السبت، 28 يوليو 2018

مملكة كندة في بطن عاقل في الرس.


مملكة كندة في بطن عاقل
من المعلوم بأن الرس كان موجودا في العصر الجاهلي أي في عام 433م والدليل على ذلك ذكره في أشعار الشعراء الجاهليين وكان عبارة عن مساكن تسكنها الحاضرة. وقد درست تلك المنازل فترة من الوقت وكانت أطلالا يتغنى بها الشعراء. من تلك الأشعار ما قال زهير بن أبي سلمى:
لمن طلل  كالوحي  عاف  منازله
عفا الرس عنها فالرسيس فعاقله
كما أنه في هذا التاريخ استوطن بنو كندة في بطن عاقل فترة من الزمن ــ وكان إذا أطلق ذلك فهو يعني الرس ــ وكان يحكمهم حجر بن الحارث آخر ملوك كندة في بطن عاقل. وبعدما استوطنه الحارث زمنا طويلا وكوّن فيه مملكة كبيرة وجمع أموالا كثيرة وكثر الناس حوله. أغار عليه بنو أسد فقتلوه وشردوا من بقي من قومه حتى الملك الضليل امرؤ القيس هام على وجهه هاربا من بطش بني أسد وهلك، وقد وثّق الشاعر الجاهلي لبيد بن ربيعة العامري تلك الحادثة بقوله:
والحارث الحراب خلى عاقلا      دارا  أقام  بها  ولم   يتنقل
تجري خزائنه على من نابه      مجرى الفرات على فراض الجدول
كذلك قال عبيد بن الأبرص من بني أسد أبياتا في زوال ملك الحارث وهو ممن عاصر مُلك بني كندة وشاهد زوال مملكتهم:
فانظر إلى فيء ملك أنت تاركه    هل  ترسين  أواخيه   بأوتاد
اذهب إليك  فإني من بني  أسد    أهل القباب وأهل الجود  والنادي
ويوجد حاليا من بقايا مملكة كندة دلائل من الآثار والأحجار والنصوص الواضحة والمشاهدة حاليا بجوار بطن عاقل في الجهة الشرقية الجنوبية من الرس وتوحي هذه الكتابات والرسوم أن بطن عاقل والرس كانتا عامرتين بالحياة من حضارة بني كندة ثم حضارة بني أسد وفيهما من العمران والمزارع ما الله به عليم، كذلك يوجد حاليا بجوار الكتابة بئر ماء مطوية وقديمة طمرتها الأتربة، مما يدل على أنهما كانتا موردين هامين لتلك القبيلة التي كان لها الغلبة والسيطرة على القبائل الأخرى. وأخيرا رحل بنو منقذ من بني أسد من الرس إلى العراق بسبب الجدب وبحثا عن الكلأ لأنعامهم حالهم في ذلك حال أمثالهم من الأعراب الرحّل.
وهي على إحداثية (452     50     25)(527     38     043)
قال عنه الدكتور عبدالعزيز الغزّي في كتابه (مملكة كندة في وسط الجزيرة العربية) دراسة تاريخية آثارية. مطبوعات دارة الملك عبدالعزيز 1428هـ.
قال عن مملكة كندة (ولقد ناقش محمد بن ناصر العبودي موقع بطن عاقل مستفيدا من مصادر شتى وبخاصة معجمي الأندلسي والحموي والدواوين الشعرية الجاهلية والإسلامية, وبعد مناقشة مستفيضة توصل إلى أن العاقلي المعروف اليوم في القصيم هو عاقل المعروف في الجاهلية, الذي فيه كانت تقوم عاصمة مملكة كندة.
وقال الشيخ محمد بن ناصر العبودي في كتابه (بلاد القصيم 4/1524) (العاقلي: واد كبير منخفض المجرى لذلك يسميه الأقدمون (بطن عاقل) يمر إلى الجنوب الشرقي من مدينة الرس على بُعد حوالي ثلاثة عشر كيلا. يبتدئ سيله من جهة جبل كير وماء الركا, ويمتد مجراه من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي. حتى يصب في وادي الرمة قبل أن يصل إلى البدائع, ويصب فيه عدة روافد منها الأرطاوي ووادي دخنة الذي كان يسمى قديما "منعج" وهو قديم التسمية بل مشهور في القديم إلا أنه كان يسمى عاقلا, فكأن المتأخرين نسبوه إلى اسمه القديم فقالوا: العاقلي).
كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ــ الرس.

الجمعة، 27 يوليو 2018

مرقب الشنانة بالرس.


مرقب الشنانــة

وهو الصرح الأثري الذي بقي شامخا بكل عزة وأَنَفه رغم تعاقب السنون عليه ورغم ما يلقاه من أيدي العابثين، فقد بقي رمزا من رموز البطولة والفداء يحكي قصة البطولة التي أبداها أهل الرس وقوة بأسهم في التصدي للعدوان وكان شاهدا على شجاعتهم وتضحيتهم بنفوسهم الغالية في الدفاع عن بلدتهم يحدوهم الأمل في العيش الرغيد والحياة الهانئة.
كان المرقب هدفا لكل الأعداء الذين أغاروا على الرس منذ غزوة طوسون باشا عام 1230هـ ثم غزوة إبراهيم باشا عام 1232هـ ثم غارة عبدالعزيز بن متعب بن رشيد على الشنانة التي تسمى (قطعة الشنانة) عام 1322هـ حيث قطع نخيلها وهدم منازلها وعذّب أهلها وقتل منهم.
ثم جاء دور المرقب عندما قام أهل الرس بمناصرة صقر الجزيرة الملك عبد العزيز رحمه الله وانتصروا لدينهم وهزموا المعتدي عبدالعزيز بن رشيد الذي حارب قيام دولة الحق والإيمان والعدل.
هذا المرقب الشاهق الذي بناه رجل من البكيرية يدعى (فريح بن فواز التميمي) في حدود عام 1231هـ بمساعدة رجال من بلدة الشنانة التي تسكنها ليكون متراسا لهم وقت الحرب، ويقع المرقب على إحداثية:
(032     50     25) (396     26     043).  
 وفي المرقب سلالم توصل إلى أعلاه، وقد تعرض البرج لقصف مدفعي أثناء الحروب التي وقعت حوله، كما إن عوامل التعرية وبعض الأيدي الطائشة لها دور ثان في تخريبه. ويبلغ طوله حاليا (24,80) مترا، وقد قامت إدارة الآثار بوزارة المعارف عام 1399هـ بترميم المرقب، ثم قاموا بترميمه مرة أخرى في الأعوام التالية. وبعد أن تم ضم المناطق الأثرية تحت إشراف هيئة السياحة والآثار قامت الهيئة مشكورة بإصلاح المرقب والمحافظة عليه وصيانته، ثم قامت ببناء ملحق خاص في الجهة الشمالية من المرقب ليكون مكتبا لإدارة المرقب ومقرا للضيافة.
قال عنه عبدالله الرشيد (الرس ص125) (ويُذكر أن الذي قام بنفقة البناء فهد السليمان بن خليفة وتولى بناءه مجموعة من الأهالي منهم محمد بن سالم بن ضويان) ومضى على المرقب أكثر من قرنين من الزمان وهو يتحدى عوامل التعرية واعتداء البشر عليه.
هذا وقد أوضحت بعاليه بأن بناءه كان في حدود عام 1231هـ أي قبل بناء مرقب الرس وهذا فيه رد على من قال بأنه بُني عام 1111هـ كما أود توضيح ما يلي:ـ
1ـ إن فريح بن فواز التميمي الذي بنى المرقب لم يكن موجودا في عام1111هـ إذ ولد عام 1200هـ. كما أن قرية الشنانة لم تكن معمورة في هذا التاريخ. لأن آل غيلان الذين بنوا الشنانة بنوها عام 1180هـ, ثم جاء جد أسرة الخليفة خليفة بن منيع البرادي من عنيزة عام 1200هـ واشترى الشنانة من آل غيلان, وهذا كما ورد في الوثيقة التي كتبها كاتب أشيقر إبراهيم بن عيسى.
2ـ إن فريح التميمي قام ببناء مرقب الرس عام 1232هـ عند حرب إبراهيم باشا ـ وذلك حسب ما ورد في الوثيقة التي كتبها كاتب الرس محمد بن إبراهيم الخربوش. وهذا نصّها (الحمد لله. عُمر مرقب الرس المعروف في رجب أو شعبان سنة 1232هـ بعد حرب إبراهيم باشا الأستاد الذي بناه فريح وهو أصله ستة رفوف وجدعوا منهن ثلاثة صار فيهن عيب وجدعوهن وباقي فيه الآن ثلاثة والتاريخ مكتوب في أحد الرفوف الباقية الآن) وأقول: إن البنّاء فريح التميمي ولد عام 1200هـ وقام ببناء مرقب الرس ومرقب الشنانة عام 1232هـ وهذا هو الواقع. ولكن القول بأنه قام ببناء مرقب الشنانة عام 1111هـ فهو غير صحيح, إذ بين التاريخين (121) سنة.
3ـ ثبت بموجب وثيقة موجودة لدينا كتبها الكاتب صالح بن عيسى بأن الخليفة بالشنانة جاء جدهم خليفة بن منيع البرادي إلى الرس ثم اشترى الشنانة من آل غيلان عام 1200هـ تقريبا، ولا شك بأن بناء المرقب تم بعد هذا التاريخ ليكون متراسا لمن يعتدي على أملاكهم. وهذا نص الوثيقة (ذكر لي فهد سليمان آل خليفة راعي الشنانة أن جده خليفة بن منيع البرادي من المشارفة من الوهبة أهل أشيقر وكان هو وأبوه في عنيزة وتوفي أبوه منيع في عنيزة ثم انتقل خليفة بن منيع من عنيزة وسكن الرس وتزوج امرأة من الحصنان أهل الرس من آل محفوظ من العجمان وجاء له أربعة أولاد وهم منيع وعبدالله وفهد وسليمان ومات منيع بن خليفة مقتولا في حرب الدرعية قتله عسكر إبراهيم باشا وكان منيع قد سار مع عبدالله بن سعود حين انكفّ من القصيم في طلب دراهم تسلفها عبدالله بن سعود من خليفة بن منيع وهي ثلاثة آلاف ريال. وخليفة بن منيع المذكور هو الذي اشترى الشنانة من آل غيلان من شمر وغرسها وعمرها وانتقل هو وأولاده إليها من الرس وسكنوها وهو جد آل خليفة أهل الشنانة. والظاهر أن مشتراه لها سنة ألف ومائتين تقريبا فأرسله أبوه خليفة لقبضها منه وتعمير آل غيلان لها قبل بيعها على خليفة المذكور بنحو عشرين سنة تقريبا).     
4ـ إن ما ذُكر بأنه كُتب في أحد أدوار المرقب 1111هـ فهذا قد يكون محرفا أو كُتب خطأ عند الترميم. وقد يكون العامل الذي يروى بأنه هو الذي قرأ الكتابة قد يكون أخطأ في القراءة.
لذا فإن المؤكد أن بناء هذا المرقب تم في حدود تاريخ 1231هـ. أي قبل حرب أهل الرس مع إبراهيم باشا بقليل. وبعد شراء الخليفة للشنانة من آل غيلان. والله أعلم.
كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل ـــ الرس.

الثلاثاء، 24 يوليو 2018

الجريف (مصتع ملح البارود) بالرس.


الجريـــف بالرس.

على تصغير (جُرْف) وهو ربوة مرتفعة من الأرض تقع في الجهة  الجنوبية الغربية من الرس على شارع يسمى باسم (شارع الجريف) وسمي حاليا (طريق الملك سلمان) وهو على إحداثية:
(836    51    25) (849    30    043).
وكان الناس يعتقدون بأن أهل الرس يأخذون ملح البارود من الجريف. ولكن الصحيح بأن أهل الرس يصنعون الملح فيه. لأن الجريف يعتبر من مصانع الأسلحة في بلادنا حيث كان أهل الرس يصنعون فيه ملح البارود في حدود عام 1150هـ أثناء الحروب المستمرة التي دارت رحاها بين القبائل آنذاك حول بلدة الرس.
أما طريقة أهل الرس في صنع ملح البارود من الجريف: أذكرها كما رواها لي الشيخ الدكتور صالح بن محمد الرشيد عن عبدالعزيز الرشيد. وهي أن أهل الرس يقومون بحفر ثلاث بِرَكْ متوسطة العمق ومتجاورة. كل واحد منها أقل نزولا من التي قبلها. وتكون الأولى هي المرتفعة. ثم يحضرون تربة (صباخ) من أرض بعيران المجاورة للجريف من الشرق. ثم يضعون التربة في البركة الأولى المرتفعة ويسقونه من البئر المجاورة لربوة الجريف ـ وهي بئر مشهورة بمائها الصالح لصنع السلاح الذي يعطيه نقاء متميزا.. والذي لا يوجد مثلها في غيرهاـ ثم يقومون بخلط الصباخ بالمساحي خلطا كثيرا حتى يذوب. ثم يتركونه لمدة أربعا وعشرين ساعة كاملة. ثم يقومون بفتح البركة الأولى المرتفعة على البركة الثانية التي تنزل عنها قليلا فينزل فيها الخليط ويتركونه أربعا وعشرين ساعة أخرى. بعدها يفتحون البركة الثانية على البركة الثالثة والتي تنزل عنها قليلا ويبقون الخليط فيها أربعا وعشرين ساعة أخيرة. فصار مدة تخمير الصباخ اثنتين وسبعين ساعة. بعدها يكون صافيا في البركة الثالثة.
ثم يحضرون قدورا كبيرة ويقومون بإفراغ الماء المصفى من الصباخ فيها ويوقدون النار تحتها لعدة ساعات حتى يكون ثقيلا ويقال له (عاقد) بعد تبخر أكثره. ثم يحضرون صحون كبيرة من النحاس يسمون واحدها (طشت) ويضعون فيها بعضا من جريد النخل مقطّعة طولا وعرضا. ثم يعودون إلى الماء الموجود في القدور ويفرغونه في الصحون الكبيرة على جريد النخل ويتركونه في الشمس لمدة معلومة يقدّرونها حسب قوة حرارة الشمس حتى يتبخر الماء تماما من الصحون ويجمد الجريد على شكل مسامير بيض طويلة, وبهذا يكون ملحا أبيضا. ثم يضعون معه فحم من شجر العِشَر لكونه خفيفا وكبريت أصفر بنسب محددة معروفة عندهم (ثلث من الملح وثلث من الكبريت وثلث من الفحم) ويقومون بهرسه ودقّه بمهراس من الخشب بشكل خفيف حتى يختلط ويكون بودرة سوداء من الفحم.
ثم يضعونه في الصحون من النحاس ويرشونه بالماء ويقلبونه حتى يكون خليطا ثم يمشطونه بالأمشاط الخاصة لديهم عرضا وطولا. ثم يتركونه أياما محددة حتى يكون يابسا وتظهر عليه بلورات.. وبذلك يكون جاهزا للاستخدام في السلاح وهو بودرة أو يقومون ببيعه.
وإذا أرادوا اختبار ملح البارود ليعرفوا جودته.. يضعون قليلا منه في كف اليد ويعرضونه للنار وعندما ينفجر الملح ويحترق فإن لم يبق منه شئ في اليد فيدل على أنه صافي وأصلي ويصفونه بأنه (َذِكرْ) أما إن بقي منه شئ في اليد فيدل على أنه ليس صافيا ولا أصليا. كما كان أهل الرس إلى عام 1375هـ تقريبا يبيعون ملح الجريف في سوق الرس القديم ومنهم صالح بن محمد الحوّاس كان يبيعه في دكانه.
لذلك يقال: أن نقاء ملح الجريف ليس له مثيل. ويعرف به أهل الرس من بين بقية المناطق. كما أن البئر المجاورة للجريف والتي يأخذون منها الماء من أجل صناعة الملح لها ميزة خاصة تنفرد بها. كما يُذكر أن التراب المتراكم على ربوة الجريف حاليا قد يكون فيه بقايا من ملح البارود. ويدل عليه أن حفر الجراذي الموجودة حاليا في الربوة يُرى ترابها بعد إخراجه أبيض اللون من الملح.
ويدل على أن حزم بعيران هو المصدر الرئيس للملح قول الشاعر سليمان الفتال من الرس:
من زبنّا رقى  روس الرجوم       ما تجيه البيارق والخيام
نجني الملح من روس  الحزوم      معتّبينه  لحزّات  الزحام
 هذا وقد ذكر شعراء الرس وغيرهم الجريف في الأشعار الحماسية للحرب. يقول الشاعر الكبير إبراهيم بن دخيل الخربوش شاعر الحرب بالرس مفتخرا بشجاعة قومه وذاكرا الجريف في قصيدته الحربية المشهورة قال فيها:
ياطير ياللي بالجذيبة تراعينا      يتنى العشا لين المناعير يرمونه
ياطير قل للذيب وان جاع يتلينا      يتلى  عيال  بالملاقا   يعشونه
والله ما جينا من الرس عانينا          إلا ندور الحرب يا للي  تدورونه
من يوم سرنا والمنايا تبارينا       واللي ورد حوض المنايا تعرفونه
معنا سلاح ننقله  في  يمانينا     ملح  الجريف  محيّل  له  يزلونه
وقال في قصيدة أخرى:
سلام ياربع يصفون الجريف العتيق        هو ملحهم بالكون عابينه نهار الزحام
حنا نهار الكون عادتنا نفوج الطريق        لو هو مضيق ننتحي لمّه سواة النظام
كما قال الشاعر الخربوش أيضا يصف قصره في الرس:
بنيت لي قصر حصين معتلي           به كل ما يذكر وحيش  ينزلي
الأنس حامينه عنهم لا يجونه     والذيب دون الجن ببابه يهذلي
حطيت به ملح الجريف ولا بتي حماقة إلى جاء الملاقا تجهلي
وقالت الشاعرة رقية الصالحي من الرس:
جاء مهنا يقود الحرب  بخزامه    باغي الرس  والفزعات  يتلونه
يوم ثار الدخن والموت بسهامه    ثار ملح الجريف وشاف بعيونه
والمؤكد بأن كل أهل القصيم ـ وقد يكون غيرهم ـ يستفيدون من ملح الجريف  ويعبئون به أسلحتهم ليستخدمونه في حروبهم.
يقول الشاعر علي الخياط من عنيزة, وكان يستخدم ملح الجريف:
لي بندق ترمي اللحم لو هو بعيد       ما دوّجت  بالسوق  مع دلاّلها
خمسٍ رصاصه  ستة أشبار تزيد       ملح  الجريف  محيّل  يعبا لها
وكان أهل الرس يمدون أهل القصيم مساعدة لهم في وقت الحروب بملح البارود من الجريف. قال المؤرخ سليمان بن صالح البسام. في كتابه (تاريخ القصيم) (الخزانة 5/201) (ولما أرسل سعدون بن عريعر الخالدي إلى أمراء القصيم في قتل مطاوعتهم, ويكون ذلك دليلا على إخلاصهم له, أبى سعد ــ أي سعد الدهلاوي أمير الرس ــ أن يقتل مطوعه وامتنع عن طاعة سعدون, وكان مطوعه إذ ذاك شخص يعرف بالسعلو, وكان ممن امتنع عن طاعة ابن عريعر جحيلان أمير بريدة. فحاصره سعدون فأغار سعد ــ الدهلاوي ــ على غنم لجيش سعدون عند الشبيبة, ولما صار الحصار على حجيلان في بريدة أمدّه سعد بنحو سبعين رجلا من قومه وملح بارود).
كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ـــ الرس.

الاثنين، 23 يوليو 2018

قصيدة (قرناس والأتراك).


قصيدة (قرناس والأتراك) تحكي قصة نفق إبراهيم باشا في الرس. 
قصيدة بعنوان (قرناس والأتراك) لا يعرف قائلها, وهي تتحدث عن حرب أهل الرس مع إبراهيم باشا عام 1232هـ عندما أغار على نجد بقصد القضاء على الدولة السعودية الأولى, وكانت بلدة الرس هي أول البلدات التي قابلها الباشا وكان يعتقد مع والده محمد علي باشا بأنها هي (مفتاح الدرعية) وسقوطها يعني الاستيلاء على نجد كلها.
والشاعر تحدث عن بطولة الشيخ المجاهد قرناس بن عبدالرحمن القرناس الذي قاد أهل الرس في التصدي لإبراهيم باشا وجنوده. حتى أعجزوه عن الاستيلاء عليها وعقدوا معه صلحا يحفظ البلدة وأهلها.
والقصيدة تتحدث بكاملها عن النفق الذي حفره إبراهيم باشا وجنوده من أجل اقتحام بلدة الرس من أسفل السور المنيع المتقن بعدما عجزوا عن هدمه أو تسلقه, فدبّر الشيخ قرناس حيلة لتفجير النفق وإبطاله وإشعال نار ملح البارود بالجنود.
والقصيدة تروي حكاية الشيخ قرناس عندما وصله العلم عن قيام الأتراك بحفر خندق يبدأ من خارج سور بلدة الرس متجها نحوها ليتم نسف السور ومنزل الشيخ قرناس داخل البلدة, في تاريخ 29/10/1232هـ سمعت إحدى النساء صوت الحفر فأخبرت الشيخ قرناس الذي اهتم للأمر بعدما سمع صوت الحفر, واختار مجموعة رجال ممن يتميزون بالحكمة وكبر العقول وصغر الأجسام ويحافظون على كتمان الأمر. ثم أمرهم بالدخول إلى داخل النفق من أجل الكشف عن هدف الأتراك من الحفر.
وفي الليل خرجوا من البلدة إلى الحزم المجاور للسور من بين حسو الجفير وحسو الرخوم. وأخذوا يلعبون حول الجنود متنكرين بحركات مريبة توحي بأنهم دراويش يلعبون حينا وأحيانا يرقصون ويغنّون لمدة يومين, وفي ليل اليوم الثالث تمكنوا من معرفة كل شيء عن النفق وأسرار الجنود ثم عادوا إلى داخل البلدة نحو الشيخ قرناس. وأخبروه بما رأوا من حال الجنود والنفق.
وقام الشيخ قرناس وأهل الرس بحفر حفرة مقابل النفق وعندما عثروا على بغيتهم وعرفوا حيلة الأتراك أحضروا قِطّا وربطوا في ذيله فتيلا مشتعلا بالنار وأنزلوه ليلا في الحفر الذي يمتلئ بالألغام والجنود نائمون وثارت بهم الألغام وقتلت الكثير منهم وتمكن القلّة من الهرب. وأهل الرس لم يصبهم شيء ولله الحمد.
ثم يصف الشاعر النفق فيقول: بأن طوله (90) باعا أي (180) مترا. وعرضه حوالي مترين بحيث يمشي فيه ثلاثة رجال متجاورين وهم قيام, كما أنه يبدأ الحفر من أسفل بوعين أي (2) متر من سطح الأرض.
ثم ذكر بأن النفق يبدأ من موقع (الحنبوصي) وهو بجوار تقاطع طريق الملك فهد من الشرق مع طريق الملك سلمان من الشمال. ويتّجه نحو جو الجفير جهة الشرق من هدام الرس. وهذه القصيدة كاملة:ــ      
من شايع بن شقير للشيخ حثلين      اللي لوقفات الشجاعة يروم
نشدتنا عن قصة الدبل ومنيــن         لفى لنا علم بمكر الظلــوم
هاك الجواب اللي كتبناه عجليـن        نذكر به الزبدة لذيك العلـوم
بالفطر الأول يوم تاسع وعشرين       تال الضحى شفنا العَقِيلة تحوم
تقول أبي قرناس نادوه هالحيـن        خلّوه ينهج, لي أنا به لـزوم
أقبل وأومت له أنا وأنت الاثنين        ادخل تعال أوح النقر بالهيوم
وساعة سمع قرناس حفر المعادين     اشتان باله وركبته الهمـوم
واختار مع ربعه رجاجيل فطنين        فيهم مع الحكمة صغر بالجروم
محل  للأسرار  لبقين  ذربين               والذرب للسر المودع كتـوم
وصّاهم بحيلة لكشف الملاعين         وش الغرض من حفرهم والعزوم
استنظروا حتى غدا الليل ليلين         ونسّوا مع المطلاع صوب الحزوم
ومطلاعهم دبّاب بين الهباتين          بين الجفير وبين حسو الرخوم
ويوم أصبحوا هلّوا على الترك ماشين       شهب الشّوش ومشرشحين الهدوم
وتعاملوا معهم بصورة سقيمين         يدغملون  أبدانهم  بالرغــام
حين  رقاقيص  وحين  مغنّين         وحين  خيول  جامحة  باللجوم
وحين يحطّون الطواقي مواعين        بّه يشحذون من العساكر طعوم
وتنقّلوا وسط المعسكر ليومين          ونهار  ثالث  مدركين  المـرام
وشافوا مداخل حفرهم فالهم شين       والجُبّخان  اللي  حواليه  كـوم
ونطح الدّبل رصّات صفّين صفّين      وخلفه  كدوس  يعانقن  الخيام
ويوم أقبل الليل أَهْرفَوا تقل ذيبين       وألفوا على قرناس حين الظلام
وقصّوا عليه اللي رأوا رؤية العين      ومحذا سمع  منهم  وِلاَهُ  يقوم
ويحظّر مساحي مع كزام وزبيلين       وقال اقحصوا ننقب الدبل يالقروم
وقال احضروا بِسٍّ نشيط وعسيبين          مدهّنات  بالودك  والشحــوم
وقلادة  للبِسّ  تلبق  بطانيـن          لجل  إنها ما  تنفصخ  يالفهوم
مع سِلْسِلة تِعْقَد بها وبالعسيبين        اللي  بها  نار  توقّد  ضـروم
يجرّها العرّي ويركظ بها  لين           يدخل بها في وسْط ذيك اللغوم
اللي تثور وعسكر الروم نيمين         وتِشْتَب قِشْلَتْهم سواة الجحيـم
ومن به نطاش هجّ مثل المجانين      وسلاحهم عَوّد عليهم بْشُـوم
وحنا بفضل الرب ما طالنا شِين        مَحْذَاة جَنْبْ السّور نَاله ثلـوم
بنَا النشاما الثَّلَمْ والترك لاهين          بأمواتهم وعلاج خطر الكلـوم
فالحمد للمعبود ناصر هل الدين        ومفشِّل  تدابير  العَدُو الغَشُوم
ونشدتنا عن طول دبل المغازين        وعن عرضه ومبدأ مدخله بالتمام
تسعين بَوْع الطول ومن حدر بُوْعَين       ويمَشّي  الرجال  الثلاثة  قيام
ومبداه بالحَنْبُوصِي اللي على يمين     مْسَنّد  للجَو  شرق  الهـدام
ولو انك تْسَيّر نمشّيْك به  زين         وننقل بايدينا سراج حيث انه عَتام
وتشوف كيف الروم بالحيل ناوين       نسف  البلد  بدبولهم  واللغوم
وسلّم على نفسك وعلى معيض وردين            وكل من حضر مجلسك من وِلْد يام
تعليق: يذكر حزام أنكم تريضون بالبصرة إلى تالي صفر وودنا تنشد هل الغوص عن جاسر ولد حمود السعد اللي هف يمهم سنة تسع وعشرين وميتين, قبل احرابتنا الباشا بسنتين, غديك تصيد عنه علم لجل أن عجوزه ترجهن. والسلام.
عن نسخة دراج خزعل السماوي.
كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ــ الرس.