الثلاثاء، 1 أبريل 2014

جبال القصيم.. حرف (أ) (2)

(4) هضبة أَبْرَقْ الضّيّانْ

أبرق: بفتح الألف وسكون الباء وفتح الراء وسكون القاف: وهي حجارة ورمل مختلطة، ويطلق على الحجارة التي خلطت برمل [الأبرق] كما يطلق على الجبل أو الهضبة يتجلله الرمل من جميع جوانبه فأحياناً يغمره إلا قليلاً، وأحياناً يؤزره، وأحياناً أخرى يكون في جانب من جوانبه.
وأبرق الضيان: بكسر الضاد المشددة وتشديد الياء ثم ألف ونون، هي هضبة صغيرة تقع بين خطي عرض
(51.42   37   26) وطول (25.71  13  43) يجللها
الرمل، وترتفع حوالي (850) متراً عن سطح البحر.
وهي تقع في منطقة الشرفة الواقعة شمال منطقة الجواء شمال شرق منطقة القصيم، ومن القرى والجبال التي تقع حولها: من الشمال: قرية المخرم وهضبة أبرق الدريعاء، وشعيب صياد وشعيب طبقان. ومن الشمال الشرقي: قرية الطراق وقرية المويركة، وجبال الطراق. ومن الشمال الغربي: هضبة طريبيثة، ووادي الترمس. ومن الغرب: هضاب قور الضباع وهضاب الأمغر. ويحدها من الجنوب: قرية الفويلق، ووادي الفوليق، وجبل صارة المشهور، ومن الشرق: جبال العصودة.
كانت الهضبة تسمى قديماً [أبرق العَزّاف] بفتح العين وتشديد الزاي، كما تسمى [أبرق الحَنّان] بفتح الحاء وتشديد النون. وذكرت في الكتب القديمة بهذين الإسمين، ولم تكن تعرف عندهم باسم أبرق الضيان.
والرمل حول الهضبة أبيض وحجارته، حمراء مختلطة بالرمل، وفيها شجر العرفج.
قال عنها البكري(معجم ما استعجم 3/940) [العزاف] بفتح أوله وتشديد ثانيه وبالفاء على لفظ فَعّال من العزف: ويقال أبرق العزاف وأبرق الحنان: واحد، لأنهم يسمعون فيه عزيف الجن، قال النابغة:
لا أعرف شيخاً يجر برجله



بين الكثيب فأبرق الحنان

وقال حسان:
لمن الديار والرسوم العوافي



بين ساع فأبرق العزاف

قال الخليل: العزاف رمل لبني سعد، وقال غيره: سميت تلك الرملة أبرق العرّاف، لأن فيها الجن، وهي يسرة عن طريق الكوفة، قريب من زرود. أقول: [لعله خطأ مطبعي والقصد العزاف]، وقوله قريب من زرود.
أقول: زرود، تقع من العزاف جهة الشمال بينهما حوالي 70كلم.
وقال البكري في رسم [محيصن] (4/1194) قال جرير:
بين المحيصن والعزاف منزلة



كالوحي من عهد موسى في القراطيس

قال العزاف: اسم أرض هناك.
ثم قال (1/264) وقال حسان:
أكعهدي هضب ذي بقر



فلوى العزاف فالضارب

فربا الحزرة إذ أهلها



كل ممسى سامر لاعب

أقول: وادي ذي بقر يقع شرق بريدة، قريب من هضبة أبرق الضيان.
وقال في رسم [جفاف] (2/386) قال أبو محمد الفقعسي:
تربعت من جرع العزاف



فالحزن فالدهناء إلى جفاف

أقول: الدهناء، تحد العزاف من الشرق، وجفاف من ديار بني أسد.
قال ياقوت (معجم البلدان1/68) عند رسم [أبرق العزاف] بفتح العين المهملة وتشديد الزاي وألف وفاء: هو ماء لبني أسد بن خزيمة بن مدركة، مشهور ذكر في أخبارهم، وهو في طريق القاصد إلى المدينة من البصرة يجاء من حومانة الدراج إليه، ومنه إلى بطن نخل ثم الطرف ثم المدينة، قالوا: وإنما سمي العزاف لأنهم فيه عزيف الجن؛ قال حسان بن ثابت:
طوى أبرق العزاف يرعد متنه



حنين المتالي فوق ظهر المشايع

قال ابن كيسان: أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد المبرد لرجل يهجو بني سعيد بن قتيبة الباهلي:
أبني سعد إنكم معشر



لا يعرفون كرامة الأضياف

قوم لباهلة بن أعصر إن هم



غضبوا حسبتهم لعبد مناف

قرنوا الغداء إلى العشاء وقربوا



زادا لعمر أبيك ليس بكاف

وكأنني لما حططت إليهم



رحلي نزلت بأبرق العزاف

بينا كذلك أتاهم كبراؤهم



يلحون في التبذير والإسراف

وقال (معجم البلدان 4/118) عند رسم [العزاف] بفتح أوله وتشديد ثانيه وآخره فاء، جبل من جبال الدهناء. وقيل رمل لبني سعد، وهو أبرق العزاف بجبيل هناك، وإنما سمي العزاف لأنهم يسمعون فيه عزيف الجن وهو صوتهم، وهو يسرة عن طريق الكوفة من زرود.
وقال السكري: العزاف من المدينة على إثني عشر ميلا، قاله في شرح قول جرير:
حي الهدملة من ذات المواعيس



فالحنو أصبح قفرا غير مأنوس

حي الديار التي شبهتها خللا



أو منهجاً من يمان مح ملبوس

بين المخيصر والعزاف منزلة



كالوحي من عهد موسى في القراطيس

أما ابن منظور (لسان العرب 9/244) فقد ذكر الهضبة في مادة [عزف] وقال: والعزاف: رمل لبني سعد صفة غالبة مشتق من ذلك ويسمى أبرق العزاف.
وقال الفيروزبادي (القاموس المحيط 3/175) في مادة [عزفت] والعزف والعزيف صوت الجن، وهو جرس يسمع في المفاوز بالليل، وكشدّاد سحاب فيه عزيف الرعد ورمل لبني سعد أو جبل بالدهناء على إثني عشر ميلاً من المدينة، سمي لأنه كان يسمع به عزيف الجن، وأبرق العزاف ماء لبني أسد يجاء من حومانة الدراج إليه ومنه إلى بطن نخل ثم الطرف من المدينة.
وقال ابن بلهيد عن الهضبة (صحيح الأخبار 5/60) ما يلي:... العزف يسمى به قطعة رمل في وسط اللعباء يقال لها [قوز اللعباء] وفيهم من يسمى هذا القوز [العزف] وفيهم من يقول له [أبرق العزاف] فسألت رجلاً من أعراب تلك الناحية، ألم تكتفوا بتسمية هذا القوز بقوز اللعباء؟ فلم تسمونه العزاف؟ فقال: هل تعرف أن العزف أصوات الجن؟ فقلت: وهل في هذا الموضع جن؟
قال: لو أنك بت حوله لعلمت أن به جنا.
ثم أورد ابن بلهيد في رسم [خملى] (1/60) بيتي جرير:
ألا حي الديار وإن تعفت



وقد ذكرن عهدك بالخميل

وكم لك بالمجيمر من محل



وبالعزاف من طلل محيل

ثم أورد أيضاً بيت جرير السابق.
أما الشيخ حمد الجاسر (معجم شمال المملكة 3/908) في رسم [العزاف] بعد أن أورد ما قاله ياقوت والبكري سابقاً قال: النصوص المتقدمة تدل على أن العزاف هذا يقع في الدهناء في أطرافها المتصلة بحزن بني يبروع.
أما الشيخ محمد العبودي (معجم بلاد القصيم 1/258) فقال عن أبرق الضيان: أبرق مضاف إلى الضيان بضاد مشددة مكسورة فياء مشددة مفتوحة فألف ثم نون آخرة. والضيان في لغتهم العامية هي النيران، جمع ضو بمعنى: نار لعلهم أخذوا ذلك من كونها تضيء في الليل.
ثم قال: وهو أبرق مشهور واقع في الشمال الغربي لناحية الجواء في شمال القصيم غير بعيد من جبل صارة المشهور، وإلى الغرب من الطراق، وبجانبه أبرق آخر أصغر منه، يسمى أبرق المقاريب. بينهما [8] أكيال.
أقول: لعل العبودي يقصد بأبرق المقاريب [أبرق الدريعاء] الذي تحدثنا عنه سابقاً، فهو يقع شمال أبرق الضيان بينهما [8] أكيال. ويقع غرب المخرم ويكلب.
ثم أورد العبودي شعراً لشاعر بدوي يدعى ابن غشام ضاع له صقر عزيز عليه فقال من قصيدة له:
يا الله يا المعبود عن الطير



والا فخذ عني طويل الموامي

يم أبرق الضيان راحوا مداوير



راحوا ولا جابوا لطيري علام

واطيري اللي كن عينه سناكير



مخالبه من كثر صيده دوامي

ثم قال الشاعر علوي الحربي:
يا الربع عيروا على الذيذان



غيروا ترى الطرش ما قاد

ترى الوعد بأبرق الضيان



وخشم اللوى ذاك ميعاد

وقال العبودي عن سبب تسميته بأبرق الضيان:... أي أبرق النيران، فلربما كان أصله أنه لاحتكاك الرمل بعضها ببعض أثر تمددها بسبب الحرارة نهاراً وانكماشها بسبب البرودة ليلاً في تلك البيئة الصحراوية دخلا بذلك.
ثم قال: لذلك كان يسمى أبرق العزاف قديماً من العزيف لأن أصوات الرمال تشبه العزيف فيترك العزيف في نفوس أولئك الأعراب الذين سمعوه شيئاً من الرعب، خيل إليهم أن في هذا الأبرق شيئاً من النار فأسموه [أبرق النيران].
ثم ذكر قصصاً عن كتاب الحربي، قيل بأن فيها نيران تحدثها الغيلان مقرونة بذكر هذا الأبرق. مثل قصة الأعرابي مع قومه عندما مروا بهذا الأبرق، وقال: فلربما كان لرؤيته النيران علاقة بتسمية هذا الأبرق بأبرق النيران عند المتأخرين، بعد أن كان يسمى أبرق العزاف عند المتقدمين، وكلا الأمرين العزف والنيران مما يبعث في النفس الاضطراب والتوجس.
ثم أورد العبودي ما حكاه ياقوت والحربي عن سبب التسمية، كذلك ما قاله الشيخ حمد الجاسر عن ذلك.
أما الشيخ عبدالله بن خميس (معجم جبال الجزيرة1/99) فقال عن الهضبة بعد أن نقل ما قاله ياقوت عن أبرق العزاف ما يلي: قال في معجم معالم الحجاز: قال صاحب المناسك، وهو يذكر الطريق من الربذة إلى المدينة: من الربذة إلى أبرق العزاف عشرين ميلا، وبأبرق العزاف آبار كثيرة غليظة الماء، ويقال أن به من الجن أكثر من ربيعة ومضر، ومن أبرق العزاف إلى الستار خمسة وعشرون، وبذي القصة مياه كثيرة، ومن ذي القصة إلى المدينة ثلاثون ميلا، وكان الرشيد يسلك هذا الطريق، وهو مائة ميل وميلان بين الربذة والمدينة، ويعرف اليوم أبرق العزاف بأبرقية، ومن أمثالهم: [جن أبرقية فيه آبار سقي]0



0 المراجع:
(1) محمد بن بلهيد. صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار.المرجع السابق.
(2) ابن منظور. المرجع السابق.
(3) ياقوت الحموي. معجم البلدان. المرجع السابق.
(4) عبدالله بن خميس. معجم جبال الجزيرة. المرجع السابق.
(5) محمد العبودي. المعجم الجغرافي للبلاد السعودية. المرجع السابق.
(6) حمد الجاسر. المعجم الجغرافي:شمال المملكة.- منشورات دار اليمامة.
(7) الفيروزبادي. القاموس المحيط. المرجع السابق.
(8) عبدالله بن دهيمش العنزي. المرجع السابق.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق