(وادي النســـــاء)
وادي النساء: هذا الشريان الكبير الذي يخترق الأراضي الواقعة جنوب غربي محافظة الرس مارا بكل القرى والهجر في تلك الناحية حتى يفرغ في وادي الرمة، ويمر بعدة قرى ومواقع مشهورة، ويصب فيه عدة شعاب وأودية كبيرة وصغيرة، وتُروَى منذ القدم قصص عن سبب تسميته. نورد هنا بعض المعلومات الموثّقة عنه مما قاله الأقدمون.
وادي النساء الذي يسمى قديما (عاقل) هو من ديار بني دارم التي تحتل بلادهم مساحة واسعة من الجزيرة العربية. قال عنه ياقوت الحموي (معجم البلدان) عاقل: بالقاف واللام: بلفظ ضد الجاهل وهو من التحصن في الجبل، يقال: وغل عاقل إذا تحصن بوَزَره عن الصياد، واد لبني أبان بن دارم من دون بطن الرمة وهو يناوح منعجا من قدامه وعن يمينه أي يحاذيه.
وقال ذلك السكري في قول زهير:
لعمرك لا أنسى ليالي منعج ولا عاقلا إذ منزل الحي عاقل
وقال ابن السكيت في شرح قول النابغة:
كأني شددت الكور حيث شددته على قارح مما تضمن عاقل
وقال ابن الكلبي: عاقل جبل كان يسكنه الحارث بن آكل المرار جد الشاعر أمريء القيس بن حجر بن الحارث.
وقال آخرون: عاقل: واد بنجد من حزيز أضاخ ثم يسهل وأعلاه لغني وأسفله لبني أسد وبني ضبة وبني أبان بن دارم.
قال الشاعر مالك بن حطان السليطي:
وليتهم لم يركبوا في ركوبنا وليت سليطا دونها كان عاقل
أما بيت الشاعر عميرة بن طارق اليربوعي:
فأهون علي بالوعيد وأهله إذا حل أهلي بين شرك فعاقل
قال فيه ابن حبيب: عاقل في بلاد بني يربوع، وكان فيه يوم بين بني جشم وبين حنظلة بن مالك.
كما قال أعرابي:
وأني أحب الرمث من أرض عاقل وصوت القطا في الطل والمطر الضرب
فإن أك من نجد سقى الله أهله بمنانة منه قفلبي على قرب
وقال نصر فيه: عاقل رمل بين مكة والمدينة، وعاقل جبل بنجد، وعاقل ماء لبني أبان بن دارم، وعاقل واد في أعاليه إمرة وفي أسفله الرمة وهو مملوء طلحا. وبطن عاقل موضع على طريق حاج البصرة بين رامتين وإمرة.
وقال النويري في (نهابة الأرب ج2 ص338) أبان بن دارم فخذ من مالك بن حنظلة، بن مالك بن زيد مناة بن تميم. من أوديته عاقل وهو دون بطن الرمة.
وفي عاقل يوم مشهور من أيام العرب، وملخصه: أن الصمة الجشمي أغار على بني حنظلة من تميم في بطن الرمة ولكن جيش الصمة انهزم أمام بني حنظلة فأُسِر الصمة من قبل الجعد بن شماخ، فطلب الصمة أن يفدي نفسه من قومه بني يربوع، فلما تأخر الفداء ظن الجعد أن هذا خديعة فأمر بجزّ راس الصمة وأرسله إلى قومه.
يُروى بعض القصص عن سبب تسمية وادي النساء بذلك منها هذه القصة: يقال أن الشاعر الجاهلي أمريء القيس مر بالوادي ورأى مجموعة من النسوة معهن محبوبته يغتسلن في الوادي وقد خلعن ملابسهن ووضعنها بجوار ضفة الوادي فلما رأى الشاعر ذلك أخذ الملابس وأبعدها عن الوادي يريد أن يضطرهن للخروج من الماء فيرى محبوبته فاتفقن معه على أن يعطيهن الملابس نظير أن يتمكّن من مشاهدة محبوبته. فسمي الوادي (وادي النساء) وهذه القصة تروى عن سبب التسمية ولكن لم يتم تأكيدها.
والعاقلي اسم قديم يطلق على وادي النساء خاصة بطن الوادي وهو الجزء الشمالي منه. يقول الشاعر عن ملك كندة الحارث الحرّاب عندما أجلاه بنو أسد عن بطن عاقل:
والحارث الحرّاب خلىّ عاقلا دارا أقام بها ولم يتنقّــل
وذكر العبودي في كتابه (بلاد القصيم 6/2512) شيئا عن وادي النساء فقال "واد ليس بالصغير في مجراه وعلى ضفافه أشجار من العشر" وذكر العبودي أيضا أن سيل وادي النساء يبتدئ من ماء الركا شمال جبل خزاز ثم يسير مشرقا ويجتمع مع وادي دخنة عند عبل يسمى (شماس) فيصبان في وادي العاقلي.
وسوف نتحدث عن وادي النساء في بحث ميداني من بدايته ونوضح المواقع التي يمر بها والأودية والشعاب التي تصب فيه مع الاحداثيات حتى نصل إلى نهايته في وادي الرمة عند محافظة البدائع.. فنقول:
يمتد وادي النساء من الجهة الجنوبية الغربية من محافظة الرس ويسير جهة الشمال الشرقي ويبلغ طوله حوالي (90) كيلا. يبدأ من المنطقة التي تسمى (الركا) التي تقع شمال غرب مركز دخنة وجبل سواج ويمر بها الطريق المعبّد الذي يصل بين الرس إلى مركز الشبيكية. حيث يوجد جسر مسلّح يقع على هذا الطريق. يمر منه الوادي عند احداثية(257 25 25)(171 28 43).
ثم يتجه وادي النساء جهة الشمال الشرقي تاركا الطريق ويمر بين جبل أم رقيبة وأشعل أم رقيبة الواقعين شرق قرية الدحلة الواقعة أسفل جبل إمّرة من الشرق، ثم يستمر في مسيره مع ميل إلى الشرق بحيث يباري الطريق المعبد المذكور الذي يكون بينه وبين منطقة (ساهبة الخيل) ثم يستمر وادي النساء في مسيره متجاوزا الطريق المعبد الذي يتجه جنوب الرس ويصل بين الرس ودخنة عند احداثية:
(000 29 25)(342 04 43) ثم يستمر في مسيره جهة الشرق مع ميلٍ قليلٍ جهة الشمال مارا من الجهة الغربية من (قلبان الحوّاسيّة) وبعدها (رضيمة وادي النساء) بحيث يباري في مسيره (وادي دخنة) جهة الشرق ويشاهد فيه مجموعة من الأشجار ويرفده مجموعة من الشعاب الصغيرة التي تجري من الأراضي الواقعة في تلك المنطقة، ثم يستمر الوادي مارا بجوار شعيب (ساهبة أم عوشز) الذي يمر بمنطقة تسمى (الساهبة) ثم يتصل به (وادي دخنة) وواد آخر صغير يسمى (وادي حسيّان) فتصب الثلاثة في وادي النساء عند احداثية:
(257 40 25)(259 28 43).
ويقع على وادي النساء روضة مشهورة تسمى (روضة مجيز) على احداثية: (257 12 25)(514 37 43) ولا أعلم لماذا سميت بذلك لكنها تقع على ضفته الشرقية بينه وبين (شعيب كهف روق) الذي يجري في الجهة الشرقية من وادي النساء وهي غير واسعة و تمتليء بالعشب المنوّع عند نزول الأمطار ويقصدها الناس للرحلة والتنزّه. ثم يستمر وادي النساء في مسيره جهة الشمال مع ميلٍ نحو الشرق وهو يجاور من الغرب (شعيب الإرطاوي) المشهور الذي يمر من الجسر الثالث الواقع على طريق الرس دخنة جنوب الرس. ثم يمر وادي النساء شرق جبلي القشيعين الذين يسميان قديما (الأنعمين) وجبل أبو شكاع وعبيل المرو. ثم يتصل بجوارها (شعيب كهف روق) الواسع مع وادي النساء عند احداثية:
(000 48 25)(000 28 43) وعندما يصل وادي النساء إلى مزارع السحقان الواقعة شرق جبل أبو شكاع يتصل به شعيب الإرطاوي الكبير عند احداثية:(257 50 25)(342 08 43) بجوار (أصفر وادي النساء) والأصفر هذا عبارة عن أرض صفراء مرتفعة لا تنبت وتُرى من بعيد وتسمى أيضا (أصفر العاقلي).
ثم يستمر وادي النساء في مسيره محدثا جرفا عميقا يصل في بعض المواقع إلى أكثر من أربعة أمتار تمتلئ عند هطول الأمطار. ثم يمر من غرب قريتي العبدلية والدحلة الواقعتين غرب محافظة البدائع وشرق مزارع العقل حتى يتجاوز الطريق المزدوج المعبد الذي يصل الرس بالبدائع عند الحجناوي من أسفل الجسر عند احداثية:
(857 56 25)(171 39 43) ثم يستمر مسير وادي النساء حتى يفرغ سيله في وادي الرمة العظيم الذي يمر شمال محافظة البدائع عند احداثية:
(257 58 25)(000 39 43) محدثا مسيلا واسعا وليس عميقا وهو بذلك تستفيد منه المزارع والأراضي التي حوله بل كثيرا ما أتلف المزارع التي يمر بها عند الجسر والتي تم عملها في مجراه. والله الموفق والهادي.
كتبه: عبد الله بن صالح العقيل ـ الرس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق