(188)جَبَلْ سَنَامْ
ينطق هذا الجبل بفتح السين والنون بعدهما ألف وميم ساكنة، وهو جبل مرتفع يقع في حمى الربذة، مجاوراً لهجرة أبو مغير، بينهما حوالي [4] أكيال فقط. وفي المنطقة الواقعة شمال شرق الربذة، بينه وبينها حوالي [12] كيلاً. وفي الجهة الغربية من هجرة بلغة، بينهما حوالي [33] كيلاً. وفي الجهة الجنوبية من أبرق النفيلي، بينهما حوالي[10] أكيال.
ويوجد رس يسمى [ رس حرش سنام] أسفل الجبل من جهة الغرب.
ويقع الجبل بين خطي عرض( 00 45 24) وطول
(00 18 41) ويرتفع عن مستوى سطح البحر (1200) متراً.
(00 18 41) ويرتفع عن مستوى سطح البحر (1200) متراً.
يحده من الشمال: أبرق النفيلي، وضليعات العقبان. ومن الجنوب: هجرة أبو مغير، البركة، والربذة. ومن الشرق: هجرة بلغة، وجبل أصفر سفران، وضليعات البرّاقية. ومن الغرب: حرش سنام، وآبار خضراء.
ويجري حول الجبل بعض الشعاب منها: من الشمال: شعيب مغيراء، وشعيب أبو عيال. ومن الجنوب: شعيب أبو مغير، وشعيب البركة، ومن الشرق: شعيب أبو مغير، وشعيب أم صار، وشعيب أبو قيعان، ووادي غيهب. ومن الغرب: وادي الوهطات، ووادي المحير، وشعيب الشواطن.
ويمر طريق حاج الكوفة إلى الحجاز [ درب زبيدة] أسفل الجبل من الجهة الغربية منه بينهما أقل من كيل.
ذكر هذا الجبل في كتب البلدان القديمة والحديثة وتم تحديده تحديداً واضحاً. فلنقرأ ما قالت الكتب عن هذا الجبل:
قال الهمداني في ( صفة جزيرة العرب ص328) يعدد مساكن العرب بين العراق والشام واليمن، مبيناً بأن سنام لبني تميم: وسنام والرقم لتميم الحُككات.
ثم أورد (ص413) في هذا الرجز:
ومن سنام رفض الهضاب
| ||
الماس ماس الريح ذي الإهاب
| ||
ويقال: وسنام والماس أكمة سوداء وكل هذه المواضع من بلد الهُجُن من أرحب.
أما في كتاب الجوهرتين (ص404) فقد تحدث الشيخ حمد الجاسر عن معدن الصخيبرة، فقال: فهناك صخيبرة ماء يقع جنوب بلد عفيف، وماء آخر أصبح معموراً شرق جبل شابة، وغرب قرية ثرب، وجبل يقع شرق جبل سنام شمال الربذة.
أقول: هذا صحيح فإن يقصد [جبل صخيبرة] الذي يقع في الجهة الشرقية الشمالية من جبل سنام، بينهما حوالي [9] أكيال. أما قرية [صخيبرة] فتقع جنوب غرب جبل سنام، بينهما حوالي [42] كيلاً. ويوجد أيضاً [ضليع صخيبرة] ويقع جنوب الحناكية، وغرب جبل سنام بينهما حوالي [70] كيلاً.
أما ياقوت الحموي (معجم البلدان 3/260) فقد تحدث عن أكثر من جبل كلها تسمى سناما، وقال عن جبل سنام الذي نحن بصدد الحديث عنه: وسنام أيضاً: جبل بالحجاز بين ماوان والربذة ... قال بعضهم:
شربن من ماوان ماء مرا
| ||
ومن سنام مثله أو شرا
| ||
ثم روى ياقوت تلك القصة: وحدث محمد بن خلف وكيع ورفعه إلى رجل من أهل طبرستان كبير السن فقال: بينما أنا ذات يوم أمشي في ضيعة لي إذ أنا بإنسان في بستان مطروح عليه ثياب خلقان فدنوت منه فإذا هو يتحرك ويتكلم، فأصغيت إليه فإذا هو يقول بصوت خفي:
أحقاً عباد الله أن لست ناظراً
| ||
سنام الحمى أخرى الليالي الغوابر
| ||
كأن فؤادي من تذكرة الحمى
| ||
وأهل الحمى يهفو به ريش طائر
| ||
فمازال يردد هذين البيتين حتى فاضت نفسه، فسألت عنه فقيل: هذا الصمة بن عبدالله القشيري.
أقول: قول ياقوت [جبل بالحجاز بين ماوان والربذة] هذا صحيح، فإن الجبل على حدود الحجاز الشرقية، وهو واقع بين جبل ماوان وبلدة الربذة، وقد حددنا البعد بينها سابقاً. أما بيتي الصمة القشيري الذين رواهما ياقوت، فقد رجعت إلى ترجمة الصمة في كتاب الأغاني (6/8) فوجدت القصة كما رواها، ولكن الاختلاف في البيت الأول، فقد رُوي هكذا:
تعزّ بصبر لوجدّك لا ترى
| ||
بَشَام الحمى أخرى الليالي الغوابر
| ||
وقد قال [بَشَام] بفتح الباء والشين، وهو شجر طيب الرائحة والطعم ويستاك به. ولم يذكر [سنام] ولعل في أحدهما تحريف من أحد النّساخ. ولكني أرجح أن الصحيح في البيت [سنام] والدليل بأن الصمة القشيري يكثر في شعره ذكر الحمى [حمى الربذة] وله مرابع في تلك الناحية.
أما ابن منظور ( لسان العرب 12/308) فقال عن الجبل: وقال الليث: سنام اسم جبل بالبصرة، يقال إنه يسير مع الدجال... المحكم: سنام اسم جبل.
أقول: ذكر سنام البصرة كما قال عنه ياقوت، ثم أشار ابن منظور بأن سناما جبل ولم يوضح موقعه. ولعله يريد سنام الحمى.
أما الفيروزبادي ( القاموس المحيط 4/133) فقد أوضح لنا الجبل وحدد موقعه فقال: [السنام].. جبل بين البصرة واليمامة وجبل بين ماوان والربذة.
وابن بلهيد في صحيح الأخبار 2/55) فقد فصّل القول في ذكر سنام، حيث روى قول النابغة:
خلت بغزالها ودنا عليها
| ||
أراك الجزع أسفل من سنام
| ||
قال: أعرف ثلاثة مواضع يقال لكل واحد منها سناماً، اثنان منها في بلاد العرب والثالث قلعة أحدثها المقنع الخارجي.. ثم قال: والجبل الثاني –أي في بلاد العرب- جبل صغير له رأس في بلاد غطفان، قريب من ماء المرير، يقال له [سنام] وهو الذي قال فيه شاعر غطفان:
شربن من ماوان ماء مرا
| ||
ومن سنام مثله أو شرا
| ||
ثم قال مفصلاً: أما قوله [من ماوان] فإنه يقصد ماء الموية التي تحت جبل ماوان، وهي من أمر المياه، وقصد بسنام ماء المرير الذي يقول فيه الأعرابي حين مجت ناقته الماء:
هذا المرير فاشربيه أو ذَرِي
| ||
إن المرير قطعة من أخْضَر
| ||
وقال: وهذا الجبل يدخل في ذكر الحميين: حمى الربذة وحمى ضرية، وهو الذي يقول فيه الشاعر. وروى بيتي الصمة القشيري السابقين.
أقول: قول ابن بلهيد [فإنه يقصد ماء الموية التي تحت ماوان] إذا لم يكن لفظ [الموية] هنا خطأ مطبعياً، فإن الماء الذي يقع أسفل جبل ماوان هو [الماوية] وليس المويه، لأن الموية يقع في حدود الجهة الجنوبية الغربية من عالية نجد في طريق المتجه إلى الحجاز، أما الماوية فتقع جنوب قرية النقرة في غرب القصيم.
وقوله [وهذا الجبل يدخل في ذكر الحميين..] هذا صحيح فإن جبل سنام يقع قريب من الجهة الغربية من حمى ضرية بينها وبين حمى الربذة.
ثم أورد ابن بلهيد (3/72) بيتاً للأحوص قال:
أُحل النّعْفَ من أُحد وأدنى
| ||
مساكنها شبيكة أو سنام
| ||
قال: وسنام التي ذكر الأحوص قريب ماء الحسو، وهو جبل رفيع ليس بالكبير، وهو غير سنام الواقع قريب بلد الزبير.
أقول: ابن بلهيد هنا أجاد في تحديد موقع الجبل، لأن ماء الحسو الذي ذكر، قديمة ومشهورة تقع على وادي الحسو في الجهة الجنوبية الشرقية من جبل سنام بينهما حوالي [32] كيلاً. وفي الجهة الجنوبية الشرقية من هجرة الربذة بينهما حوالي [35] كيلاً. ثم إن جبل سنام مرتفع –كما بينا سابقاً- وحجمه ليس كبيراً.
ثم ذكر (4/56) عند رسم [مشان] قول الشماخ:
مُخَوّيين سنام عن يمينهما
| ||
وبالشمال مشان فالعزاميل
| ||
قال ابن بلهيد: أعرف سنام وهو جبل في بلاد غطفان تحمل هذا الاسم حتى الآن، وهو المجاور لمنهل [الحسبي].
أقول: وماذا يقصد بقوله [الحسبي] لعل في هذا خطأً مطبعياً، حيث يريد [الحسو] كما قال سابقاً، وقد حددنا موقع الحسو.
أما ابن جنيدل في (معجم عالية نجد 2/709) فقد تحدث عن الجبل وقال: جبل أحمر يتكون من أقرن متجاورة يقع شمالاً شرقياً من قرية الربذة [البركة] على بعد سبعة أكيال تقريباً وغرباً شمالياً من ماء [أبو مغير] غرب ماوان، في بلاد قبيلة حرب، وهو من أعلام حمى الربذة. وروى قول الشاعر: شربن من ماوان.........
وذكر قول الأصفهاني في ( بلاد العرب 176) سنام هذا جبل قريب من الربذة.
ثم روى ابن جنيدل ما قال ياقوت وأوردناه سابقاً. وعلق على قوله [وسنام أيضاً جبل بالحجاز بين ماوان والربذة] قال: الواقع أن سناماً بين ماوان والربذة، لكنه خارج عن الحجاز فهو في بلاد نجد. وقال في قوله [وسنام أيضاً جبل لبني دارم بين البصرة واليمامة..] ويبدو لي – والقول للجنيدل- أنه لا يوجد بين البصرة واليمامة جبل بهذا الاسم إلا القريب من البصرة.
أما بيت الشاهد [شربن من ماوان..] فإنه لا ينطبق على سنام الواقع بين البصرة واليمامة بل هو خاص بسنام الواقع بين ماوان والربذة لقرب أحدهما من الآخر. أما سنام الحمى الوارد في الشعر المنسوب إلى الصمة فإنه يعني سنام حمى الربذة لأنه قرب قرية الربذة في جوف الحمى.
وروى الجنيدل قول الفيروزبادي في ( المغانم المطابة 206) شُقَر.. ماء بالربذة عند جبل سنام، وذكر البكري جبل سنام القريب من البصرة، ثم ذكر بيت الشماخ السابق، وقال: وهذا بيت ينطبق على سنام حمى الربذة لا على تحديد سنام الواقع قرب البصرة لأنه ذكر أنهما مرا بين سنام ومشان، ومشان جبل معروف بهذا الاسم يقع غرب سنام يرى أحدهما من الآخر، وكلاهما قريبان من الربذة يشاهدان منها. ومشان واقع منها غرباً ولا يزال معروفاً بهذا الاسم.
أقول: جبل مشان هذا موجود في الوقت الحاضر بهذا الاسم، ويقع غرب سنام بينهما حوالي [26] كيلاً. وغرب الربذة بينهما حوالي [17] كيلاً. وهو بجوار ضليع مشيّن.
والشيخ عبدالله بن خميس ( المجاز 112) ذكر سيطرة عتيبة على سنام، فقال: وتبوأت عتيبة سنام نجد وأخذت تغير على قحطان تارة وعلى مطير تارة أخرى وعلى حرب ثالثة، وبلغت ذروة مجدها في عهد رئيسها محمد بن هندي بن حميد.
والشيخ محمد العبودي ( معجم بلاد القصيم 3/1170) ذكر الجبل وتحدث عنه مفصلاً فقال: جبل شاهق له قمتان حتى يسميه بعضهم [سنامين] وكل منهما فيه ماء [رس] أي يجري ويتوفر بعد المطر مدة طويلة، ثم ييبس وليس فيه الآن مورد عد، وأقرب مورد للبادية منه هو مورد [أبو مغير] إلى الشمال الشرقي من سنام على بعد [7] أكيال تقريباً.
ثم قال: ويتركه الطريق المسفلت الذي يصل المدينة بالقصيم إلى اليسار للمصعد للمدينة على بعد حوالي [29] كيلاً. وذلك بعد أن يترك النقرة بمسافة [22] كيلاً.
أقول: قوله [على بعد [29] كيلاً من الطريق المسفلت] الصحيح، أن بين هذا الخط المسفلت وبين جبل سنام على حد ما بينه العبودي بعد أن يترك النقرة مسافة بعيدة تقرب من [65]كيلاً، وليس كما قال العبودي. ثم إنه يوجد حول الجبل قرى ومعالم كثيرة مشهورة قديماً وحديثاً مثل: الربذة، وماوان، والماوية، وبلغة، والحسو، وصخيبرة، وجبل رحرحان، وغيرها. على العبودي أن يحدد الجبل بالنسبة لقربها منه. لا لأن يحدده بتلك الطريقة لمجرد أنه مر من تلك الناحية.
ثم قال العبودي: وهو في المنطقة التي تعتبر حداً للأراضي بين إمارة المدينة المنورة وإمارة القصيم من الناحية الإدارية. وهو قديم التسمية، ثم روى ما قال ياقوت وذكرناه سابقاً وذكر بيتي الصمة وقال: قوله: سنام الحمى، هو حمى الربذة لا حمى ضرية، لأن سناما هذا واقع في تلك المنطقة.
ثم روى قول لغدة: سنام هذا جبيل قريب من الربذة.
وقال: أما البكري فلم ينص إلا على سنام البصرة، لكنه أورد شاهداً يصدق على سنام العالية عالية نجد، وهو سناما هذا، من ذلك قول النابغة:
خلت بغزالها ودنا عليها
| ||
أراك الجذع أسفل من سنام
| ||
قال معلقاً: هو يصف محبوبته بأنها تشبه الظبية الجيداء أي: ذات الجيد التي تعني ذات العنق، التي خلت بغزالها في شجر الأراك أسفل من جبل سنام. وهذا يدل على أنه يريد سناما هذا لأن الأراك يكثر في الأماكن المرتفعة في نجد مثل منطقة سنام بخلاف منطقة سنام القريب من البصرة.
أقول: قول العبودي هذا ليس قاطعاً... حيث لا يوجد دليل واضح على أن الشاعر يريد سنام الحمى ووجود الأراك حول سنام المذكور في البيت لا يعني أنه يريده. لأن البكري في (معجم ما استعجم 3/759) ذكر بيت الشعر في معرض حديثه عن سنام البصرة، وذكر بأن الماء القريب من سنام البصرة الذي أول ما يرده الدجال من مياه العرب يقال له سفوان.
ثم أورد العبودي بيتاً من الشعر الشعبي لمريبد بن حامد بن ربيق في معشوقته شيمة:
الردف شط الرَدمْ إلى تمذراها
| ||
مرباعها من سنام إلى ضرابين
| ||
يا عيون شيهانة بسواج مرباها
| ||
ما تذبح إلا الحبارىوالكراوين
| ||
والشيخ عبدالله بن خميس ( معجم جبال الجزيرة 3/163) ذكر سنام ضمن جبال الجزيرة ناقلاً ما قاله الكتاب قديماً وحديثاً عنه0
0 المراجع:
(1) محمد بن بلهيد . المرجع السابق.
(2) ابن منظور . المرجع السابق.
(3) عبدالله بن خميس. المجاز بين اليمامة والحجاز.- الرياض: منشورات دار اليمامة، 1390هـ.
(4) ياقوت الحموي . المرجع السابق.
(5) عبدالله بن خميس . معجم جبال الجزيرة.- ط1، 1410هـ.
(6) محمد العبودي . المرجع السابق.
(7) الفيروزبادي. المرجع السابق.
(8) البكري. المرجع السابق.
(9) الجنيدل. معجم عالية نجد.- الرياض: منشورات دار اليمامة، 1399هـ.
(10) أبو الفرج الأصبهاني. الأغاني. - بيروت : دار الفكر، 1407هـ.
(11) الهمداني. كتاب الجوهرتين.- ط1.- الرياض، 1408هـ.
(12) خرائط المملكة( 1: 250000) لوحة رقم ( 16-37NG) الحناكية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق