الأحد، 23 أكتوبر 2016

علي بن محمد الهندي

علي بن محمد الهندي
1330 ــ 1419هـ.
هو الشيخ علي بن محمد بن عبد العزيز بن محمد الهندي.
      والده هو محمد بن عبد العزيز الهندي الذي عاش وقتا في مكة المكرمة ثم سكن حائل وعينه الملك عبد العزيز مطوعا في قرية القرين قرب الرس وله أربعة أبناء هم: إبراهيم وعلي وصالح وعبد الله انتشروا في أنحاء من المملكة بين مكة المكرمة وحائل والنبهانية والرس وما حولها مثل دخنة والقرين والشنانة والحوطة.
وأسرة الهندي هذه يروي لي المحامي الأستاذ/ خالد بن عبدالرحمن بن عبدالله ابن محمد الهندي بأنهم من شمر وأنهم من سكان حائل رحل والدهم محمد بن عبدالعزيز الهندي منها إلى قرية القرين بطلب من راعي القرين عبدالمنعم بن ناقي من بني سليم من حرب وبأمر من الملك عبدالعزيز رحمهم الله ليكون مطوعا ومرشدا فيها وإماما لمسجدها، فكان له ذلك وسكنها هو وأبناؤه.
أما الأستاذ/ عقيل بن ضيف الله القويعي فقد تحدث عن أسرة الهندي في كتابه (أقوال ومسائل في أخبار منطقة حائل ص 86) وهو يتحدث عن قبيلة شمر وبطونها. ومن بطن عبده قال(آل عواد: وهي عائلة كبيرة تضم أسرا في حائل وقراها والنبهانية والرس وحفر الباطن منهم الجار الله والمقرن والهندي والعمران والفرهود والمسعد).
ثم قال (ص 163) عند حديثه عن أسر حائل ومقر سكنهم فيها (الهندي: أسرة من العواد من القوعة من شمر سكنها حي سرحة).
أقول: ولعل أحد أجدادهم كان يسافر إلى الهند مع غيره من السعوديين من أجل التجارة وبعدما قدم منها أطلق عليه من عرفه اسم (الهندي) تعريفا له عن سواه، كعادة أهل نجد في تسمية الأفراد باسم البلد الذي جاءوا منها فغلب عليه وعلى أسرته من بعده فظن الناس من بعدهم بأنهم من الهند.
لا يوجد من الأسرة علماء ولا قضاة ولكن منهم طلبة علم ومطاوعة وأئمة مساجد درسوا على بعض العلماء في مكة المكرمة والقصيم وغيرها، ولهم سمعة حسنة بين الناس بالدين والصلاح والتقوى والأعمال التطوعية الخيرية.
ولد الشيخ علي في حائل عام 1330هـ وكانت مقر سكن والده ونشأ في بيئة علم وهدى وصلاح. ثم درس على بعض العلماء في حائل مثل الشيخ علي بن محمد الشامي والشيخ شكر بن حسين، ثم أراد أن يتوسع في طلب العلم فدرس على الشيخ حمود بن حسين الشغدلي والشيخ عيسى بن حمود المهوس والشيخ عبدالله بن صالح الخليفي حيث قرأ عليهم في النحو والفرائض ومختصرات الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
وعندما تولى الشيخ عبدالله بن سليمان بن بليهد القضاء في حائل عام 1341هـ اتصل به الشيخ علي الهندي وأخذ عنه وقرأ عليه بعض مؤلفات أئمة الدعوة السلفية وكتب الأصول وكتب اللغة.
وفي عام 1350هـ انتقل الشيخ علي الهندي إلى مكة المكرمة ثم قرأ على الشيخ عبدالظاهر أبي السمح والشيخ سعد وقاص التجويد وحفظ بعض القرآن الكريم. وقرأ على الشيخ محمد حمزة عبدالرزاق التفسير والحديث.
وعندما قدم الشيخ محمد بن مانع عام 1358هـ إلى مكة المكرمة لازمه وقرأ عليه كتب التفسير والحديث والنحو والصرف وكتب الفقه وأصوله وشرح العقيدة الواسطية. كما قرأ على سماحة الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ كتب العقيدة والتوحيد والتفسير وأمهات كتب الحديث مثل: البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وأبي داوود وابن ماجه وكتب المسانيد وكتب المعاجم وأسماء الرجال.
وقد أجاز الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ تلميذه الشيخ على بن محمد الهندي بمروياته وسلسلة شيوخه. كما جلس إلى الشيخ محمد بن إبراهيم وسمع عنه قراءة كتاب شرح التوحيد بصوت ابنه عبدالعزيز بن محمد.
وعندما قدم الشيخ عبدالله بن صالح الخليفي إلى الطائف عام 1361هـ اتصل به الشيخ علي وقرأ عليه الفقه وأصوله.
كما درس على مدير المدرسة السعودية في الطائف الأستاذ محمد مارديني مبادئ الإملاء والخط والحساب. وقرأ النحو والفرائض على سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ سليمان بن حمدان.
وكان الشيخ علي الهندي يتولى التدريس في المدارس الابتدائية بالنيابة عن كل من: إبراهيم الجهيمان وإبراهيم الهوبش. بعدها في عام 1363هـ تم تعيينه من قبل الشيخ عبدالله بن حسن والسيد طاهر الدباغ مدير المعارف حينها بوظيفة (معلم) في المعهد العلمي السعودي في التوحيد والفقه. وانتدب وقتها إلى معهد تحضير البعثات ثم إلى كلية الشريعة في مكة المكرمة.
وفي عام 1373هـ عندما تحولت مديرية المعارف إلى وزارة المعارف تم تعيينه مفتشا للتعليم ولكنه اعتذر مؤثرا على ذلك التدريس في كلية الشريعة من أجل الاستزادة من المعلومات بالمراجعة والبحث والمطالعة. وفي عام 1375هـ تم تعيينه مساعدا للمفتش العام بوزارة المعارف بالإضافة لقيامه بالتدريس في كلية الشريعة.
قال عنه زميله الأستاذ عمر عبد الجبار في مقال نشره في جريدة البلاد بتاريخ: 5/2/1380هـ مثنيا عليه بالجد والمثابرة في أداء عمله وسلامه نيته وطهارة قلبه وسعة إطلاعه فقال (زاملت فضيلة الشيخ علي الهندي زهاء ثلاث سنوات في المعهد وتحضير البعثات فكان مثال الجد والإخلاص والنشاط في أداء واجبه فحيا الله العلم وحملته الذين يدافعون عنه بقوة الدين وغزارة المعرفة وطهارة القلب وسلامة النية).
وقال مؤلف كتاب (أعلام علماء حائل/الشيخ عبدالله آل بليهد ص61) "والشيخ الهندي هو أحد تلاميذ الشيخ عبدالله بن بليهد وهو رجل صدق وثقة فيما يرويه .."
ألف الشيخ علي بن محمد الهندي كتابه المشهور (زهر الخمائل في تراجم علماء حائل) وهو أول كتاب عُني بعلماء حائل وتراجمهم، ألفه رحمه الله عام 1380هـ وهو في مكة المكرمة، وقد حفل الكتاب بتراجم أفراد أفاضل أفذا كانوا أثناء الترجمة لهم على قيد الحياة فكان المؤلف يستقي معلوماته منهم مباشرة. وهذا أدعى لضبط التراجم وصحة المعلومات التي ضمنها الكتاب.
جاء في مقدمة كتاب زهر الخمائل ما يلي:
الحمد لله الذي جعل التاريخ نبراسا للمتأخرين. وسجل عبرة للمعتبرين. والصلاة والسلام على أشرف المتقدمين والمتأخرين. وعلى آله وصحبه الأئمة المهديين.
وبعد فإن التاريخ وتراجم الصالحين من أفضل الأعمال وأشرفها لكونها عظة وعبرة للغابرين فكم اقتدى متأخر بأفعال متقدم وكم اتعظ بموعظة متقدم ولذا أكثر الباري تعالى في كتابه من أخبار الأمم الماضية وسيرها وأحوالها لتكون عبرة وعظة للمتدبر.
وخير سيرة تذكر وتسطر سيرة العلماء الإجلاء الفضلاء إذ هم الذين حملوا مشعل الهداية للامة حتى أوصلوهم إلى طريق السلامة والنجاة فوافوا ربهم مستبشرين مطمئنين.. وهذه الرسالة أقردتها لعلماء حائل عمرها الله بالإسلام وأعز أهلها بالطاعة إذ هي مسقط رأسي وذكريات القراءة والدراسة فيها دائماً تملأ جوارحي وحواسي وقد رتبتهم حسب الأقدمية في الولادة والوفاء وربما قدمت من تقدمت به الوفاة بحسب ما وقفت عليه. أما الأحياء فأقدم من تقدمت ولادته وذلك بقدر المستطاع. وسأذكر فيها من تولى القضاء بحائل وقد جاءها من بلاد بعيدة أو كان من أهلها المقيمين فيها وسيان من كان عالماً أو حافظاً للقرآن فقط فإن من حفظ القرآن وفهمه وجوده عد من العلماء.. وحيث أن حائل ليس لها تاريخ خاص ولم أر لعلمائها ذكرا في شئ من الكتب إلا القلائل فأني أقتصر على من عرفته منهم بالاستفاضة أو بأحكامه إن كان أحكام موجودة والله الموفق والمعين وهو حسبي ونعم الوكيل.
كذلك ألف رحمه الله كتاب (التحفة السنية في الفوائد والقواعد الفقهية) قال في مقدمته ما يلي (فقد كثر التساؤل من طلبة العلم المعاصرين عن مصطلحات وتعريفات الفقهاء، في مذهب الإمام المبجل أحمد بن محمد بن حنبل، ومما يطلقه الأصحاب في قولهم هذا الحكم، أو هذه المسألة من رواية الجماعة وما يطلقونه على المذهب عند المتقدمين والمتوسطين والمتأخرين. وحيث إن غالب هذه التعريفات والمصطلحات، وتنويع المذاهب، لا توجد إلا في الكتب الكبار ولاسيما المختصة بالأصول، وقد لا يهتدي الطالب إلى مكانها، ولا يستطيع استخراجها، وبالتالي معرفتها، ولأني لم أقف على رسالة خاصة في هذا الشأن أحببت أن أجمع ذلك، وأوضحه باختصار، فائدةً للطالب المبتدئ، وتذكرة للعالم المنتهي- وسأذكر من أعيان أصحابنا من اشتهر بالتصنيف، أو له قول، أو رأي في المذهب توبع عليه، سواء أكان متقدمًا، أو متوسطًا، أو متأخرًا، مع ذكر الوفاة. وحيث إني قد طبعت الرسالة المنوه عنها أعلاه فإني قد وسعت هذه الرسالة وزدتها أضعاف حجمها وقد تضمنت المزايا فوائد وقواعد ووزعت ذلك في كتب يحتوي كل كتاب ما يناسبه من الأحكام وبدأت بكتاب الطهارة كعادة الفقهاء رحمهم الله في كتبهم وسميته التحفة السنية في الفوائد والقواعد الفقهية
كما أن الشيخ علي الهندي له عدد من التعليقات المهمة على بعض أمهات الكتب الشرعية لأئمة الفقه والحديث والتفسير والتي يقوم بقراءتها أو تدريسها لطلابه. ومن تلك التعليقات نقتطف تعليقا له رحمه الله  على كتاب (زاد المستقنع) تصحيحا لبعض الألفاظ التي وردت في الكتاب، وهما كلمتان وردتا خطأ:
الأولى: كلمة (أولتي) في (باب صفة الصلاة) قوله: "ويسمع الإمام من خلفه كقراءته في أولتي الظهرين" حيث قال الشيخ علي الهندي: "الصواب: (أوليي) لأن مفردها (أولى)".
2ـ الثانية: كلمة (رشد) في (باب الحجر) قوله: "وإن تم للصغير خمس عشرة سنة أو عقل مجنون ورشد.. زال حجرهم" حيث قال الشيخ علي الهندي: "الصواب: (ورشدا) بألف، وهما من بلغ وعقل".
توفي الشيخ علي بن محمد الهندي عام 1419هـ رحمه الله رحمة واسعة.
كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل. الرس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق