الخميس، 3 أبريل 2014

جبال القصيم.. حرف (ص) (51) (صارة)

(217) جَبَلْ صَارَةْ

ينطق بفتح أوله وثالثه وتاء أخيرة ساكنة، وهو جبل أسود اللون مستطيل من الشرق إلى الغرب وغير مرتفع يمتد حوالي [15] كيلاً، يقع في منطقة الجواء شمال القصيم، وشمال جبل ساق المشهور، في منطقة تكثر فيها القارات والقيعان والجبال الصغيرة، وهو يفصل بين منطقة الجواء جنوباً ومنطقة الشرفة شمالا، ويتكون من عدة هضاب متطامنة.
يقع الجبل بين خطي عرض ( 25.71   32   26 ) وطول
(42.85   16   43) ويبلغ أقصى ارتفاع له في أوله من الجهة الغربية (891) متراً.
يحده من الشمال: منطقة الشرفة، وهضبة أبرق الضيّان، وهضاب الأمغر. ومن الجنوب: منطقة الجواء، ووادي الفويلق، وقرية الفويلق، وجبل التيس. ومن الشرق: جال الطراق، وجبال العصودّة. ومن الغرب: جبل أم سنون، وخناصر صارة، وجبل الموشم[القنان] قديماً.
أما الوديان والشعاب التي تمر حول الجبل: من الشمال: شعيب صيّاد، وشعيب طبقان. ومن الجنوب: وادي الفويلق المشهور. ومن الغرب: شعيب أبو نبطه، وشعيب بقيعاء الشمالية، وشعيب مديسيس.
أما طريق حاج البصرة إلى المدينة المنورة والذي يخرج من النباج [الأسياح] فإنه يمر حول الجبل من الجهة الجنوبية مخترقاً منطقة الجواء.
الجبل لم يتغير اسمه في القديم والحديث، وورد الحديث عنه بوضوح في كتب البلدان القديمة والحديثة. وسوف نستعرض ما قيل عن الجبل.
قال البكري ( معجم ما استعجم 3/822) صارة: يعقوب : هي ماء بين فيد وضرية، وأنشد للبعيث المجاشعي:
فصارة فالقوين لأيا عرفته



كما عرض الحبر الكتاب المرقما

يريد بقوله [عرض] لم يبين من التعريض الذي هو ضد التصريح. قال الحربي: صارة الجبل: راسه.
أقول: قوله [ماء بين فيد وضرية] إن جبل صارة ليس من حمى فيد ولا من حمى ضرية بل في منطقة تقع بين الحِمَيَان جنوب فيد وشمال شرق ضرية، وهو أقرب إلى فيد من ضرية. ويقال بأن رأس الجبل يطلق عليه اسم صارة.
ثم قال البكري عند حديثه عن [أرمام] ويدلك على أنه بإزاء صارة قول الراعي:
جواعل أرمام يمينا وصارة



شمالاً وقطعن الوهاد الدوافعا

أقول: في رواية أخرى للبيت [وتارة] بدل صارة، أما أرمام، فيروي ياقوت: بأنه واد في ديار بني أسد بين الحاجر وفيد، وروى بأنه واد يصب في الثلبوت. ولكني لم أجد من يعرفه بهذا الاسم ولعل اسمه قد تغير في الوقت الحاضر، أما الحاجر فهو يسمى قديماً [المنيفة] وهو في أقصى الحدود الشمالية الغربية من القصيم بين القصيم بين عقلة الصقور والبعائث. والثلبوت فهو واد مشهور من روافد الرمة ويسمى حالياً [الشعبة].
وقال (1/216) متحدثاً عن [أيِّل] قال الشماخ:
تربع أكناف القنان فصارة



فأيِّل فالماوان فهو زهوم

أقول: ذكر البكري القنان [الموشم] الذي يقع غرب جبل صارة، وذكر جبل ماوان الذي يقع بعيداً عن صارة جهة الجنوب الغربي. أمّا أيِّل فيروي البكري بأنه موضع قِبّل أريك من ديار غني.
ثم في (2/400) ذكر صارة في رسم [الجواء] فقال: قال زهير:
فلما بدت ساق الجواء وصارة



وفرش وحماواتهن القوابل

أقول: ذكر البكري صارة مع ساق الجواء وهو جبل يقع من صارة جهة الجنوب وهو مشهور قديماً وحديثاً، وبينه وبين صارة حوالي [30] كيلاً.
كما ذكر البكري الجبل باسم [صارات] على صيغة الجمع، قال زهير:
لمن طلل كالوحي عاف منازله


عفا الرس منه فالرسيس فعاقله

فقف فصارات فأكناف منعج



فشرقي سلمى حوضه فأجاوده

أقول: ذكر الشاعر مجموعة من المواضع حول جبل صارة، وهي: الرس: وهي من مدن القصيم المهمة، والرسيس: وهي قرية تابعة للرس وتُذكر معها في الشعر، وعاقل: وهو واد مشهور قرب الرس، ثم قف: وهو ما ارتفع عن الأرض وغَلَظْ ولم يبلغ أن يكون جبلاً، ومنعج: وهو الاسم القديم لقرية دخنة الواقعة جنوب الرس، وأخيراً جبل سلمى: الذي يقع شمال شرق صارة.
وقال (3/710) ذاكراً الجبل الذي نحن بصدده في رسم [السؤبان] الذي يدل على أن جبل صارة قرب وادي السؤبان الذي يقع في ديار بني تميم، قال أوس بن حجر:
كأنهم بين الشميط وصارة


وجرثم والسؤبان خشب مصرع

أقول: يرجح العبودي بان السؤبان جزء من وادي الفويلق الذي يجري في المنطقة الواقعة جنوب جبل صارة.
ثم قال (3/889) عن [الطَّرَاة] موضع تلقاء صارة، قال ابن مقبل وذكر غيثاً:
كأن به بين الطَّراة وصارة


ورابية السكران غابا مسعرا

أقول: الطَّرَاة: هو ما يسمى حالياً [الطَّراق] وهو جال مشهور يقع شمال جبل صارة.
ثم ذكر البكري (3/965) [صارات] بالجمع في رسم [عُلَيْب] قال لبيد:
أغرنا بصارات ورَقْد وطَرّفَت


بنا يوم لاقي أهلُها البُوسَ عُلَيب

أقول: ذكر [رَقْد] وهو جبل مشهور قديماً بهذا الاسم، واسمه الحالي [الرحا] ويقع جنوب غرب صارة –بينهما حوالي [30]كيلا. ويفصل بينهما جبل الأصبعة.
وفي رسم [فيد] (3/1032) قال: أنشد ابن الأعرابي:
سقى الله حيا بين صارة والحمى



حمى فيد صوب المدجنات المواطر

أقول: بأن جبل صارة يقع جنوب حمى فيد.
أما ياقوت الحموي ( معجم البلدان 3/388) فقال عن الجبل: في رسم [صارة] قال الأزهري: صارة الجبل رأسه، وقال نصر: هو جبل في ديار بني أسد، قال لبيد:
فأجمادَ ذي رَقْد فأكناف ثادق



فصارة توفي فوقها فالأعابلا

أقول: ذكر مع صارة بعض المواقع وهي: رقد ، وقد تقدم الحديث عنه. ثم ثادق:وهي قرية صغيرة تسمى حالياً ثادج، وتقع على طريق القصيم المدينة المنور، شرق جبل أبان الأسمر وذكر الأعابل: جمع عبلة، وهي أرض ذات حجارة بيضاء.
وقال غيره: صارة جبل قرب فيد. وقال بعض العرب وقد حن إلى وطنه وهو محمد بن عبدالملك الفقعسي:
سقى الله حيا بين صارة والحمى


حمى فيد صوب المدجنات المواطر

أمين، وردّ الله من كان منهم



إليهم ووقاهم صروف المقادر

وقال ياقوت (3/388) في رسم [صارات] بصيغة الجمع: جمع صارة، وصارة الجبل رأسه في كتاب العين: اسم جبل، قال الصمة بن الحارث الجشمي:
ألا بلغْ بَنِيّ ومن يليهم



بأن بيان ما يبغون عندي

جلبنا الخيل من تثليث إنا



أتينا آل صارات فَرَقْدِ

وقال عنه ابن منظور ( لسان العرب 4/476) في مادة [صور] الجوهري: وصارة اسم جبل ويقال أرض ذات شجر. وصارة الجبل: أعلاه، وتحقيرها صويرة.
أما الشيخ محمد بن بلهيد ( صحيح الأخبار 1/27) فقال عند حديثه عن الجواء: أما جبال الجواء فهن: صارات، وصارة، وساق، والصابع، والموشم. وجميع هذه الأسماء التي كانت لها في الجاهلية باقية إلى يوم الناس هذا.
أقول: جمع ابن بلهيد صارة مع مجموعة من الجبال القريبة منها، وعرّفنا بعضها سابقاً، أما [الأصابع] فهو جبل مشهور يسمى الأصبعة ويقع جنوب غرب صارة بينهما حوالي [25] كيلاً.
ثم قال: [صارة] قال في معجم البلدان [هو جبل في ديار بني أسد] وهو كذلك، ثم أورد قول لبيد وقول القعسي السابقين.
ثم قال (1/116) في بيت أوس بن حجر:
كأنهم بين الشميط وصارة



وجرثم والسوبان خشب مصرع

قال: والشميط وصارة وجرثم، كلها باقية بهذه الأسماء إلى هذا العهد، وهي واقعة من وادي الرمة في شمالية.. وإذا كنت في السوبان ترى جبال صارة وجبال الجرثمي التي كان يقال لها في الزمن القديم جرثم.
ويقول ابن بلهيد: هو في بلاد غطفان قريب من بلاد بني أسد وقرن ذكره مع ذكر الجبال التي حوله مثل: صارة والشميط [أي الشمطا] والجرثمي.
أقول: السوبان، الذي يروى بالواو وبالواو المهموزة: واد في ديار بني تميم، يقول ياقوت: بأنه علم مرتجل لاسم واد في ديار العرب، وفي شعر لبيد اسم جبل، وقيل: أرض بها كانت بين حرب بين بني عبس وبني حنظلة. ورجّح العبودي بانه جزء من وادي الفويلق الذي يجري في المنطقة الواقعة جنوب جبل صارة. أما الشميط فهو جبل يسمى حالياً [الشمطا] ويقع غرب صارة. أما جرثم فتسمى حالياً [الجرثمي] وهي هجرة تقع شمال غرب صارة بينهما حوالي [25]كيلاً.
ثم قال ابن بلهيد(5/58) عند حديثه عن [عرفة ساق] معروفة إلى هذا العهد ولكنها بعيدة عن ساق قريب صارة، تقع عنها جهة الجنوب.
أقول: أكثر الجبال يوجد حولها عرفة مشهورة بها، وعرفة ساق تقع بين جبلي ساق الجوا وصارة.
ثم قال عن [عرفة صارة] ما قاله ياقوت (معجم البلدان 4/106) وهو موضع أضيفت العرفة إليه.. وقال محمد بن عبدالملك الأسدي:
وهل تبدون لي بين عرفة صارة




وبين خراطيم القنان حدوج

أقول: أما العُرْفَة فهي: متن منقاد [أي مرتفع من الأرض مستوي] ينبت الشجر، وأكثر عشبه: الشُّقارى، والصفراء، والقُلقُلان، والخزامى، وهو من ذكور العشب.
وأورد ابن بلهيد قول الراجز:
لعمرك إني يوم عُرفة صارة



وإن قيل صب للهوى، لغلوب

قال ابن بلهيد في ذلك (5/59) عرفة صارة: هي عرفة ساق.. وهي لصارة أقرب منها الساق.
أما الشيخ العبودي ( معجم بلاد القصيم 4/1317) فقد تحدث عن جبل صارة طويلاً فقال: جبل أسود مشهور ذو هضاب عدة واقع في غربي ناحية الجواء في شمال القصيم يقترن ذكره كثيراً بذكر [ساق الجواء] الذي يقع إلى الجنوب منه، جاء ذلك في شعر جاهلي وشعر محدث. وتبعد صارة عن مدينة بريدة بحوالي خمسين كيلاً، ويوجد عند شمالي صارة الشرقي روضة تسمى [مقطع صارة] أي: حيث تنقطع، حفرت فيها بئر ارتوازية وزرعت زراعة جيدة.
أقول: الصحيح بأن جبل صارة يتكون من عدة هضاب –كما أوضحنا- سابقاً ويبعد عن بريدة حوالي [65]كيلاً. وهو في الجهة الشمالية الغربية منها. أما الروضة المذكورة فهي لا تزال موجودة الآن وصارت مزرعة مشهورة في تلك الناحية، في الجهة الشمالية الشرقية من صارة.
ثم قال: وإلى الجنوب من صارة روضة تنبت الجيد من العشب ذي الرائحة الزكية، وهي مفيض لعدد من التلاع والشعاب، واسمه قديم لم يتغير منه شيء عند المحدثين، أما اشتقاقه فإن ياقوتا –رحمه الله- قال: قال الأزهري: صارة الجبل: رأسه.
أقول: الروضة التي ذكر العبودي جنوب صارة وتنبت الجيد من العشب: موجودة وتحدها صارة من الشمال، وجبال عُنيزة ووادي الفويلق من الجنوب، وجبال العصودّة من الشرق، وتكثر حولها القيعان.
وقال العبودي معلقاً على ما نقل ياقوت وأوردناه سابقاً وهو قولهم [صارة جبل قرب فيد] الذي حمل هذا القائل على قوله ذلك أنه ورد ذكر صارة مع ذكر حمى فيد في الشعر الآتي ذكره لبعض الأعراب، فظن أنه قرب فيد وإلا فإن صارة ليست في حمى فيد، وربما يبلغ بعدها عن الحدود الجنوبية لحمى فيد التي هي أقرب حدوده إلى صارة أكثر من سبعين كيلاً.
ثم أخذ العبودي يستعرض أبيات الشعر التي ذكر فيها جبل صارة وما حوله من الجبال والمواضع، فقال: وقد أكثر الشعراء من ذكر صارة والتشوق إليها وإلى ما حولها من مراتع جيدة ومرابع جميلة حتى أوصى بعضهم وهو في حمص إن وافته المنية أن يدفن في نجد وإن لم يكن ذلك أن يُقرأ له السلام على صارة والقور الكثيرة المنتشرة حولها والأبلق الفر الذي نظن أنه يعني ساق الجواء أو ساق الفريد، كما سماه الحطيئة، قال هذا المتشوّق:
خليلي إن حانت بحمص منيتي



فلا تدفناني، وارفعاني إلى نجد

ومُرا على أهل الجناب بأعظمي




وإن لم يكن أهل الجناب على القصد

وإن أنتما لم ترفعاني فسلما



على [صارة] فالقور فالأبلق الفرد

لكيما أرى البرق الذي أومضت له



ذرى المزن علويا، وماذا لنا يبدي

ثم أورد العبودي ما قال لبيد وغيره مما ذكرنا سابقاً، وقال في بيت لبيد السابق: ذكر رقدا الذي يسمى الآن [الرحا] إلى الغرب الجنوبي من صارة، وثادق [ثادج] حالياً. والأعابلا: جمع عبل أو عبلة.
ثم ساق بيتي زهير بن أبي سلمى الذي يصف فيهما حمار الوحش:
تربع [صارة] حتى إذا ما



فنى الدحلان عنه والإضاء

تربع في القنان وكل فج



طباه الرعي منه والخلاء

قال: فقرن ذكره بذكر القنان وهو الجبل الذي يسمى الآن الموشم إلى الغرب من صارة.. ويقرن ذكره بذكر صارة كثيراً. وقال زهير:
فلما بدت ساق الجواء وصارة


وفرش وحمواتهن القوابل

قال العبودي: ذكر الشاعر صارة بذكر ساق الجواء، وهو جبل إلى الجنوب منها. لا يزال محتفظاً باسمه القديم. ثم أورد ما قال أوس بن حجر:
كـأنهم بين الشميط وصارة


وجرثم والسوبان خشب مصرع

قال العبودي: قرن ذكر صارة بذكر الشميط، وهي أكمة لا تزال معروفة باسم [الشمطا]بالتكبير.. وجرثم الذي يسمى الآن الجرثمي إلى الشمال من صارة. وبالسوبان وهو موضع يقع ما بين جرثم والقنان.
ثم ذكر العبودي بيت الشماخ السابق وقال: فذكره مقرونا بالقنان الذي يقع إلى الغرب منه. ثم قال: وقال لبيد بن ربيعة رضي الله عنه يذكر حماراً وحشياً:
جون بصارة أقفرت لمراده



وخلا له السوبان فالبرعوم

وقال: قرن ذكره بذكر السوبان الذي ورد في معلقة زهير أنه بين الجرثمي [جرثم قديماً] والرس والبرعوم قرب أبان. ثم أورد بيتي لبيد:
درس المنا بمتالع فأبان




وتقادمت بالحبس فالسوبان

فنعاف صارة فالقنان كأنها



زبر يرجعها وليد يمان

 قال العبودي: ونعاف صارة: رؤوس الأودية التي تأتي إليها وتروي روضتها المشهورة، وقد ذكر مع صارة جبل متالع ويسمى الآن [أم سنون] إلى الغرب من إمّرة، وأبان الجبل المشهور إلى الجنوب الغربي من صارة، والحبس الجبل الذي يسمى الآن [سمار بقيعا] والسوبان، ثم القنان وهو الجبل الذي يسمى الآن [الموشم] إلى الغرب من جبل صارة.
وقال العبودي: وصارة مشهورة بالقديم بأنها موضع مفضّل للنعاج وهي بقر الوحش، كما قال لبيد رضي الله عنه يصف نساء في مأتم:
في ربرب كنعاج [صارة] يبتئسن بما لقيا
متسلبات في مسرح الشعر ابكارا وعونا

وورد ذكر صارة في شعر لعنترة العبسي ذكر يوم أقرن:
كأن السرايا بين قَوّ وصارة




عصائب طير ينتحين لمشرب

شفى النفس مني أودنا من شفائها



تهورهم من حالق متصوب

قال العبودي: فأورد ذكره مقروناً بذكر [قو] الذي هو قصيباً، كما فعل البعيث المجاشعي بعده ولكنه –أي البعيث- ثنّى قواعلى عادة بعض الشعراء في تثنية المفرد التماساً للوزن أو لغير ذلك.
أقول: ورد في ديوان عنترة رواية [..بين قو وقارة] بدل صارة، وتكثر القارات في المنطقة الواقعة حول جبل صارة. أما [قَوّ] فاسمها الحالي [قصيبا] وتقع في الشمال الشرقي من جبل صارة –بينهما حوالي [40]كيلاً.
قال العبودي: قال البعيث:
فصارة فالقوين لأيا عرفته



كما عرض الحبر الكتاب المرقما

ثم قال: وتبعد قصيباء التي كانت تسمى قديماً [قوا] بمسافة تقارب [45] كيلاً إلى الشمال الشرقي من صارة، وقد تجمع صارة وما حولها من الجبال الصغيرة التي تسمى الآن [الخناصر] خناصر صار فتسمى [صارات] كما قال الصمة الأكبر، وهو مالك بن معاوية:
جلبنا الخيل من تثليث حتى




أصبنا أهل صارات فرقد

ولم نجبن، ولم ننكل ولكن



فجعناهم بكل أشم جعد

وقال دريد بن الصمة يذكر تلك الواقعة:
أغرنا بصارات ورقد وطرقت




بنا يوم لاقى أهلها البؤس عليب

ثم قال العبودي: وورد في هذين النصين ذكر صارة [صارات] مقروناً بذكر رقد الذي هو جبل يقع إلى الجنوب الغربي من صارة ناحية الجواء، ويسمى في الوقت الحاضر [الرحا] ثم قال الأفوه الأودي:
فرد عليهم والجياد كأنها



قطا سارب يهوي هوي المحجل

بدارات جهد أو بصارات جنبل



إلى حيث حلت من كثيب وعزهل

وروى بيت بشر بن أبي خازم:
وأصعدت الرباب فليس منا



بصارات ولا بالحبس نار

قال: فقرن ذكر صارات بذكر الحبس وهو جبل ذكره الأقدمون بهذا الاسم وهو [سمار بقيعا].
أقول: الحبس، جبل يسمى [سمار بقيعاء] ويقع في الجهة الغربية من صارة بينهما حوالي [30] كيلاً. مجاوراً لهجرة بقيعاء الشمالية وجبل الموشم.
ثم ذكر العبودي ما قال الحطيئة:
يا دار هند عَفَت إلا أثافيها



بين الطَّوِيِّ فصارات فواديها

قد غيّر الدهر بعدي من معارفها



والريح فادَّفَنَتْ فيها مغانيها

قال العبودي: وأما وادي صارات فالظاهر إنه هو [الفويلق].
وروى بيت بشر بن أبي خازم يصف حمرا وحشية أثارت غبارا عظيماً بجوانب صارات:
فعلاهما  سبط كأن ضبابه




بجنوب صارات دواخن تنضب

وما قال الشماخ بن ضرار يذكر عقاباً وقرن ذكر صارات بذكر قطن في المنطقة الواقعة غرب صارات:
تطارد سيد صارات ويوما



على خزان قارات الجموع

نماها العز في قطن ، نماها



إلى فرخين في وكر منيع

أقول: قطن: جبل كبير مشهور يقع شرق عقلة الصقور، وغرب صارة بينهما مسافة تقرب من [90] كيلاً.
ثم قال العبودي: وذئب صارات الذي ذكر كان مشهورا عند أهل تلك المنطقة إلى عهد قريب، فكانوا لا يبيتون إلا في جماعة معهم سلاح. ثم روى بيت الكميت الفقعسي:
ألا ياقوم للخيال الذي سرى




إليّ ودوني صارة فعنابها

فذكر صارة مقروناً بالعناب الذي يسمى [الأصبعة] لقربه منها.
وأورد قول قران بن يسار الفقعسي من بني أسد سكان المنطقة ومن فتّاك العرب يذكر عقره إبلا وذكر صارة بذكر القنان [الموشم] الذي يقع إلى الغرب من صارة:
بكل هبير بالقنان و [صارة]




قديد، قد أشبعتكم أم عامر

بنوها جزوها البر واحتشدوا لها



بأم حوار، أو بو جناء عاقر

وقول الراعي النميري في صارة:
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن




تجاوزن ملحوباً فقلن متالعاً

جواعل أرمام شمالاً وصارة



يميناً فقطعن الوهاد الدوافعا

قال: فقد ذكر صارة مقرونة بذكر مواضع تقع إلى الشمال منها، وهي [ملحوب] الذي يقول الشيخ ابن بلهيد أنه هو [مكحول] إلى الغرب الشمالي منها، و[متالع] الذي يوجد أكثر من موضع يسمى بذلك إلى جهة الشمال وجهة الغرب من صارة، و[أرمام] وهو واد يقع إلى الجنوب من فيد وجهة الشمال من صارة.
أقول: مكحول: هجرة صغيرة تقع مجاورة لهجرة كحلة، إلى الشمال الغربي من صارة بينهما حوالي [50] كيلاً.
ثم قال: ورد في بيت لبشر بن أبي خازم ذكر صارة ومواقع مرتفعة عنها إلى جهة الغرب منها، قال:
عفا منهن جِزْعُ عُرَيْتنات




فصارة فالفوارع فالحِساء

أقول: جِزْع عُرَينات: الجزع: هو منعطف الوادي. وعريتنات: نبات خشن شبه العوسج يدبغ به. أما الفوارع: يقول ابن بلهيد: يوجد هضبة في بلاد غطفان تسمى [الفارعة] يمكن أن تكون من الفوارع. والحساء: هو الماء القليل، وقيل هو الماء الذي تَنْشُفه الأرض من الرمل.
وقال تميم بن أبي مقبل:
كأن بين الطراة وصارة




ورابية السكران غابا مسعّرا

أقول: الطراة: هجرة تسمى [الطراق] تقع شرق صارة وحولها جال مشهور ممتد. أما السكران: فلا أعلم ما يقصد.
كذلك طفيل الغنوي ذكر صارة والقنان:
فلما بدا هضب القنان وصارة




ووازن من شرقي سلمى بمنكب

أنخنا فسمناها النطاف فشارب



قليلاً وآب صد عن كل مشرب

ثم قال العبودي: بل لقد كانت صارة مشهورة في القديم حتى جعلها بعض الشعراء حداً شمالياً في مقابل نجران المشهور الذي جعله حداً جنوبياً، فقال مزاحم العقيلي:
ما بين نجران نجران الحقول إلى




أعلام صارة فالأغوال من كشب

قال الأصمعي في نجران الحقول: إذا بلغت نجران وجرش بلغت الزرع.
ويقول العبودي بأن [دارة صارة] توجد الآن في شرقيها، وهي تضاف إليها، قال ميدان بن صخر:
علقت شبيباً يوم دارة صارة




ويوم نضاد النيران أنت جنيب

أقول: لم أجد شرق الجبل ما يسمى [دارة صارة] إلا إذا كان العبودي يقصد ما ذُكر سابقاً باسم [مقطع صارة] الذي تحول الآن إلى مزارع.
وقال: بأن عرفة صارة تضاف إليها أيضاً، قال محمد بن عبدالملك الأسدي قارناً عرفة صارة بخراطيم القنان أي [المرشم] الذي يقع غربيها:
وهل تبدون لي بين عرفة صارة




وبين خراطيم القنان حدوج

وقال الآخر:
لعمرك إني يوم عرفة صارة




وإن قيل صب للهوى لغلوب

قال العبودي: وقال لغدة وهو يتحدث عن عرفة صارة: العرف أربع عرف: عرفة ساق، وعرفة صارة، وعرفة رقد، وعرفة أعيار.
وورد ذكر عرفة صارة بصيغة التثنية، قال العطاف الراجز:
رعين بين لينة والقمر




فالنجفات، فأميل البتر


فعرفني صارة بعد العصر

وقال العبودي: وعرفة صارة تسمى الآن [شرفة صارة].
أقول: لعل في الشطر الثالث خطأ مطبعي والصحيح [فعرفتي صارة] مادام ورد الشاهد على تثنية عرفة صارة.
وفنّد العبودي بعض الوهم حول صارة: قال البكري: قال يعقوب:صارة ماء بين فيد وضرية، قال: هذا وهم لأن صارة جبل كما هي معروفة الآن وكما هي موصوفة في الأشعار والأخبار القديمة.
أقول: لعل يعقوب يقصد بالماء البئر الواقعة جنوب جبل صارة، بينهما وبين وادي الفويلق، قرب قارة السادّة.
ثم أورد العبودي بعض الشعر الشعبي في جبل صارة، قال أحد الشعراء ذاكراً جوارح الطير في صارة وخناصر صارة وهي الجبال الواقعة إلى الغرب منها:
العين عين اللي تذكر بصارة




سمود مخاليبه من الدم شربن

أقول:ذكر العبودي[خناصر صارة] وهي جبل صغير يقع بجانب جبل صارة من الغرب، بينهما جبل أم سنون. وقال محمد بن فلي بن راكب الفريدي:
بكره  ترانا طلعة الشمس ما شين





والدرب من صارة أمام المصلي

بالله علامك يا ذلولي تحنين


انتي بك اللي بك، وأنا اللي بي اللي

أنتِ حنينك من فراق البعارين



وأنا حنين القلب من بِعْد خِلّي

أقول: ومن الشعر الشعبي في صارة، قال سرور بن عودة الأطرش من الرس:
عديت مرقاب طويل الحجارة





هاضن كمن ركون واديه خالي

طالعت فيه الحضر وأدنى سماره

>

وخشم الرحا وهاك الهضاب الطوالي

ماطر ساق وقبلت فيه صارة



منازل لمحددين الجمالي

وقال الشاعر عبدالله الحرير من الرس:
خلوه بخشوم سلمى وانتواء صاره




يقول ذيك أمرة وإلا حراويها

أما الشيخ عبدالله بن خميس ( معجم جبال الجزيرة3/290) فقد تحدث عن جبل صارة ناقلاً بعض ما قال ياقوت والعبودي ثم قال: يفهم مما تقدم أن صارة يطلق على موضعين: أحدهما الجبل المعروف في شمال القصيم(أنظر عنه كتاب بلاد القصيم) وهذا هو الذي يذكر مع فيد وأرمام ومبين. والثاني الجبل الذي حدده السيد عُلَيّ عن الزمخشري في [معجم شمال المملكة] وهذا يقع في الصمد صمد عذرة:.. ولعله هو الوارد في شعر ابن أبي خازم وإن كان أسدياً، وبلاد قومه في القصيم وهي بعيدةعن صمد عذرة.
أقول: ما قال ابن خميس بأن صارة الوارد في شعر بشر بن أبي خازم هو جبل آخر غير الجبل الذي في القصيم يخالف ما قاله العبودي الذي ذكر بأن المقصود به هو صارة القصيم، وذكر أيضاً بأن المواقع المذكورة معه في البيت وهي [عريتنات، والفوارع، والحساء] هي مواقع مرتفعة عنها –أي عن صارة_ إلى جهة الغرب، ولكني أرى بأن ما قال الشيخ ابن خميس جانب الصواب وأن صارة الذي ذكر بشر هو الجبل الذي نتحدث عنه في القصيم، والمواقع المذكورة قد تكون واقعة بعيدة عنه وقد مر عليها الشاعر، والدليل عليه أن البكري ذكر بأن [حساء] في ديار بني أسد وكذلك صارة. ثم إن الجبل الآخر الذي ذُكر باسم صارة وذكره الزمخشري يوجد في صمد عذرة شمال تيماء، فأين هذا الموقع من القصيم. ثم إن ابن خميس نقل ما قاله عن الشيخ حمد الجاسر . أنظر (معجم شمال المملكة 2/767) ولعله لم يتحقق من ذلك.
وجاء في مجلة العرب (س18 ص222) في مقالة للشيخ حمد الجاسر في معرض رده على الهجري: أما صارة فجبل أيضاً لا يزال معروفاً في غرب القصيم، وآخر في صمد عذرة شمال تيماء ذكره الزمخشري في كتاب [المياه والجبال] كذلك ورد في مجلة العرب (س 14 ص188-891) مقالة عن جبل صارة وهو من كتاب العبودي.
أما الباحث الأستاذ/ عبدالله الشايع (تحقيق مواضع في نجد 2/330) قال متحدثاً عن العُرَفْ: أنه زار تلك العُرف وتجول فيها، وهي تبدأ من قرب ساق الجواء وهي عرفته ثم تمتد إلى جبال صارة وهناك عرفتها، وتماشيها عرفة رَقْد من جهة الغرب، ويبدو لي أن عرفة أعيار تمتد منها شمالاً. ا.هـ0






0 المراجع:
(1) محمد بن بلهيد. المرجع السابق.
(2) مجلة العرب. منشورات دار اليمامة.
(3) أسعد سليمان عبده. معجم الأسماء الجغرافية.- مكتبة المدني بجدة.
(4) ياقوت الحموي. المرجع السابق.
(5) عبدالله بن خميس. معجم جبال الجزيرة. المرجع السابق.
(5) حمد الجاسر. معجم شمال المملكة. المرجع السابق.
(6) محمد العبودي. معجم بلاد القصيم . المرجع السابق.
(7) البكري. المرجع السابق.
(8) عبدالله الشايع. المرجع السابق.
(9) محمد سعيد مولوي. ديوان عنترة بن شداد.- المكتب الإسلامي.
(10) ناصر المسيميري. أبيات وأماكن، ج1.- ط1، 1419هـ
(11) فهد الرشيد. شعراء من الرس.-ط3.
(12) ناصر المسيميري. ديوان الحرير.- ط1، 1406هـ
(13) خرائط المملكة (1: 250000) لوحة رقم (6-38NG) الفوارة.

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد ..
    فجزاكم الله خيرا على هذه المعلومات الوفيرة عن جبال القصيم.
    ونرجو أن تزودوا المدونة بمعلومات عن بلدان القصيم ولو كانت منقولة من كتاب الشيخ العبودي لعدم وجوده لدينا في مصر.
    أقوم الآن بتحليل معلقة عنترة وكنت أود الحصول على المادة التي كتبها العبودي عن حياض الديلم والدليمية وعن عنيزتين والغيلم والجواء.
    وحبذا لو كانت موثقة.
    وجزاكم الله خيرا

    ردحذف
  2. معجم بلاد القصيم
    https://goo.gl/maps/Sd5bpEGMSDxoEuUu8

    ردحذف