الاثنين، 17 يونيو 2013

إلى رحمة الله أبا يارا.

إلى رحمة الله أبا يارا

      أوّاه سَيّدتِي السّبْعُونَ! معْذِرَةً
                                إذَا الْتَقَينا وَلَمْ يَعصُفْ بِيَ الْجَذَلُ
     بيت من قصيدته (سيدتي السبعون) التي قالها وحفل بها المشهد الثقافي أيما احتفال.. هاهو أبا يارا يقدم عذره لعمره السبعين التي حلت به ولم يحفل بها.. بل حل المرض محل الفرح والحبور.. وطغى الشيب على الشباب.. والأماني لديه تشتعل باليأس.. والحياة التي ولّت نضارتها.. (والعزيمة التي أصمت قلبها العلل).
رحمك الله أبا يارا فقد كنت شهما كريما في العطاء وأنت تعاني من المرض.. وترزح تحت وطأة الألم.. وكنت مبدعا ثرّا في العطاء وأنت على السرير الأبيض.. لقد ملأت الدنيا وشغلت الناس بإنتاجك الفكري الرصين. وحياتك الإدارية.. وتعاملك  الراقي. قرأتُ كتابك (حياة في الإدارة) وطبقت كل مبادئك الرائعة في العمل الإداري.. وأرشدت زملائي لقراءة الكتاب والاستفادة منه. فقد وجدته مرشدا للمدير القدير والإداري الجديد.
الدكتور غازي القصيبي.. أثرى ساحتنا الثقافية بأكثر من خمسين كتابا وديوان شعر ورواية نثرية. كان حديثه عندما يتقدم الحديث دررا تنثر عبيرها في المنتدى.. وكان شعره عندما يلقي قصيدة ينطلق في خيالاته كطائر يغرد جذلا. وعندما يؤلف كتابا فإنه يعطيه من وقته وجهده الكثير. كان رحمه الله عميقا في إحساسه كبيرا في إنتاجه متمكنا فيما يطرحه في الساحة الثقافية. كان علما من أعلام الثقافة العربية الحديثة في بلادنا وخارجها. ساهم في إثراء المشهد الثقافي العربي بإنتاجه الفكري الغزير. حتى وهو في فراش المرض ألف رواية (الزهايمر).
لقد عاش غازي كبيرا ومات كبيرا، وكان إنسانا في تعامله وأخلاقه مع الآخرين الذين كانوا يواجهونه ومنها شجاعته في التعامل مع التيارات المتطرفة في السنوات الماضية.. هاهو غازي القصيبي يرحل بجسده ويبقى فكره وإبداعه الذي أمر معالي وزير الثقافة والإعلام بفسح جميع كتبه للطباعة والنشر.
رحل أبو يارا بعد أن نعى نفسه بقصيدته (السبعون) عندما قال:
ماذا تريد من السبعين يا رجل       لا أنت أنت.. ولا أيامك الأول
جاءتك حاسرة الأنياب.. كالحة            كأنما هي  وجه  سلّه  الأجل
أواه! سيدتي السبعون! معذرة       إذا التقينا ولم يعصف بي الجذل
ولكم أن تكملوا بقية القصيدة التي رثى بها نفسه ولم يترك للباكين والباكيات وقتا للنحيب.. هاهو يقف شامخا وقد هدّه المرض مناجيا ربه:
والله يعلم ما يلقى.. وفي يده        أودعت نفسي.. وفيه وحده الأمل   
نعم الأمل بالله أن يحسن لك الجوار وأن يحشرك مع نبيه الكريم وعباده الصالحين.
كما أني لا أزال أذكر وأردد قوله السابق عندما كان يناجي ربه بقوله:
أحببت لقياك حسن الظن يشفع لي         أيرتجى العفو إلاّ عند غفّار
رحمك الله يا أستاذ الأجيال وغفر لك.. وأسكنك جنات النعيم.
   
  كتبه:
                                 عبد الله بن صالح العقيل ـ الرس. 
                                    Aalageel2@gmail.com
                               




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق