عبد الله بن عبد العزيز الرشيد
1342هـ ـ ولا يزال.
هو الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبد
الله عبد العزيز بن سعود بن عبد العزيز الرشيد.
وهو من أسرة الرشيد من الرس التي هي من نسل محمد بن
علي الملقب (أبا الحصين) الذي قدم من عنيزة في حدود عام 970هـ إلى الرس واستقر فيه
وعَمَرَه مع نسله. والرشيد من نسل رشيد بن زامل
بن علي.
جده هو عبد الله بن عبد العزيز بن سعود بن عبد العزيز
الرشيد. الوجيه في الرس. وهو من سكان الرس ومنزله مجاور للجفير الواقع شرق الرس من
جهة الشرق. أمام منزل محمد بن عبد الله الغفيلي. ووالده هو عبد العزيز بن عبد الله
الرشيد الذي يسمى(أبو سعود) التاجر المعروف في الرس.
ولد الشيخ عبد الله في الرس عام 1342هـ ولما بلغ الثامنة من
العمر التحق بمدرسة الكتاتيب في الرس عند
المعلم حمد بن ناصر الرشيد عام 1350هـ وتعلم الحروف والكتابة في الألواح الخشبية وحفظ
قصار السور من القرآن الكريم، ثم انتقل إلى مدرسة الشيخ ناصر بن سالم الضويان
عامي:1350/1351هـ مع عدد من الزملاء منهم الشيخ صالح بن علي بن غصون وأكمل فيها
قراءة القرآن الكريم نظرا في المصحف.
وعندما بلغ الثانية عشرة من العمر درس على قاضي الرس الشيخ
محمد بن عبد العزيز الرشيد من عام 1354هـ ثلاثة الأصول وكتاب التوحيد وكشف الشبهات
وآداب المشي إلى الصلاة ومنظومة الرحبية في الفرائض والآجرومية والملحة في النحو
بعد صلاتي المغرب والعشاء، درسها مرتين الأولى نظرا على الشيخ والثانية حفظا بأمر
من الشيخ. واستمر في الدراسة على الشيخ محمد في كتاب زاد المستقنع وبلوغ المرام
حفظا. ثم بدأ يقرأ على شيخه في المطولات مثل: الصحيحين للبخاري ومسلم والسنن
الأربع لأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وشرح الحديث والفقه بعد طلوع الشمس
إلى نصف الضحى وبعد صلاة الظهر إلى نصف العصر. استمر في دراسته تلك عند شيخه حتى
عام 1365هـ حين نقل شيخه إلى الخرمة.
وكان زملاؤه عند الشيخ محمد بن رشيد كثيرون منهم: الشيخ حمد
بن مطلق الغفيلي والشيخ سليمان بن صالح الخزيم والشيخ سليمان بن حمد الرميح والشيخ
سليمان بن محمد الدهامي والشيخ صالح بن إبراهيم الطاسان والشيخ صالح بن عبد الله
الجارد والشيخ صالح بن علي بن غصون والشيخ عبد الرحمن بن صالح الرشيد والشيخ عبد
العزيز بن ناصر الرشيد والشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل والشيخ محمد بن صالح
الغفيلي والشيخ محمد بن إبراهيم الخربوش والشيخ منصور بن حمد المالك والشيخ منصور
ابن صالح الضلعان والشيخ مقبل بن حمود الدميجي وغيرهم.
وعندما نُقل الشيخ صالح بن إبراهيم الطاسان إلى قضاء الرس
استمر الشيخ عبد الله في الدراسة بين يديه هو ومجموعة من الطلاب ولم يلتحقوا
بالمدرسة النظامية وكان الشيخ يستشير تلاميذه في بعض القضايا.
ومن أبرز مشايخه الذين درس عليهم بعد ذلك بالمراسلة كل من
الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي ثم الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار
السعودية ثم رئيس القضاة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رحمهم الله جميعا وأسكنهم
فسيح جناته.
أما أعماله التي تولاها في حياته ففي عام 1372هـ بلّغه أمير
الرس هو وزميله الشيخ منصور بن صالح الضلعان أن يذهبا إلى أمارة القصيم ولما وصلا
إلى مقر الأمارة تم إبلاغهما بأمر ولي العهد الملك سعود بالسفر حالا إلى مكة
المكرمة من أجل مقابلة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ، وبعد سفرهما ومقابلة الشيخ
في مكة أخبرهما بأن ولي العهد أمر بتعيينهما قاضيين في المنطقة الجنوبية من
المملكة فاعتذرا عن قبول القضاء فقال لهما الشيخ أنه ينفذ أمر ولي العهد وإذا كان
لهما اعتراض عليه فلهما مقابلة ولي العهد وإبلاغه. فأبرقا إليه عدة برقيات يعتذرا
فيها عن القضاء، وأخيرا صدر أمر ولي العهد الذي يؤكد على ما يلي (يعتمد تكليف
المذكورين وسرعة توجههم إلى أعمالهم وعدم قبول اعتذارهم) وبعد عدة أيام أصدر الشيخ
عبد الله بن حسن قرارا برقم 2816 في: 14/4/1372هـ يتضمن تعيين الشيخ عبد الله
الرشيد قاضيا في محكمة المندق براتب شهري (420) ريال. ثم سافر إلى مقر عمله مجيبا
نداء الواجب نحو بلده وتنفيذا لأمر ولي الأمر ووجد في تلك الرحلة التعب والعناء من
مشقة الطريق الجبلي لكنه صبر واحتسب وكان يتمثل بقول الشاعر:
إذا لم يكن إلاّ الأسنة مركبا فما حيلة المضطر إلاّ
ركوبها
وقول الآخر:
وقلّ من جد في أمر يحاوله واستصحب
الصبر إلاّ فاز بالظفر
وبعد وصولهما إلى بلدة المندق ساعدهما أميرها بسكن مؤقّت في
غرفة صغيرة ومتواضعة، وكان هو أول قاض يتم تعيينه في تلك البلدة ثم قام بافتتاح
المحكمة ونصب خيمة لذلك أمام تلك الغرفة وأخذ ينظر في القضايا والمعاملات التي لا تقبل
التأخير وانتهى أكثرها صلحا، وبعد عدة أيام استأجر دورا في عمارة وجعله مقرا مؤقتا
للمحكمة حتى توفر مقر آخر واسع واستأجره وأخذ ينجز معاملات الناس ويعمل من الصباح
حتى قبل الظهر بساعتين وبعد العصر إلى غروب الشمس فكان ـ كما يقول ـ في ذلك انجاز
لكثير من الأعمال وراحة وتسهيل على أهل الخصومات وعلى أهل البلد بل على القاضي
نفسه. ثم كان يقوم بنفسه بعمل كاتب الضبط والتسجيل بعد نهاية عمله ليلا بالمنزل
وكان يجد راحة واطمئنانا في ذلك، نرجو الله أن يجزل له الأجر والثواب نظير ما قدمه
من جهد وصبر.
بقي في المندق إحدى عشرة سنة وفي منتصف عام 1383هـ صدر قرار
سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ بنقله مساعدا لرئيس محاكم الأحساء وهو الشيخ
صالح بن علي بن غصون زميله في الدراسة. ولما له من تقدير ومحبة في نفوس أهل المندق
اعترضوا على نقله وطلبوا بقاءه ولكن الشيخ محمد بن إبراهيم أقنعهم بالنقل، وبقي
قاضيا فيها، وفي عام 1390هـ تم تعيينه رئيسا لمحاكم الأحساء بعد نقل الشيخ صالح بن
غصون إلى محكمة التمييز في الرياض.
وبقي في الأحساء لمدة ثلاث عشرة سنة وفي عام 1396هـ تم
تعيينه عضوا في محكمة التمييز في الرياض، ولكن قبل أن يباشر العمل فيها تم تكليفه
مفتشا قضائيا على محاكم المنطقة الغربية والغربية الشمالية وبعد عودته باشر العمل
في محكمة التمييز.
بقي في محكمة التمييز سبع سنوات وفي عام 1403هـ تم نقله عضوا
في مجلس القضاء الأعلى وبقي فيه لمدة تسع سنوات حتى: 1/7/1412هـ الذي أحيل فيه إلى
التقاعد، ثم صدر الأمر الملكي ببقائه عضوا في مجلس القضاء الأعلى حتى: 1/7/1423هـ
حيث اعتذر عن الاستمرار في العضوية فأعفي منها. لذا تكون مدة خدمته من محكمة
المندق حتى مجلس القضاء الأعلى (51) عاما، وكان طيلة عمله قاضيا لم ينقض له حكم
ولم يلاحظ على أي حكم قضائي حكم به لا من التمييز ولا غيرها. كان خلالها مثالا
للقاضي الحكيم الذي يأخذ الأمور بروية وحكمة وتأن ويراجع الأمر قبل إصدار الحكم،
كما كان يقضي كل وقته في المحكمة يسمع ما لدى الخصوم والشهود ويطلع على الوثائق
والمستندات ويضبط ذلك في دفتر الضبط ويكتب على المعاملات التي يصدرها للجهات
المختصة ويتأكد بنفسه من استكمال القضايا التي ينظر بها، وكان يعود إلى الحكمة
ليلا لترتيب الصكوك والأوراق وقد يأخذ بعضها إلى بيته لاستكمالها، كما كان حفظه
الله يجد في ذلك متعة كبيرة وراحة واطمئنانا في إنهاء القضايا التي ترد إليه، وكان
يعتمد في ذلك على الله عز وجل وتوفيقه وعونه. وكان يقول بأنه يتمثل قول الشاعر:
ما حك جلدك غير ظفرك فتول
أنت جميع أمرك
وبعد أن تقاعد الشيخ عبد الله عن العمل في القضاء بقي في
منزله في الرياض بين أسرته وأبنائه ويفتي من يسأله عن أمور الدين والدنيا، أرجو
الله أن يمتعه بالصحة والعافية وأن يطيل عمره على الطاعة وأن يجعله سديد الرأي.
كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل. الرس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق