وفي يوم الخميس: 21/7/1429هـ كانت الزيارة الرابعة إلى (المركز القطاعي للتكوين في الآلية العامة في قرمبالة).
بدأت الزيارة في الساعة (10) صباحا وكان في استقبالنا مدير المركز الأستاذ: نور الدين سعيد ومجموعة من مدربي المركز، ثم توجهنا إلى قاعة الاستقبال والعرض بالمركز وتم توزيع مذكرات عن المعهد.
ثم تفضل الأستاذ محيي الدين الراشدي بالشرح الوافي مع العرض عن المركز فقال:
ـ يقوم المركز بالإعلان عن المهن المتوفرة ثم يتم استقبال المتقدمين وقبولهم للتدريب، كما يتم التدريب وفق الأنظمة المتبعة.
ـ تحدث عن طريقة الامتحانات وطريقة إعادة امتحان الراسبين، وعندما يرسب المتدرب ثلاث مرات يُفصل من المركز ولا يمكن له إكمال التدريب.
ـ تحدث عن البرامج المعتمدة بالمركز ودليل التقويم ودليل التدريب.
ثم فتح باب النقاش المفتوح من الجميع.
وفي يوم الجمعة: 22/7/1429هـ وافق مناسبة (عيد الجمهورية التونسية) فكان إجازة من العمل على مستوى الدولة وصار فرصة للقيام برحلة سياحية لمدة ثلاثة أيام هي: يوم الجمعة إلى مدينتي القيروان وسوسة ويوم السبت إلى مدينتي بنزرت وطبرقة ويوم الأحد إلى مدينتي نابل والحمامات. وسوف أقوم بوصف تلك الرحلات الممتعة على مدى ثلاثة أيام مع توثيقها بالصور فأقول:
في يوم الجمعة: 22/7/1429هـ الذي يوافق عيد الجمهورية قررنا القيام برحلة سياحية إلى مدينتي القيروان وسوسة، حيث استقلينا الحافلة في تمام الساعة (9:20) صباحا بمرافقة المرشد السياحي باتجاه الجنوب الشرقي إلى مدينة القيروان التي تبعد عن العاصمة (170 كيلا) متوكلين على لله، وفي الطريق مررنا على عدد من المدن والقرى التونسية مثل قرية (سيدي بن علي) وكان الجو صحراويا حارا و سلكنا الطريق المزدوج الذي يقرب من الساحل ويتم استخدامه بمبلغ رمزي، والساحل التونسي يشتهر بزراعة الزيتون ويتم استخراج زيت الزيتون من تلك المزارع ويتم تسويقه في الداخل والخارج وتونس تعتبر من أكبر المنتجين له. ثم مررنا بمفرق قرى (بوفيشة وسوسة والحمامات) والحمامات هذه قرية صغيرة غير المدينة ثم ومدينة (أنفيدا) وهي على يمين الطريق السريع وتبعد عن العاصمة (100كيلا) ثم مفرق قريتي (مرفلة والنفيضة) وبعد (120 كيلا) من العاصمة سلكنا الطريق المفرد المعبد الذي يتجه إلى القيروان ويشاهد على جانبي الطريق مجموعة من مزارع الخضروات ونشاهد النساء العاملات فيها يشاركن في جني المحصول، كذلك يشاهد أشجار البرشومي الكثيرة على جانبي الطريق وهذه الفاكهة مشهورة عند السكان وتباع في الشوارع وعلى الطرق الطويلة. ثم وصلنا مدينة القيروان في الساعة (11:35) صباحا. وفي بدايتها مررنا بالمكتب السياحي (وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية) من أجل دفع رسوم الدخول وقدرها (6) دولارات لدخول كل المناطق السياحية والتراثية في القيروان. وعند الدخول قال لنا مسئولو المكتب (أنتم سعوديون وفي يوم الجمعة والدخول لكم مجانا) ثم بدأنا بالصعود إلى سطح المكتب لمشاهدة البرك الكبيرة المشهورة التي تروي حمامات القيروان الساخنة، وهذه صورة لها:
ثم اتجهنا إلى أول المساجد المشهورة في القيروان وهو (مقام أبي زمعة البلوي) وسوف أتحدث عنه بالتفصيل.. هو من المعالم المشهورة في تونس وعبارة عن مسجد تقام فيه الصلوات المفروضة مع صلاة الجمعة لكنه يوجد فيه ضريح الصحابي أبي زمعة عبيد بن أرقم البلوي (من قبيلة بلي) عاش مع نبينا محمد r وكان يقوم بحلق شعر النبي. وهو من أصحاب الشجرة، وشارك في فتح مصر في جيش عمرو بن العاص ثم دخل أفريقية مع الفتح الإسلامي مع معاوية بن حديج وتوفي في أرض أفريقية عام 34هـ في معركة ضد البيزنطيين وتم دفنه في موضع القيروان في تلك البقعة التي يوجد فيها المسجد. ويذكر التونسيون بأنه كان معه شعيرات من الرسول الكريم r يسميه أهل القيروان (السيّد) ويلقبونه (صاحب الشعيرات) ويسمون المكان (المقام) ثم اتخذ الناس قبره مزارا يعتبر من أهم المزارات التونسية، وأقام أحد الولاة على قبره مسجدا. والمقام تشرف عليه جمعية الأوقاف التونسية، كما يُروى حوله عدة روايات.
قمنا بزيارة المقام وبدأنا بقراءة اللوحة التعريفية التي تقع أعلى المدخل وتنص على ما يلي (بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا مقام أبي زمعة البلوي صاحب رسول الله كان معه في الحديبية وبايعه بها بيعة الرضوان. شهد فتح مصر مع عمرو بن العاص ودخل أفريقية في جيش معاوية بن حُدَيج في خلافة عثمان بن عفان ومعه جماعة من أعيان الصحابة منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير. أدركته الوفاة في جلولة على نحو ثلاثين ميلا من القيروان ونقل إلى هذه ودفن بها سنة 34هـ ومعه شعر من شعر رسول الله. أقام الأمير حمودة باشا المرادي على قبره قبة أندلسية وأدار بها صحنا فسيحا وذلك سنة 1085هـ ثم زاد عليها الأمير محمد بن مراد قبة الهواء والصومعة والمدرسة والعلو المعروف بعلو الباشا وذلك سنة 1094هـ) أنظر صورة اللوحة:
كما رأينا فيه مجموعة من الناس منهم من يؤدي الصلاة ومنهم من يقوم بزيارة الضريح للتبرك فيه، ويوجد في صحن المسجد دورات للمياه لوضوء المصلين. أنظر الصورة التالية تبين صحن المسجد والمنارة ومدخل الضريح:
ويوجد للمسجد مدخل خاص على يمين الداخل وهو واسع وتقام فيه الصلاة في كل الأوقات مع صلاة الجمعة، ثم المنارة التي تقابل الداخل وأسفل منها مدخلان الأول واسع ويوصل إلى مبنى المدرسة، والآخر على الجهة اليسرى ويوصل إلى الضريح.
أما مدخل المسجد الرئيس فقد عُملت على جدرانه أشكال السيراميك المزخرف الذي يشبه الفسيفساء القديمة، كذلك يحتوي المقام على ما يلي:
1ـ المخزن: وهو غرفة كانت تستخدم مستودعا لتخزين المواد الغذائية والتموينية التي تصل للمقام من الهبات والتبرعات والأوقاف، ويوجد على يسار المدخل الرئيس للمقام.
2ـ العليّ: وتعني باللهجة التونسية (الدور العلوي) وهذا عبارة عن مجموعة من الغرف تقع فوق المخزن، وكانت مخصصة لإقامة الباشا عندما يحضر إلى المقام، كما كان يقيم فيه المسئول عن جباية الزكاة والهبات والتبرعات التي تصل إلى المقام. ويروى بأنه كان يستخدم مأوى لكبار الضيوف الذين يفدون إلى المقام. وتقوم جمعية الأوقاف بتأجير الغرف على الأسر التي تفد لزيارة المقام من أجل الحصول على إيرادات. ولكن لا أعلم هل للمقام إعانة من الحكومة أو يكتفى بما يرد إليه من الهبات والإيرادات.
3ـ المدرسة: كما يوجد في المقام مدرسة بناها الحاكم محمد مراد بين عامي (1685ـ1690م) ويتكون مبنى المدرسة من مكان الدراسة وحجرات التلاميذ والمصلى ومكان الوضوء.
4ـ المئذنة: وتقع فوق مبنى المدرسة وملحقاتها، وقد تم عملها بشكل جميل وتشبه إلى حد ما مئذنة جامع قرطبة من حيث الشكل الرباعي وبنائها من الحجر، ويعلوها شرف على الطراز الإسلامي، كما يعلوها هلال أخضر اللون، وهي في زاوية المقام. أنظر الصورة العليا.
5ـ الزاوية: وهي تأخذ موقعا في زاوية المقام يتم الدخول إليها من جانب المنارة. فيها غرفة ضريح أبي زمعة البلوي، وفيها أروقة مسقوفة من جوانبها الأربعة، وتتميز غرفة الضريح والقاعات الثلاث حولها بالجمال حيث تم تلبيس جدرانها بأجمل فنون العمارة القيروانية حيث استعملت مربعات الزليخ المزركشة لتلبيس الجدران، وزينت أعلا الجدران بالنقوش المعمولة من الجص التي تعرف عند التونسيين باسم (نقش حديدة) والسقف المصنوع من خشب الأرز المنقوش، وتم تجميل المكان بالخزف التونسي، والقبة التي تعلو المكان مزدانة بقطع من البلّور. ويمكن للزائر أن يمر عبر القاعات إلى الضريح. أنظر الصورة للقاعة التي توصل إلى الضريح وقد زينت جدرانها بالخزف والنقوش والجبس وأرضيتها بالسراميك الملون.
أما الضريح فقد عُمل داخل سياج من الحديد بينه وبين من يراه وتم تلبيسه بقطع مختلفة من القماش المزركش الألوان، وتم وضع مجموعة من القطع فوق الضريح من الداخل وهي: لوحة من الخشب كتب عليها أسماء الله الحسنى، ونسخة من المصحف الشريف، ومجسم للمسجد الأقصى الشريف وقبة الصخرة. وقطعة اسطوانية الشكل زرقاء اللون لا أعلم إلى ماذا ترمز. كذلك تم على جدار الضريح من الخارج تعليق مجسمين للمسجد الحرام والمسجد النبوي بينهما شكل ساعة. أنظر إلى الصورة التالية للضريح ويعلوه اللوحات والمجسمات والمصحف.
ثم انتقلنا إلى جامع قرطبة وهو الجامع المشهور في تونس ويعتبر من الجامعات الإسلامية المشهورة. وسوف أتحدث عن مدينة القيروان وجامع قرطبة بشيء من التفصيل فأقول:
أما مدينة القيروان فقد بناها القائد المسلم عقبة بن نافع الفهري الذي ولاه معاوية بن أبي سفيان على أفريقيا سنة (50هـ 670م) استقلالا. وكان هدفه من بناء المدينة استقرار المسلمين حتى لا يرجعوا عن دينهم وقد اختار موقعها باعتبارات إستراتيجية معروفة، فقد قال كلمته المشهورة (إن أهل هذه البلاد قوم لا خلاق لهم إذا عضهم السيف أسلموا، وإذا رجع المسلمون عنهم عادوا إلى عاداتهم ودينهم ولست أرى نزول المسلمين بين أظهرهم رأيا وقد رأيت أن أبني هاهنا مدينة يسكنها المسلمون) فاستصوبوا رأيه. فجاء موضع القيروان في منطقة بريّة وذات أشجار كثيرة وهو موضع في وسط البلاد ويرى عقبة فيه بعده عن طريق مواكب الروم التي تمر حوله. وهي المدينة الإسلامية الأولى في المغرب وكان إنشاؤها هو بداية الحضارة العربية الإسلامية في المغرب العربي من حيث الجهاد والدعوة. ثم قام القائد عقبة ببناء جامع القيروان متزامنا مع بناء المدينة كما قام الأغالبة بتوسيع بنائه، فكان من أبرز ما جاءت به العمارة القيروانية في الحضارة الإسلامية، بنى عقبة بن نافع الجامع في سنة (50هـ) مع بناء المدينة. وكان في بدايته صغير المساحة بسيط البناء.
أما إذا أردنا أن نستعرض كل ما تم للجامع من توسعات وبنايات فنقول: بعد عشرين عاما من بناء الجامع هدمه حسان بن نعمان الغساني وأقام مكانه مسجدا جديدا أكبر مساحة، ثم أمر الخليفة هشام بن عبد الملك بزيادة مساحة الجامع وأضاف إليه حديقة كبيرة وصهريجا للمياه وشيّد مآذنه. وفي عام (155هـ) أعاد بناءه يزيد بن حاتم, كما يعود الفضل لله ثم لأمير أفريقيا زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب الأول (220ـ226هـ) في رسم ملامحه وتخطيطه التخطيط النهائي حيث أعاد بناءه بعد أن هُدم في حرب أهلية قامت حوله.
وفي عام سنة 245هـ في عهد الفاطميين أمر الخليفة المعز لدين الله الفاطمي ببعض الإصلاحات في الجامع.
أما في عام 248هـ فقد قام أبو إبراهيم الأغلبي بأعمال زخرفة المحراب وعمل منبراً جميلاً للمسجد وشيّد قبته ووضع بلاطات القاشاني حول المحراب.
وفي عام 261هـ أضاف إبراهيم الأغلبي الثاني بعض الزيادات المهمة للجامع منها إنشاء قبة تسمى (قبة باب البهو) وأصبح للمسجد في عهده عشرة أبواب وأقام مقصورة النساء عند رواق القبلة.
وكذلك في عام 639هـ قام المستنصر باللّه أبو حفص بعدّة إصلاحات للمسجد، وتشير لذلك الكتابات التاريخية المثبتة فوق باب المسجد المسمى باب (اللّه رجانا) كما بنى مقصورة نفيسة تحمل اسمه لا تزال موجودة إلى اليوم.
وفي عام 1244هـ قام محمَّد بك مراد بإصلاح القبة عند مدخل الرواق.
وهو حاليا على مساحة مستطيلة تبلغ ما بين (70ـ122) مترا. ويشتمل الجامع على (17) بلاطة و(8) أساكيب، ويستمد تخطيطه من الجامع الأموي في دمشق من حيث الإقتداء بمثال مسجد الرسول r كما يتميز الجامع بمحافظته على بعض الأثاث القديم مثل (المنبر الخشبي) الذي صنع عام 284هـ وهو أقدم المنابر الإسلامية التي سلمت من تقلب الأزمان والحكومات وهو موجود حاليا في الجامع ومصنوع من خشب الساج، ويشتمل على ما يربو على (106) لوحات تحمل زخارف بنائية وهندسية بديعة. ويعتبر الجامع من أقدم المساجد في المغرب العربي وهو المصدر الأول الذي اقتبست منه العمارة المغربية والأندلسية عناصرها الزخرفية والمعمارية. كما كان الجامع ميدانا للحلقات الدينية واللغوية والعلمية التي ضمت نخبة من أكبر وأشهر العلماء المسلمين. أنظر إلى الصورة التالية التي يتضح فيها شكل منارة الجامع من الداخل والصحن والمصابيح:
والصورة التالية التي تبين إحدى بوابات الجامع:
كذلك صورة تبين المنارة من الخارج:
كما يوجد في الجامع طريقة تصريف مياه السيول، أنظر الصورة التالية:
أما الساعة التي كنا نقرأ عنها قديما والتي يتم بواسطتها تحديد الجهات الأصلية والفرعية واتجاه القبلة وأوقات الأذان في كل وقت فقد عملت في وسط صحن الجامع فوق منبر من الخرسانة ويتم الصعود إليها بدرج متصل بالمنبر، وقد عمل فيها أربع أعمدة على أربع زوايا مع مجموعة من الخطوط مستقيمة ومنحنية التي يتجه كل منها إلى اتجاه معين وعليها كتابات تدل على معان يعرفها من يعمل عليها، أنظر الصورة وحاول تفسير رموزها:
كذلك صورة سقف الجامع الذي عمل من الخشب الأحمر في الصورة:
أما مصباح الجامع والأعمدة فقد عملت من الرخام والحجر الجميل ويدل على براعة العمارة الإسلامية أنظر الصورة:
ويوجد في الجامع وقف للماء وهو زير من النحاس:
ويشغل المسجد مساحة مستطيلة غير منتظمة الاستطالة، وتسند جدرانه الخارجية مساند مختلفة الحجم والشكل وتعلو سقفه من الخارج خمس قباب، وللجامع (11) باباً للدخول، يعلو الباب الشرقي قبة كبيرة ويُعرف هذا الباب باسم (اللّه رجانا) وتُشاهد كذلك ثلاثة أبواب أخرى في نفس الجانب ويعلو الباب المسمى (باب السلطان) قبة أخرى.
ويتقدّم الأبواب التي في الجهة الشمالية بهو واسع، ويتكوّن رواق المسجد من (17) طارمة تفصلها بائكات (البائكة عمود في قمته تاج وقوس) وللمسجد محراب على شكل تجويف داخل الجدار يشبه حدوة الفرس ويكتنفه عمودان تيجانهما على الطراز البيزنطي، في طاقية المحراب زخارف ملونة باللون الأخضر ومنبر المسجد خشبي نفيس، وقبة المسجد مضلعة الشكل يبلغ قطرها (80/5) م ومنارة الجامع مكوّنة من ثلاث طبقات مربعة الشكل تعلوها قبة صغيرة. هذا ما أردت قوله عن جامع قرطبة، ولو كان الحديث عنه لا يكفي عن مشاهدته. وأخيرا قبل أن نودع الحديث عن الجامع المشهور أنظر صورة إحدى البوابات الداخلية التي توجد في صحن الجامع والتي تؤدي إلى الرواق الداخلي للمصلين، وقد عملت من الحجارة المربعة وبنيت بقوة السبك وجمال العمارة:
ثم زرنا زرابي الشريف وهي مكان لبيع المصنوعات التقليدية التونسية التي يشتهر بها السكان ومنها السجاد القيرواني المشهور بجودته المصنوع يدويا، وغيره من المصنوعات من الأواني الخشبية والخوصية والخزفية والجلدية وغيرها مما يصنع من السعف ويشتهر بصناعته أهل تونس ويتم بيعها في كل الأسواق المنتشرة في مدن وقرى الدولة، خاصة السجاد المشهور بجودته ويباع بأثمان غالية أنظر الصورة التالية لتلك المصنوعات المعروضة في المحل:
كذلك دخلنا سوق القيروان القديم الذي المشهور مع بواباته القديمة وبقية السور القديم الذي بناه العرب من الحجارة المتينة وفيه بعض المقصورات، وفي داخل السوق يقوم السكان ببيع المصنوعات الجلدية والخزفية والخوصية والسجاد. كما يتم مشاهدة سور القيروان القديم وبواباته القديمة التي عملت من الحجارة المربعة بشكل رائع والسور مرتفع البنيان وله أربع مقصورات كبيرة يتم مشاهدتها من خارج السور واحدة في كل زاوية من السور.
وهذه صورة السور والمقصورتين في إحدى جوانبه:
وعلى البوابة الغربية للسوق يوجد لوحة تعريفية كتب عليها عبارات تأبين لمجموعة من الشهداء الشباب من أبناء القيروان نصها كما يلي (بسم
الله الرحمن الرحيم: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عن ربهم يرزقون. صدق الله العظيم. للوطن: في هذه الساحة وعلى أديم هذه الأرض لطيبة أستشهد أخوة مناضلون من شباب تونس من الذين آمنوا بربهم ووطنهم وحقهم في الحرية وبذلوا أرواحهم فداء للوطن وعزته وحريته فليبقوا منارة وضاءة لشعبنا وشبابنا أبد الدهر وهم: محمد الأندلسي، عمار القحطار، عثمان عمارة، حسين الشريف. استشهدوا بالقيروان يوم 24 جانفي 1952 أثناء المظاهرة الشعبية ضد المستعمر الفرنسي).
وبعد أن انتهينا من الجولة الممتعة على الأقدام في السوق القديم أدينا صلاة الجمعة في أحد المساجد فيه.
ثم توكلنا على الله في الساعة (2:40) ظهرا متجهين نحو المدينة الثانية في برنامج الرحلة وهي (سوسة) التي بينها وبين القيروان حوالي (60 كيلا) وبينها وبين تونس (160 كيلا) شرقا على الحافلة سالكين الطريق المفرد المعبد بين المدينتين وهو ملئ بالأشجار المنوعة خاصة أشجار البرشومي على يمين ويسار الطريق، ووصلنا إلى سوسة في الساعة (3:30) ظهرا وأود أن أعطي تعريفا لها:
وهي من المدن القديمة في تونس كانت تسمى (حضرموت) يعود تاريخها إلى 3000 سنة مضت بناها الفينيقيون قبل قرطاج، على ضفاف حوض البحر الأبيض المتوسط وهي تماثل مدينة ميامي في أمريكا وتعرف باسم (الجوهرة) وهي المدينة التي لا تنام في البلاد. وفيها مجموعة مهرجانات أهمها مهرجان (أوسو) الشهير.
ولها سور قديم وجدرانه مرتفعة مبنية من الحجر وسمكها عريض وله أبواب قديمة أشهرها (باب العسل) وفيها شاطئ مشهور جدا ويجد فيه الزوار المتعة يسمى (القنطاوي) وهو مرسى جميل على البحر وهو أول مجمع سياحي مدمج في تونس فيه الرمل الأبيض النظيف يسترخي فيه السياح بعد السباحة وفيه مطاعم ومقاهي كثيرة، وفي سوسة (الرباط) وهو حصن مبني وقلعة قديمة كانت للغرباء، كذلك فيها المسجد القديم الكبير وهو بدون منارة، وفيها متحف العادات والتقاليد وهو تراثي قديم فيه مجموعة من الفسيفساء ، وفيها دار القضاء الشرعي القديم، وفيها مجموعة من وسائل الترفيه مثل النوادي والملاهي والمطاعم وفيها كازينو مشهور يقضي فيه السكان والزوار أجمل الأوقات والسهرات. أنظر صورة أحد الميادين في سوسة:
وفي سوسة ميناء مشهور يسمى (أبو جعفر) وهو طويل واسع فيه مظلات تابعة للمطاعم والفنادق المقابلة للشاطئ وهو مكان جيد ومتميز للسباحة والجلوس على الرمل والتمتع بالشمس والهواء الجميل العليل. وفيه مجموعة كبيرة من القوارب الكبيرة والصغيرة يملكها السكان ويتمتعون فيها بالبحر. وفيها الأسواق المشهورة التي يباع فيها النحاسيات والتحف والزجاج والقطع الأثرية والبلورية والفضيات.
صورة شاطئ أبو جعفر في سوسة، أنظر جمال الرمل.
وبعد أن أمضينا في شاطئ أبو جعفر حوالي ثلاث ساعات متمتعين بالجو الجميل والمناظر الممتعة وتناولنا طعام الغداء في أحد المطاعم المشهورة كل حسب رغبته، انتقلنا إلى شاطئ (القنطاوي) المشهور وهو في الجانب الغربي من سوسة وبقينا فيه ساعتين من الساعة (5:30) ظهرا وأخذنا نتمشى على الشاطئ على الأقدام. وبعد انتهاء الرحلة لهذا اليوم في الساعة (8:00) مساءا ركبنا الحافلة عائدين إلى تونس على الطريق السريع ووصلنا تونس بالسلامة الساعة (10:25) مساءا.
صورتان للقوارب الخاصة لأهل سوسة في شاطئ القنطاوي أنظر جمال البحر وزرقته
لوحة تفصيلية للمواقع الساحلية في شاطئ القنطاوي (أعلى) وفي الأسفل صورة أخرى جميلة للشاطئ وفيه القوارب التي تعطي نظرا جميلا مع زرقة البحر.
وفي يوم السبت: 23/7/1429هـ بدأنا بالرحلة السياحية الثانية إلى مدينة (بنزرت) ومدينة (طبرقة) متوكلين على العزيز الحكيم.
أما بنزرت: فهي مدينة تقع على الساحل في الشمال الشرقي من الدولة، بناها الرومان وأسموها (هيبودياريتوس) وهي من أكبر المدن التونسية شيدت في عهد العرب والمسلمين ولها سور صغير، وفيها منطقة قديمة تشتهر بصيد السمك وتنتجه بكثرة، بقي فيها الفرنسيون خمس سنوات بعد الاستقلال، وهي تحتل موقعا استراتيجيا وفيها تجمع سكاني كبير توالى فيه القرطاجيون والرومان والوندال والبيزنطيون والعرب والأتراك، وهي مدينة كلها حيوية وازدهار، فالجزء العربي منها الدش يحتفظ بطابعه الأصيل وفيه المسجد والأسواق والمنازل القديمة والشوارع الملتوية المتشابكة التي تنتهي بالمرفأ القديم، حيث المقاهي القديمة والقوارب الكثيرة, وفيها قصر المؤتمرات. وتمتد بنزرت شمالا حتى الشاطئ الذي تتعدد فيه الفنادق والمرافق، وفي الجنوب تمتد إلى حتى شواطئ الرمال بين بحر أزرق وغابات صنوبرية خضراء.
أما طبرقة فهي مدينة ساحلية جبلية ورملية، وفيها حمام بورقيبة وفيها مطار حديث.
بدأت الرحلة من تونس في الساعة (9:30) صباحا على الحافلة وسلكنا الطريق السريع باتجاه بنزرت التي بينها وبين تونس (60 كيلا) ونحن بالطريق مررنا بمدينة (العالية) ثم مدينة (أوتيك) وهي ساحلية جميلة، والطريق إليها ملئ بغابات الصنوبر. والمنطقة بين تونس وبنزرت تسمى (الأندلس) وتشتهر بزراعة الخضروات، والأمطار فيها تبدأ في شهر سبتمبر وتنتهي في شهر مارس.
ثم دخلنا مدينة بنزرت الساعة (1:25) صباحا وهي مدينة جميلة ومتطورة، وفيها شاطئ مشهور يسمى (شاطئ الرمال) ويشاهد البحر على جانبي الطريق، وفي بنزرت منزل الرئيس بورقيبة الجميل. كما فيها (عين مريم) والنصب التذكاري للشهداء الذين ماتوا في الحرب، وعند دخول بنزرت يقابلك الجسر المعلق على البحر والذي يفصل بينها وبين تونس ويرتفع وينزل في أوقات مختلفة حسب الحاجة. وفي بنزرت شاطئ يسمى (سيدي سالم) وهو ملئ بالقوارب والبواخر الصغيرة المملوكة للمواطنين، وفي المدينة تكثر العربات ذات العجلات التي تجرها الخيول وتسمى (كرّوسة) وهي محرّفة من كلمة أجنبية، وبجانب الشاطئ يمتد سور المدينة القديم وبواباته الذي بناه العرب, عند مدخل بوابة السور الواقعة عند مدخل السور يوجد (زير) للماء وهو وقف قديم أوقفه العرب عام 1051م وقد كتب بجانبه لوحة تعريفية فيها (لا إله إلا الله محمد رسول الله. نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين يا محمد. صدقة المحرم بوسعيد شهر رمضان سنة 1051) وهو ملئ بالماء لمن يريد الشرب منه، ثم يتم الدخول من جانبه إلى السوق من البوابة الكبيرة المجاورة، أما الشاطئ فهو مرسى جميل للقوارب ويقع على جوانبه مجموعة من العمارات السكنية الكبيرة وسور المدينة يجاورها من الجانب الآخر. أنظر الصورة السفلى للبحر والعمارات المجاورة والقوراب:
كذلك صورة أخرى للبحر ويشاهد سور المدينة يمتد على مسافة (200) متر تقريبا.
وهو يحكي المحافظة بين الماضي بأصالته وذكرياته والحاضر بروعته وجماله. وصورة ثالثة لإحدى مداخل السور، يتضح فيها شكل الحجر المستعمل للبناء.
ثم صورة رابعة للبحر ويجاوره العمارات السكنية مع لقوارب الموجودة:
وأيضا صورة تبين زرقة وجمال للبحر بين سور المدينة لعتيق والمنازل السكنية.
وبعد أن مكثنا في بنزرت حوالي ساعة من الوقت في سياحة على الأقدام بين البحر وما فيه من قوارب وبين السور والسوق القديم خرجنا منها متجهين إلى مدينة (طبرقة) في الساعة (11:30) صباحا. وفي الطريق نشاهد الجبال التي تكسوها الخضرة ويجاورها أشجار الصنوبر الكبيرة والمرتفعة.
ويستمر سيرنا مع الطريق على الطريق السريع ونمر بمنطقة تسمى (سجنان) وهي منطقة ريفية تشتهر بإنتاج العسل وتشاهد المناحل الكثيرة التي يملكها الأهالي وتنتج العسل بكثرة ويتم تسويقه على الزوار في الأسواق والطريق العام والعسل الجبلي عندهم هو أحسن الأنواع التي ينتجونها ويؤخذ ممن شجر الكراتوس المشهور.وفي الطريق مررنا على مجموعة من القرى مثل (ماطر) و(الدّحره) وهي تنتج العسل أيضا، ثم (الصخيرة) و(رأس صراط) الطريق من خلالها يستمر إلى طبرقة، كما تشاهد على جانبي الطريق المزارع وأشجار البرشومي الكثيرة، ثم نمر من قرية (مريفق) وكل القرى يمر بينها طريق زراعي ضعيف لا يتعدى عرضه ستة أمتار وقد أتلفته السيارات. ثم مررنا بقرية (كناينية).
ويستمر معنا الطريق وتشاهد الغابات على الجانبين، كما يرى في الغابات ما يشبه الطرق الترابية ترتفع في الجبال الرملية العريضة التي شق الغابات والهدف منها: أنه لوصل حريق في تلك الغابات فإنه نحصر في جزء ضيق من الغابات ويمنع من الامتداد ويسهل السيطرة عليه في موقع محدد. ثم مررنا بقرية (منجم طمرة) التي يكثر فيها أشجار البلّوط ويسمونه (الغرنان) ثم قرية (بليف) ويمر عندها سكة حديد القطار وهي معلقة على جسور وأعمدة عالية، وفيها بحيرات صناعية وسدود كثيرة لمياه الأمطار. ثم قرية (نفزة) التي بينها وبين طبرقة (25 كيلا) ثم مررنا على بحيرة كبيرة على الطريق عند قرية (سيدي البراق) أنظر جمال الصورة لها:
وهذه صورة أخرى يتضح فيها الطيور الكثيرة وهي مستوطنة فيها ولم تفرقها أصوات بنادق الصيادين الجائرة.
ثم مررنا بمنطقة (شط الزوارع) الواسعة وتشتهر بزراعة الفراولة بكثرة، ثم مررنا بقرية (الفلته الصفراء) وهي قريبة من طبرقة وبعد القرية يوجد مفرق مطار طبرقة الدولي وبعده مررنا بمقبرة مكشوفة دفن فيها قتلى الحرب من الأمريكيين والإيطاليين عامي:1939م/1945م ويشاهد الصليب على المقابر وعلى كل قبر شاهد أبيض من الإسمنت. ثم مررنا بآخر مدينة مشهورة قبل طبرقة تسمى (عين دراهم) ثم تطل علينا مدينة طبرقة بجمالها أسفل الجبل ووسط الخضرة وندخلها الساعة (3:00) ظهرا.
أما طبرقة: فتقع في منطقة سياحية على البحر وتشاهد الفنادق والعمارات الكبيرة على البحر صبغت أسطحها بالقرميد الأحمر، وفيها قلعة مرتفعة بناها القدماء فوق جبل مرتفع مجاور للبحر، وجبالها المجاورة للبحر ذا رؤوس مرتفعة ومدببة تسمى (الإبرة) ويسمى الشاطئ باسمها، أما الشاطئ فهو صغير وخال من القوارب وصالح للسباحة والسكان يتمتعون فيه. أنظر في الصورة القلعة فوق الجبل المكسو بالغابات وتحتها البحر وفيه القوارب:
أنظر الصورة العليا التي تبين جمال البحر مع زرقة السماء ويتبين فيها القلعة الأثرية والقوارب المنتشرة في البحر. والصورة السفلى تبين شكل جبال الإبرة.
والشيء الطريف في طبرقة أن الإيطاليين يحضرون إليها في الشتاء من أجل صيد الخنزير البرّي. وفيها مصنع مشهور للقرميد الأحمر كما أن منازلها تتميز أسطحها بأشكال القرميد.
وبعد أن انتهينا من طبرقة تذكرت قول الشاعر:
ولما قضينا من منى كل حاجة ومسّح بالأركان من هو ماسح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا وسالت بأعناق المطي الأباطح
ونحن بعد أن قضى كل منا ما يريد مشاهدته في طبرقة ركبنا الحافلة متجهين إلى تونس في نهاية الرحلة الجميلة على الطريق المؤدي إلى مدينة (نفزة) وسوف أحدثكم عما وجدناه فيها.
هذه المدينة تشتهر بالمطاعم التي تقدم اللحم المشوي على الفحم، والتونسيين يسمون الحمل الصغير (عَلّوش) فقد وصلنا المدينة في الساعة (4:00) عصرا واتجهنا نحو أحد المطاعم التي تقدم اللحم المشوي في جانب من المدينة واتفقنا مع صاحبه على يعدّ لنا علّوشا مشويا على الفحم ليكون وجبة غداء، وأدينا صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا في مسجد مجاور للمطعم، ثم أخذنا مقاعدنا في ساحة المطعم، وقام أصحابه تقديم وجبة المشوي اللذيذ الطعم والطازج من الصاج إلى المائدة فتمتع الجميع بالجو العليل وأخذ كل منهم يعبّر عن شعوره عما وجده من متعة وحبور في تلك الأمسية الممتعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق