بحث (خروج المرأة للعمل وأثره في تربية النشء)

[خروج المرأة للعمل وأثره على تربية النشء] 1/6

المقدمــة:ـ

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد e وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .

لقد تميزت الشريعة الإسلامية عن غيرها من الشرائع بأنها جعلت مكان المرأة الصحيح هو البيت ، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل {وقَرْنَ في بيوتكن ولاتبرّجن تبرج الجاهلية الأولى } الأحزاب(33) وإن كان الخطاب موجّه لنساء النبي  e فقد دخل فيه غيرهن من النساء المسلمات لأن الأنوثة واحدة ودواعي القرار في البيوت واحد، كما أن وظيفة المرأة في الحياة واحدة كذلك ، وما يرد من آيات أو أحاديث فهي تخاطب جميع النساء على السواء.

ولما ظهرت بوادر الانحلال في المجتمعات الغربية غير المسلمة وخوفا منها على المجتمعات المسلمة حيث دخلت بعض مظاهر التطور الاجتماعي مثل الاعتماد على الخدم والسائقين فقد حتّم ذلك القيام بدراسة وضع الأسرة المسلمة من خلال عمل المرأة ورأي الإسلام فيه وضوابطه وشروطه ، كما يتطلب ذلك الحديث عن وجود الخادمات في المنازل وأثره على الأطفال والشباب. راجين من الله التوفيق والعون .  

تمهيــد :ـ

لما كان الهدف هو دراسة تأثير خروج المرأة من منزلها للعمل على التربية في المجتمعات المسلمة فقد تم تحديد الموضوع بما يلي [ خروج المرأة إلى العمل وأثره على تربية النشئ ] وسوف يكون التركيز في ثنايا الحديث على مكانة المرأة عند الشعوب، ودور المرأة في المجتمع المسلم ، وعلى تربية الأبناء في المنازل في ظل خروج المرأة للعمل ، وأثر الخادمات على الأبناء في حالة غياب الأم عن المنزل. ورؤية الإسلام لعمل المرأة وغيره ذلك . 

ومن المعلوم أن عمل المرأة في عهد الرسول e وأصحابه  يقتصر على دورها في المنزل وما تؤديه من واجبات ضمن عملها في خدمة الأسرة ثم دورها في الحروب حيث كانت تضمّد الجراح وتجلب الماء ، ولكن اضطرار المرأة  للخروج من منزلها في الوقت الحاضر للعمل في مختلف المهن التي تتفق مع فطرتها وارتاح الرجال لذلك وتعودوا عليه لنواحي اقتصادية فحسب ، تطلّب ذلك استقدام الخادمات من الدول الأجنبية مما لاتتفق عاداتهم مع عاداتنا الإسلامية وصارت المرأة تخرج من بيتها في كل الأوقات وتترك أبنائها مع الخادمة لتتولى تربيتهم ، من هذا ظهرت مشكلة تغيّر أساليب التربية وتنوع طرقها بسبب غياب الأم عن أطفالها ، لذلك  تظهر بعض الاستفسارات منها:ـ

1ـ ماهي نظرة الإسلام لعمل المرأة ،وهل يسمح لها بالعمل ؟.

2ـ هل للمرأة الحق في ترك بيتها والخروج لتعمل وتترك أطفالها للخادمة؟.

3ـ ماهي الأعمال المناسبة للمرأة والتي يجب أن تلتزم بها؟.

4ـ هل للمرأة الحق بالخروج من بيتها في كل الأوقات؟.

5ـ ماهي شروط عمل المرأة خارج بيتها ؟.        

كما يتطلب ذلك الحديث عن مكانة المرأة في المجتمعات القديمة ومكانتها في الإسلام. حتى يمكن لنا المقارنة في ذلك، كذلك كيف ينظر الإسلام لعمل المرأة، والضوابط الشرعية لهذا، ثم المجالات التي تناسب عمل المرأة. ثم نعرّج على أسباب وجود الخادمات في ظل غياب المرأة عن المنزل وأثر ذلك على الأطفال والمراهقين. 

(1) مكانة المرأة في المجتمعات القديمة :ـ

أما مكانة المرأة في المجتمعات القديمة فهي في حال سيئة  فعند الصينيين: تشغل مكانا هينا وتعطى أحقر الأعمال ، وينظر إلى الولد الذكر على أنه إله نزل من السماء ،أما البنت فلا يُسرّ بمولدها أحد، وإذا كبرت اختبأت في حجرتها خشية أن تنظر في وجه إنسان، ولايبكيها أحد إذا اختفت من منزلها أو ماتت.

وعند اليونان القدماء كانت تعيش في أعماق البيوت على أنها من سقط المتاع ونادى أحد مفكريهم بأنه يجب أن يحبس اسم المرأة كما يحبس جسمها، يقول أحدهم (إننا نتخذ العاهرات للذة ، ونتخذ الخليلات للعناية بصحة أجسامنا اليومية ، ونتخذ الزوجات ليلدن لنا الأولاد الشرعيين)

أما عند الرومان: كانت المرأة قاصرة لاتملك من أمرها شيئا ، وهي محرومة من الميراث ، والسلطة مركّزة كلها في يد الزوج ، ويتحدد مكانها على مقدار تحقيق المتعة للرجل فقط، وكان عندهم الحرية في الظهور مع العاهرات أو مخادعتهن، وأصبحت الدعارة من أهم الوظائف الاجتماعية للمرأة.

وفي الحضارة الهندية: كانت المرأة تابعة لزوجها بمنزلة الأمَة، وربما يخسرها زوجها في القمار، وإذا مات زوجها لاتتزوج بعده بل تظل تعمل خادمة في بيت أقربائه لاتخرج عنهم ، وقد تحرق نفسها تفاديا من تعب الحياة، وينظر إليها على أنها عائق من الخلاص من الحياة الجسدية .

أما عند العرب في الجاهلية: فكان كثير منهم لايرغب بالأنثى وإذا بشّر أحدهم بها ظل وجهه مسودا وهو كظيم، وكان العرب يئدون البنت خوفا من العار، وتُحرم من الميراث ، وتعضل بعد الطلاق ، وتمسك ضرارا للاعتداء فقط، وينقص لها الكيل، ويتزوج عليها الرجل ماشاء من النساء بدون تحديد.

أما المجتمع المسيحي: فقد حملوها خطيئة آدم، وأنها تعتبر عندهم ينبوع المعاصي وأصل المصائب، ويرون العلاقة بين المرأة والرجل نجس في نفسها يجب أن تجتنب، وأصبح كل ماعندها ملكا لزوجها، وحالتها أشبه بحالة الرق ، ولايجوز لها أن تهب ولاترهن ولاتملك بدون إشراك زوجها.

وفي المجتمعات الغربية الحديثة : فقد كانت المرأة فيها مثالا للفساد والانحراف ، وذلك بعد أن نادى مفكروهم بأن يأخذ الفرد نصيبه من الحرية وحماية حقوقه الاجتماعية ونالت المرأة نصيبها من الحرية القائمة على الفساد فارتفعت مكانتها في التجارة وعُدّلت بعض القوانين الاجتماعية لصالحها، ولكن لم تنته النهضة الأوربية عند ذلك ولكنهم أسسوا نظريات لبناء مجتمعاتهم تقوم على الدعوة : للمساواة بين الرجل والمرأة ، والاختلاط المطلق بين الرجال والنساء، وتشجيع عمل المرأة واستقلالها في شؤونها المعاشية والإقتصادية. حتى حصل عندهم الانحلال وصارت المرأة متعة لمن يريدها ، فأُهملت الفروق بين الرجل والمرأة، وانحدرت إلى مستوى البهائم ، وانعكس ذلك على الأجيال الناشئة، وانحلّت الروابط الأسرية عندهم، وفُقد الأمن النفسي عندهم بين مغريات الترفيه الاجتماعي والمنتديات الخليعة والحفلات الماجنة ، وسادت النظرة الغريزية وفُقد الحياء والعفة وانهار الضابط الخُلُقي فكانت الفوضى والانحلال والضياع.              

ثم نسمع كثيرا في بداية هذا القرن أصوات الناعقين الذين ينادون من داخل البلاد الإسلامية بتحرير المرأة وهم بذلك ليسوا خائفين عليها من الظلم كما يدّعون ، ولكنهم يقصدون بذلك تشويه صورة الإسلام عند المجتمعات الغربية.

أما الدعوة إلى تحرير المرأة التي أول من نادى بها من وُصف بأنه محرر المرأة المصري قاسم أمين الذي نادى بنبذ الحجاب وأنه خاص بزوجات الرسول  e ويستشهد بآية سورة الأحزاب ثم أخذ يتخبط ويغالط بقصد الترويج لهواه وهدفه، ويرى بأن الحجاب يضر المرأة ويعرقل حياتها اليومية ويعيقها عن استكمال تربيتها ويعوقها عن كسب معاشها ويحرم الزوجين من لذة الحياة الفعلية، ثم إنه يريد من المرأة أن تتعلم التصوير والرسم والموسيقى والغناء حتى تتحرر، ثم يأخذ بالتطاول على الإسلام كثيرا. ولو كان المقام يسمح لأوضحنا ماقاله عن ذلك .

                             عبدالله بن صالح العقيل

                                      الرس.

[خروج المرأة للعمل وأثره على تربية النشء] 2/6

(2) مكانة المرأة في الإسلام :ـ

من خصائص الإسلام أنه يتسم بالشمول والكمال ، وينظر إلى المخلوقات والحياة معا كهيئة واحدة تفاعل مع بعضها ويؤثر كل منها في الآخر. ويهتم بالإنسان باعتباره مخلوق مميز عن غيره من المخلوقات مستخلف في الأرض يعمرها ويصلحها ، ومن هذا المنطلق تأخذ المرأة مكانتها مشاركة للرجل في الخلافة في الأرض، فلاتقوم الحياة وتستقيم إلا بهما متعاونين متكاملين يقول الله تعالى{ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} النساء(1) ولهذا فإن المرأة خلقت من ضلع آدم وقطعت معه رحلة الصراع والابتلاء مع الشيطان وتحملت معه المسئولية كاملة ، وإذا كانت المجتمعات الأخرى جارت في حق المرأة كما رأينا سابقا فقد جاء الإسلام لينصفها ويحررها من الأغلال التي قيدتها والإجحاف الذي نزل بها. ومن مظاهر تكريم الإسلام للمرأة نورد بعض تلك المظاهر وإلا فهي كثيرة ويصعب إحصاؤها هنا :ـ

1ـ أبطل الإسلام نظرة الجاهلية للمرأة وحررها من عبودية الرجل الجائرة ، وكفل لها حقوقها كاملة وارشد الرجل بأن يحترمها ويصونها ، يقول الرسول  e [من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن ـ وفي رواية فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن ـ فله الجنة] .

2ـ توجيه الخطاب في القرآن والسنة للمرأة كالرجل باعتبار أنها مسئولة مثله قال تعالى{ كل نفس بما كسبت رهينه } وقال { وأن ليس للإنسان إلا ماسعى } فالإنسان جنس يشمل الذكر والأنثى، ثم أوجب عليها معرفة العقائد والعبادات والحلال والحرام وسائر الأعمال .

3ـ رفع عنها الإلزام ببعض التكاليف لعدم أهليتها لذلك ومراعاة لأنوثتها وضعفها تخفيفا عنها وترخيصا لها وبعدا لها عن مزاحمة الرجال وتفريغا لها لخدمة المنزل والإشراف عليه، مثل حضور صلاة الجمعة والجهاد.

4ـ مطالبتها بالعلم والعمل قال  e [ طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة] رواه ابن ماجه .والمسلم يشمل الذكر والأنثى ، وقالت عائشة رضي الله عنها (رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء من التفقه في الدين) قال تعالى{ من عمل صالحا من ذكر أوأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}النحل(97).

5ـ احترامها وأخذ رأيها في الزواج بحيث لاتُنكح إلا بعد أن تصرح برضاها وقبولها ، ويؤخذ رضى الثيّب ، عن ابن عباس قال  e [ الثيّب أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها] رواه الجماعة إلا البخاري. وهن أبي هريرة أن رسول الله قال e[لاتنكح الأيّم حتى تستأمرولا البكرحتى تستأذن] متفق عليه.   

6ـ مسئوليتها العامة في الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرشاد إلى الفضائل والتحذير من الرذائل كالرجل وهذا من معنى الولاية الواردة في القرآن قال تعالى{ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله} التوبة(71) ويقول الرسول e [الدين النصيحة قالوا: لمن يارسول الله؟ قال:لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم]

7ـ الإسلام يمنح المرأة أهليتها في التصرفات المالية ويحترم ملكيتها، وعندما ترشد فلايحق لأحد التصرف بمالها أو يأخذ منه شيئا إلا بعد إذنها ولها التصرف فيه بماتريد، يقول الله تعالى{ للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} النساء(32) كذلك لها الحق في الصّدَاق ولها أن توهب وتتملك ولها حق في الإرث . 

8ـ كرّمها الإسلام بنتا وزوجة وأما وأختا وأمر بتربيتها والعمل على صلاحها وتعليمها وأن يقوم عليها الرجال ، وأمرنا الرسول  e أن نعطف عليها ونحترمها ونقضي حاجتها قال [خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي] وأمر الإسلام بحفظ عرضها وحسن عشرتها .

هذه نماذج من تكريم الإسلام للمرأة ورعايتها وإلا فهي كثيرة والمقام في هذا البحث لايتسع لذكرها كلها.      

(3) نظرة الإسلام لعمل المرأة:ـ

ينظر الإسلام لعمل المرأة على أنه ضرورة تقوم به عند الحاجة وعندما تأمن الفتنة، وجاء في سنة الرسول e أن المرأة كانت تشارك في بعض الأمور التي تتفق مع طبيعتها ونوعية تكوينها لأنها تختلف عن الرجل في خصائصها الجسمية والنفسية والعاطفية ، ولكن تلك الأعمال لم تشغلها عن مهمتها الأساسية في منزلها. لان المرأة يجب عليها أن تتجه بعد العبادة إلى بيتها ومايتطلبه من رعاية لأطفالها وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة، فهي مطالبة ببعض الأمور منها:ـ

1ـ تهيئة الجو العاطفي والنفسي لزوجها الذي يقوم على المحبة والرحمة والمودة الصادقة وحسن العشرة.

2ـ المشاركة بتربية الأولاد تربية إسلامية سليمة يحفها العطف والحنان .

3ـ مطالبة بالقيام بشئون الأسرة الأخرى مثل الطبخ والغسيل والكنس وغيرها مما يحتاجه منزلها.

ثم لايعني ذلك أن نحكم على المرأة بالبقاء في منزلها ونحرمها أن تمارس حياتها وأعمالها التي هُيأت نفسيا وجسميا لها . فهي يمكن أن تمارس بعض الأعمال التي لايمكن أن يقوم بها سواها كالتدريس والخياطة والتمريض والطب النسائي فالأُمة مطالبة بسد تلك الثغرات من قبل النساء. والأعمال الأخرى التي يمكن أن تساعد بها المرأة كالأعمال الكتابية في المدارس والوحدات الصحية للبنات والأعمال الإدارية واليدوية الخفيفة.

عبدالله بن صالح العقيل

                                      الرس.

[خروج المرأة للعمل وأثره على تربية النشء] 3/6

(4) سلبيات خروج المرأة من بيتها للعمل:ـ

كما يجب أن ننظر إلى سلبيات خروج المرأة من بيتها للعمل التي منها:ـ

1ـ عودتها من عملها متعبة ومرهقة ونفسيتها متغيرة مما يعود على منزلها وأولادها بالضرر فقد لاتستطيع القيام بأعمال المنزل وقد تتسبب نفسيتها إلى ضرب أولادها .

2ـ إهمالها تربية أولادها عندما تخرج للعمل ، وقد يفتح ذلك بابا لانحرافهم وخروجهم من المنزل بدون علمها وانغماسهم باللذات والمنكرات.

3ـ تبين دراسة أجريت على النساء بأن 53% من العاملات يشكين من التعب نهارا من العمل وليلا من القيام بأعباء المنزل.

4ـ كما أن الأزواج يتضايقون عندما يبقون في المنازل وزوجاتهم يعملن في الخارج وقد يؤدي ذلك بهم إلى البحث عن زوجة أخرى.

5ـ إن قيام المرأة بالأعمال الخاصة بالرجال يؤدي إلى وجود البطالة في صفوف الشباب ويكونون مهيئون للإنحراف.

6ـ إن عمل المرأة يساهم في زيادة نسبة العنوسة بين النساء لأن العمل قد يسبب في تأخر المرأة عن الزواج لانشغالها بواجبات العمل.

7ـ عمل المرأة يحد من كثرة الإنجاب الذي حثنا عليه الرسول  e لأن المرأة العاملة تحاول الحد من النسل حتى لايشغلها ذلك عن القيام بعملها.

(5) ضوابط شرعية لعمل المرأة:ـ

1ـ أن تلتزم الحجاب الشرعي وهو يمثل زينة وعفاف المرأة ويصونها عن عيون شياطين الإنس ومصايدهم ، قال الله تعالى { ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} الأحزاب(59) .

2ـ أن تتجنب الاختلاط بالرجال بحيث تعمل بالأعمال التي تتوافق مع حيائها وعفتها وصونها عن الأشرار ، وهو أدعى إلى ابتعادها عن النفوس الضعيفة والفساد، وقد حذر النبي eعن ذلك فقال [لايخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان] رواه أحمد والترمذي.

3ـ ألا يعيقها العمل عن قيامها بوظيفتها الأولى وهي خدمة بيتها وزوجها وأولادها ، فإن كثيرا من الأزواج في الوقت الحاضر يتمنون أن يأكلوا من عمل زوجاتهم ويشكون من الملل من طبخ الخادمات بسبب خروج الزوجة للعمل.

4ـ ألا ينتج عن خروجها للعمل مضيعة الأولاد وسوء بناء الخلق الإسلامي لهم وتفكك عّرى الأسرة التي تقوم على التكامل والتعاضد ، كذلك تشتت الأولاد بحيث يسرح كل منهم في دار والأم في واد آخر.

5ـ ألا تخرج من منزلها إلا بإذن وليها ، قال تعالى{ الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}   النساء(34).

6ـ أن تمارس العمل المباح أصلا والذي يناسب طبيعتها وقوّتها مثل التعليم أو الخياطة ولا تدخل عملا يؤدي إلى اختلاطها برجل أجنبي عنها، أو الأعمال الشاقة مثل المصانع أو العسكرية .

7ـ أن تتحلى أثناء تأديتها لعملها بتقوى الله والخوف منه والخلق الحسن والعفاف والبعد عن الفتن .    

(6) مجالات عمل المرأة:ـ

إن المجالات التي تصلح أن تعمل فيها المرأة كثيرة  ومتعددة وهي التي تناسب طبيعتها الأنثوية ومنها:ـ

1ـ مجالات العمل في المنزل التي تتضمن التربية والتنشئة لأطفالها والمحافظة على أولادها المراهقين .

2ـ الدعوة والتوعية الدينية بين النساء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لغرض نصرة الدين وتثقيف بنات جنسها.  

3ـ التعليم داخل مدارس البنات وهو أفضل عمل يناسب المرأة ويحفظ حياءها.

4ـ مجالات الطب ومعالجة النساء في المستشفيات والعيادات الخاصة بالنساء.

5ـ العمل الخيري في الجمعيات الخيرية النسائية التي تكفل الأيتام وتطعم الفقراء وتعمل على التكافل الاجتماعي .

6ـ الأعمال الإدارية في مدارس البنات ومدارس التربية الفكرية ودور الحضانة الخاصة بالأطفال .

7ـ إدارة المكتبات الخاصة بالنساء والعمل عليها بشرط أن تكون مغلقة وخاصة بالنساء ولايدخلها الرجال.

8ـ العمل في حلقات تحفيظ القرآن الخيرية وتعليم السنة النبوية .

عبدالله بن صالح العقيل

                                      الرس.

[خروج المرأة للعمل وأثره على تربية النشء] 4/6

(7) أسباب وجود الخادمات الأجنبيات في المنازل:ـ

إن وجود الخادمات في منازل الأسر السعودية منتشر منذ وقت طويل ولكنه كان مقتصرا على الأسر الكبيرة الغنية ، ولكنها في الوقت الحاضر تحولت إلى ظاهرة عامة وبارزة في المجتمع السعودي فلايكاد يخلو بيت من خادمة واحدة على الأقل، حتى الأسر الفقيرة تهتم بوجود الخادمة في منزلها وتقدمه على توفير حاجتها من الطعام وبعض المواد الهامة للمنزل .

ومن المؤسف حقا أن تلك الخادمات والمربيات ينقلن إلى الأسر عادات وتقاليد وقيم غريبة على المجتمع السعودي المسلم . وبحكم وجودهن في البيوت واختلاطهن مع الأولاد يقمن بالتأثير اللغوي والمعرفي والنفسي والاجتماعي عليهم عن طريق المحاكاة والتقليد.

ومن عوامل انتشار الخادمات الأجنبيات عند الأسر السعودية:ـ

1ـ زيادة حجم الأعباء المنزلية على الزوجين وسببه زيادة مساحة المنازل وسعة المرافق التي تتطلب زيادة ومضاعفة الجهود في التنظيف والطبخ والغسيل وتراكم الأعباء على الزوجة .

2ـ خروج المرأة إلى العمل نتيجة تغير الحياة الاقتصادية والاجتماعية وزيادة التعليم والوعي لدى المرأة بخروجها للعمل خارج المنزل وتحملها المسئولية إضافة لأعباء العمل بالمنزل وتربية الأطفال .

3ـ عند خروج المرأة للعمل لم يتم توفير البدائل لها من دور حضانة وروضات للأطفال تكفل حضانة الأطفال في غياب الأم بالمستوى الذي تطمئن له الأم مما اضطر البعض إلى الاستعانة بالخادمات والمربيات.

4ـ تيسير إجراءات استقدام الخادمات من الخارج وغياب القيود التي تحد من ذلك في النظام وعدم وجود الضوابط من ناحية الجنسية أو الديانة أو العمر أو العدد لكل أسرة.

5ـ إن الأجر الشهري الذي تتقاضاه الخادمة من الأسرة لايشكل عبئا ماليا يذكر من دخل الأسرة في أكثر الأحوال.

6ـ توفر الإمكانات المادية والمستوى المعيشي الراقي لدى أكثر الأسر السعودية وزيادة الطلب على الكماليات وزيادة أعباء الحياة الأسرية جعل المكانة الاجتماعية للأسرة السعودية تحتم عليها مكانة اجتماعية مرموقة ومنها برزت الحاجة للخادمة المنزلية.

7ـ إن غياب أهمية السنوات الأولى من حياة الطفل وحاجته للتربية بحيث تتشكل شخصيته فيها ويكسب فيها بعض الاتجاهات الاجتماعية وهذا أدى إلى غياب الوعي لدى الأسرة بآثار اختلاط الأطفال بالخادمات والمربيات وتغذيتهم ونظافتهم وتربيتهم.

8ـ تدني النظرة للعمل الشريف عند الأسرة مثل خدمة الطبخ والغسيل والتنظيف بحيث تعزف الأسر عن ممارستها في منازل الغير، بل إن بعض الأسر يرفض أفرادها أن يقوموا بالخدمة داخل منازلهم ويعتبرون ذلك منقصة في سمعتهم.

9ـ حاجة المرأة في المجتمع الخليجي بالذات إلى وجود شخص تطبق عليه سلطتها مقابل سلطة الرجل عليها فتلجأ لإحضار خادمة أضعف منها لهذا الغرض.

10ـ قد لاتوجد حاجة لدى بعض الأسر لاستقدام خادمة ولكن التقليد الاجتماعي لدى الأسرة والتي تتمثل في النظرة إلى وضع الأسر الكبيرة الغنية من قبل الأسر الأقل ثروة لأن البعض يعتقد أن الحصول على خادمة دليل المكانة الاجتماعية العليا للأسرة.

11ـ إن تبادل الزيارات الاجتماعية بين الأسر خاصة في الأحياء المتقاربة في المدن والقرى يتطلب غياب المرأة عن بيتها تطلب وجود خادمة تضطلع بأعباء المنزل بدلا عنها.                    

(8) الآثار والنتائج لانتشار الخادمات في المنازل:ـ

في ضوء ماذكر سابقا عن ظاهرة وجود الخادمات والمربيات في منازل الأسر السعودية وما لذلك من مخاطر وآثار على تربية الأطفال وسلوكيات المراهقين وماتحمله الخادمات من عادات وقيم غريبة على مجتمعاتنا نعرض أهم الآثار التي نتجت من وجود الخادمات وهي :ـ

1ـ أصبح جميع من في المنزل من الأب والأم والأولاد والبنات الصغير منهم والكبير يعتمدون اعتمادا كاملا على الخادمة في جميع أمورهم حتى الأشياء التي يقدرون على إنجازها بأنفسهم فهم يطلبون من الخادمة تقديم الخدمة وإن كانت قريبة منهم ويستطيعون القيام بها .

2ـ وجود الخادمة أدى إلى تفشي الإتكالية والسلبية بين أفراد الأسرة وانعدمت المبادرة منهم ، فإذا غابت الخادمة عن المنزل أصيب الجميع بالتشنج وتوقفت الحياة إلا القليل منها كما تتراكم الأعمال الروتينية بالمنزل تنتظر حضور الخادمة. فينشا جميع الأولاد على هذا السلوك فيصعب معها تغيير اتجاهاتهم وتفكيرهم.

3ـ تعلُّق الأبناء عاطفيا ونفسيا ووجدانيا بالخادمة خاصة بعد تكرار غياب الأم عن المنزل وقيام الخادمة بدورها بالتغذية والتنظيف ورعاية الأطفال ، ثم يتأثرون بما لديهم من قيم وعادات وتقاليد سيئة.

4ـ تخلخل العلاقة الحميمة بين أفراد الأسرة خاصة عند الأطفال الذين لايدركون عندما تتولى الخادمة جميع أمورهم خاصة عند الأسر الذين يحضرون مربية لأطفالهم ، لأن الروابط العائلية الحسنة تتفكك وتنعدم فرص الاحتكاك العائلي والتعامل اليومي القائم بينهم على المحبة والإلفة والمودة .

5ـ عندما تقوم المربية أو الخادمة بتدبير شئون الأطفال بحيث هي التي تطعمهم وتلبسهم وتدللهم وتنظفهم وتجهز أدوات المدرسة وتخرج بهم إلى المنتزه كل ذلك مع مرور الوقت يجعل الخادمة والمربية تتقمص دور الأم في رعاية شئون الأطفال فتعلقون بها ولايستغنون عنها ويبكون عند فراقها ويعتبرونها الأم البديلة.

6ـ إن وجود الخادمات اللاتي في سن الشباب أو من سبق لهن الزواج وعرفن العلاقات الجنسية وجودهن بين المراهقين والشباب في البيوت مع غياب الرقابة من الوالدين يؤثر سلبا على قيم وأخلاقيات هؤلاء الشباب خاصة وأن الخادمات يحملن من الأفكار والمعتقدات المتحررة حول الجنس الشئ الكثير. فينطبع ذلك على فساد المراهقين وانحلال أخلاقهم وتساهلهم في ممارسة الزنى .

7ـ إن تواجد الخادمات داخل المنازل وخارجها ممن يحملن القيم والعادات الفاسدة والثقافات المغايرة لثقافاتنا نحن المسلمين قد يسبب الصراعات بين القيم الوافدة وقيمنا المثالية فيبقى الأطفال والشباب بل الكبار من الوالدين حائرون بينها  مع العلم بأن البعض منهم قد يُعجبون بالأفكار التي يبديها بعض الخادمات عندما تنتفي الكلفة بينهن وأفراد الأسرة وفي بعض المناسبات الدينية والاجتماعية.

8ـ إن الأطفال الذين لايدركون التعامل مع الخادمات والمربيات وبعض الشباب المستهترين بلغتنا العربية عندما يبقون مع الخادمات اللاتي يتحدثن بلغتهن الأعجمية أو قد يحاولن النطق بلغتنا بطريقة خاطئة تنشا لديهم تراكيب لغوية غريبة يتعلمها الأطفال والمراهقون ويمارسونها على أنها اللغة الصحيحة وقد يتكلمون ويكتبون بها عند غيرهم من الناس ، كذلك قد يتعود الوالدان على التخاطب مع الخادمة بلغة مكسّرة بقصد إفهامها فيكسب الأطفال تلك اللغة.            

عبدالله بن صالح العقيل

                                      الرس.

[خروج المرأة للعمل وأثره على تربية النشء] 5/6

(9) أسباب خروج المرأة من منزلها للعمل:ـ

لاشك بأن خروج المرأة من منزلها للعمل يعتبر مشكلة بحد ذاته ، عند من لايوافقون على عملها ، وعند الذين يرون بأنها إذا خرجت فهي تهمل أطفالها وتبتعد عن أولادها المراهقين ومتابعتهم.

لذلك فإن خروج المرأة السعودية من منزلها من أجل العمل توفرت له أسباب متعددة نستطيع أن نجمل تلك الأسباب بمايلي:ـ

1ـ المكانة الاجتماعية التي تحظى بها المرأة العاملة في المجتمع ، حيث تتميز بسمعة ووجاهة نظيراتها من النساء سواء كانت معلمة أو تعمل في وظيفة إدارية أو طبيبة أو ممرضة أو غير من الوظائف المرموقة في المجتمع. خاصة إذا كانت المرأة العاملة تتميز بأداء جيد وكفاءة في العمل وتقوم بالاشتراك بمعالجة بعض القضايا الاجتماعية .

2ـ توفر الخادمات الأجنبيات وسهولة استقدامهن حيث يقمن بأكثر الأعمال المنزلية بل عادة ماتقوم ربة المنزل بتكليف الخادمة بكل الأعمال المنزلية وتتفرغ لعملها. هذا أعطى المرأة الفرصة للعمل خارج المنزل .

3ـ لاشك بأن توفر الأعمال الإدارية والتعليمية والطبية وغيرها التي يمكن أن تلتحق بها المرأة يساعدها على البحث عن العمل المناسب لها مع وجود الرغبة الملحّة لديها .

4ـ تهيئة فرص التعليم للمرأة من قبل الدولة حتى المرحلة الجامعية يجعلها تحرص على الحصول على الدرجات العلمية العليا ونتيجة طبيعية لذلك فإنها تلتحق بعمل مناسب للتخصص الذي حصلت عليه.

5ـ حرص النساء على مواصلة الدراسة في الكليات المتوفرة في المجتمع وعزوفهن عن الزواج المبكر ممن يتقدم لهن من الشباب أدى إلى تفشّي ظاهرة العنوسة في المجتمعات ثم تجد المرأة نفسها في فراغ وعزلة فتلجأ للعمل من أجل القضاء على أوقات الفراغ .

6ـ بعض الشباب عندما يريد الزواج ويكون دخله الشهري من الراتب قليل لايفي بمتطلبات الحياة الزوجية وتكاليف الزواج باهظة يشترط بان تكون شريكة حياته تعمل في وظيفة لها دخل جيد يعين الزوج على مطالب الحياة المادية .

7ـ مع كثرة عدد أفراد الأسرة السعودية وتواضع الحالة الاقتصادية لدى بعض الأسر بحيث يصعب على الأب العمل بوظيفة لها دخل جيد يكفي للصرف على الأسرة بسبب عدم التأهيل لوظيفة عليا وتوفر فرص الدراسة والعمل للبنات أدى إلى انخراط الفتاة السعودية بالأعمال كالتعليم وغيره مما يحصل منه دخل جيد يعين الأب وعندما تتزوج الفتاة فإنها تستمر في وظيفتها.

8ـ المباهاة والشعور بالاستقلالية من قبل المرأة السعودية التي تعمل بدخل جيد عند بنات جنسها في المجتمع  حيث ترى نفسها في مكانة اجتماعية هامة لدى الجميع عندما تعمل بوظيفة ذات قيمة ودخل مرتفع تحقق منه ذاتها.

9ـ حب الخير والسعي لكسب الأجر في نفوس المسلمين بالمملكة بحيث تسعى المرأة السعودية كالرجل إلى التبرع لأعمال الخير وهذا يتيسر لها عندما يكون لها دخل خاص بها تبذل منه بدون أن يحاسبها أحد عليه، أو قد يكون لها من الوالدين والأقارب من يحتاج لها في مصروفه المادي.

10ـ قد تنظر المرأة السعودية للعمل والدخل المادي الذي تحصل عليه من الوظيفة من زاوية مصلحتها الخاصة وذلك تحسبا لظروف الحياة من ترمّل وطلاق أو تقلبات الزمن فتحرص على العمل خارج المنزل لتؤمّن لنفسها وأولادها سبل الحياة السعيدة المترفة ويحصل هذا كثير في المجتمعات.

11ـ تحتاج المرأة إلى مجموعة من الملابس وأدوات الزينة وبعض الالتزامات الخاصة بها لتظهر أمام وصيفاتها بالمظهر الاجتماعي اللائق خاصة إذا كانت مع زوج يتصف بالسلبية في تعامله معها فتجد في العمل والدخل الجيد مايغنيها في ذلك.

12ـ إن المرأة السعودية التي تحصل على تعليم عالي في بعض الأحيان وتمنعها ضغوط الزوج أو الظروف الاجتماعية بالأسرة من العمل وتبقى في منزلها ثم اعتماد الدولة في إنجاز الأعمال كالتعليم أو الطب أو التمريض أوغيرها على التعاقد مع غير السعوديات قد يسبب ذلك نوعا من البطالة في صفوف النساء المتعلمات لذا تقوم الدولة بتوفير فرص العمل للمرأة السعودية حتى تقوم بخدمة وطنها عندها تُقدِم المرأة على العمل لسد حاجة الوطن .

بقيت كلمة هامة وهي :ـ أن أكثر الأسر التي لديها نساء يعملن في وظائف خارج منازلهن وإن قامت باستقدام خادمة فإن عمل الخادمة يقتصر على الطبخ والتنظيف والغسيل وغيرها مما يحتاج المنزل أما الأطفال فأمرهم يخص الأم وهي وحدها التي ترعى شؤونهم وتهتم بهم أما الخادمة فليس لها تدخل في أمورهم.

عبدالله بن صالح العقيل

                                      الرس.

[خروج المرأة للعمل وأثره على تربية النشء] 6/6

(10) شروط خروج المرأة من منزلها للعمل:ـ

تعرفنا سابقا على الأسباب التي هيأت للمرأة الخروج إلى العمل ويستدعي ذلك في بعض الأحوال تسليم الأطفال للخادمات والمربيات ، كما قد يؤدي ذلك إلى أن تتخلى المرأة عن دورها في إدارة المنزل وقد تتكالب المشاكل الزوجية في المنزل بين الزوجين بسبب ابتعاد الزوجة عن منزلها فيضطر الزوج إلى البحث عن زوجة بديلة، على ضوء ذلك هل نقول بأن على المرأة أن تبقى في منزلها ؟ ولكن هذا لم ولن يحصل البتّة لأن المرأة العاملة في الوقت الحاضرـ خاصة في المجتمع المسلم كالمجتمع السعودي ـ تؤدي دورا هاما في التعليم والطب والتمريض والخدمات الاجتماعية والمؤسسات الخاصة بالطفولة وغيرها من الأعمال الخاصة بالنساء.

لذا إذا سلّمنا بالسماح للمرأة السعودية بالعمل خارج المنزل فلابد من أن تتوفر شروط هامة ينبغي أن تلتزم بها المرأة عند خروجها للعمل حتى يمكن السماح لها من تلك الشروط مايلي:ـ  

1ـ ألاّ يؤدي خروجها للعمل إلى إهمال أطفالها وتركهم في أيدي الخادمات ، وقد سمعنا قصصا كثيرة من أخبار الخادمات اللاتي قُمن بضرب الأطفال أو تعذيبهم أو قتلهم بسبب وجودهم معهن وقتا طويلا بدون رقيب ، وقد يكون هذا التصرف منهن بسبب ضغوط تقع على الخادمة من الأم .

2ـ كذلك عدم إهمال الأولاد المراهقين وتركهم عند الخادمات خاصة عند خروج الأم من المنزل لما في ذلك من خطورة على الأخلاق والدين .

3ـ ألا يكون عمل المرأة على حساب إهمالها لأمور الزوج ، فكثيرا ماسمعنا بعض المشاكل بين الزوجين بسبب خروج المرأة للعمل وتذمر الأزواج من ذلك، بل وأكثر حالات الطلاق وتعدد الزوجات بسبب ذلك.

4ـ كثيرا مايقوم بعض الآباء عند تزويج الفتاة بأن يشترط أن يكون راتبها من العمل خاص بها وليس للزوج أن يحصل على شئ منه، وهذا يؤدي إلى بعض المشاكل بين الزوجين ، لأن الزوج يرى بأن له حق من راتب الزوجة الذي تحصل عليه مقابل السماح لها بالعمل. أو أن تعينه على تأمين بعض احتياجات المنزل ، لذا يجب على الآباء عدم التدخل بين الزوجين وترك شؤونهما العائلية في أيديهما.

5ـ أن يكون عمل المرأة تم بموافقة ولي أمرها من أب أو أخ أو زوج، لأن هذا مما يخص وليها وله أن يسمح لها أو أن يمنعها . قال الله تعالى { الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله به بعضهم على بعض } .

6ـ ألا يؤدي عملها إلى اختلاطها بالرجال الأجانب لأن الخلوة محرمة وقد تؤدي إلى مالايحمد عقباه ، يقول الرسول e [لايخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان] رواه أحمد والترمذي.

7ـ أن يخلو عمل المرأة من الأمور المحرّمة كالتبرج وعرض الزينة والتعرّي لأن ذلك مما يحرك الفتنة حتى بين النساء أنفسهن ، لأن العمل وسيلة لخدمة الوطن وتحصيل الرزق وليس لنشر الفتن والفسوق .

8ـ ألا يكون عملها في شئ مشروع وبما يرضي الله وليس في معصية كالغناء والرقص أو السكرتارية أو غيرها مما فيه شبهه .

9ـ أن يكون عملها في مايناسب طبيعتها ونفسيتها وقوة جسمها وتكوينها كالتعليم أو الطب أو التمريض أو غيرها من الأعمال التي تتحملها المرأة وليس فيما يتطلب حمل الأشياء التي لاتستطيعها.

10ـ أن يكون عملها وفق ما يحتاجه المجتمع لتنميته وتطويره والرقي به كالوظائف التي ذُكرت سابقا.

11ـ ألا يؤدي انخراط المرأة بالعمل إلى تعطيل الرجال وإيجاد البطالة بينهم ، أو تضييق سبل الكسب عليهم ، لأن الرجال أولى بالأعمال التي تناسب طبيعتهم وهم القوّامون على النساء  في بيوتهن .

(11) التوصيات:ـ

أود أن أوضح بأن دعوى القول أن المرأة تمثل نصف المجتمع وأن هذا النصف معطّل وبدون عمل وأن المجتمع يخسر بشكل دائم نصف الأيدي العاملة فيه ، فهذه دعوى باطلة أراد منها الحاقدون على الإسلام ـ حتى وإن كانوا من المسلمين ـ إشاعة الرذيلة والشر في المجتمعات المسلمة وأرادوا كذلك القضاء على الحجاب وجر المرأة المسلمة إلى مهاوي الفاحشة، لأن المرأة في بيتها تعتبر في عمل وليس أشرف من ذلك العمل إذا كانت تقوم على رعاية زوجها وأبناءها. أما إذا سمحنا للمرأة بالعمل خارج منزلها لتسد حاجتها وحاجة المجتمع فيجب أن يكون قيامها بعملها حسب ماتراه الشريعة الإسلامية. أما التوصيات التي أسجلها في هذا البحث فهي مايلي:ـ

1ـ على المرأة أن تتق الله في نفسها وفي أولادها فهي مسئولة عنهم داخل المنزل قال e [ والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها] رواه البخاري.

2ـ أن عليها أن تقنع بما قسمه الله لها وتنظر لمن هو أدنى منها، ولاتنظر لمن هو أعلى منها، فليس من لديه خادمة بأحسن من غيره ولكن إذا قامت المرأة بالعمل في بيتها وأخلصت النية لخدمة زوجها وأولادها نالت الأجر من الله ووفقها الله لكل خير وسهّل لها أمورها.

3ـ تستطيع المرأة أن توفق بين عملها في الوظيفة خارج المنزل وبين قيامها بواجبها داخل المنزل بدون وجود خادمة وذلك بإخلاص النية لله سبحانه وتعالى والدعاء والتضرع إلى الله بطلب العون والعوض قال تعالى { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا } .

4ـ الالتزام بالهدي النبوي الذي علمه ابنته فاطمة رضي الله عنها عندما أتت إليه تشكو ماتلقى في يديها من الرحى وتسأله خادما فقال لها ولزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه [ألا أدلكما على ماهو خير لكما مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا الله ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبّرا ثلاثا وثلاثين فهو خير لكما من خادم ] رواه البخاري.

5ـ أن يتعاون أفراد الأسرة في خدمة أنفسهم والمنزل ولايقع العبء كله على الأم وحدها بل يجب أن يشارك الجميع في الخدمة الكبير والصغير والذكر والأنثى خاصة وقد توفرت في الوقت الحاضر جميع وسائل الراحة في المنازل مثل الأدوات الكهربائية والمستلزمات الأخرى التي تساعد في التخفيف من حجم العمل بالمنزل وتحل محل الخادمة، قال رسول الله e [ خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ] .

6ـ عند الحاجة يمكن الاستعانة بالخادمة المحلية من نساء الوطن لفترة محددة في اليوم فهي تغني عن الاستقدام من الخارج، وهي لاتنام في المنزل ولاتختلط بالأطفال والشباب المراهقين وخاصة من الأسر المحتاجة فتكسب الأجر وسد حاجة الأسرة كما أنها من بيئة مسلمة وتحمل نفس المبادئ والطباع الإسلامية .

7ـ أن يحتمل الزوج والأولاد بعض التقصير الذي قد يحصل من ربة المنزل لأن المرأة مخلوق ضعيف لها طاقات محدودة ويعتريها في أكثر الأوقات بعض الأمراض الدورية أو الطارئة التي تؤثر على نفسيتها .

8ـ أقول للرجال الذين في بيوتهم خادمات أن ينتبهوا ويحذروا من تلك الخادمات وينبهوا أولادهم دائما عن ما يحملنه من العادات والسلوكيات الخاطئة،  والوقوف عند حرمات الله وعدم مخالفة أمره ،قال تعالى {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }.

9ـ معاملة الخادمة بالحسنى واللين فإنها أمانة في المنازل ، وأن يمنع الأطفال والكبار من الاعتداء عليها أو إهانتها ، كما أنها تُمكن من العمل الذي تم استقدامها من أجله فقط ولاتتدخل في أمور العائلة الخاصة .

10ـ ملاحظة الأطفال والعطف عليهم ورعايتهم وعدم تركهم للخادمات اللاتي يعملن في خدمة المنزل ، وأن على الوالدين الانتباه لهذا، كما أنبه بعدم استقدام المربيات وأن يقوم كل واحد من أفراد الأسرة بدوره الصحيح في التربية داخل المنزل، وأن يعوّد الصغار على خدمة أنفسهم بوقت مبكر.

عبدالله بن صالح العقيل

                                      الرس.

المراجع :ـ

إن المادة المكتوبة سابقا لم تكن منقولة من مراجع وإنما كتبتها من واقع خبرتي وتجربتي في الحياة الاجتماعية ، وعصارة فكر يستنير بأحكام الشريعة الإسلامية وهدى سيرة المصطفى e ، أما المراجع التي سوف أوردها هنا فتم الإطلاع عليها للاستفادة من خبرة الآخرين وآرائهم .

1ـ تحرير المرأة في عصر الرسالة، عبدالحليم محمد أبو شقه،ط1، 1410.

2ـ الإسلام وبناء المجتمع، د.أحمد محمد العسّال، دار القلم،الكويت،ط6،1403.

3ـ المرأة المسلمة أما التحديات، أحمد بن عبدالعزيز الحصين، دارالبخاري ببريدة،ط5، 1406.

4ـ رسائل إلى المرأة المسلمة، خالد الحمادي، مكتبة السندس بالكويت، ط1،1406.

5ـ حقوق المراة في الإسلام، كوثر محمد الميناوي، ط2،1413.مطابع سفير بالرياض.

6ـ المرأة المسلمة، وليس الذكر كالأنثى ،وهبي سليمان غاوجي،دار القلم دمشق،ط7،1407.

7ـ كتيب:الزوجة المثالية، خولة درويش،دار المحمدي،ط1،1415.

8ـ في بيتنا خادمة، عبدالملك القاسم، دار القاسم بالرياض، ط1،1418.

           ـــــــــــــــــــــــــــ