الخميس، 3 أبريل 2014

رحلة إلى الربع الخالي 1434هـ

(رحلة الربع الخالي 1434)
الحمد لله الذي جعل الأرض مهادا والجبال أوتادا وفجّر خلالهما أنهارا وأسالها  أودية وبحارا، وهدى العباد إلى أن يعمروا الأرض سكنا وينحتوا الجبال بيوتا، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:ـ
قال علي بن ابي طالب كرّم الله وجهه:
تغرّب عن الأوطان في طلب العلا   وسافر ففي الأسفارخمس فوائد
تَفَرُّجُ  همّ  واكتساب  معيشـة     وعلم  وآداب  وصحبة  مـاجد
فإن قيل في الأسفار هم وكربة      وتشتيت شمل وارتكاب شدائـد
فموت الفتى خير له من حياته            بدار هوان بين واش  وحاسـد   
والرحلات البرية فيها من المتعة ما يريح النفس ويصقل العقل وينمي الفكر ويقوي البصر ويزيد في الثقافة، وفيها صحبة الأخيار وسماع الأخبار، والتفكر في خلق الله من أرض وسماء وجبال ورمال وأنهار. ومعرفة الطرق والبلدان والتعرف على الأجناس من الخلق، يقول الله تعالى {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شئ قدير} (العنكبوت 20).
ثم إن الرحلات عندي فيها من المتعة في التعليم والتفكير والراحة للنفس والبعد عن حياة المدينة وصخبها وهمومها، والتفريج عما في الخاطر من همّ وضيق، والتفكّر في خلق الله بما في الكون والأرض والجبال والرمال والأنهار والشعاب والوهاد من أشكال غريبة وكتابات تدل على وجود الأمم ومناظر طبيعية، وما حولها من منازل وديار وما يسكنها من قبائل وأجناس.
والربع الخالي.. هذا الجزء المخيف من بلادنا الغالية وتبلغ مساحته(250000) متر مربع أي ربع مساحة الجزيرة العربية. الذي يتبادر لأذهان السامعين بأن من يدخله فهو في عداد المفقودين. وكان الناس يتخوفون منه بسبب وعورته ومتاهاته التي يصعب عبورها والسير فيها. واتفقنا نحن مجموعة من الباحثين بقيادة الدكتور الباحث/ عبدالله بن عبدالرحمن المسند أن نقوم برحلة استطلاعية إلى الربع الخالي من أجل أن نسبر أغواره ونطّلع على خفاياه وندرس تضاريسه ومناخه. لنخرج في نهاية الرحلة بتقرير مفصّل عما فيه من أسرار وعجائب.
في يوم السبت الموافق: 2/2/1434هـ كان الاجتماع الأول لأعضاء رحلة الربع الخالي في منزل الدكتور/عبدالله المسند مع الأستاذ إبراهيم بن صالح الربدي ومحدثكم. بعد العشاء وتم مناقشة أمور الرحلة وبدايتها وما يلزمها من حاجات مهمة للسفر للربع الخالي. ثم توالت اجتماعات الأعضاء من أجل التنسيق. وكانوا يهتمون بالتجهيز للرحلة مما يكفيها من طعام وماء وسيارات مناسبة للطريق وقادرة على تخطي الرمال وما يكفيها من وقود. وتجهيز الخرائط المناسبة والصور الجوية وأجهزة الحاسوب من أجل توفير الخرائط على البرامج المناسبة. والأجهزة اللازمة للرحلة. والتنسيق مع الجهات المختصة العاملة في الربع الخالي لتقديم الخدمة المناسبة لنا أثناء تنقلاتنا في الربع الخالي. كذلك معرفة طبيعة الطقس في أيام الرحلة. وتجهيز الأغراض الشخصية لكل واحد منا.
والربع الخالي: لم يكن خاليا بعد اليوم، بل أسميه(الربع الغالي) لأنه برأيي المتواضع لم يعد مخيفا كالسابق فقد توفرت له حاليا أسباب السفر والإقامة فيه لعدة أيام. وفيه من المتعة في الترحال بين كثبانه وخلجانه وبحيراته وعيونه وسبخاته ومستنقعاته الكثير الذي يمتع النفس ويسعد القلب خاصة إذا كان رفاق الرحلة في الربع الخالي مشاربهم الثقافية متنوعة ومهاراتهم في الطبخ والعمل متعددة. حيث تكمل بعضهم الآخر.
والقبائل التي تسكن الربع الخالي كثيرة مثل: قبيلة آل مرة التي تسكن معظم أجزاء الربع الخالي، وآل كثير ومنهم آل راشد وآل خوار والعفار الذين يتركزون في شرق الربع الخالي، أما قبيلة الصيعر فهم في الجهة الجنوبية حول شرورة، كذلك قبيلة المناهيل يسكنون حول الخرخير، وقبيلة المهرة في جنوب الربع الخالي حول الحدود مع عُمان واليمن، وقبيلة يام تقطن الجزء الجنوبي الغربي، كما أن قبائل المناصير والعوامر يسكنون الشمال الشرقي من الربع الخالي.            
وتقرر أن تكون الرحلة لمدة (8) أيام من يوم الجمعة: 12/3/1434هـ حتى يوم الجمعة: 19/3/1434هـ كما تم التنسيق مع كل من: شركة أرامكو السعودية وشركة نادك وسلاح الحدود من أجل مساعدتنا في الرحلة وتسهيل مهمتنا البحثية.
وأعضاء الرحلة هم:
الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن المسند ـ عنيزة.
الدكتور عبدالله بن حمد السكاكر ـ بريدة.
الأستاذ إبراهيم بن صالح الربدي ـ بريدة.
الأستاذ حمد بن ناصر الطعيمي ـ عنيزة.
الأستاذ عبدالرحمن بن رشيد الجليدان ـ عنيزة.
الأستاذ حمد بن محمد الواصل ـ عنيزة.
الأستاذ عبدالرحمن بن حمد الشاوي ـ بريدة.
الأستاذ محمد بن عبدالله الشاوي ـ بريدة.
الأستاذ عبدالله بن صالح العقيل ـ الرس (كاتب التقرير)
الأخ ناصر بن ساير بن رقيمان القحطاني.
صورة لبعض أفراد الرحلة قبل التحرك من عنيزة
سياراتنا قبل الأنطلاق من عنيزة
في تمام الساعة(8:30) من صباح يوم الجمعة: 12/3/1434هـ الموافق: 22/2/2013م بدأت الرحلة من محافظة عنيزة بإتجاه مدينة الرياض ثم محافظة الخرج. ثم مررنا بقرية(التوضحية) على الطريق ثم واصلنا نحو محافظة(حرض).
وحرض: تقع في الجنوب الغربي من منطقة الأحساء. وتبعد عن الأحساء(160) كيلا وعن الرياض(250) كيلا وعن الخرج(170) كيلا. وتمر بها أغلب الطرق المعبّدة المؤدية للهجر الجنوبية. وفيها مشروعات عملاقة بترولية منها معملين لإنتاج الغاز  تابعين لشركة أرامكو. وزراعية ومنها مشاريع مزارع نادك والصافي وندى ومجموعة أخرى من المزارع المنتشرة فيها.
      وصلنا حرض في الساعة(5:00 م) وكانت درجة الحرارة(27) ونزلنا مشروع نادك حيث استقبال رئيس الأمن السيد/محمد بن فهيد العرجاني وبعد تناول القهوة والشاهي معهم أكرمونا بوجبة عشاء وفطور. حيث بتنا بضيافة الشركة في السكن المعدّ لذلك. ومشروع نادك يبلغ طوله على وادي السهباء(75×5 كم) ويوجد فيه(60000) بقرة لإنتاج الألبان مشتقاتها. وقابلنا مجموعة من المهندسين في الشركة ودار بينا حديث ماتع عن الشركة ومنتجاتها.
بداية وصولنا إلى نادك واستقبالنا في مقر الضيافة (بيت الشعر)


صورة جماعية لأفراد الرحلة في مشروع نادك مع المضيّف
صورة سياراتنا بجوار مقر الضيافة والحدائق الجميلة
وفي الساعة (8:23 ص) من يوم السبت: 13/3/1434هـ توكلنا على رب العباد متجهين نحو الربع الخالي. ونحن نسير في منطقة السهباء مررنا على محطة وقود (خيوط الطويلة) وملأنا السيارات بالوقود مع توانك أخرى احتياطية. ثم واصلنا السير على الطريق متجهين نحو محطة(الشبيطة) ومررنا عدة مناطق ومواقع مثل(مرارة أم الضبعة)(المحنى)(شقة الحشراء)(بئر الطويلة)(خلّة النسوان)(طمن) ثم منطقة(خرزة الفرس) وعلى اليسار(طعوس قاسم/وطعوس قويسم) ثم منطقة(الجافورة) على يسار الطريق. ونستمر في السير وبعد أن وصلنا(قلمة العزبة) والطريق يستمر نحو مركز(البطحاء).


محطة خيوط الطويلة. ويشاهد المنازل ومحطة الوقود
العمل جار لازدواج الطريق من حرض إلى الشيبة وينتهي قريبا
وفي مسيرنا تجاوزنا(بئر دويهين) ويقع على طريق معبّد يأتي من(سلوى) ونمر منطقة(جو جهلان) على يمين الطريق. ثم واجهنا مفرق الطريق المعبّد على اليمين الذي يتجه نحو(الشيبة) وهو مكان آبار البترول التابعة لشركة أرامكو. سلكنا هذا الطريق المعبّد الذي يتم حاليا عمل مسار آخر مجاور له جهة اليمين. على احداثية:
182     08     24N     190     18     051E
ويلاحظ بعدها تغيّر شكل الأرض وتكثر فيها(السبخات) الواسعة وأكثرها على شكل جصّة بيضاء أو رمال سوداء تشبة الرمال على سواحل البحر. ثم نتجاوز رمال (الصفاوية) على احداثية:
      216     08     24N       336     19     051E
الطريق المعبّد ينحدر في السبخات ويرتفع فوق الكثبان الرملية
بدأت تتشكل الثكبان الرملية وفيها بعض الشجيرات
أبو راكان يتمثل قول الشاعر بدر الحويفي:
        يازين  شبة  نارنا  بالغداري            والكيف ابو صالح جلس وارتجل له
والماء مفوّح في نظيف الغواري           صفر  يجاذبهن على  جال  ملّــه
      ونستمر على الطريق ونمر منطقة(الكويفرية) على اليسار ومنطقة(المجن) على اليمين. كما نمر(سبخة لبخة)على اليمين و(جو المنايف)على اليسار و(منطقة الجيبان) على اليمين ثم نمر(قلمة الشبعان)(سبخة دالع) و(جو دالع) على يمين الطريق. كما نمر على عدة مواقع مثل(سبخة مطّي) على اليسار(بئر العدينة)(بئر قرقر)(بئر أبا النقر) (بقيران) على اليمين. كذلك في الطريق نمر مفرق طريق مردوم(محطة الحصان) وبجانب المفرق منقع ماء واسع تبين منه أن الجرافات عندما تقوم بحفر على عمق مترين فقط أو أقل تنبع المياه الوافرة التي تروي منها الشركات العاملة في الطرق المعبّدة حاجتها من الماء ويستمر في الماء الزيادة.
منمقع ماء مالح قرب مفرق محطة الحصان
ويلاحظ أن التربة القريبة متشبعة بالماء وتنهار تحت من يسير عليها. دخلنا إلى محطة الحصان: وفيها محطة وقود ومسجد وخزان ماء احداثية محطة الحصان:
      154     18     23N     028     39     051E
هذد محطة الحصان عندما اقترابنا من الوصول إليها
محطة الحصان فيها محطة وقود ومنازل من الحديد
وبين المفرق السابق ومحطة الحصان(102 كيلا) ويلاحظ في الربع الخالي أن المياه الجوفية لا تزال بكرا لم يتم استنزافها أو الإستفادة منها. كما تكثر فيها الشجيرات المنوعة هذه صورها:





ونستمر في الطريق ونشاهد السبخات التي تظهر منها المياه المالحة ويشاهد بياض الملح على جوانب الماء. ويذكر أن الشركات التي تأخذ الترية من السبخات تعاني من صعوبة العمل من كثرة المياه النابعة منها. ثم نمر(سبخة الكورنة) على اليسار(أم البراميل)(الشبعان) على اليمين. ثم نشاهد الرمال تختط في الحمرة مع البياض والسواد. وأحيانا تظهر البيضاء في أعالي الكثبان الرملية حيث أن الرياح تنزع الرمال الحمراء الدقيقة من الأعلى لخفتها وتبقى الرمال البيضاء واضحة للعيان.
      ثم نسير في(عروق أبو صلعا) ونصل منطقة تسمى(المغرب) بينها وبين المفرق السابق(183 كيلا) وبينها وبين الشيبة(187 كيلا) وبقي على (الشبيطة) (82 كيلا) ثم نمر(حفنة رويشد) وهي مواسير نقل الغاز وفيها عمود إتصال هاتفي قبل الشيبة(160) كيلا.ثم منطقة(خور أم الحطاط) يسار الطريق وفيه طريق معبّد يتجه نحو حدود الإمارات. ويستمر الطريق نحو الشيبة ونمر منطقة(الظفرة) الواسعة على يمين الطريق فيها مهبط طائرات قديم. ويقع غربيها(قلمة الطويل) الشمالية والجنوبية. ثم نصل(الشبيطة) احداثية:
      498     40     22N      224     16     053E
بقالة الشبيطة وتعبئة الغاز والثلج
محطة تحلية المياه في الشبيطة
محطة الوقود في الشبيطة
بينها وبين المفرق السابق(194) كيلا وفيها محطة وقود وبقالة وكامب لإحدى الشركات ومحطة تحلية مياه يروي منها كل الشركات القريبة والبعيدة. وهي تقع بين الكثبان الرملية والسبخات ثم سرنا في النفود على مسحية بطول(20)كيلا (يسميها أهل المنطقة(مكنكرة) لأنها مردومة بالكنكري وهي الحصاة الصغيرة البيضاء التي يردمون فيها الخطوط عند تعبيدها) وبتنا في(قلمة الطويل الشمالية) احداثية:
      326     32     22N     295     14     053E
المسحية(المكنكرة) المتجهة من الشبيطة إلى الخرخير وتمر على قلمة الطويل
ياسلام على جمال الرمال وأشكالها في قلمة الطويل
بداية نزولنا قبل المغرب في رمال قلمة الطويل
في الصباح الباكر بعد مبيتنا في قلمة الطويل
وفي الساعة(8:30) من صباح يوم الأحد: 14/3/1434هـ بعد الفطور توكلنا على الله لنواصل السير نحو الشيبة. ومررنا شبيطة وزودنا السيارات بالوقود والماء. ثم توجهنا على الطريق المعبّد الموصل إلى الشيبة. ومررنا بعدة معالم منها(عرق هنيّة) (عرق الخرزة)(عرق الخفا)(عرق رامس)(عرق العلقا)على يسار الطريق (عرق المناهيل) و(منطقة الكدن) الواسعة (عرق مبخوت)(شوالة)(عرق المسندي) على يمين الطريق الذي يسير مجاورا لحدود المملكة مع دولة الإمارات العربية. وتكثر على الطريق السبخات الواسعة التي تتشبع بالماء على عمق مترين أو أقل. ونمر على مركز تفتيش الناقلات وتوقفنا لقياس ارتفاع الكثيب الرمل المرتفع المجاور للمركز، وتبين بعد القياس التقريبي بأن ارتفاعه عن مستوى سطح الأرض المجاورة (160ـ180 مترا).
هذا هو الكثيب الرملي الذي تم قياسه(160ـ180 مترا) عند ميزان الشاحنات
      ونستمر في المسير..وعندما وصلنا نقطة تفتيش سلاح الحدود(زرار) قام الأفراد باستقبالنا والترحيب بنا باسم الرائد/سلطان العمري الذي نقدّم له ولزملائه الشكر والتقدير على الحفارة والتكريم الوافرين، ثم رافقونا إلى المركز الرئيسي ومررنا بمركز الشيبة حيث آبار البترول. والسبخات الواسعة التي تم فيها اكتشاف الزيت الخام والغاز والماء. كما أن الطريق المعبد يشق الكثبان الرملية العالية والسبخات وتشاهد المنشآت البترولية الضخمة وأنابيب نقل الزيت إلى المعامل تمتد فوق ووسط الرمال وعلى جانبي الطريق. ونمر منطقة (أم الحشوان) و(المنادر). 
وعند وصولنا إلى مركز حدود الشيبة استقبلونا استقبالا حافلا بالبشر والترحاب وأكرمونا اكراما كبيرا. وفي مقدمتهم الرائد/سلطان العمري والرائد/ مشاري الخالدي وزملائهم الكرام. وقدموا لنا القهوة والشاي. ثم صلينا الظهر والعصر جمعا وقصرا، وتناولنا عندهم طعام الغداء في الساعة (2:50) ظهرا. احداثية:
571     44     22N      535     05     054E
التنقيب عن النفط في الشيبة
منظر عروق الشيبة الحمراء العالية
منظر آخر لعروق الشيبة العالية المخيفة
ثم اتجهنا إلى مقر شركة أرامكو في الشيبة على احداثية:
492    30    22N     314    57    053E
بينها وبين مركز الحدود(35 كيلا) وبينها وبين البطحاء(286 كيلا) وصلنا الساعة (4:50 م) وعند وصولنا إلى اسكان الشركة كان في استقبالنا مدير المشروع المهندس القدير/فهد العبدالكريم. الذي يتمتع بخلق جم وأدب عال ووجه بشوش. وفورا اعتلى بنا على الأقدام فوق كثيب مرتفع من الرمل يشرف على المشروع والمطار والمباني الجميلة في منظر يطرّزه قرص الشمس عند المغيب بخيوط من الذهب تسطع على صفحة الرمل الذهبي. وفي الجهة المقابلة بزوغ القمر ليلة البدر في ليلة قمراء تغري الشعراء بإنتاج أدبي جميل وبوح من الخواطر الجيّاشة. وأخذ يشرح لنا على الطبيعة أمام مرآى مشاريع كثيرة تدل على عمل دؤوب وحركة نشطة ووجود ثروة هائلة من الزيت. وكان حديثا ماتعا مثمرا من رجل مثقف يعمل بإخلاص وتفان لخدمة دينه ووطنه وأمته.
الكثيب الرملي الذي يشرف على منشآت أرامكو. وكلّفنا بالصعود عليه.
منشآت ارامكو، وتشاهد الطائرة في المدرج.
الشمس عند المغيب تعطي الجو منظرا بديعا في ليلة (ارامكية) جميلة
القمر ليلة البدر يتعقّب مغيب الشمس في الجهة المقابلة
وبعد الحديث انتقلنا إلى صالة واسعة وتم عرض مشهد من القول والصور عن (قصة الشيبة) الفتيّة. التي نفخر بوجودها في مملكتنا الغالية ويديرها كفاءات متميزة من الرجال المخلصين. ومن العرض تبين أن اكتشاف حقل الشيبة الكبير المجاور لحدود دولة الإمارات العربية المتحدة تم في شهر أبريل 1968م ثم بدأ انتاج أرامكو من الزيت في شهر يونيو 1998م ثم أعلنت المملكة عن تعدد الفرص لاستكشاف الغاز غير المصاحب في الربع الخالي. ومنها توقيع عقد شراكة مع عدد من الشركات لاكتشاف واستغلال الغاز غير المصاحب المتوفر في عدة مواقع في الربع الخالي. كما أن منطقة الربع الخالي تحتوي على مصادر أخرى غير النفط والغاز وهي: كميات وافرة من المياه والسبخات الواسعة المساحة والكثبان الرملية العالية. كذلك مجموعة من المواقع الأثرية التي تكمن في الرمال وفيها امكانات للفرص السياحية الواسعة. كما يوجد في الربع الخالي حياة فطرية وزراعية لم يتم الكشف عنها. وفي قاعة العرض اعجبني مجموعة من اللوحات الصغيرة التي تحمل عبارات الجودة وهي(المسئولية ـ التميّز ـ النزاهة ـ السلامة) التي جعلتها ارامكو مبادئ يسير عليها موظفوها. أنقل عباراتها كما يلي:
1ـ المسئولية:
ـ أنا موظف أرامكو السعودية. إذا قطعت وعدا ، التزمت به. أتبنى العمل بأكمله وليس مهمتي فقط.
ـ شركتي تدعم إبداعي. وتفكيري يتجاوز حدود وظيفتي، وأتحمل مسئولية نتائج عملي.
ـ أعبر عن رأيي بمهارة. أحرص على أن أكون قدوة للآخرين لأعزز مكانة شركتي.
ـ لدي قدرة على الابتكار. وأشعر بمسئوليتي تجاه الإنجاز. ولذلك أنا جدير بتحمل المسئولية.
2ـ التميّز:
ـ إنا موظف أرامكو السعودية إتقان العمل سمتي.
ـ أرسم أهدافا طموحة.منفردا عملت أو ضمن فريق.
ـ جدير أنا بثقة الآخرين.
ـ أبذل كل طاقتي لتلبية تطلعات شركتي.
ـ أحقق الأفضل مبتكرا.. معززا الأداء.
ـ أصقل مهاراتي.وأساند زملائي وأصدقائي. لذا فإن التميّز غايتي.
      3ـ النزاهة:
ـ أنا موظف ارامكوالسعودية الإنصاف سمتي في جميع تعاملاتي.
ـ إزرع الثقة في العمل وخارجه.
ـ ألتزم بأخلاقيات مهنتي.
ـ شركتي تعتمد علي.
ـ احترم الجميع بلا استثناء.
ـ سلوكي في العمل مثالي.
ـ أحافظ على علاقاتي وأرعاها لتدوم.
ـ شركتي أمانة في عنقي.
ـ أتصدى لأي سلوك خاطئ. لذا فإن النزاهة منهجي.
4ـ السلامة:
ـ أنا موظف ارامكو السعودية أتصدى لأسباب الحوادث في محيط عملي.
ـ في عملي في بيتي في كل خطوة أخطوها أجعل السلامة نصب عيني.
ـ أحافظ على سلامة زملائي وأصدقائي وممتلكات شركتي.
ـ أعمل على حماية أسرتي وأسعدهم بسلامة عودتي.
ـ ولأن الحياة أمانة فإن السلامة هي خياري.
5ـ المواطنة:
ـ أنا موظف ارامكو السعودية التزامي يتخطي مكان عملي.
ـ أسهم بفاعلية في أي مجتمع أعمل فيه.
ـ أمد يد العون وأبادر بالعطاء.
ـ أتطوّع. أحمي بيئتي وأعزّز الفرص الإقتصادية.
ـ أعمل لخير الآخرين.
ـ مجتمعي أفضل باسهاماتي. هكذا أفهم المواطنة.
      كذلك قامت ارامكو بنشر لوحات صغيرة أخرى في كل مكان من أمكنة العمل، تحمل عبارات قصيرة تدل على معان كبيرة تلتزم بها الشركة تجاه الموظفين والمجتمع. مثل:
ـ المسئولية: نتحمل مسئولية أعمالنا ونلتزم بتحقيق أهداف الشركة.
ـ النزاهة: نلتزم بالمعايير الأخلاقية في أداء أعمالنا.
ـ المواطنة: نؤثر إيجابيا في محيط عملنا.
ـ التميّز: نطمح لتحقيق أفضل النتائج ونواجه التحديات بمرونة وحيوية.
ـ السلامة: نطبق أرقى معايير السلامة في أعمالنا ونلتزم برعاية موظفينا وسلامتهم.
وعند مدخل مجمّع مكاتب الموظفين رأيت لوحة رائعة تعطي الجميع مبدءا واضحا للسلوك المتميز. والعبارة بعنوان(الملابس اللائقة) وفيها(على مرتادي هذا المرفق أن يراعوا في ملابسهم قواعد الذوق والحشمة.. لايسمح بالدخول لمن يرتدي البنطلون القصير أوملابس النوم أو يكون حافي القدمين. أ.هـ.
 ثم تناولنا العشاء في بوفيه الشركة مع موظفيها وأخذنا جلسة سمر مع بعض موظفي الشركة في ديوانية مفتوحة أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا بقلوب يملؤها الحب والتقدير من الجميع للجميع. ثم دعانا المهندس فهد إلى جولة في متحف تراثي صغير قام أحد موظفي الشركة بعمله وجمع القطع الثرية فيه. رأينا فيه عدة قطع أثرية مثل: أواني الخوص والخشب والخزف والزبيل والمطعمة والخصّاف والإتريك والدافور وآلة التصوير القديمة وبيضة النعام وبعض القطع الثرية من الرمال والراديو وصندوق الخشب القديم وبعض القطع الحجرية قديمة والزير وطاحونة البن اليدوية القديمة والمبخرة زالمهباش والنجر وغيرها.
قطع مصنوعة من الخوص والسعف والخزف
إتريك القاز ودافور القاز
آلة تصوير قديمة
المنفاخ وصندوق الخشب الثقيل
قطعة حجارة متشبعة بالزيت الخام
قطع مصنوعة من الخوص. السطل والمطعمة والزبيل
المبخرة القديمة
ثم توجهنا إلى قلعة مرتفعة فوق كثبيب رملي تسمى(الرملة) تشرف على مساحة واسعة من السبخات والرمال من كل الجوانب عُملت للجلوس في جو عليل يسطع فيه نور القمر واشعة النجوم في الفضاء الكوني. بعدها استلمنا مفاتيح أجنحة النوم الفخمة والتي تحاكي أجمل الأجنحة في أفخم الفنادق وفي أكبر المدن العالمية. ويحتوي كل جناح على غرفة نوم واسعة جُهزت بفُرش وثيرة ومريحة، ودورة مياه فيها كل وسائل النظافة الشخصية، وغرفة ملابس وصالة واسعة تم تجهيزها بوسائل الراحة والمتعة، وبوفيه يوجد به ما لذ وطاب من المشروبات والأطعمة. وأخذ كل منا مضجعه في جناحه في ليلة جميلة وفي اسكان فاخر.
وفي صباح يوم الاثنين: 15/3/1434هـ تناولنا الفطور في بوفيه منوّع وخاص:
صورة بوفيه الفطور
صورة أخرى لبوفيه الفطور مع الطهاة
      وبعد ذلك ركبنا الحافلة من أجل القيام بجولة واسعة على منشآت الشركة وكان يرافقنا أحد المهندسين المختصين ويزودنا بالشرح الوافي عن كل المنشآت التي نمر عليها. ومن المعلومات عن أرامكو: أن كل فئة من العاملين لهم لباس خاص بهم يتكون من قطعتين. لون لباس المهندسين رصاصي ولباس الفنيين لونه أزرق أما لباس المشغّلين فلونه بيج. أم مطار أرامكو فهو يتسع لعدة طائرات وطوله (6 أكيال) يجاور المبنى الإداري في سبختين متجاورتين. ويجد لدى أرامكو (100) بئر كل بئر في سبخة واسعة وهذا يسهّل لهم الحفر، وكل الآبار تنتج الزيت وينقل منها إلى المعامل بالأنابيب. والجميل في الربع الخالي أن الحفر في آبار البترول يتم بشكل أفقي فيتدفق الزيت والغاز والماء معا بطريقة تلقائية. أما السبخات التي لا يوجد فيها بترول فتكون مقرا للمقاولين والشركات الأخرى مثل السبخة المعروفة لديهم (سبخة المقاولين).
أما كلمة(الشيبة) فتعني لديهم(الرجل الكبير/ OLD MAN) وكانت شركة أرامكو تعد العدة لاكتشاف النفط حيث تم اختبار السبخات التي تقع بين الكثبان الرملية قبل عام 1950م بوضع أعمدة شاهقة على حد الكثبان من أسفل عند التقائها مع السبخات، وبعد عشر سنوات وجدوا أن الأعمدة كما نصبوها لم تطمرها الرمال. وهذا يدل على معجزة من رب العالمين حيث تنتقل حبات الرمل من كثيب إلى آخر مقابل له دون أن تنزل في السبخة وتدفنها. ثم بدأ في عام 1950م اكتشاف النفط في الشيبة حتى عام 1968م وفي عام 1996م بدأ العمل بالحفارات في سبخات الشيبة وبدأ الإنتاج في عام 1998م بمقدار(500000) برميل يوميا. ومنذ عام 2009م ارتفع الإنتاج إلى(750000) برميل يوميا. وفي الأعوام القادمة سوف يزيد الإنتاج بإذن الله.
وقد تم في الشيبة إنشاء أربعة معامل لفصل الغاز عن الزيت. وفي عام 2014م سوف يتم توسعة معامل الفرز. كما سوف يرتفع الإنتاج في عام 2015م إلى(مليون) برميل يوميا من الغاز المُسال. ويشمل البنزين والديزل والكيروسين. ويوجد في الشيبة أكثر من(100) بئر نفط وفيها(600) أنبوب لنقل الزيت الخام. واحتياطي النفط في الشيبة (34) ألف مليون برميل. وفيها مطار طول مدرجه (6 أكيال) ينزل فيه رحلتان في الأسبوع لطائرات أرامكو.
أما افتتاح حقل الشيبة فقد تم في 22/11/1419هـ 10/3/1999م افتتحه ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في عهد الملك فهد. هذا كما رود في اللوحة التذكارية للمشروع. والشيبة هو المعمل الصناعي الأول في العالم الذي يتم فيه احراق الغاز بدون دخان، ويتم ذلك في المعمل الرابع.
احراق الغاز في الشيبة وتشاخد النار بدون دخان.
 ثم رافقنا أحد المهندسين في جولة في معمل فصل الغاز عن الزيت رقم(4) وهو في طور الإنشاء. بدأت الجولة في مركز التحكم والمراقبة، وقابلنا مجموعة من الشباب السعودي تقلّ أعمارهم عن(25) سنة لديهم طموح منقطع النظير ومتحمسون للعمل والإنتاج يشرف عليهم/ خالد الحربي ويقومون بتشغيل أجهزة المراقبة للمعمل على أجهزة الحاسوب بشكل دقيق ومنظّم.

صورتان لمركز التحكم والمراقبة في الشركة
كما يوجد في مشروع الشيبة(2000) موظف نسبة السعوديين فيهم أكثر من(95%) وشاهدنا في الجولة منشآت كبيرة ومتعددة تعمل بأسلوب عال من الدقة والتنظيم. وتقوم الشركة بتشغيلها من أجل التنوع والتوسع في الانتاج. ثم تواصلت الجولة في معمل الإتصال الهاتفي والانترنت ويحتوي على (200) خط ومثلها للإحتياط. وبعد الجولة عدنا إلى مقر الشركة وتناولنا الغداء على مائدة الشركة العامرة بما لذ وطاب من الطعام.
صورتان لمركز الإتصالات في شركة ارامكو

صورة معمل فصل الزيت عن الغاز والماء
صورة معمل فصل الزيت عن الغاز والماء
صورة معمل فصل الزيت عن الغاز والماء
وفي صباح يوم الاثنين: 16/3/1434هـ سرنا في الساعة(3:10 ص) عائدين على طريق الشيبة/البطحاء إلى مقر شركة الروسان الذي يبعد عن الشيبة(20 كيلا) وعن مركز أم الزمول(207 كيلا) على احداثية:
194     38     22N      040     05     054E
وطول الطريق من البطحاء إلى الشيبة(380 كيلا) وسوف ينتهي عمل الطريق في شهر ذي القعدة 1435هـ بقيمة(945) مليون ريال. ويتم فيه عمل جسرين وخمس عبارات. ويتم ردمه فيما بين الكثبان الرملية، ويصل ارتفاع بعض الردميات إلى(68 مترا).

مقر شركة الروسان في الربع الخالي
والشركة تقوم بتنفيذ طريق معبّد يتفرع من الطريق الرئيسي إلى مركز أم الزمول الحدودي ضمن العقد الموقع مع شركو ابن لادن. وعند وصولنا استقبلنا المهندس/ فايز صبّاحين، اردني الجنسية وزملاؤه بالترحيب والقهوة العربية، وقام يشرح لنا عن الطريق الجديد الذي يمتد من البطحاء إلى أم الزمول في حدودنا مع سلطنة عُمان محاذي لقرية (عبري) العُمانية بطول(565 كيلا) بعرض(12:50 مترا) وتنفذ الشركة منه(234 كيلا).
وبعد استراحة مع الجميع للحديث عن الطريق، قمنا بجولة بمرافقة المهندس فايز على المنجز منه الذي يعلو الكثبان الرملية العالية تارة وينحدر إلى السبخات الواسعة تارة بمقدار(25 كيلا) ثم وصلنا إلى نهاية الإنجاز قبل المغرب بساعة على احداثية:
242     38     22N     536     03     054E
ثم أخذنا جولة للتعرف على طريقة العمل في الطريق، وجلسنا فوق الكثيب العالي عند مغيب الشمس وعلى ضوء القمر الساطع نحتسي القهوة والشاي، عدنا بعدها إلى مقر الشركة وجلسنا في بيت من الشعر جلسة أحاديث ودّية ماتعة وتناولنا العشاء مع صاحب الشركة/أبو طارق الروسان الذي أكرمنا بترحيبة وحديثة المفيد. كما قامت شركة اعلامية متعاقدة مع شركة(آرا) بإجراء لقاء مسجّل مع بعض أفراد الرحلة. ثم بتنا تلك الليلة في مخيم الشركة.
الطريق الذي تقوم بتنفيذه شركة الروسان فوق الكثبان الرملية
وفي صباح يوم الثلاثاء:17/3/1434هـ الساعة(6:45 ص) توكلنا على الله مودعين الأصدقاء في الشركة ومتوجهين نحو مركز(أم الزمول) عبر كثبان النفود العالية والسبخات الواسعة. وسوف أقوم بتسجيل مجموعة من الإحداثيات من أجل رسم الطريق المردوم حتى نصل الرياض. ويلاحظ بأن الربع الخالي يرتفع في الجهة الغربية حيث يصل إلى(948 مترا) أكثر من الجهة الشرقية حيث يصل إلى(63 مترا).
تواصلنا مع الطريق المردوم بإتجاه مركز (زرار) وبعد حوالي خمسة عشر كيلا وصلنا إلى إحداثية الإرتفاع فيها (163مترا).
138     36     22N     406     56     053E
ونستمر في المسير نحو منطقة (أم الحشوان) حتى نصل إلى مركز حدودي يسمى (زَرّارْ) على حدودنا مع دولة الإمارات العربية ويقع على احداثية:
152     36     22N      046     07     054E
اتصل الطريق المردوم الذي نسير عليه عند مركز زرّار بطريق معبّد وهو خاص بسلاح الحدود. ونمر سبخة واسعة يسير عبرها الطريق المردوم الذي تقوم شركة الروسان بإنشائه حيث يقومون بردم السبخة بارتفاع(60 كترا) حتى توازي ارتفاع الكثبان الرملية المجاورة. وينحدر بعدها ليتصل بطريق معبّد. وفي الطريق مررنا المقر الثاني لشركة الروسان وسط النفود احداثية:
058     36     22N     579     13     054E
بعدها بعدة أكيال وصلنا إلى منطقة العمل للشركة. ثم أخذنا جولة في منطقة العمل الواسعة. والردم يصل فيها إلى ارتفاع(54 مترا) من أجل منع تراكم الرمال الزاحفة على الطريق المعبّد. ثم نصل سبخة واسعة تعمل الشركة فيها بحيث يأخذون الرمل بالجرافات من (الدركال) وهو جال كثيب عال من النفود لعمل الردم للخط المعبّد. شاهدنا فيه كيف أن الرمل متماسك بقوة كأنه جبل من الصخر وذرات الرمل تنحدر كأنها شلال من الماء ينحدر من أعالي الجبال بمنظر خلاّب وشكل جميل. عند احداثية:
187     36     22N     225     26     054E
شكل الكثيب الرملي من أثر الجرافات كأنه جبل من الصخور
شكل آخر الكثيب الرملي وذرات الرمل تنحدر منه كأنها شلال ماء
      كما لا حظنا ظواهر عجيبة من صنع الخالق وهي: أن الكثيب الرملي الذي يتجه شمالا بعكس أشعة الشمس يكون رطبا من المياه التي يحتفظ بها. ويكون لونه أحمرا. أما الكثيب الذي يأتي جهة الجنوب مواجها لأشعة الشمس يكون خاليا من الماء ولونه أصفر أو مختلك بين الأبيض والأصفر. كما يلاحظ أن الشجيرات التي تنبت في أسافل الكثبان الرملية ترتفع قليلا عن أرضية السبخة من أجل أن ترتفع عن الماء المالح وتعيش على المياه العذبة التي تحملها ذرات الرمل.
وبعد عدة أكيال من مسيرنا واجهنا الطريق المعبّد الذي يوصل إلى أم الزمول وهو خاص بسلاح الحدود. عند احداثية:
377     37     22N     001     25     054E
وبعد تناول الفطور واصلنا السير في الساعة(10:20) صباحا باتجاه (أم الزمول) عبر الطريق المردوم بإتجاه الجنوب الشرقي ونبعد عن حدودنا مع دولة الإمارات حوالي (9) أكيال. ويلاحظ في الطريق أنه كلما اتجهنا شرقا فإن السبخات تزيد مساحتها وتتسع. كما يلاحظ أن الكثبان الرملية التي تتجه شمالا يكون الرمل فيها على شكل خلايا النحل، أما الكثبان المتجهة جنوبا فيكون الرمل فيها على شكل ضلوع منحدرة إلى الأسفل كالخطوط يختلط فيها الرمل الأبيض مع الأحمر. وبعد أنه قطعنا عدة سبخات شاهدنا برج الحدود لدولة الإمارات يسار الطريق شاهقا فوق أحد الكثبان الرملية. احداثية:
155     39     22N     228     52     054E
ومنها اتصلنا بالطريق المعبّد الخاص بسلاح الحدود السعودي عند منطقة (المنادر) وسرنا مع الطريق المعبّد في الساعة(11:35 ص) ونحن نسير يجاورنا شبك حدود دولة الإمارات يعلوه شبك شائك مكهرب بينه وبين الخط حوالي(100 متر) ثم نستمر بالطريق المعبّد عند احداثية:
599     37     22N     164     07     055E
وكانت درجة الحرارة(27) درجة والإرتفاع(138) مترا. والمسافات التقريبية:
زرارة ـ عردة = 58 كيلا.
عردة ـ أم الزمول = 140 كيلا.
عردة ـ دعبلوت =270 كيلا.
دعبلوت ـ الخيران =90 كيلا.
الخيران ـ المنجور = 140 كيلا.
المنجور ـ الخرخير = 170 كيلا.
ثم وصلنا مركز(زرّارة) وهو(نهاية قطاع البطحاء/الشيبة) وبداية (قطاع عردة/أم الزمول) وعند هذا المركز إلتقاء حدودنا مع حدود دولة الإمارات وسلطنة عُمان. وبين زرارة وعردة(58 كيلا) وهنا عند احداثية:
517     37     22N     121     08     055E
      أنهينا إجراءات المرور.. والحدود المشتركة بين الدول الثلاث تجاور الخط المعبّد جهة اليسار. واصلنا السير حتى وصلنا نقطة حدود واستقبلنا الرائد/ مبارك الرويلي وزملاؤه بالترحيب والقهوة العربية على احداثية:
      497     14     22N     093     27     055E 
والإرتفاع(84 مترا) ثم واصلنا السير ومررنا موقعا على الطريق على بُعد ثلاثة أكيال من زرارة هو نهاية العمل لشركة الروسان في الطريق المعبّد. ويسمون تلك النقطة(الربع الخالي) وهي بين حدود المملكة وعُمان، على مسافة واحدة من الحدود لكلا الجانبين ومبنى المركزين بتصميم مماثل. وعند احداثية:
308     36     21N     348     31     055E
والإرتفاع(68 مترا) عندها نزلنا عن الطريق المعبّد قبل نهايته بكيلين على ردمية تتجه جنوبا نحو مركز(عردة) ومن هذه النقطة تبدأ(رحلة التحدي الكبير في الربع الخالي)
ونستمر في السير على الردمية الصعبة ونمر احداثية:
375     31     21N     252     24     055E     
والإرتفاع (83 مترا) ونستمر في السير في الربع الخالي ونشاهد جمال الكثبان الرملية العالية التي تختلط الألوان فيها بين الأحمر والأبيض والرصاصي، كما نرى بعض الرمال تشبعت بالماء واحمرّ لونها، والعجيب في رمال الربع الخالي وهذه معجزة من رب العالمين وهي: أن الكثبان الرملية العالية المتجاورة غالبا ما يكون بينها سبخة واسعة، ولكن تلك السبخة لا يمكن أن تغمرها الرمال، بحيث تنتقل ذرات الرمل المتحركة من كثيب إلى كثيب آخر مجاور له بشكل أفقي دون أن تنزل إلى أرض السبخة اطلاقا. لذا تبقى تربة السبخة وطينتها على لونها الأصلى, شهباء كأنها تربة بحر أو بيضاء كأنها جصّة. مع العلم بأن أكثر السبخات فيها آبار بترول أو منابع مياه يستفيد منها من يرتاد المنطقة أو يعمل فيها. كالشركات العاملة في الطرق أو الباحثين أو غيرهم. كما أن الكثبان الرملية تتشكل بأشكال جميلة وغريبة طولية وعرضية ودائرية وحلزونية أو على شكل قبب، كما تشاهد ذرات الرمل الدقيقة تنهلّ من الكثيب إلى أسفل أو بشكل أفقي كأنه بخار الماء أو الشلال ينزل من أعلى الجبل. انظر إلى الأشكال التالية للرمال كيف تتشكل بأشكال جميلة.




حفر مياه في السبخة لا يمكن أن تطمرها الرمال.
منشأت حيوية في السبخات لا تطمرها المياه
ونستمر في السير على الطريق المردوم باتجاه عردة بين جبال من الكثبان الرملية، ونمر مناطق مشهورة مثل(النادر)(الحدّة)(مشبك السيارة)(عروق الحاقنة)(عروق الغافة) وغيرها، كما نصل احداثية:
029    18    21N    470    16    055E
والإرتفاع(88 مترا) ونستمر عدة أكيال مع عروق الحاقنة التي تغطي السبخات السفلى حتى نصل مطار(عردة) على احداثية:
582     13     21N     556     15     055E
والإرتفاع(92 مترا) وفيها منشآت مطار عسكري ومهبط طائرات وبرج مراقبة وخزان للماء وعدة غرف من الحديد وأشجار منوعة تغطي أرض الموقع. كما نصل مقر قطاع إدارة حدود عردة على ارتفاع (95 مترا) واحداثية:
047     08     21N     538     19     055E
واستقبلنا قائد القطاع العقيد/ فهد بن هذال العنزي ونائبه العقيد/ طراد الحارثي وزملا ئهما من الضباط والأفراد وكل العاملين ورحبوا بنا ترحيبا حارا يدل على أخلاقهم وكرمهم وجودهم وسماحتهم. كما غمرونا بكرم الضيافة وحسن الإستقبال والوفادة. وتناولنا معهم القهوة والشاي في بيت جميل من الشعر وجلسة ترحيب وسوالف ممتعة. ثم انتقلنا إلى مكتب العقيد فهد فرحب بنا ووجدنا منه روحا عالية ونفسا رضيّة وقام يشرح لنا على الخرائط المتوفرة عن مهمة عملهم الواسعة وطريقة إشرافهم على منطقة واسعة من حدودنا مع عّمان واليمن. وأوضح لنا الإنجازات التي تمت لديهم.
ثم تناولنا العشاء في ضيافة العقيد الكريم ورفاقه، وجلسنا في خيمة جميلة جلسة سمر مقمرة يناغمها نور القمر الساطع نتشاعر ونروي قصص وأشعار القدماء. ونتحدث عن أمور الحياة وشؤونها أحاديث المحبة والإخاء. ثم حضر أحد الأفراد من قبيلة مرة وأخذ يروي لنا من كلامهم الذي يصعب فهمه علينا زقام بالشرح لما يقوله وسعدنا بتلك الجلسة الجميلة. كما تفضّل علينا قائد المجمّع بأن يرافقنا الأخ/ ناصر بن ساير القحطاني دليلا للرحلة حتى يمكن أن يدلنا على بعض المشاهد في الربع الخالي وينزل في وادي الدواسر. ثم انتشرنا للنوم في الساعة(11 م) في سكن المجمع.

وفي صباح يوم الأربعاء:18/3/1434هـ أدينا صلاة الفجر مع جماعة المسجد في مجمّع عردة ثم توجهنا متوكلين على الله ومواصلين رحلتنا في الربع الخالي/ وقد كان توجهنا بداية نحو بحيرة(أم الحيش) الساعة(5:46 ص) ونستمر على الطريق الترابي الواسع الذي يشق الرمال الكثيفة والسبخات الواسعة. على احداثية:
548     00     21N     592     09     055E
والإرتفاع (82 مترا) والعجيب أن هذا الخط الترابي واسع جدا ومتعدد المسارات يرتفع ويهبط حسب الكثبان والسبخات باتجاه الغرب.
الطريق الترابي في السبخة
الطريق الترابي في النفود
وبعد عدة أكيال من مسيرنا وجدنا لوحتين معدنيتين لونهما أزرق والكتابة باللون الأبيض في إحداهما سهم يشير إلى الأمام وعليها اسم(مركز ذاعبلوتن) والأخرى فيها سهم يشير إلى الجنوب وعليها اسم (مركز السحمة) ونستمر في الطريق الترابي الذي يوجد فيه بعض المعالم الصغيرة التي توضح مساره. ثم نمر سبخة واسعة وكبيرة تسمى (سبخة أم الحيش) قرب البحيرة تشاهد طينتها وقد تشققت على أشكال غريبة، وبعضها يُرى الملح وقد تجمّد في أعاليها. على ارتفاع (83 مترا) وهذه احداثيتها وصورها:
568     41     20N     552     45     054E


ثم وصلنا إلى بحيرة (أم الحيش) على ارتفاع(97 مترا) واحداثية:
149     42     20N     563     43     054E
وهي عبارة عن زبارة عالية من الرمل وكثبان رملية مرتفعة تقع بينها بحيرة جميلة ماؤها بارد وصافي تحيط بها مجموعة من الأشجار والنخيل والأعشاب الصغيرة وحولها عدة سبخات بين الرمال. هذه ثلاث صور لها:



الغضا في نفود أم الحيش
النخيل والشجيرات في أم الحيش
ونستمر في الطريق الترابي الواسع الذي يشق الرمال والسبخات. وعندما وصلنا احداثية:
491     38     20B     166     27     054E
وصلنا إلى مفترق طريقين مردومين أحدهما يتجه جهة الجنوب نحو الحدود. والآخر يتجه شمالا نحو منطقة(الكدن) الكبيرة الواسعة حتى(شبيطة) التي تقع في(قلمة الطويل) ومررنا عليها ونحو متجهين من حرض إلى الشيبة. ونستمر مع الطريق الترابي الذي يمكن السير فيه بسرعة تصل إلى(130 كيلا/ساعة) ثم مررنا مهبطا للطائرات تستخدمه الشركات بين الكثبان الرملية على ارتفاع(205 مترا) واحداثية:
030     13     20N     562     03     054E
ونستمر مع الطريق حتى وصلنا مطار (ذعبلوت) وهو عبارة عن مطار متواضع يقع في وسط النفود فيه شبك يحيط بمدرج الطائرات وخزان ماء ومجموعة من الأشجار والغرف من الحديد.
شبك مطار ذعبلوت.
وبعده بعدة أكيال وصلنا مركز(ذعبلوت) ويوجد من يسميها (دعبلوت) وقد كُتِبَ على مقر المركز(ذاعبلوتن) التي بينها وبين عردة (275 كيلا) وقد فسّر أخونا أبو فارس أحد أعضاء الرحلة بأن الإسم أصله (W 10) حيث كانت أرامكو عندما يكتشفون بئر بترول أو موقعا ذا أهمية يعطونه رقما يميّزه عن غيره. وقد أسموا هذا الموقع بذلك ولكن البادية في الربع الخالي ترجموا الإسم إلى اللغة العربية باسم(دعبلوت) ثم تم تحريفه مع كثرة التداول وأخذ عدة ألفاظ. وهي على احداثية:
171     44     19N     469     57     053E
استضافنا رئيس مركز دعبلوت/ محمد بن صالح بن كلوت وتناولنا القهوة والشاي في المركز وزوّدنا السيارات بالوقود.
والمسافات التقريبية هي:
دعبلوت ـ الخيران= 100 كيلا.
الخيران ـ المنجور= 170 كيلا.
المنجور ـ الخرخير= 120 كيلا.
واستمرينا في الطريق الذي يحاذي حدودنا مع سلطنة عُمان. وحيث لا يوجد بيننا وبين السلطنة حواجز أو شبك ولكن يوجد على مسافة كل كيلو متر علامات عبارة عن مربع خرساني بارتفاع متر تقريبا ويعلوه ماسورة من الحديد بارتفاع حوالي مترين، وفيها لوحتين نحاسيتين من الجانبين كتب عليها من الجانب السعودي(المملكة العربية السعودية.. نقطة حدود رقم ج د 38) ومن الجانب الآخر(سلطنة.. عُمان نقطة حدود رقم ج د 38) ويبدو بأنها كافية للمراقبة.
ثم نستمر على الطريق بين السبخات الكثيرة، ثم بدأت تتشكل الكثبان الرملية الحمراء العالية المختلطة مع البياض والسواد. ونصل احداثية:
119     34     15N     375     40     053E
وبعد أن استمرينا في الطريق مسافة تقرب من عشرين كيلا شاهدنا في النفود قطيعا من مجاهيم الإبل هي الوحيدة التي رايناها فيما مضى من رحلتنا. والدوريات السعودية تراقب بشدّة وكثافة الطريق والحدود الطويلة حيث قربنا من حدودنا مع عُمان واليمن التي تكثر فيها التسللات من المهربين والهاربين. ورأينا متسللا من الجنسية اليمنية ينزوي بجانب الطريق هربا من رجال الدوريات ويبحث عمن يقوم بنقله إلى أحد الأماكن الآمنة. لكن تمكن رجال الأمن من العثور عليه وحمله إلى مركز الخيران. كما رأينا كيفية تعامل رجال الأمن معه وأمثاله، حيث كانوا يكرمونه ويطعمونه ويرفقون به حتى يرتاح ويطمئن على نفسه. ثم يسألونه عن هدفه ويصادرون ما يحمله من ممنوعات ثم يعيدونه إلى بلده معززا مكرما. وهذا النهج الإسلامي في التعامل مع الأسرى والفارين وغيرهم.
ثم وصلنا إلى مركز(الخيران) على احداثية:
386     28     19N     072     14     053E
وهو من المراكز الحدودية المعروفة في الربع الخالي. واستقبلنا رئيس المركز/ عايض القحطاني وزملاؤه بالترحاب والكرم. وتناولنا لديهم القهوة والشاي، وصلينا عندهم الظهر والعصر جمعا وقصرا. ثم واصلنا السير باتجاه مركز(المنجور) على طرق بريّة عريضة في النفود على حدودنا مع سلطنة عُمان. يصعب السير فيها بين الكثبان الرملية العالية والسبخات الكبيرة. ونقطع مجموعة من الكثبان العالية والسبخات التي يعصب السير فيها بين ظهور كثبان مرتفعة ومنخفضات سبخات واسعة. ونمر احداثية:
520     23     19N     471     02     053E
وفي الساعة(4:45 م) بحثنا حولها عن مكان للمبيت أسفل مجموعة من الكثبان بجوار سبخة بيضاء يعلوها الملح. حيث بتنا ليلتنا بجوارها بارتفاع(183) عند احداثية:
070     24     19N     235     02     053E
وفي صباح يوم الخميس: 19/3/1434هـ في الساعة (6:40) واصلنا السير باتجاه المنجور. وفي الطريق واجهنا سبخة واسعة بين الكثبان الرملية العالية احداثية:
472     21     19N     213     03     053E    
      على ارتفاع(148 مترا) ونحن نسير باتجاه الجنوب الغربي على طريق ترابي عريض يرتفع وينخفض مع العروق الرملية العالية ويهبط داخل السبخات البيضاء الواسعة. كما نشاهد في الطريق الرملي أشجار الحمض المنتشرة واشجار الغضا على ارتفاع الكثبان. ونصل احداثية على ارتفاع(123 مترا):
      354     14     19N     363     47     052E
      وأثناء سيرنا على الطريق الرملي العريض مررنا على طريق مردوم(يسمونه مكنكرة: أي مردومة بالحصى الأبيض المسمى كنكري) ويوصل هذا الطريق المردوم إلى المنجور وطوله(79 كيلا) ونستمر في السير على الطريق المردوم حتى نصل إلى تقاطع تلك الطريق مع طريق آخر يتم تعبيده حاليا على ارتفاع(243 مترا) على احداثية:
      053     12     19N     434     25     052E
      وعندها بقي على حدودنا مع دولة اليمن(45) كيلا وبقي على مركز المنجور حوالي(14) كيلا. وعند المنجور تنتهي حدود المنطقة الشرقية وتبدأ حدود منطقة نجران ونستمر مع الطريق ونصل مجمّع المنجور بعد أن قطعنا(170) كيلا من الخيران وطول الردمية(79)كيلا. والمجمّع على ارتفاع(241 مترا) على احداثية:
      235     01     19N     338     02     052E
      ثم سعدنا بالترحيب والإستقبال الجميل من منسوبي مجمع المنجور واحتسينا القهوة والشاي عندهم وسعدنا بلقائهم والحديث الماتع معهم. وتم تزويد السيارات بالوقود. ثم توكلنا على رب العباد في الساعة(10:55 صباحا) وواصلنا السير نحو الخرخير(بين المنجور والخرخير 120 كيلا) طريق مردوم وهو امتداد للطريق السابق. وبين المركزين مركز آخر يسمى(الخو مهوّلة) وكان هذا مركزان ولكن تم الدمج في مركز واحد بسبب قربهما من بعض ووحدة المهمة. وعنده تنتهي حدود سلطنة عُمان وتبدأ حدود اليمن. كما أنه الأكثر في مشاكل التسلل والتهريب.
وبعد أن سرنا من المنجور(12 كيلا) عرّج بنا الدليلة أبو فالح سلمه الله على بئر كبريتية فوّارة وماؤها حار يتدفق مباشرة بدون دفع وبشكل مستمر من أثر الضغط الحراري فيها وتسمى(مهوّلة) على ارتفاع(243 مترا) واحداثية:
265     03     19     N     070     59     051E
بئر مهوّلة. ويخرج منها الماء بثلاث مواسير. وجوارها الصهريج للتعبئة
بئر مهوّلة. بداية مجرى الماء بعد نزوله من المواسير
بئر مهوّلة عندما يتجمع منها الماء في المجرى للتبريد

وقد حفرتها أرامكو أثناء التنقيب ثم وضعت عليها مراسير يندفع منها الماء الفوّار بقوة واستمرار ولا يتم قفل المواسير لئلا تنفجر البئر من الحرارة والضغط. ويبدأ جريان ماؤها بلون أبيض في مجرى ضيّق وينتهي ماؤها باللون الخضر في مجرى آخر محفور وعميق ليتم تبريده وتسقي منه المارّة. كما يقوم أصحاب الصهاريح بتعبئة الماء منها. وقام بعض أعضاء الرحلة بالسباحة أسفل الماء الكبريتي الحار بقصد المتعة. ولما قضينا حاجتنا من البئر واصلنا المسير على احداثية:
242     58     18N     243     37     051E
وارتفاع(242 مترا) وبعدها مررنا بطريق آخر مردوم يمر يسارالطريق الذي نسير عليه. وهو الطريق المقترح تعبيده ليصل إلى المراكز المجاورة. ثم استمر مسيرنا على الطريق المردوم والكثبان الرملية تتشكل بأشكال جميلة والحمرة تكسو أعاليها والسبخات الواسعة تستظل بظلها.
جميل شكل الكثبان الرملية والسبخات البيضاء تستظل بحماها.
شكل الطريق المردوم وهو يعلو الكثبان الرملية تارة وينحدر أخرى
أشكال جميلة للكثبان الرملية في الربع الخالي
السبخات عند مغيب الشمس وقد لعبت فيها شاحنات الشركات العاملة
مغيب الشمس من أجمل المناظر التي تتشكل عند المغيب فوق الكثبان الرملية. وهي تنشر أشعتها إلى الأعلى وتعطي الجو جمالا يذوب عنده الشعراء المتيّمون.
وعند احداثية اوتفاعها(336 مترا):
412     51     18     N     231     09     051E
وحيث بقي على الخرخير(5 أكيال) صار الخط المردوم الذي نسير عليه محاطا بسياج (شبك) حديدي من الجانبين حيث أشرفنا بعده على الخرخير.
سياج حديدي يحيط بالطريق قبل الخرخير
ثم وصلنا الخرخير على ارتفاع(297 مترا) واحداثية:
011    51    18N     122     07     051E
ودخلنا البلدة وتسوقنا منها وزودنا السيارات بالوقود والهواء ومنها يبدأ الطريق المعبّد إلى مدينة شرورة. ثم واصلنا السير نحو شرورة على الطريق المعبّد والمسافات:
الخرخير ـ شرورة= 510 كيلا.
شرورة ـ نجران=340 كيلا.
شرورة ـ الرياض= 500 كيلا.
وقطعنا من عنيزة إلى الخرخير: 2300 كيلا.
الطريق تكتنفه الكثبان الرملية متوسطة الإرتفاع التي تقع أسفلها السبخات الكبيرة البيضاء ويستمر الطريق على احداثية ارتفاعها(331 مترا):
070     45     18N     323     37     049E
وبعدها يلاحظ أن الكثبان الرملية قلّ ارتفاعها عن المواقع السابقة، وصار عبارة عن صياهد ترتفع تارة وتنخفض تارة. أما الجهة الجنوبية من الطريق ففيها النفود يأتي عبارة عن سيوف ممتدة من الجهة الشرقية إلى الجهة الغربية:

شكل النفود في تلك المنطقة يشبه السيوف المتواصلة المنحدرة
      ثم نتجاوز رملة تسمى(رملة القبور) ثم نستمر في السير ونمر مركز(أم غارب) فيه مركز حدودي مع دولة اليمن. على احداثية ارتفاعها(425 مترا):
      214     34     18N     109     47     048E
      وبعد عدة أكيال وقفنا حول الطريق للمبيت في مكان جميل نفوده غير مرتفع وحولنا بعض المسميات مثل(رقعة صاهد)(أم الحناش)(بني دلهام)(مشابك الخشناء)(شقة القعود) وعندما بقي على(شرورة)(120 كيلا) ثم وقفنا في مكان رملي منبسط وبتنا فيه ليلة الجمعة بين الكثبان الغير مرتفعة. عند مجمّع (المعاطيف) الحدودي.
      وفي الساعة(7:30) من صباح يوم الجمعة:20/3/1434هـ بدأت(رحلة التحدي) حيث سوف نسير حوالي (1600 كيلا) من موقعنا هذا إلى محافظة عنيزة. ومررنا على عدة مواقع مشهورة مثل(جنوبي القعيسان)(حادي آل سليمان)(الملسة)(القعيسان) ونمر احداثية ارتفاعها(609 مترا):
      455     57     17N     413     42     047E
      ثم نصل قرية(الأخاشيم) بينها وبين شرورة(20 كيلا) على ارتفاع(701 مترا) واحداثيتها:
160     43     17N     321     12     047E
ثم نمر قبل شرورة مفرق طريقين الأول يتجه يسارا جهة الغرب إلى شرورة والآخر يتجه شمالا إلى السليل ثم الرياض. بينه وبين السليل(430 كيلا) ونستمر مع الطريق وبعد عدة أكيال وصلنا مركزا فيه نقطة تفتيش يستمر الطريق عنده إلى نجران. ومنه مفرق يتجه يمينا إلى الرياض. ونستمر مع الطريق المتجه إلى الرياض بين الكثبان الرملية. ونمر هجرة (تماني) على احداثية ارتفاعها (815 مترا):
203     43     17N     372     07     045E
وبعدها نمر من هجرة أخرى. ثم نمر مركز (الوهط) ونستمر مع الطريق المعبد مركز (المندفن) وعندها نشاهد سلسلة جبال طويق ممتدا وشاهقا مدى الدهر يتحدى الصعاب. ويقع وأسفله مقابل قرية المندفن يقع مشروع مصنع اسمنت شركة نجران.
أما(جبال طويق) فهو تصغير لفظ(طوق) وهي سلسلة من أهم المعالم الجغرافية في الجزيرة العربية ويقع ضمن أراضي المملكة وهو قلب إقليم اليمامة التاريخي واقليم نجد. كما يسمى(جبل العارض) ويسمى(عارض اليمامة) يمتد نحو(800 كيلا) على شكل قوس أو(طوق) يتجه طرفاه نحو الغرب من نفود الثويرات قرب الزلفي في الشمال وينتهي عند وادي الدواسر والربع الخالي جنوبا. ويُطوّق أو يحيط بمنطقة واسعة من أراضي المملكة. وتنحدر سفوحه الشرقية بشكل تدريجي، أما سفوحه الغربية فتنقطع بشكل مفاجئ. وتنحدر على جانبه الشرقي مجموعة أودية منها وادي حنيفة قرب الرياض. كما تشقه من الغرب إلى الشرق أودية أخرى مثل: وادي لحاء ووادي الأوسط ووادي نساح. كما أنه عبارة عن هضبة ضيقة من الصخور الجيرية. وهو يعتبر الحاجز بين قرى سدير من الشرق وقرى الوشم من الغرب. صور جبال طويق:

صورتان لجبال طويق الشامخة
ونستمر مع الطريق ونمر قرية(سلطانه) على ارتفاع(891 مترا) واحداثية:
377     51     18N     036     07     045E
وهي تقع في منطقة(بيدة) والطريق فيها يستمر إلى نجران وفيها مفرق يتجه إلى السليل. وبينها وبين السليل(220 كيلا) وبينها وبين وادي الدواسر(195 كيلا) وبينها وبين الرياض(795 كيلا) ونحن نسير وجبال طويق الشاهق الممتد يباري الطريق المعبد ونمر(محمية بني معارض) الواسعة. ثم وصلنا(قرية الفاو) وآثارها المشهورة. وهي على سفح جبال طويق وتمت تسويرها بسياج(شبك) حديدي منيع. ثم أخذنا الإذن من المسئول فيها للدخول ومشاهدة الآثار فأذن لنا بمرافقته. وهي على ارتفاع(724 مترا)واحداثية:
024     47     19N     327     08     054E
وهذه بعض الصور لآثار الفاو:
مجموعة من الأعمدة التي تم الكشف عنها
منازل تم الكشف عنها في الفاو
من الأواني التي تم الكشف عنها في الفاو
البئر المطوية داخل القصر في الفاو 
البئر المطوية خارج القصر في الفاو
كتابات القديمة للأمم التي سكنت قرية الفار
الساعة في قصر الفاو بجانب البئر
جزء من قصر الفاو الكبير
جزء من سور قصر الفاو
أما قرية الفاو فهي تقع في الحافة الشمالية الغربية من الربع الخالي وتبعد عن الرياض(700 كيلا) ولها أهمية سياسية حيث كانت قاعدة لمملكة كندة في منتصف القرن الأول قبل الميلاد إلى بداية القرن الرابع الميلادي، وتقع على الطريق التجاري البري الذي يمتد من جنوب الجزيرة العربية إلى شرقها. بدأ البحث فيها منذ عام 1970م وامتد لمدة خمسة وعشرين عاما. ومدينة الفاو تمتد حوالي كيلين من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب حوالي سبعمائة متر. ويتشكل النسيج العمراني للبلدة من: المنازل والساحات والسوق الخارجي والداخلي والمستودعات وقنوات المياه والعيادات والمقابر. وقد شهدت الفاو نشاطا سكانيا كبيرا. وتمثل جانبا مهما من حضارة العرب قبل الإسلام.   
وبعد أن أخذنا جولة في قرية الفار ومشاهدة الآثار التي تم الكشف عنها. استمرينا مع الطريق حتى وصلنا إلى(وادي الدواسر) على ارتفاع(635 مترا) واحداثية:
086     23     20N     747     13     045E
وفيها مفرق إلى السليل اتجهنا مع المفرق جهة الجنوب ونمر قرية(تمرة) ونستمر حتى وصلنا(السليل) على ارتفاع(687 مترا) واحداثية:
302     29     29N     292     35     045E
ونستمر بعد السليل مع الطريق المعبّد إلى الرياض ونمر(وادي الحنو) الواسع الذي يمر اسفل الطريق. وبعده نمرّ قرية(البديع) ارتفاع(545 مترا) واحداثية:
566     02     22N     563     33     046E
وبينها وبين الرياض(342 كيلا) وبينها وبين الأفلاج(28 كيلا) ثم نصل(ليلى) على ارتفاع(547 مترا) زاحداثية:
165     18     22N     490     43      046E
وبين ليلى والخرج(140 كيلا) وبينها وبين الرياض(300 كيلا) ولما خرجنا من ليلى على الطريق مررنا جبل(التوباد) على يسار الطريق. وجبل التوباد: يسمى(جبل العشاق) ويسمى(جبل قيس وليلى) وهو الجبل الذي جرت فيه قصة العشق العُذري بين قيس بن الملوّح وحبيبته ليلى العامرية التي يرويها الرواة في مجالس الشعر ويتغنى بها الشعراء بكتابة الأشعار عنها. ويقع جبل التوباد في محافظة ليلى في الأفلاج، وجنوب مدينة الرياض بينهما(350 كيلا) يقول فيه قيس بن الملوّح:
وأجهشت للتوباد  حين  رأيته      وكبّر  للرحمن  حين   رآني
وأذرفت دمع العين لما عرفته        ونادى بأعلى صوته فدعاني
فقلت له أين  الذين  عهدتهم        حواليك في خصب وطيب زمان
فقال مضوا واستودعوني بلادهم     ومن ذا الذي يبقى من الحدثان
وإني لأبكي اليوم من حذري غدا     فراقك   وا لحيّان   مؤتلفان
وقال فيه أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة على لسان المحب قيس:
جبل  التوباد  حيّاك   الحيا          وسقى  الله  صبانا  ورعا
فيك تناغينا الهوى في مهده         ورضعنا  فكنت  المرضعا
وعلى  سفحك  عشنا  زمنا         ورعينا  غنم  الأهل  معا
كم بنينا من حصاها  أربعا          وانثنينا  ومحونا  الأربعا
لم تزل ليلى  بعيني  طفلة           لم تزد عن أمس إلا إصبعا
قد يهون العمر  إلا ساعة           وتهون الأرض إلا موضعا
ويقع جبل التوباد في قرية(الغيل) في الجزء الجنوبي الغربي من محافظة ليلى (بينهما 40 كيلا) التي يسكنها قبل الف عام قبيلة بني عامر التي ينتمي إليها قيس وليلى. وفي وسط الجبل يقع(غار قيس وليلى) يُذكر أن الحبيبان كانا يجلسان فيه يتبادلان الغزل.
وفي الطريق إلى حوطة بني تميم مررنا على حقول النفط التي تم اكتشافها في الحوطة وتسمى(حقول النعيم) على يمين الطريق. ثم نصل (حوطة بني تميم) على ارتفاع (605 مترا) واحداثية:
578     30     23N     127     53     045E
ونستمر على الطريق حتى وصلنا محافظة(الخرج) التي تقع جنوب مدينة الرياض وهي على ارتفاع(458 مترا) واحداثية:
389     59     23N     209     08     047E
وبعدها نعبر عاصمتنا مدينة الرياض من الجنوب إلى الشمال متجهين إلى محافظة عنيزة ثم وصلناها بحمد الله وتوفيقه في الساعة(12:15) من صباح يوم السبت التالي. بعد أن قطعنا ابتداءا من محافظة عنيزة والعودة إليها(4648 كيلا).
والحمد لله أولا وآخرا.
                                    كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ـ الرس.
                                          20/4/1434هـ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق