا غلب اسمه عند المتأخرين على هذه المنطقة".
كما يقول (ص 74) ووادي التسرير مشهور بالحمض وهو من المراعي النافعة التي تألفها الماشية وتصلح بها. كما أنه وقود طيّب الرائحة تمدحه العرب وتحن إليه.
وقال: بأن وادي (دلعة) وهو واد ينحدر من شرقي ثهلان مشملا ليصب في وادي التسرير. كما ذكر جبل (جبلة) التي تقع على شاطئ التسرير باعتبار ما كان ووادي الرشا باعتبار الآن أي شاطئه الشمالي.
 ثم أورد ابن خميس شعرا لرجل من عتيبة يقول في معركة انتثر فيها قومه:
واد الرشاء ما هوب ورث من قديم   إلا لمن ساق الجمل  ثم  احتماه
خلّوه من بعد السقا بني مضيم       راحت شرايدهم بصبحا والحصاه
ويقول هذال الشيباني فيه:
واد الرشا بنت عليها عيره          ما تلبس  إلا  القز  والسبهان
على قرارة نجد مني جبيرة           من زيد بن شفلوت والصعران
أقول: يجري وادي الرشا في الجهة الغربية من منطقة الرياض الإدارية المجاورة لجنوب منطقة القصيم. حيث يبدأ سيله من جبل النير الواقع على الطريق المتجه إلى الطائف ويراه الماشي من البجادية إلى عفيف بعد أن يجتاز البجادية بحوالي (30) كيلا على يساره أي جنوب الطريق المعبد. ثم يستمر مارا من جنوب غرب هجرة الرشاوية حول إحداثية (000    37    24)(342    57    43) ثم يتجه نحو الجهة الشمالية الشرقية مارا بجوار الرشاوية من الشرق ثم (هضيبة الرشاوية) الصغيرة، ثم يستمر في مسيره أسفل جبل (جبلة) الكبير من الجهة الشرقية ثم يمر من هجرة (هميجة القعبة) بعدها يعبر الجسر المسلّح من أسفل الطريق المعبّد الذي يصل بين قرية (نفي) ومحافظة (الدوادمي) إحداثية(342   02   24)(428   24   44) ويمر بهجرة عرجا، وأثناء جريانه في تلك المنطقة تارة يتسع وتارة أخرى يضيق.
ثم يستمر الوادي في جريانه بنفس الاتجاه السابق تاركا (آبار ذرقان) و جبال (الأخيضرات) عنه جهة الغرب وجبل (الحميمات) وجبل (عُبيد القلّة)وسبخة (محامة عصيم) عنه جهة الشرق ثم يتصل به شعيب (خريط) عند إحداثية    (857    03     25) (428    03    44) بعده بقليل يتصل به شعيب (الحميمات) ثم يستمر في جريانه مارا عند جبل (الوشاعل) وجبل (النويبات) وهي عنه جهة الغرب.
ثم يستمر وادي الرشا في مسيره مارا هجرة (المغزل) وهجرة (الديرية) عنه جهة الشرق. ثم يستمر مارا قليب (وبدة) ويستمر بعدها مفترقا فرقتين بينهما جزرة ترابية ويتصل به بعدها (شعيب الهييشة) عند إحداثية (428    10    25) (000    06    44) حتى يصل إلى هجرة (الخالدية) بعدها بقليل يتصل به شعيب (اوضاخ) الواسع عند إحداثية(514   23   25)(000   06   44) الذي يأتي من عبلة أوضاخ.
ثم يستمر وادي الرشا جهة الشمال الشرقي مارا عند (مزارع خريمان) جهة الشرق و(مزارع الملقاء) جهة الغرب، بعدها يصل إلى مزارع (سمار الخرماء) يلتقي به عندها شعيب (الملقاء) وشعيب (أم طليحة) مجتمعين، بعدها قليلا ينتهي الوادي في (قاع الخرماء) عند إحداثية (342   32   25)(428   03   44).
والشاعر خليفة الزناتي ذكر وادي الرشا في قصيدة منها:
وادي الرشا ينخى وينعي بالأصوات       يهل  دمع  مثل  وبل  المخايل
دقاق العلابي ما يجون  المشيشات        ودخنة لابن هذال صدق صمايل
وابن السفر ما ينذكر حول أبانات          والشمري بجبال سلمى وحايل
قاعد بوسط القرى سوّى الهوالات         من نزلة الأجناب سوّى الهوايل
وان ما حميتوا داركم سوقوا الشاة         يسوقها اللي خاف من كل عايل 

كتبه: عبد الله بن صالح العقيل ـ الرس.





يومنا الوطني.. العزة والكرامة.

(يومنا الوطني.. المجد والعزة والكرامة)

في كل زمان ومكان تنتهي أمة وتسود أخرى، وتتنوع الولاية على الناس من عدل وظلم وخير وشر وصلاح وفساد، ثم يهئ الله للأمم من ينهض بها ويخرجها مما هي فيه من الفقر الظلم والفساد والجهل إلى الغنى والعدل والصلاح والعلم، والجزيرة العربية قيَض الله لها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الذي بدأها بعهد جديد منذ فتح الله على يديه مدينة الرياض فأخرجها من عزلتها وحررها من قيود العابثين وحقد الحاقدين، فانضمت إلى حظيرة الدولة السعودية دولة العدل والرخاء، فعم الخير في أرضها والعدل بين أهلها وأخذت بوسائل الحياة الجديدة، ثم جاء تاريخ الأول من برج  الميزان عام 1351هـ عندما قام الملك العادل عبد العزيز بن عبد الرحمن بتوحيد المملكة العربية السعودية في كيان واحد فغدت دولة ذات سيادة وعضوا في المنظمات العربية والدولية وأصبحت ورائدة للأمتين العربية والإسلامية تتحدث باسمها وتدافع عن قضاياها وحريتها.
لذا فقد قام الملك عبد العزيز بتوحيد أجزاء الجزيرة العربية ورسم على صفحة التاريخ أكبر وحدة وطنية تقوم على مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة والإيمان العظيم والثقة الكبيرة بأبناء الشعب السعودي وعلى المعاني السامية فاستتب الأمن واجتمع الشمل وعاش الناس في رغد وارتاح الحجاج وزال الخوف وانتشر العلم واتضحت حنكة الملك عبد العزيز في إدارة البلاد وأخذ بأسباب الحياة العصرية من تطور ونماء وعيش رغيد، فأحبه الناس وزالت الحواجز بينه وبينهم فصار أخا لكبيرهم وأبا لصغيرهم يتحدث معهم ويقربهم إلى مجلسه ويعطف عليهم ويعطيهم ما يحتاجونه من مال ليسد عوزهم. وكان في حياته متمسكا بآداب الإسلام حريصا على الوفاء بأداء الأمانة التي يحملها تجاه شعبه وكان زاهدا قوي الإيمان قوي الإرادة شجاعا في الحرب ومحنكا وحكيما عادلا متواضعا كريم الخلق لديه بُعد نظر فيما يفكر فيه في السلم والحرب، قال رحمه الله ( أنا أدعو لدين الإسلام ولنشره بين الأقوام وأنا داعية لعقيدة السلف الصالح وعقيدة السلف الصالح هي التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم) كما قالت عنه إحدى الصحف الغربية (ابن سعود رجل ذو خلق قوي وإرادة نافذة استطاع بها أن يؤسس مملكته الواسعة التي لم يسبق لها أن عرفت السلام قط إلا أيام حكمه وهو يعتبر أعظم شخصية في العالم العربي اليوم) ويقول عنه موريس جورنو(إذا كان ابن سعود قد نجح في لم شعب الجزيرة العربية تحت لوائه وإذا كان قد جعل من بلد مضطرب آهل بالعصابات جعله البلد الأكثر أمنا في العالم فمرد ذلك ليس القوة والسيف فحسب بل لأنه سكب في أعماق الأمة الناشئة أقوى عواطف التماسك أي التقيد الشديد بأحكام القرآن) وأقول: علينا أن نستلهم العبر وأن نعتز ببلادنا ونفخر بها، وأن ندعو لمن كان السبب فيما نحن فيه من أمن وأمان وخيرات .     
ثم جاء أبناؤه البررة فرفعوا الراية وحملوا شعلة الخير والنماء وجعلوا شعار الحكمة والموعظة والإخاء أساسا يسيرون عليه فظهرت في مملكتنا الغالية مشاعل النور وأنارت ما حولها وسارت بين الأمم المتحضرة تحمل الخير والعدل والرخاء معتمدة على الله فآتت ثمارها يانعة لهذا الوطن الغالي أمنا وأمانا وللأمة الإسلامية نصرة وعونا.
إن النهضة الحضارية التي تعيشها بلادنا جاءت بفضل الله ثم بفضل جهود القائد المؤسس الذي بناها على تقوى من الله وتابعها أبناؤه بكل ثقة، فها هي أحكام الشريعة السمحة يتم تطبيقها في بلادنا ومشاريع الخير والرخاء والتنمية والبناء مثل النهضة التعليمية والزراعية والمصانع والنقل والكهرباء والمياه والرعاية الصحية ومشروعات الخير في الحرمين الشريفين وغيرها كلها تحكي قصة نهضة حضارية عملاقة تسير بخطى ثابتة ترفدها أياد سعودية مخلصة تحافظ على وحدتها وسيادتها تحت لواء شريعة سمحة وفي ظل سياسة متينة تتجه نحو العالم المتحضر.
وفي مقابل هذه السياسة الحكيمة من ولاة أمرنا تجاه هذا الشعب الكريم نرى بعض الحاقدين الذين دأبوا على أذية المسلمين من داخل المملكة وخارجها حيث امتلأت قلوبهم بالحقد والضغينة وهم من أبناء المسلمين وأخذوا يتعمدون التفجيرات والفساد والقتل والتحريض عليها داخل المملكة ظلما وعدوانا وتحركهم أيدي الشر من الجبناء ممن خرجوا على ولاة أمرنا وأخذوا بالسب والشتم حتى وصل بهم الأمر إلى التهديد بالقتل والفساد في الأرض الطاهرة التي نشأوا عليها واستظلوا بظلها وأكلوا من خيراتها وهم الذين وصفهم الله سبحانه بقوله في سورة البقرة (204ـ206) {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} فهم بعيدون عن مبادئ الإنسانية وعن أصول الشريعة واتخذوا من الشياطين سادة ومعبودين.
 ومع الأسف فإن فئة من شبابنا بل من صغار السن من داخل المملكة ممن غرّر بهم أهل الشر والفساد فاستعملوهم ضد بلادنا وأعموا بصائرهم فأطاعوهم واستمعوا إلى خطبهم المتباكية وشعاراتهم الزائفة التي تصدر من عقولهم الضّالة يبثونها بالأبواق الرنّانة والأناشيد التي يسمونها بالأناشيد الإسلامية والتي تحث على الجهاد وتدعو إليه كما تدعو إلى عقوق الوالدين. ويستقبلون منشوراتهم التي تبث الحقد والغل ضد بلادنا وولاة أمرنا وعلمائنا ومشايخنا فشجعوهم وأيّدوهم على أفعالهم بل عمدوا إلى استعمال هؤلاء الشباب في تكفير ولاة الأمر في بلادنا وتسفيه العلماء بل وتكفير كل من يخالفهم أو من يسير ضد منهجهم مدّعين بأن ذلك من الجهاد ويحاولون بجهلهم وعنادهم أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المفسدون والحاقدون، قال الله تعالى في سورة آل عمران { لا يغرّنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد }.
إنها دعوة أوجهها لكل المسئولين بوزارة التربية والتعليم ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد والجامعات وإدارات التربية والتعليم وجميع فئات المجتمع ومنهم المعلمين والمربين والمشرفين التربويين والقائمين على المراكز الصيفية والمخيمات الطلابية والكشفية كذلك رجال الدعوة في المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد والمعلمين في حلقات تحفيظ القرآن وأنشطة جمعيات البر الخيرية بشتى أنواعها في الداخل والخارج أن يتقوا الله في شبابنا وأن يستعملوهم فيما ينفعهم في دينهم ودنياهم، إن فئة من أبنائنا لم تبلغ أعمارهم الثانية عشرة يجهلون شروط الصلاة وواجباتها قاموا يرددون العبارات الضالة التي يسمعونها من سادتهم ومنظريهم ويدعون إلى الجهاد المزعوم وتعلموا معنى الخروج على ولي الأمر وخلع البيعة ويطلقون عبارات التكفير على من يخالف منهجهم والمدح والثناء على من يطيعهم، بل إنهم يستقبلون النشرات عبر وسائل الاتصال المنوعة ويوزعونها مع جهلهم بما تحتويه من سموم ويفرقون بين المسلمين، إن هؤلاء الناشئة يحتاجون إلى من يأخذ بأيديهم ويوجههم الوجهة الصحيحة ويحميهم من الأفكار السيئة الضالة ويربطهم بولاة أمرهم وعلمائهم ويبين لهم الصواب ويحذرهم من الغلو والانحراف وينير عقولهم وأنفسهم بنور الإيمان لتكون سياجا منيعا يحميهم من الزيغ والظلال، قال الله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تتعاونوا على الإثم والعدوان } وقال الشاعر الحكيم:
والبيت لا يبتنى إلا على عمد        ولا ثبات إذا لم تقو أركان
كما إن على العلماء والفقهاء والدعاة وأئمة المساجد والكتّاب والمربين وغيرهم أن يبينوا لهؤلاء الشباب أمور دينهم وأن يحصّنوا النشء الجديد من سموم الغلو والانحراف ومما تبثه الفضائيات من شرور ومفاسد.
اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، وألهمنا حب الخير وبغض الشر، وأهدنا جميعا إلى الصراط المستقيم، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه،اللهم احم بلادنا من كل شر، واجعلها بلاد خير وصلاح، اللهم أصلح شباب المسلمين واعصمهم بدينك وكتابك من كيد الكائدين وحقد الحاقدين، اللهم فقّههم في كتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وجنبنا وإياهم الغلو في الدين واجعلهم هداة مهتدين، اللهم أنصر بلادنا وأحفظ ولاة أمرنا وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلّهم على الخير وتنهاهم عن الشر، اللهم أعز الإسلام والمسلمين في كل مكان وانصرهم على أعدائهم واجعل عملهم خالصا لوجهك الكريم ، اللهم صلّ على سيدنا محمد  وعلى آله وصحبه أجمعين.
                              عبدالله بن صالح العقيل. الرس.
                               Aa10@maktoob.com


عبدالله بن عبدالرحمن الخربوش. رحمه الله.

الرس تودع علما من أعلامها
عبدالله بن عبدالرحمن الخربوش

يقول الله تعالى (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكّل بكم ثم إلى ربكم ترجعون) آية (11) السجدة.
ويقول الشاعر مخبرا عن الموت وتعاقبه على الناس فيخطف هذا ويغتال ذاك.. وتذهب الآمال في مهب الريح:
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب         متى حُط ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمل  آمالا  ونرجو    نتاجها          وإن  الردى  مما  ننجيه  أقرب
       بعد فجر يوم الثلاثاء: 9/2/1433هـ اختطفت يد الردى وجها من وجهاء من وجوه الخير والمعروف والإحسان في محافظة الرس وهو الخال الغالي (عبدالله بن عبدالرحمن الخربوش) بعد ليلة نام فيها قرير العين مرتاح البال طيب النفس. كان خلالها حاضرا اجتماع أسرة الخربوش الشهرية. وتناول العشاء مع أفراد الأسرة وودعهم بالحب والمودة والبشاشة والقلب العطوف والنفس الرضية.
ولد الخال عبدالله بن عبدالرحمن الخربوش في حدود عام 1353هـ في الرس وعاش فيها مع أقرانه من أهل الرس وتعلم على مشائخ بلدته آنذاك فك الخط كتابة وقراءة.
والده هو عبدالرحمن بن إبراهيم الخربوش الذي تولى الحسبة في دختة وعفيف والرس وكان له نشاط ديني مستقيم. وكان كثير العبادة مثالا للنزاهة والجد في دين الله والإخلاص في الدعوة، وكان رجلا عاقلا متعلما صاحب عبادة وخير وإحسان ومن أهل التقى والصلاح،
وعمه هو محمد بن إبراهيم الخربوش الكاتب المعروف في الرس كان يكتب الوثائق والعقود وكان أول وكيل للأوقاف بالرس.
وأمه هي فاطمة بنت محمد بن منصور بن دخيل المالك وعمها هو وجيه الرس والقصيم حمد بن منصور المالك رحمهما الله.  
عندما تم افتتاح أول مستوصف حكومي في الرس عام 1373هـ وكان مقره في منزل المواطن/ علي بن عبدالله الرّشَيْد في الجهة جنوبية من المدينة كان عبدالله بن عبدالرحمن الخربوش رحمه الله أول المعينين فيه بوظيفة (ممرض) وكان معه من زملائه محمد بن علي العنيزان ومطلق بن عبدالله الحناكي وخالد بن عبدالعزيز الرشيد وسليمان بن علي القزلان وعبدالله بن محمد الجربوع.
وعندما أنشئ مستشفى الرس بديلا عن المستوصف عام 1391هـ انظم المذكورون إلى الفريق الطبي المتواضع آنذاك. واستمر فيه حتى تقاعد عن العمل.
والخال عبدالله رحمه الله كان يعمل في مقتبل عمره بالتجارة حيث فتح هو وأخوه محمد محلا في سوق الرس لبيع المواد الغذائية بالجملة واستمر عدة سنوات حتى استلم أبناؤهما ذلك.
كان رحمه الله له علاقة وطيدة مع أهل الرس مثل: محمد بن عبدالله المالك وعبدالله بن علي الصقعبي وسليمان بن عبدالله الخليوي وشارخ السعد الشارخ وعبدالعزيز بن سليمان الغفيلي وموسى بن إبراهيم الطاسان وسليمان بن محمد الدهامي وابنه محمد وراشد بن سيف الحوشاني وسليمان بن عبدالله الغرير ومحمد بن ناصر الخليوي وعلي بن ناصر الخليوي وصالح بن مطلق الحناكي وعمه حمد بن منصور المالك وغيرهم رحم الله من مات منهم وأطال أعمار الباقين على الطاعة.
وكان رحمه الله من أهل الخير والمعروف ذو نفس طيبة وخلق كريم وتربية حسنة تقوم على الدين القويم والفطرة السليمة. وكان كثير التصدّق على الأقارب كثير الصلة لأهل بيته وما حوله من الجيران. يتعاهدهم ويزورهم عند المرض وينفق عليهم. وله عادة زيارة المرضى في المستشفى كل أسبوع يسلم عليهم ويدعو لهم. كذلك يزور مقبرة الرس ليسلم على أهلها والديه و أقاربه وأصحابه. كما كان رحمه الله يتعهد مسجد الحي بما يحتاجه من ماء وغيره. وكان يزور زوجات إخوانه في الصحة والمرض ويطمئن عليهن. وكان له صلة رحم مع أقاربه وأبناء عمه خاصة كبار السن منهم وله مكانة خاصة لديهم. وهو يعتبر عميد أسرة الخربوش.
وعندما توفي رحمه الله بكى عليه الكثيرون وحضر جنازته جمع كبير من أهل الرس وغيرهم ممن يعرفه. رحم الله الخال عبدالله بن عبدالرحمن الخربوش. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم ظله تحت ظلك يوم لا ظل إلا ظلك. اللهم وسّع له في قبره ونوّر له فيه. اللهم ثبّته بالقول الثابت يا رب بالعالمين.
كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ــ الرس.

               
                    

الوجيه: منصور بن دخيل المالك.

(من وجهاء الرس: منصور بن دخيل المالك)
في كل مدينة ومنطقة يوجد رجال حازوا على إعجاب الناس ومحبتهم قديما وحديثا، وذلك بما يقدمونه للعامة في محيطهم من معروف وإحسان، وكانوا يقدرون الكبير ويعطفون على الصغير ويتصدقون على الفقير ويرحمون الضعيف، بل كانوا هم الذين يتقدمون على أهل بلدتهم في المناسبات، ويحتاجهم أمير البلدة وقاضيها في حل القضايا والمشكلات، كذلك هم الذين يكرمون الضيف ويستقبلون من يمر على بلدتهم من كرام الناس والغرباء. وفي الرس مجموعة من الرجال الكرام ومن وجهاء الرس الذي أود الحديث عنه هو: 
منصور بن دخيل بن حمد بن مالك بن حمد بن رسيس.
والمالك من المقاحمة من الجعبان من الدهامشة من عنزة. ويذكر عبد الله بن عبار في كتاب (أنساب قبائل عنزة) بأنهم يجتمعون في جدهم رسيس مع كل من: الحمدان والفوزان والهزاع والجعويني، ويقول: والرسيس فرع من المقاحمة من العايض من الجعبان من العيد من الزبنة من العلي من الدهامشة من العمارات من بشر من عنزة.
كان منصور بن دخيل  في الرس وجيها فيها معروفا محبوبا بين الناس. وكان يوصف في وثائق الرس بأنه: الرجل العاقل الرشيد وأنه بأكمل الأوصاف الشرعية. وكان ثقة لدى القضاة والحكام. وكان تاجرا غنيا يقوم بإقراض المزارعين وغيرهم في الرس ويرفق بهم ويحسن إليهم كثيرا ويقبل منهم ما يبري ذممهم من الدين الذي له عليهم ويعفو عنهم. حيث يوفون دينهم له مما يتوفر لديهم من أملاك. كما حصل بينه وبين بركه بن حمد البركة في الوثيقة التي كتبها سليمان بن حمد الرميح سنة 1345هـ. 
يقول عنه إبراهيم المسلم (رجال من القصيم) بأنه ولد في الرس سنة 1277هـ ويقول : بأنه كان صاحب تجارة ومعروف على مستوى منطقة القصيم.
ويقول الأستاذ خالد بن حمد المالك في كتابه عن والده بأن منصور بن دخيل ولد سنة 1265هـ وله من الأبناء: دخيل وحمد وعبد الله ومحمد. ثم يقول (وقد اشتهر بالتقوى والصلاح وحب الخير، وقد وفقه الله في أعماله التجارية، حيث كان في زمانه يعد من أثرياء مدينة الرس ومن أصحاب الجاه فيها، وقد وجّه أبناءه التوجيه الحسن في تربيته ورعايته لهم، وأعطاهم من وقته الشيء الكثير الذي ساعده في تأصيل القيم النبيلة في نفوسهم، مات رحمه الله وقد اطمأن على أن آماله في أبنائه قد تحققت باستقامتهم والتزامهم بأهداب الدين وتفانيهم في خدمة وطنهم ومواطنيهم وتعاونهم وتكاتفهم كأشقاء فيما بينهم)   
أقول: والده دخيل بن حمد المالك كان كذلك وجيها في الرس معروفا بحب الخير. وهو الذي وقف داره المعروفة بالرس الملاصقة لدار صالح بن محمد بن عقيل وجعل ريعه دوام بضحية وعشيات في رمضان والوكيل عليه ابنه منصور سنة 1304هـ ، كما اشترى دار أم محمد ابن عقيل بن سعيد بشهادة سليمان بن علي العقيل وبخط الشيخ محمد القرناس سنة 1262هـ، كما اشترى نصيب عائشة بنت عقيل بن سعيد وفاطمة ابن عقيل من أمهما من دار سليمان العقيل عام 1254هـ،  وله شهادات في مجموعة وثائق وكان معاصرا لأمير الرس عساف العواجي. ويظهر بأنه عاش في الرس إلى ما بعد عام 1304هـ بقليل.
وجده حمد بن مالك بن حمد بن رسيس كان مشهورا على عهد الإمام عبد الله بن سعود حيث كان أحد ثلاثة رجال اختارهم الإمام للاشتراك في فك الحصار الذي فرضه إبراهيم باشا على الرس سنة 1232هـ وكان يسكن الرس وله دور في الأعمال التجارية فيها وعاش في زمن الشيخ محمد القرناس. وشهد هو وفوزان بن رسيس على رهن حمد البنية بن بزيع مكانه ونخله لصالح بن إبراهيم الجعويني. ويظهر بأن حمد بن مالك عاش في الرس إلى ما بعد عام 1282هـ بقليل. ويقول عنه الشاعر العميل:
بت القوى وأنا عميل الثلاثة             علي الغفيلي وابن مالك وحسون
ويكفي منصور بن دخيل فخرا بأنه خلّف ابنه حمد بن منصور المالك وجيه الرس في وقتنا الحاضر فقد كان وجها من وجوه الخير والإحسان والجود والفضل والمعروف يؤديه لكل الناس القريب منه والبعيد، يعرفه كل الناس ويحتاجه الأمير والقاضي ورجل الحسبة والمعلم وغيرهم من أجل حلّ المشاكل التي تعترضهم، وكان عونا لأمير الرس عساف الحسين في جميع شؤونه. اختاره الملك عبد العزيز رحمه الله ليكون أحد أعيانها فكان من أهل الحل والعقد فيها.  
ومنصور بن دخيل ورد له ذكر كثير في وثائق الرس والنبهانية منها.
كانت عمته موضي بنت حمد المالك قد وهبته نصيبها من أرضها الكائنة بالنبهانية أرثها من أبيها هبة منجزة، بشهادة شايع آل محمد بن خلف وبخط محمد القريان عام 1320هـ.
وورد في وثيقة بأن والده دخيل بن حمد بن مالك وقف داره المعروفة في الرس الكائنة بقرب دار مجربع وملاصقة لدار صالح بن محمد العقيل من الشمال، والوكيل على الوقف ابنه منصور بخط الكاتب حمد بن سليمان الرميح سنة 1307هـ.
كذلك في وثيقة كتبها إبراهيم بن موسى الطاسان سنة 1304هـ أقر منصور بن دخيل بن مالك بأنه وكل عبد الله بن محمد الخشما على ماله وعياله حتى يرشد ابنه محمد بشهادة موسى بن إبراهيم الطاسان وسعد بن إبراهيم الطاسان.
وفي تعليق للدكتور صالح بن عبد الله المالك على الوثيقة: أن عبد الله بن محمد الخشما المذكور من حمولة الرسيس التي تضم المالك والجعويني والحمدان أهل النبهانية والهزاع أهل بريدة ويقال أنهم جميعا نزحوا من ضاحية الجناح في عنيزة قبل قرون إلى الرس.
كما اشترى منصور بن دخيل من بركه بن حمد المصيريع ملكه المعروف في مفيض شعيب القرين وهن قلبانه المعروفة وما يتبعها من أراض ومنازل وخشب ومسيل وجميع متعلقات الملك. كما اشترى منه قليبه المعروفة بالعرجه بثمن معلوم على أن يسقط من الدين الذي له عليه، بشهادة صالح بن ناصر وعبد الله بن صالح العقيل ومحمد بن سليمان الطريفي ومحمد بن إبراهيم الخربوش وعلي بن بركه وكاتبه سليمان ابن حمد الرميح في 9 ربيع سنة 1345هـ.
كما شهد على إقرار محمد بن عبد الله بن صيخان بأن في ذمته لعبد الكريم دين مع رهن بخط الكاتب حمد بن سليمان بن رميح في 13 ربيع الأول 1299هـ.
وشهد هو ومحمد الصالح بن عقيل على إقرار عبد العزيز بن ساير بأنه باع على عبد الكريم قليبه المسماة الحرملية وما يتبعها بخط الكاتب حمد بن سليمان بن رميح في 22 شعبان 1301هـ.
كما شهد على أن قليب العود في الحجناوي قد زُرعت في عام 1293هـ وأن الذي أجرها الشيخ صالح القرناس وصالح بن إبراهيم الجعويني وأن الجعويني قبض حق الرسيس منها. في وثيقة كتبها سليمان بن حمد الرميح.
ومنصور بن دخيل هو الذي اشترى من مانع بن علي الدويغري ملك أخيه سعيد الكائن في رويضة الرس المسمى غضي وهو إرث سعيد من أبيه من ملك عليان الطويل بثمن قدره مائتان وخمس وعشرين ريال ساقطات عن دين أخيه سعيد لمنصور وأقر منصور بأنه أبرأ سعيد عن بقية الدين رجاء ثواب الله بشهادة خلف بن سعيد الدويغري وسالم الناصر الحناكي وخط الكاتب سليمان بن حمد الرميح سنة 1329هـ.
وكان بينه وبين محمد بن سليمان بن عبد العزيز بن علي الطريفي مضاربة على رأس مال قدره مبلغ أربعين ريال إفرنجي على نصف الفائدة في سنة 1335هـ. وقد استعادها منه سنة 1336هـ.
توفي منصور بن دخيل بن مالك عام 1349هـ رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصالحين.



من ثقافتنا السياحية (من سبق لبق)

من ثقافتنا السياحية (من سبق.. لبق)

كثيرون الذين كتبوا عن الشأن السياحي في بلادنا بين مؤيد في كتاباته وبين منتقد. وكل منهم يطلب من البلديات والمحافظات إصلاح المواقع لمرتاديها من السيّاح المواطنين والمقيمين وتهيئة الخدمات اللازمة، كما تختلف المدن والمحافظات في جهودها بين متحمس ومقصّر في تقديم الخدمات في المواقع السياحية لمن يرتادها.   
وأنا هنا لن أتحدث عن مقومات السياحة في بلادنا.. هل هي مهيأة.. وهل هي متكاملة أم لا.. وما هي معوقاتها وعن دور المدن والمحافظات في تفعيلها..؟ ولعل هذا يكون في مقال قادم إن شاء الله. بل سوف يكون حديثي عن ثقافة المواطن السعودي في الاستفادة من الخدمات السياحية وطريقة استخدامها.
في صيف هذا العام عزمت وعائلتي على قضاء إجازتنا في ربوع منطقة الباحة التي أحب زيارتها والتمتع بجوها العليل وأهلها الكرماء بأخلاقهم وتعاملهم. وفي ذات يوم السبت:18/8/1431هـ كنت وعائلتي في زيارة لأحد المنتزهات في محافظة بلجرشي في منطقة الباحة حيث حضرنا في وقت مبكر وفي موقع يحتوي على أربع مظلات عُملت لنزول العائلات وبجوارها مجموعة من ألعاب الأطفال ونزلنا في واحدة منها.. وبعد أن أمضينا فيها وقتا ممتعا في سرور وحبور ونحن نحتسي القهوة والشاي ونقوم بصنع الكبسة والأطفال يلعبون ويمرحون في الألعاب. سمعت أصواتا مختلطة لمجموعة من الرجال يزمجرون ويتوعدون بأصوات عالية، وعندما استوضحت الأمر منهم أخذوا يسبون ويتهجمون علينا.. وقالوا أنهم وضعوا قطعا من الفرش في المظلات الثلاث المتجاورة منذ الليلة الماضية بقصد حجزها لهم. ولكني فاجأتهم بالسؤال عن أحقيتهم في حجزها ومنع غيرهم من الجلوس فيها. فأجابني أحدهم بأنهم حجزوها من أجل ضيوف لهم. وعندما أخبرتهم بأن تلك المظلات من المواقع المشاعة للجميع وهيأتها البلدية للمصطافين ولا يحق لأحد أن يحجزها عن الغير بقصد الاستيلاء عليها.. خاصة وأنتم من أهل المنطقة ويجب عليكم تهيئتها للمصطافين. فوجئت حينها بصوت آخر يخاطبني بقوله (يا أخي.. من سبق لبق) أي أن من سبق إلى الشيء فهو أحق به. ثم اتهمني بأنني أنا الذي أخذت الفرش من الموقع وجلست فيه. ولكني لم أترك له الفرصة بأن يتهمني بذلك.
ثم أخذت وقتا من أجل أن أقنعه بأن هذا الأسلوب تعسفي وغير حضاري في الاستيلاء على تلك الخدمات التي هيأتها بلدية المحافظة لمن يقدم من خارجها لأجل التمتع بجوها العليل وخدماتها المتوفرة. وأن عليه وأمثاله من أهالي المحافظة الترحيب بالضيوف وتمكينهم من الجلوس في الأماكن المخصصة لهم. ولكنه أصرّ على أن تصرفه هذا صحيحا وأنني أنا الذي سرقت الفرش من المكان.
أقول: ما هذه الثقافة المنحطّة والتصرفات الساقطة لمثل هؤلاء المواطنين الذين يواجهون السيّاح بهذا الأسلوب بحيث يستولون على أماكن النزهة ويتهجمون على سواهم بهذا الأسلوب الغريب.. وهل هي أسلوب مناسب للتعامل؟ إلى متى نستمر في أسلوبنا هذا في التعامل مع الآخرين وهضم حقوقهم واستفزازهم بالأسلوب النشاز.. متى نتعلم الأسلوب الراقي في مواجهة غيرنا؟.
هذا ما يواجه السائح السعودي في بلادنا سوء في التعامل ونقص في الخدمات والإمكانات السياحية التي تستطيع البلديات توفيرها. مع صادق الود والمحبة.
                                                  
    كتبه:
                                    عبد الله بن صالح العقيل ـ الرس. 

قبائل القصيم وعلاقتها بالدولة السعودية.

القبائل الموجودة في القصيم وعلاقتها مع الدولة السعودية:
المعروف أن مدن وقرى القصيم كانت تحكمها مجموعة من القبائل مثل أمراء بني خالد وعنزة والظفير وآل مغيرة وشمر ومطير وكانت تتوزع في أنحاء القصيم حيث أن بعض تلك القبائل كانوا يسيطرون على الأمارة وبعضهم كانوا يقطنون النواحي القريبة من المدن والقرى بقصد رعي الماشية والإبل في مواسم الكلأ ، كما كانت تلك القبائل متناحرة فيما بينها ويحصل بينها حروب كثيرة مثال ذلك: مناخ أوثال بين عنزة والظفير، وحصار الظفير للدريبي في بريدة، وحصار بني خالد لبريدة، كذلك حصار ابن عريعر ومن معه من القبائل لبريدة ورئيسها حجيلان بن حمد. ومناخ الرس بين عنزة والظفير، ووقعة كير وهو جبل قرب الرس بين عنزة ومطير. وغيرها من الغارات من قبيلة على أخرى، وأعتقد بأن سبب تلك الغارات هو التناحر على مواطن الكلأ والعشب إذ كل قبيلة تريد السيطرة على مناطق معينة لترعى فيها ماشيتها ولا تريد من أحد أن يتدخل في شأنها.
كما أن تلك القبائل في بداية الأمر لم تكن موالية للدولة السعودية في أدوارها المختلفة إما لبعدها عن مقر الأمارة في العارض أو لأنها لا تريد أن تفرض الدولة سيطرتها عليها أو لشئ آخر وهو رغبة كل قبيلة في السيطرة على أكبر قدر من المدن والقرى في القصيم من أجل تقوية جانبها أمام القبائل الأخرى وفرض سيطرتها على من حولها. كذلك قد تكون سيطرة أمارة حائل على قبائل القصيم حينئذ قوية مع ما تقدمة أمارة حائل من إعانات ودعم مادي ومعنوي لتلك القبائل. واستمر الحال على ذلك وكان للدولة السعودية سيطرة في بعض السنوات على بعض النواحي في القصيم ولكنها لم تكن ترغب الدخول مع تلك القبائل في مناوشات أو حروب طاحنة خاصة في بداية تأسيس الدولة التي تحتاج من يساعدها على أعدائها. والقبائل طبيعتها تنظمّ مع من غلب وكان الأقوى في الحروب، كذلك فإن رغبة القبائل في الحصول على الدعم المادي والمعنوي ممن حولهم من الإمارات جعل تلك القبائل تنطوي تحت لواء الأقوى سواء الدولة السعودية أو أمارة جبل شمّر. هذا بإعتقادي هو الذي جعل القبائل في القصيم لم يتحدد موقفها بتأييد الدولة السعودية في بداية قيامها.

العلاقة بين أهل الرس وأهل بريدة وعنيزة.

علاقة أهل الرس مع أهل بريدة وعنيزة:
العلاقة بين أهل الرس وأهل بريدة علاقة وثيقة يتجلى أكثرها في العلم الذي أخذ ينتشر في القصيم عامة بسبب وجود آل سليم في بريدة ، حيث كثرت الرحلات العلمية لطلبة العلم من الرس للدراسة على علماء بريدة، منهم الشيخ محمد بن عبدالله بن سليم (ت1324) من بريدة الذي أخذ العلم من الشيخ قرناس أحد علماء الدعوة وقام بتدريس مجموعة من العلماء والمتعلمين من الرس وما حولها وهم: عبدالله بن سليمان بن بليهد وإبراهيم بن محمد الضويان وعبدالرحمن بن سليمان البطي وصالح بن قرناس القرناس ومحمد بن ناصر الحناكي وسالم بن ناصر الحناكي ورميح بن سليمان الرميح وسليمان ابن حمد الرميح.
أما الشيخ عبدالله بن محمد بن سليم (ت1351) فقد درس عليه من ذكرنا سابقا ومعهم كل من: عبدالله بن سليمان البطي وعبدالله بن مطلق الفهيد وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن رشيد ومحمد بن عبدالعزيز بن رشيد وسليمان بن صالح بن خزيم وناصر بن صالح بن عقيّل (من قصر ابن عقيّل) وإبراهيم بن عبدالله البطي وسليمان بن بطاح (من قصر ابن عقيّل) وسليمان بن محمد الدهامي وصالح بن عبدالله الجارد ومنصور بن صالح الضلعان.
كذلك الشيخ العلاّمة عمر بن محمد بن سليم درس عليه مجموعة من مشايخ الرس وهم بالإضافة لمن ذكرنا سابقا: محمد بن صالح الخليفة ومحمد بن راشد المحيلان وعبدالله بن محمد الخليفة وصالح بن محمد الخليفة.
وأما الشيخ سليمان بن عبدالرحمن بن محمد العمري(1375هـ) الذي درس على علماء الدعوة وتأثر بهم فدرس عليه مجموعة أخرى من مشايخ الرس بالإضافة لمن ذكرنا كل من: عبدالله بن حمد بن دخيل الخربوش وحمد بن مطلق الغفيلي وعبدالعزيز بن علي الغفيلي وعبدالله بن مطلق الفهيد.
كذلك فإن الشيخ سليمان بن علي بن مقبل (1305) درس عليه الشيخ: صالح ابن قرناس القرناس.
كما درس على الشيخ محمد بن عمر بن سليم (ت1308) ما يزيد على (17) عالما ومتعلما. ودرس بين يدي الشيخ عمر بن محمد بن سليم (ت1362) ما يزيد على (15) عالما ومتعلما من الرس ليكون جملة الذين درسوا على مشايخ بريدة من آل سليم أكثر من (33) عالما وطالب علم من أبناء الرس.
علاقة أهل الرس مع عنيزة:
لم يكن في عنيزة علماء كثيرون مثل بريدة سوى الشيخ عبد الله بن عضيب سابقا ثم جاء بعده علماء من آل قاضي الذين لم يكن لهم صلة بعلماء الدعوة الإصلاحية من آل الشيخ وبالتالي فإن الدعوة الإصلاحية لم يكن لها حماس قوي عند أهل عنيزة ولم فيها يوجد علماء متأثرين بالدعوة وما تهدف إليه. ولذلك فإن أهل الرس لم يكن لهم علاقة وطيدة مع أهل عنيزة، وبقيت العلاقة قوية مع أهل بريدة وضعيفة مع أهل عنيزة.
رأي أمراء وعلماء الرس بالدعوة الإصلاحية والدولة السعودية ووقوفهم معها:
ذكرنا سابقا بأن أهل الرس تأثروا كثيرا بالدعوة الإصلاحية التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأبناؤه من بعده، وذلك بعد دراستهم أثناء رحلاتهم في طلب العلم على علماء الدعوة من آل الشيخ وأتباعهم في الدرعية وفي بريدة لذلك كان لهم بعد توفيق الله الفضل في نشرها داخل الرس وما حولها مثل الشنانة والقوعي وقصر ابن عقيّل والخبراء وغيرها بين طلبة العلم من التلاميذ الذين درسوا بين أيديهم وهم كثيرون أوردنا أسماءهم سابقا. ولا شك بأن هذا كان بدعم ومساعدة من أمراء الرس الذين كانوا يطبقون الأحكام الشرعية التي تصدر من القضاة ويقيمونها على من يصدر ضده حكم شرعي. وهذا يدل دلالة أكيدة بأن علماء الرس كانوا يؤيدون الدعوة الإصلاحية وينشرونها بين الناس بالعلم والوعظ والإرشاد، أما موقفهم من الدولة السعودية فإنهم كانوا موالين إلى الحكام من آل سعود الذين كانوا يحكمون البلاد بالعدل والمساواة وكان لهم السبق في تأييد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهذا كان له الأثر الأكبر في محبة الناس لهم وموالاتهم والسمع والطاعة ما داموا يحكمون بشرع الله ويدعون إلى عبادته وحده. ومن هذا المبدأ كان أهل الرس من العلماء والأمراء وغيرهم من عامة الناس يقفون مع آل سعود ويؤيدون حكمهم ويعتبرون أنفسهم وأبناءهم وأموالهم قوة للدولة السعودية يدافعون عنها ويتصدون لأعدائها ويقفون معها في الشدائد وضد أعدائها.
كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ـ الرس.