منصور بن
صالح الضلعان
1330 هـ
ـ 1374 هـ
هو
الشيخ منصور بن صالح بن منصور بن محمد الضلعان.
والضلعان
ـ كما يذكر الشيخ البسام(علماء نجد خلال ثمانية قرون 6/ 438) من الريس من الوهبة
من تميم. وأصل بلادهم أشيقر ثم انتقلوا منها إلى التويم ومنها ارتحلوا إلى الرس في
القصيم واستوطنوها.
أما
لقب (الضلعان) فتقول الروايات بأنه وصف جاءهم من قصة تدل على مروءة أحد آبائهم
عندما كان في قافلة قادمة من الحج برئاسة ابن رخيّص من أهل البكيرية، ومرض أحد
أفراد القافلة فاختلفوا بين حمله وهو مريض أو تركه حتى يشفى فيلحق بأهله. ولكن ابن
ريس لم يرض بذلك فأراد أن يبقى مع خويّه في أحد الجبال حتى شفاه الله وأحضره معه
إلى بلدته في قصة بطولية تدل على المروءة والتضحية والكرم. فسمي (ابن ضلعان) نسبة
إلى الضلع وهو الجبل. وهذه القصة لها قصيدة منها هذين البيتين:
يا
ابن رخيّص كف عند الزواريب عمارنا
يا ابن رخيّص عواري
خوينا ما نصلبه
بالمصاليب ولا يشتكي منا دروب
العزاري
ولد
الشيخ منصور في الرس عام 1330هـ ونشأ عند والديه نشأة حسنة في بيت جاه وغنى حيث
كان والده صالح بن منصور الضلعان من وجهاء وأغنياء الرس. ورباه تربية كريمة.
وعندما
بلغ السادسة من عمره أدخله والده مدرسة الكتاتيب في الرس عام 1336هـ وقرأ القرآن
الكريم ثم حفظه على مجموعة من المعلمين في المدرسة منهم:
محمد بن منصور بن ناصر الملقب (الربع) وهو من
كتاب الوثائق والمعلمين في مدرسة الكتاتيب. ولم تطل قراءته عنده فقد تم تكليف شيخه
مع المرشدين الموفدين عام 1342هـ.
كما
درس على الشيخ عبد الله بن رميح الملقب (المطيويع) مطوع الشنانة وما حولها. ثم على
الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن البطي المطوع والمدرس في إحدى مدارس الرس. ثم على
الشيخ محمد بن عبد العزيز بن رشيد وأخيه الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن رشيد.
كما درس على المعلم محمد بن ناصر بن خالد الرشيد وكان ينوب عنه في التدريس.
بعد
أن أتقن الشيخ منصور القرآن الكريم والتجويد وحصّل طرفا من العلوم الشرعية على
مشايخه. لازم الشيخ محمد بن عبد العزيز بن رشيد عندما كان قاضيا في الرس من عام
1348هـ حتى عام 1364هـ. فقرأ عليه بعد الفجر والظهر والعصر الفقه والتوحيد والحديث
واللغة العربية فحصّل منه علما كثيرا.
كما
قرأ الشيخ منصور على كل من: الشيخ صالح بن إبراهيم الطاسان بعد نقل شيخه ابن رشيد
إلى الخرمة قرأ عليه الفقه والتوحيد والفرائض واللغة العربية. ثم على الشيخ عمر بن
خليفة بن جري الحديث والفقه والتوحيد والفرائض. ثم انتقل إلى عنيزة وقرأ على الشيخ
صالح بن عثمان القاضي والشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي وزامله عنده الشيخ محمد بن
صالح بن عثيمين والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن العقيل. ثم قرأ على الشيخ إبراهيم
بن محمد الضويان في الفقه والحديث والفرائض. ثم رحل إلى بريدة وقرأ على الشيخ عمر
بن سليم. ويذكر صالح بن سليمان العمري (علماء آل سليم 2/510) بأن الشيخ منصور من
تلاميذ الشيخ محمد بن ناصر الحناكي ومن زملائه عنده الشيخ ناصر بن محمد الحناكي
والشيخ حمد بن مطلق الغفيلي.
بعد
أن أخذ الشيخ منصور من العلم الشيء الكثير رجع إلى بلدته الرس وأخذ يكثر من
المطالعة في كتب فقهاء الحنابلة وابن تيمية وابن القيم ومجالسة العلماء وأهل الخير
فيها حتى نبغ واشتهر وذاع صيته. وكان شيخه محمد بن رشيد يكلفه نيابة عنه لاختبار
طلاب المدرسة الابتدائية في الرس عندما يطلب منه مدير المدرسة ذلك وكان يقوم
بواجبه خير قيام.
كان
الشيخ منصور: يحب الناس ويشفق عليهم ويرشدهم ويعلمهم أمور الدين ويتفقدهم في
الصلاة. ويقول البسام عنه (وكان إذا أراد أن ينصح أحدا ذهب به إلى بيته وأطعمه
ونصحه سرا، فأحبه الناس) ووصفه القاضي (روضة الناظرين 1/366) (هو العالم الجليل
والفقيه المتفنن الورع..) وكان يذهب إلى المتخاصمين في أماكنهم ويصلح بينهم. كما
كان زاهدا ورعا لا يحب القضاء إلا تنفيذا لأمر ولي الأمر. معتزلا عن الناس
والمجالس التي لا تفيد إلا مجالس العلماء وأهل الخير. كما كان يشفق على الفقراء
والمساكين ويطعمهم من بيته. كما كان كثير البكاء من خشية الله عند قراءة القرآن.
كما كان بارا بوالديه. ويقول عنه القاضي (وكان حسن التعليم واسع الإطلاع وتخرج عليه طلبة وله مآثر حسنة منها أنه منذ
طفولته وهو ينظف المساجد بنفسه ويقمّها ويغسل الموتى ويكفنهم مجانا للفقراء ويسعى
جاهدا لإصلاح ذات البين وعمدة في التوثيقات ويعتمد القضاة في الرس على قلمه لوجه
الله وكذا في عقود الأنكحة) ثم قال (وعلى جانب كبير من الأخلاق العالية والصفات
الحميدة، ولهذا انصبت محبته في قلوب الناس وكان يصدع بكلمة الحق.. وله مكانة
ولكلمته نفوذ ويرشد في المساجد وداعية خير ورشد وكان يحب الخلوة..) ويقول عنه صالح
العمري (علماء آل سليم 2/515) (عرفته رحمه الله في الرس معرفة تامة فكان كثير
الذكر لله محبا لأهل الخير ورعا عن كل ما يشين طالب العلم . ويعد في زمنه من نوادر
الصلحاء رحمه الله).
أما
أعماله التي قام بها: فقد تعيّن معلما في المدرسة السعودية الابتدائية الأولى في
الرس. وفي عام 1372هـ تم تعيينه بأمر رئيس القضاة في الحجاز قاضيا في ثريبان
العرضية. فسافر إلى الحجاز ليطلب قبول عذره عن القضاء أو أن يكون عمله في القصيم.
كما حاول جماعته من أهل الرس التوسط له ولكن لم يقبل ذلك. نظرا لحاجة البلاد
لأمثاله في القضاء بالمناطق وقلة طلبة العلم. فسافر إلى العرضية مع عائلته وهو
مكرها على السفر. وكان وقتها لم يكن للمحكمة مقر بل كان بيتا مستأجرا وكان يجلس في
الظل من الصباح حتى الظهر على حصير. أما بقية الأوقات فكان بيته مفتوحا للمراجعين
والمستفتين. ويذكر القاضي (روضة الناظرين 1/366) بأن الشيخ منصور تعين في الليث
بالساحل الغربي للمملكة وأحبه أهلها وسدد في أحكامه ثم نقل منها إلى القنفذة
واستمر مدة عندهم محبوبا بينهم مثالا في العدالة والنزاهة وعزة النفس مع قلة ذات
اليد. ولكن القاضي لم يذكر بأنه كان قاضيا في العرضية كما ذكر ذلك البسام. كذلك
الشيخ البسام في ترجمته للشيخ منصور لم يذكر بأنه تعين قاضيا في الليث
والقنفذة.
والشيخ
منصور جرى بينه وبين شيخه صالح بن إبراهيم الطاسان مراسلات مودة وسلام يسأل كل
منهم عن أحوال الآخر. وكان الشيخ منصور يبدأ بخطابه لشيخه صالح بعبارات مودة مثل
(حضرة جناب المكرم الفاضل أخي وحبيبي الصديق الصافي والأخ الوافي الشيخ صالح
البراهيم الطاسان) كما كان يورد في خطاباته لشيخه هذا البيت:
لأنتم
على قرب الديار وبعدها أحبتنا إن
غبتموا أو حضرتموا
ومن
الخطابات التي كتبها لشيخه خطابا كتبه يوم: 2/10/ 1373هـ يقول فيه (أفيدكم يا محب
بأني قدمت إلى مقر عملي في مركز اثريبان العرضية وفيها اثنا عشر قاعدة التابعين
لنا بالقضاء كل قاعدة ألف رجل وإذا هم يا محب... لا يحسنون الصلاة أبدا كليا
ينقرونها كنقر الغراب ولا يعرفون الأحكام الشرعية والجهل فيهم والبدع والعوايد
الجاهلية الأولى والشرك والخرافات ثم إننا ولا فخر على حسب الحال دعوناهم إلى الله
على بصيرة وبينا لهم التوحيد والسنن المحمدية وحذرناهم ونهيناهم عن الشرك والبدع
وعوايد الجاهلية وبينا لهم الصلاة وأحكامها من شروط وأركان وواجبات وامتثلوا
وانقادوا للحق وعملوا به وتركوا الشرك والبدع والعوايد تركا كليا لأننا يا محب
شمرنا عن ساق على حسب الحال وما لا يدرك لا يترك والسوق البيع والشراء عندنا يوم
الجمعة في نفس المركز ويجتمع خلق كثير من القرى التابعة لنا بالقضاء وكل جمعة بعد
الصلاة نرشدهم وندعوهم إلى الله وإلى التوحيد ونحذرهم وننهاهم عن الشرك وعن البدع
والمنكرات ونبين لهم الأدلة من الكتاب والسنة ونطنب ونطيل لأجل الفائدة واجتماعهم
واهتدى خلق كثير وعملوا بالتوحيد والحق واتبعوا الشرع وتركوا الشرك والبدع
والمحرمات تركا كليا فالحمد لله رب العالمين).
كما
كان له ذكر في وثائق الرس منها:
كتب
وثيقة أجار الشيخ محمد بن عبد العزيز بن رشيد أرض العويدي الطالعية بريال وثلث على
منصور الحواس ومحمد السالم المسيطير بشهادة عبد الله السليمان بن عايد. في:
9/جمادى الآخرة/1349هـ (16/6).
كما
شهد على وثيقة بيع عبد الله الجاسر بن قريش بيته على خالته حصة بنت صالح بن قرناس
بمبلغ مائة وعشرة ريالات بشهادة عبد العزيز المحمد بن قرناس. في: 18/شوال/1353هـ
(82/6).
وكتب
وصية موضي السالم المسيطير بأنها أخرجت ثلث مالها ثوابه لها ولوالديها وإخوانها
والوكيل عليه زوجها زوجها عبد الله بن
محمد بن صالح بن منيع، بشهادة صالح بن محمد بن رشيد وابنه عبد الرحمن وصالح العبد
الله بن حواس حرره في: 23/شوال/1366هـ بإملاء الشيخ عمر بن خليفة (67/11).
كما
كتب وصية عبد الله بن محمد بن صالح بن منيع الملقب ابن عنيزان بثلث ماله بعد وفاته
بأعمال بر. بشهادته هو وعبد الله الصالح بن صالح في: 22/ربيع الأخر/1371هـ (66/11).
والشيخ
منصور له ابنان هما:
1ـ
صالح: وهو مدير مدرسة ثانوية في الرياض.
2،
محمد: ويعمل ضابطا في الأمن العام.
أما
وفاته: فقد أصيب يوم 9/3/1374هـ بحمى مع حرارة شديدة وهو في العرضية ولم يكن فيها
أطباء لعلاجه. ثم زاد معه المرض وتوفي في ثريبان في العرضية يوم الأحد:15/3/1374هـ
ويذكر صالح العمري (علماء آل سليم 2/515) بأنه توفي عام 1385هـ وأقول: الصحيح أنه
توفي عام 1374هـ كما ذكر البسام والقاضي وكذلك ذكر لي ابنه صالح بن منصور الضلعان.
أما قول العمري فلعله خطأ مطبعي. وعند وفاته بكى على فقده أهل العرضية وأهل الرس.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه جنات النعيم.
كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل. الرس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق