الأربعاء، 2 أبريل 2014

جبال القصيم .. حرف (س) (46) (سويقة)

 (191) جَبَلْ سُوَيْقَة

بلفظ سابقة، وهو جبل من جبال حمى ضرية، يقع في آخر حدود منطقة القصيم من الجهة الجنوبية الغربية عند التقائها مع حدود منطقة عفيف، وهو مشهور قديماً وحديثاً، تحدث عنه الجغرافيون القدماء والمحدثون وتم تحديده بوضوح، وهو مرتفع ويقع بين مجموعة من الجبال المشهورة في حمى ضرية، ويُرى من بعيد مرتفعاً عما حوله من الجبال، ويوجد حول الجبل من الشمال هجرة صغيرة تسمى باسمه [بدائع سويقة] ومن الشمال الشرقي بئر تسمى [بئر سويقة] ومن الجنوب بئر أخرى تسمى [بئر ابن جبر].
يقع الجبل بين خطي عرض (00  41     24) وطول
(25.71  22  43) ويرتفع عن مستوى سطح البحر (1245) متراً.
أقرب القرى العامرة من الجبل: من الشمال: بدائع سويقة –بينهما حوالي [6] أكيال. ومن الجنوب: هجرة الدرعية –بينهما حوالي [12] كيلاً. ومن الغرب: هجرة كبشان وهجرة حديجة –بينهما حوالي [20] كيلاً.
يحد الجبل من الشمال: بدائع سويقة، وعقيربة، ومزارع الروضة. ومن الجنوب: هجرة الدرعية، وجبل جليَة. ومن الشرق: جبل حليت، وأرطاوي حليت، وأرطاوي الحماميد. ومن الغرب: هجرة كبشان، وحديجة، وحليوة.
ويمر حول الجبل بعض الشعاب والأودية منها: من الجنوب: وادي جهام، وشعيب الفيضة، ومن الشرق: شعيب الرمادية. ومن الغرب: شعيب هرمول، وشعيب كبشان.
تحدث الجغرافيون عن الجبل وحدوده بوضوح بالنسبة لما حوله من المواقع كما تحدثوا عن الموقعة التي حدثت حوله.
فقال عنه البكري ( معجم ما استعجم 3/874) وهو يتحدث عن مياه غني: ثم يلي ثهمد سويقة، وهي هضبة حمراء فادرة طويلة، رأسها محدد وهي في الحمى، وفيها تقول بنت الأسود الضبابية:
ألهفي على يوم كيوم سويقة




شفا غل أكباد فساغ شرابها

ثم قال: وسويقة في أرض الضباب، وكانت للضاب وقعة في سويقة ولها حديث يطول ذكره.
ثم قال البكري متحدثاً عن الجبال التي حول سويقة: ثم الجبال التي تلي سويقة شرقي حليت.
أقول: يلاحظ أن في العبارة بعض التحريف قد يكون من النقل، إذ الصحيح: ثم الجبال التي تلي سويقة شرقاً حليت، لأن جبل حليت يقع شرق سويقة.
وقال في موضع آخر (3/767) في رسم [سويقة] وسويقة أخرى مذكورة في رسم ضرية وفي رسم الأشعر، وهي على مقربة من المدينة، وبها منازل بني حسن بن حسن بن علي.
أقول: في العبارة خلط من البكري، صحيح العبارة [وسويقة أخرى مذكورة في رسم ضرية، وسويقة في رسم الأشعر وهي على مقربة من المدينة] وبهذا يكون البكري ذكر سويقتين الأولى عند ضرية وهي التي نتحدث عنها، والأخرى قرب المدينة وبها منازل بني حسن.
أما ياقوت الحموي (معجم البلدان3/286) فقال في رسم سويقة: بعد أن ذكر سويقة التي قرب المدينة ناقلاً ما قال أبو زياد: سويقة هضبة طويلة بالحمى حمى ضرية ببطن الريان، وإياها عنى ذو الرمة:
أقول بذي الأرطي عشية أبلغت






إلى نبأ سرب الظباء الخواذل

لأدمانة من بين وحش سويقة



وبين الطوال العفر ذات السلاسل

ثم قال: وقال أبو زياد في موضع من كتابه: ومما يسمى من الجبال في بلاد بني جعفر سويقة وهي هضبة طويلة مصعلكة، والمصعلكة: الدقيقة، قال: ولا يعرف بنجد جبل أطول منها في السماء. وقد كانت بكر بن وائل وتغلب اقتتلوا عندها واستداروا بها، وقال في ذلك مهلهل:
غداة كأننا وبني أبينا




بجنب سويقة رَحَيا مُدير

أقول: قوله [ولا يعرف بنجد جبل أطول منها في السماء] بل يوجد في نجد جبال أطول من جبل سويقة مثل: الجبل الأبيض الذي يبدأ منه وادي الرمة، ويبلغ طوله (2093) متراً، ويجاوره جبل القدر( 2022) متراً. ويوجد جبال أخرى بنجد أطول من سويقة، ولو قال بأن سويقة أطول جبل في حمى ضرية لكان أقرب للصواب.
ثم قال ياقوت: قال –أي أبو زياد- وسويقة ببطن واد يقال له الريان يجيء  من مهب الجنوب ويذهب نحو مهب الشمال، وهو الذي ذكره لبيد فقال:
فمدافع الريان عُرّيَ رسمُها




خَلقا كما ضَمِن الوٌحِي سلامها

أقول: قوله [ببطن واد يقال له الريان] الريان: واد يسمى [مبهل] يبدأ سيله من جبل سويقه ثم يستمر متجهاً نحو الشمال في المنطقة الواقعة بين هجرة القرارة وجبل منية، ثم يستمر بين جبلي طخفة وسواج حتى يصب في شعيب الداث الذي يفيض في الرمة.
أما ابن منظور (لسان العرب10/171) فقال: وسويقة، موضع قال:
هيهات منزلنا بنَعْفِ سويقة




كانت مباركة من الأيام !

 والفيروزبادي (القاموس المحيط 3/247) قال: وسويقة كجهينة موضع وهضبة بحمى ضرية.
وابن بلهيد (صحيح الأخبار 1/53) أورد قصيدة لشاعر منها:
ألهفي على يوم كيوم سويقة



شفى غل أكباد فساغ شرابها

فإن لها بالليث حول ضرية




كتائب لا يخفى عليه مصابها

ثم قال (2/100) في رسم [سويقة] هضبة معروفة تقع جنوبي حليت معروفة بهذا الاسم عند عامة أهل نجد، وكانت بها وقعة من وقعات بكر وتغلب، وهي التي قال فيها مهلهل:
غداة كأننا وبني أبينا




بجنب سويقة رَحَيا مُدير

أقول: ابن بلهيد يحدد موقع جبل سويقة بأنها جنوبي حليت، والصحيح بأنها تقع غرب جبل حليت.
وقال: وفي بلاد العرب التي أعرفها مواضع كثيرة بهذا الاسم .. والموضع الرابع هو الذي ذكرنا أنه في طرف حليت الجنوبي، لكن جبل حليت أسود كأنه غراب، وتلك الهضبة لونها أشقر بين الحمرة والسواد، وهناك هضبات تقع جنوبي ضرية على مسافة أقل من نصف يوم يقال لها [ النظيم] ثم قال: أنا أعلم موضعين في بلاد العرب يقال لكل منهما سويقة والنظيم، أما أحدهما فهي الهضبة المجاورة لحليت والنظيم الهضبات المجاورة لضرية.
أقول: يوجد في الجهة الجنوبية من ضرية هضبات تسمى [النظيم] متفرقة بين أولها وبين ضرية مسافة [7] أكيال، يجاورها جبل الشلالات وجبال أم السباع. ولكنها تبعد عن جبل سويقة حوالي [37] كيلاً.
وأورد ابن بلهيد ما قال البكري عن سويقة. ثم عن وادي الريان: والريان واد أعلى سيله يأتي من ناحية جبل سويقة وحليت، ثم يمضي حتى يقطع طريق الحاج وينحدر حتى يفرغ في الداث.
أما حمد الجاسر (معجم شمال المملكة2/696) فقال عن سويقة: هي لغة تصغير ساق، قارة مستطيلة تشبه بساق الإنسان، وفي بلاد العرب سويقات كثيرة من أشهرها: هضبة في حمى ضرية لا تزال معروفة ولها ذكر في الأشعار.
أقول: والشيخ حمد الجاسر يقصد في سويقة التي ذكرها التي نتحدث عنها.
وقال ابن جنيدل ( معجم عالية نجد2/714) سويقة: هضبة حمراء عالية تقع غربي حليت، وفي أعلا وادي هرمول –الريان قديماً- وهي من أعلام حمى ضرية، وعندها ماء قديم وهذا الماء في هذا العهد لقبيلة العضيان من الروقة من عتيبة. وقد حددها الصفهاني وذكرها في بلاد الضباب. ثم أورد ما قال الهجري والسمهودي وأبو زياد، وقال: إن استشهاد ياقوت بشعر ذي الرمة على سويقة الحمى غير صائب، وأن ذا الرمة إنما يعني سويقة الدهناء.
أقول: قوله [عندها ماء قديم..] لعله يقصد البئر المجاورة لسويقة من جهة الشمال الشرقي، وتسمى [بئر سويقة] بينهما حوالي [4] أكيال.
والشيخ عبدالله بن خميس (المجاز ص 180) ذكر سويقة التي بين سجا وخنثل وقال: وهو ليس [سويقة] ذات الشهرة في الشعر العربي فتلك قريبة من جبل حليت غرب جبلة، وكثيراً هي الجبال التي تسمى سويقة ولكن أشهرها ذكراً سويقة حليت.
أما الشيخ محمد العبودي ( معجم بلاد القصيم 3/1184) فقال عن جبل سويقة بعد أن ضبط الاسم: جبل أحمر شاهق إلى الجنوب من حليت الذي يقع بقرب نفي، في أقصى الحدود الجنوبية الغربية لمقاطعة القصيم.
أقول: الصحيح بأنها تقع في الجهة الجنوبية الغربية من جبل حليت.
ثم أورد العبودي ما قال الهجري عن سويقة، وبيت الشاعرة الضبابية السابق، وعلق إلى قول الهجري [ وكانت للضباب وقعة في سويقة، ولها حديث يطول ذكره] قال: المعتقد أن العبارة من كلام البكري الذي نقل كلام الهجري واختصر بعضه ولكن السمهودي نقل أشياء من كلام الهجري مما حذفه البكري كما يلي: فأشارت بقولها [كيوم سويقة] إلى وقعة كانت للضباب مع عامل ضرية مهروب الهمداني من قبل زياد بن عبيد الله الحارثي، وذلك أن عاملاً له على حُوّاط الحمى وجدوا نعما للضباب في الحمى بناحية سويقة فطردوها أقبح طرد، فركبوا في أثره فأصابوه بضرب وعقلوا راحلته، فأتى عامل ضرية فخرج بجنده وسخّر رجالاً معه من أصل ضرية كرهاً، حتى لقي نعما للضباب فيها بعضهم فأسر نفراً منهم، فبلغ الضباب فأدركوه بسويقة، فكرَ عليهم فنادوا: يا أهل ضرية، أنتم مكرهون فاعتزلوا، ونادوه أن خل سبيل أصحابنا وما أصيب منا بالذي أصيب منك، فتراموا بالنبل حتى فنيت ثم اقتتلوا فانهزم فأدركوه فقطَعوه بالسيوف وقتلوا نفراً من أصحابه ورجعوا بالأسرى.
ثم علق العبودي على ما أورد ياقوت من أن سويقة أطول جبل بنجد، على ما تم إيضاحه منا سابقاً.
والباحث عاتق البلادي (على ربى نجد ص 195) تحدث عن سويقة الحمى هذه فقال: وهي هضبة شامخة في السماء، جنوباً من جبل حليت وإلى الجنوب الغربي من بلدة نفي، كانت من أعلام حمى ضرية، ولعلها كانت آخر الأخيلة جنوباً.
وهي من جبال الضباب من بني كلاب من بني عامر. أما اليوم فإنها للروقة من عتيبة التي نزلت في هذه الديار في أواخر القرن الثالث عشر. ثم نقل ما قال البكري.
أقول: الصحيح كما أوضحنا سابقاً بأن سويقة تقع غرب جبل حليت. ثم أورد البلادي أبياتاً لتماضر بنت مسعود تزوجت في أحد الأمصار، تقول:
لعمري لأصخاب المَكَاكي بالضحى





وصوت صَبا في مجمع الرمث والرمل

وصوت شمال هيجت في سويقة




ألاء وأبساطا وأرطى من الحبل

أحب إلينا من صياح دجاجة



وديك وصوت الريح في سعف النخل

والشيخ عبدالله بن خميس (معجم جبال الجزيرة 3/179) فقد تحدث عن سويقة ناقلاً ما قاله غيره من الكتاب.
أما الباحث عبدالله الشايع ( تحقيق مواضع في نجد 1/135) فقد تحدث عن الجدل حول لون جبل سويقة، حيث يقول بعضهم بأن لونها أسود ومنهم من يقول بأنه أحمر، وقال الشايع: بأن لونها سمراء بين السواد والحمرة، ولكن نظراً لوقوعها بين جبال كبشات وجبل حليت وكلها جبال سوداء فلذا تميزت سويقة وتراءى لناظرها هذا التميز.
أقول: رأيت في لون جبل سويقة ما يراه الشايع بأنه يميل إلى السمره متأثراً بسواد الجبال التي حوله مثل كبشات وحليت التي تميزت بسواد لونها كما أن جبال كبشات متسعة وتحيط بجبل سويقة من الجهة الغربية كلها.
أما جبل [شرثة] الذي تحدث عنه الشايع فإنه يقع في الجهة الجنوبية من جبل سويقة، بينهما حوالي [32] كيلاً على حد حمى ضرية الجنوبي.
ثم أورد الشايع تعليق الشيخ حمد الجاسر على قول الأصفهاني في كتاب (بلاد العرب) [سويقة وهي ماء للضباب] قال حمد الجاسر: سويقة: هناك جبل عظيم يقع في الجنوب من طخفة وفي الغرب من حليت، وغالباً ما يكون في الجبال ماء.
أقول: إن سويقة تقع جنوب طخفة وبينهما حوالي [30] كيلاً، وهذا الشيخ حمد يوضح بأن سويقة تقع غرب حليت. وهو رد على العبودي وغيره ممن يقول بأن سويقه تقع جنوب حليت.
أما عن الماء الذي حول الجبال فإن حول سويقه بئر تسمى (بئر سويقة) أوضحناه سابقاً0



0 المراجع:
(1) حمد الجاسر. المرجع السابق.
(2) ابن منظور. المرجع السابق.
(3) الفيروزبادي. المرجع السابق.
(4) عاتق البلادي. على ربى نجد .- دار مكة للنشر والتوزيع.-ط1، 1406هـ.
(5) البكري. المرجع السابق.
(6) ياقوت الحموي. المرجع السابق.
(7) محمد بن بلهيد. المرجع السابق.
(8) عبدالله بن خميس. المجاز بين اليمامة والحجاز . المرجع السابق.
(9) سعد بن جنيدل. معجم عالية نجد.- منشورات دار اليمامة،1398هـ.
(10) عبدالله بن خميس. معجم جبال الجزيرة. المرجع السابق.
(11) محمد العبودي.المرجع السابق.
(12) عبدالله الشايع. نظرات في معاجم البلدان. المرجع السابق.
(13) خرائط المملكة (1: 250000) لوحة رقم (13-38NG) ضرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق