الأربعاء، 2 أبريل 2014

الجعويني .. من الأسر الكريمة التي سكنت الرس.

(الجعويني.. من الأسر الكريمة في الرس)
في كل بلد من بلدان المملكة نجد مجموعة من الأسر والعوائل استوطنت هذا البلد أو ذاك سواء كان قدومها إلى البلد قديما أو حديثا، والمؤكد بأنها نزحت من بلدان أخرى واستقرت في موطنها الأخير.  
والرس كغيره من البلدان التي تعاقبت عليه مجموعة من الأسر والأفراد الذين سكنوا فيه مدة طويلة أو قصيرة حسب أحوال تلك الأسر. غير أن أسرة الجعويني من الأسر العريقة المعروفة في الرس وهي أصلا تتفرع من أسرة الرسيس التي تضم حسب ما يُروَى كل من: المالك بالرس والجعويني بالرس والهزاع ببريدة والحمدان والفوزان بالنبهانية.
يقول عبد الله بن عبار العنزي في (أنساب قبائل عنزة ص 163) عن الرسيس: "من الأسر الشهيرة في منطقة القصيم نشأت هذه الأسرة في قرية الجناح إحدى ضواحي مدينة عنيزة في الوقت الحاضر ثم استوطنت في الحجناوي بين الرس والبدائع ومع تحوّل الأحوال وتقلب السنين تفرقت هذه الأسرة كغيرها من الأسر بسبب شظف العيش واستوطنت في أماكن سنذكرها..وهي من قبيلة عنزة وذكر الشيخ محمد العبد الله البسام المتوفي سنة 1248هـ في مخطوطة تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق ذكر مجموعة الأسر التي ترجع بأنسابها إلى عنزة ومنها أسرة الرسيس وكذلك في كتاب كنز الأنساب للشيخ حمد الحقيل فقد أورد أسرة الرسيس ضمن الأسر العنزية".
ثم قال ابن عبار: "إذا صح نسب هذه الأسر "المذكورة بعاليه" إلى أسرة الرسيس فالمرجح أنهم من فخذ الزبنة والزبنة هم أبناء زبن بن ليلي بن علي بن حمدان بن علي بن دهمش بن سهيل (العمارات) بن بشر العنزي الوائلي".
كما ورد في وثيقة مصدّقة من الشيخ رشيد بن محمد المجلاد شيخ قبيلة الدهامشة من عنزة توضح أن عائلة الرسيس من فخذ الزبنة من الدهامشة، كما ذكر رجال موثوق بروايتهم من الدهامشة تفيد بأن الرسيس من فخذ الجعبان من الزبنة من الدهامشة وجدهم حمود الجعيب. كما ذُكر في منتدى عنزة بأن آل رسيس من قبيلة عنزة.
أما أسرة الجعويني التي نتحدث عنها فيرجعون إلى جدهم فوزان الذي له قصة معروفة ملخصها: أن جدهم فوزان كان شجاعا وقويا وكان على حصانه يقوم بحماية أرض الحجناوي من أهل الخبراء وقت الربيع لمنعهم من جلب العشب لأنعامهم، وعندما أراد أن يطردهم ذات مرة أرادوا الغدر به حيث اختفوا بملابس النساء وعندما أقبل عليهم على حصانه قتلوه غدرا فرجع الحصان إلى الرس فعلم أهل الرس بأن الذين غدروا به هم أهل الخبراء من قول شاعرهم:
نحمد الله ذبحنا جدهم فوزان         والحق ما نمشي عليه
فأغار أهل الرس على أهل الخبراء وذبحوا كثيرا منهم فقال شاعر الرس:
عند المناقع  نذبح  الخبراوي        لا رحم أبو جد غذاه
دون العقيلة وأسمر الحجناوي       والعاقلي واللي وراه
أما جد الجعويني الموجودين حاليا فهو: صالح بن إبراهيم بن ناصر الجعويني، وقد خلّف ابنين هما: محمد وإبراهيم، أما محمد فقد خلّف: صالح (توفي) وهو أخ لسليمان بن عبد الله الغرير بالرس من الأم. وصالح خلّف كل من: محمد (عميد متقاعد) وعبد الله (متوفى) إبراهيم (رجل أعمال بالرياض) وحمد (رجل أعمال بجده) وأما إبراهيم فقد خلّف: عبد الله (توفي) وهذا خلّف: صالح (لواء متقاعد) ومنصور (لواء طيّار متقاعد) ومحمد (مهندس) وعبد الرحمن (مهندس) وعبد العزيز (مهندس) وناصر (استشاري أمراض الكلى في مستشفى الشميسي) بالرياض.
وورد في وثائق الرس ذكرٌ كثير لعائلة الرسيس وأفرادها من جميع العائلات التي تشملها أسرة الرسيس ومنهم أسرة الجعويني فقد ورد في الوثائق المتوفرة لديّ أسماء خمسة أفراد من أسرة الجعويني وهم: إبراهيم ابن صالح الجعويني، وصالح بن إبراهيم الجعويني، وعبد الله بن صالح الجعويني، وناصر بن صالح الجعويني، وصالح بن محمد الجعويني. وكما يظهر لي بأن صالح بن عبد الله الجعويني هو أكثر أفراد الأسرة ذكرا في الرس وأكثر علاقة مع غيره من سكان البلدة، كما أنه كان شاعرا. وسوف نستعرض تلك الوثائق التي فيها ذكر لأفراد الأسرة، فأقول:
أما إبراهيم بن صالح بن إبراهيم الجعويني فله ذكر في وثائق الرس سنة 1302هـ وكان معاصرا لكل من: عبد الله ابن محمد الحناكي وصالح الساير وعلي بن محمد الدغيثر وسالم بن محمد الضويان وصالح بن منصور الدخيل ومحمد العلي السويح.
وإبراهيم هذا هو الذي كان وكيلا عن بنات فايز الرسيس وأخيهن عبد الله وقد باع على عثمان بن سليمان الفواز وسليمان بن محمد بن دغيثر نصيب فايز الرسيس من قليب ابن رسيس الواقعة بين المسيلمية وقليب الناصر وكذلك باع عليهما نصيب فايز من العلويطية بالقريّة بمبلغ ستين ريال فرانسة وخمسمائة صاع شعير بخط الكاتب إبراهيم ين محمد الضويان وإملاء الشيخ صالح القرناس سنة 1302.
وأما أبناؤه فمنهم: صالح بن إبراهيم بن صالح الجعويني فكان أيضا يسكن الرس في الفترة من سنة: 1275ـ1315هـ حسب ما جاء في الوثائق. وكان عدلا مقبول الشهادة بإفادة الشيخ صالح بن قرناس. وله مداينات مع أهلها، وكان معاصرا لكل من: الشيخ صالح بن قرناس ومنصور بن دخيل المالك وصالح بن عبد الله الخريجي وموسى ابن إبراهيم الطاسان ورسيس الفوزان وعبد الله بن محمد الخشما.
وهو الذي سبّل بيته وحوشه في الرس على ذريته وذرية ذريته المحتاج يسكن ويعشّي ويضحّي والبادي عمارتها فإن أعسر الساكن فلا حرج عليه شهد بذلك كاتبه حمد سليمان الرميح حرر في 4 ذو القعدة 1312. 
كذلك له ذكر ورثة الوجعان بالتفصيل رسيس وناصر ونويصر وبناته بشهادة صالح المنصور الدخيل ومحمد العلي السويح وسليمان الحمد وكاتبه حمد السليمان الرميح في غرة شوال 1315 ونقله من خطه ابنه سليمان الحمد الرميح في 13 الحجة 1341.
كما يوجد لدي وثيقة بشهادة سليمان بن ناصر الحرابي يشهد فيها بأن نصيب ميثاء بنت ونيان من نخل وادي عنيزة جميعه لصالح البراهيم الجعويني، كما شهد به صالح القاضي وكاتبه عبد الله بن عبد الرحمن بن بطين سنة 1266.
كذلك يوجد لديّ وثيقة عن ملك صالح بن إبراهيم الجعويني لقليب العود في الحجناوي ومفادها: شهد منصور بن دخيل بن مالك بإن القليب التي بالحجناوي والمعروفة بالعود أنها زُرعت سنة 1293 وأن الذي أجرها الشيخ صالح بن قرناس وصالح ابن إبراهيم الجعويني وأن الجعويني قبض حق الرسيس، كما يوجد شهادة بأن القليب المذكورة للوجعان من الرسيس وأن أقرب ماله الجعويني كتب ذلك سليمان ابن حمد الرميح 1334.
وأرض الحجناوي الآن مزرعة معروفة تقع شرق الرس بينها وبين البدائع، وكل الوثائق تدل على ملكيتها لورثة الجعاوين، وقد صبّرها الشيخ صالح بن محمد الجعويني رحمه الله لمدة (30) سنة على الجريبان بتصديق رئيس محكمة الرس آنذاك على الوثائق الخاصة بذلك ولا تزال موجودة.
كما تفضّل الأخ إبراهيم بن صالح بن محمد      الجعويني بتزويدي بنسخة أخرى من الوثيقة تحمل نص ما ذكرتُ آنفا مضافا لها عبارة: أقر إبراهيم بن صالح الجعويني بأنه قد وكّل ...الرشيد يخاصم في قليبهم المعروفة بالحجناوي وكيل مفوض شهد على ذلك سليمان بن عبد العزيز الغفيلي وشهد كاتبه سليمان بن حمد الرميح في سنة 1334.
كما يوجد في وثيقة أخرى أن حمد البنية بن بزيع رهن لدى صالح بن إبراهيم الجعويني مكانه ونخله بدين شهد بذلك فوزان الرسيس وحمد المالك ومنيف بن هلال بخط سليمان بن حمد بن عقيل.
كما شهد صالح بن إبراهيم الجعويني بأن مزنة بنت علي المنصور بن رسيس باعت على أخيها منصور العلي بن رسيس صيبتها من بيت أبيها علي في عنيزة والدكان الذي في المدينة والبئر التي في الغريس في أطراف عنيزة وأنها قبضت الثمن بالتمام بخط الشيخ صالح بن قرناس سنة 1309.
ثم عبد الله بن إبراهيم بن صالح الجعويني وصالح بن محمد بن صالح الجعويني فكانا لهما ذكر في وثائق الرس سنة 1341 حيث ذُكر بأن في ذمة عبد الله بن إبراهيم الجعويني لمحمد بن سليمان بن هندي سبع وأربعين ريال أجلهن غرة سنة 1342 وأرهنه قلادة وفردة وسبات بشهادة صالح بن محمد الجعويني وحمد بن منصور المالك بخط الكاتب محمد بن إبراهيم الخربوش سنة 1341.
أقول: وصالح بن محمد بن صالح الجعويني المذكور له أبناء: محمد وعبد الله وإبراهيم وحمد. وهو أخ لسليمان بن عبد الله الغرير من الأم وهو موجود حاليا في الرس،
وأما صالح المذكور فقد عاش في الرس مدة طويلة من حياته وهو شاعر يُروى له، قال قصيدة تعتبر من القصائد المشهورة عند أهل الرس وغيرهم من الذين يبدعون في فن السامري، ويُروى بأن الشاعر لم يقل سوى تلك القصيدة، كما يُروى بأنه له قصائد أخرى ولكن لم تنل من الشهرة مثل ما نالته تلك القصيدة ويقول فيها.
يا لله  يا للّي  دخيلك  ما يضاما         يا عالم  البيّنة  هي  والخفيّة
ترمي لنا السيل ما منشي الغماما       تسقي جميع الوطن  والآهلية
تجعل لنا العشب فوق الروض زامي    فيه  الحشاحيش كل صوب نيّة
تقطف رواعية زملوق  الخزاما         من مرقب الماء إلى أقصى الظاهرية
حامينه  اللي  يفكّون  الجهاما      صبيان حزم على العدوان سيّه
ربيع  قلبي  إلى  طق  الخياما      من حد وادي النساء للعاقلية
يا ما حلا لمّة  الربع  الحشاما      والنجر وسط الجليسة له وحيّة
يحيون عصر مضى له كم عاما            أحياه راع الهوى ركب أردعيه
صيّور  دنياك  تفنى  والسلاما      والعمر  لا بد  تأتيه  المنيّة
دوّر  مبارك  وربعه  كالحلاما       ما كنّهم وقّفوا به لو عَشِيّه
وقد ذكر الأخ محمد بن صالح بن محمد الجعويني أكبر أبناء الشاعر وعمره (85) عاما بعض المعلومات عن والده فقال: بأن والده صالح عمل في العسكرية واشترك في أكثر المعارك مع الملك عبد العزيز عند مرحلة التأسيس ومن تلك المعارك حصار المدينة المنورة عام 1344هـ وبعد أن توحدت المملكة على يد الملك عبد العزيز رحمه الله وتم تشكيل الجيش السعودي النظامي وكان يرأس وكالة الدفاع وزير المالية آنذاك الشيخ عبد الله السليمان قبل أن تصبح وزارة التحق صالح الجعويني بالجيش السعودي النظامي برتبة (وكيل ضابط) ثم تدرّج في السلك العسكري حتى وصل إلى رتبة (عقيد) ومنها أحيل إلى التقاعد. وعمره عند وفاته يوم: 8/1/1416هـ (103) سنوات. رحمه الله رحمة واسعة.
وقد أورد قصتان سمعهما عن والده عندما كان صغير السن قال والده فيهما شعرا. القصة الأولى: أن حمد المالك رحمه الله كان لديه أربع نياق (أبكار) وضاعت تلك النياق ليلا فبحث عنها ولم يجدها، وفي اليوم التالي كلّف صالح بن عبد الله الجعويني للبحث عنها وكانوا في شهر رمضان وفي فقر وجوع وضنك من العيش ورحل صالح للبحث عن الإبل وهو على بعير له كبير السن (هرش) في منطقة الأشعرية والأبرقية وما حولهما حتى وصل إلى الحمى لابن حميد حتى نال التعب منه ومن بعيره، فخطر في باله أن يستريح في طرف الحمى لمدة يومين لعل البعير يرعى ويسترد قواه وينشط. فقال في ذلك شعرا يسنده إلى بعيره الهرش:
يا هرش أنا ما وراء ما شيبت عيني          
أمشي وأنا صايم كلّه على شانك
      أخاف من ساعة تقعد تخليني
                                    بأرض خلا ما نقضي شأني ولا شأنك
اشبع لعلك عقب هذا توديني
                              من نعمة حطها الله بين حنكانك
ثم قال ردا على شعره شعرا على لسان بعيره:
يا حيف يا بو محمد لو تخليني
                              أرعى بحد الحماء كان ايتهيا  لك
إن كان خليتني به وقم شهرين
                              أضرب على الدروب وينسمح بالك
ما غير والله في هرجك تمنيني
                              كذب ولا هوب والله يصدق لسانك
 أما القصة الثانية التي ذكرها محمد عن والده رحمه الله: فقد كانت البلاد في فقر مدقع وكانوا في أكثر الأوقات لا يجدون ما يأكلونه من قلة الزاد، وقد ضاقت الدنيا على والده كغيره من الناس فلجأ إلى أحد أبناء عمومته الذي كان موسر الحال أن يقرضه ما يسد به حاجته وحاجة أبنائه من الجوع فاعتذر عن إقراضه فقال هذه الأبيات:
      يا الله يا عالم الخافي وما بان
                                    يا اللي جميع الخلايق تلتجي له
إنك تيسر لنا رزق  بالأوطان
                              إن كان ما جا لنا حنا نجي له
أحسن ولا قولة يا عم يا فلان
                              وإلى تعذرك حصّلت الفشيلة
يا حلو رزق من الله ما له أثمان
                              مَدّه  ولا مَدّة  إيدين  بخيله
إن ما أنتب تسب ولا لك لسان
                              تراك تقعد كما وصف الحليلة       
رحم الله من توفي من أفراد الأسرة وأسكنهم فسيح جناته، وأطال في عمر الباقين منهم على الطاعة وهداهم إلى الخير والصلاح.
                  كتبه: عبد الله بن صالح العقيل ـ الرس.
                         aa10@maktoob.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق