(قصر عذلة في الرس.. شاهد للضيافة والكرم)
في أكثر المناطق والمدن والقرى من مملكتنا الغالية يوجد قصر أو معلم للضيافة والكرم، وتم تشييده ليكون رمزا من رموز الموقع الذي يوجد فيه، نذكر من تلك المعالم: قصر الملك عبدالعزيز في الدوادمي وقصر شدا وقصر النشمي في لينه وقصر ابن رمان في تيماء، كذلك الأبراج الحربية التي يتم بناؤها في بعض المواقع لمعاينة العدو في الحروب وغيرها.
وسوف يتضمن الحديث عن قصر عذلة وموقعة وأهميته التاريخية وصاحبه الذي جعله رمزا للجود والضيافة.
وقصر عذله بناه محسن العذل والد صالح بن عذل في حدود عام 1260هـ في موقع على ضفة وادي الرمة من الجهة الجنوبية في منطقة الحجناوي التابعة للرس وحوله مزرعة في منطقة رملية، بناه ليكون مقرا لضيافته ثم صار للوجيه صالح بن عذل وأسماه (عذله) وجعله لضيوفه، وحوله من الجهة الغربية مزرعة ومنزل ملك ناصر بن صالح العذل ومن الجهة الشمالية الشرقية مزرعة وقصر آخر يسمى (الوابلية) يروى بأنه للوابل والعساف. ويتبين في أحد المواقع داخل القصر بأنه تم ترميمه في عام 1353هـ مع تعديل بسيط في مبانيه والذي أمر بترميمه رجل من عنيزة أما الذي أشرف على الترميم فهو رجل من الحماد من الخبراء. بينما يروي بعض أهل الرس بأنهم شاركوا في إصلاحه حيث قاموا بحفر القليب التي بداخله عام 1350هـ.
وقد مر ابن رشيد عند معركة الشنانة واستضافه فيه صاحب القصر وأسماه (الباشوية).
وقصر عذلة يقع على (طريق الجماميل) الذي يتم من خلاله نقل البضائع والأرزاق على ظهور الجِمَال قديما بين الرس وعنيزة وهذا الطريق يمر من الجهة الشمالية من مزارع الحجناوي أي محاذيا لضفة وادي الرمة الجنوبية وكل أهل الرس وأهل عنيزة من كبار السن يعرفون هذا الطريق أما المحدثون فلا يعرفونه، وقصر عذله يقع على طريق الجماميل.
وأما الوجيه صالح بن محسن العذل فقد ولد في الرس عام 1270هـ وتوفي في شهر محرم عام 1350هـ
والذي يحلو للأشراف أن يسمونه (صالح باشا العذل) الذي كان له مكانة مرموقة عندهم لحكمته وحنكته وشجاعته، فهو الرجل الوجيه المحنّك وهو من نسل مؤسس الرس محمد بن علي ابن حدجان الملقب أبا الحصين، وعندما قام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله بهزيمة عبدالعزيز بن رشيد في معركة الشنانة عام 1322هـ قرب قرية قصر ابن عقيّل غرب الرس واختاره أهل الرس وهو صاحب الرأي الصائب ليكون رسولهم لدى الملك عبدالعزيز في معسكره في الشنانة للتفاوض معه لدخول الرس وقطع الطريق على ابن رشيد.
ثم انضم الباشا صالح العذل تحت إمرة صقر الجزيرة وصار من رجاله المقربين المخلصين الذين يعتمد عليهم في المفاوضات مع السفراء، ثم كان من سفرائه إلى الأشراف بالمدينة والآستانة وهو أول مبعوث للملك عبدالعزيز إلى داخل الجزيرة العربية وخارجها، حتى كلّفه بقيادة معركة الرغامة فقام بمهمته خير قيام وتمكّن من فتح مدينة جدة.
وكان صالح بن عذل متحدثا لبقا وراوية للشعر وأقوال المتقدمين وقصص البطولة والشجاعة وقوة الملاحظة. ولذلك يُعجب به الباشا عند الحديث وينصت له إذا تكلم.
أما الحجناوي الذي يقع فيه قصر عذلة فهو منطقة زراعية تقع في نهاية حدود محافظة الرس من الجهة الشرقية مع محافظة البدائع شهرتها في القصيم. وهو أصله مزارع لأهل الرس قبل أن تشتريه عائلة الجريبان، حيث ذكر المؤرخ محمد العبودي في كتابه (معجم بلاد القصيم) أنه لم يكن يوجد في البدائع في سنة 1308هـ إلا سبع قلبان والثامنة هي العميرية التي كانت مملوكة للشيخ صالح بن قرناس الذي توفي عام 1336هـ وهي أول ما حفر في هذه المنطقة. ويوجد وثيقة مؤرخة في عام 1304هـ وهي وثيقة شراء إحدى آبار البدائع اشتراها شخص يقال له ابن سلطان من الشيخ صالح بن قرناس ولكنها لم تذكر اسم البدائع وإنما ذكرت العميرية.
وهذا يؤكد أن الحجناوي كان مزارع لأهل الرس وأكثرها أوقافا على مساجد الرس وأئمتها ومؤذنيها قبل أن يشتريه أحد من أهل البدائع منها أرض الدريويشية التي تم بيعها بخط الشيخ سليمان بن حمد الرميح عام 1352هـ وتم التعليق على البيع بمايلي (فهن تابعات للرس هن ومن يسكنهن لأنهن من الحجناوي المعروف بملك الرس) وهي موجودة لد في مكتبتي لمن أراد الإطلاع عليها.
كذلك الوثيقة التي كتبها سليمان بن حمد الرميح بشهادة منصور الدخيل بن مالك بأن القليب المعروفة بالعود أنها زرعت عام 1293هـ وأن الذي أجرها الشيخ صالح بن قرناس وصالح البراهيم الجعويني وأنها للوجعان من الرسيس.
كذلك وقف حمود الجليدان حقه من قليب الجبر بالحجناوي، ونصف قليب أبيه المسماة رطيرطة بالحجناوي.ووقف علي بن عقيل نصف عودة الحجناوي وغيرها.
ومن أراد الإطلاع على الوثائق التي تبين ذلك أو أراد الحصول على نسخ منها فهي موجودة في مكتبتي. هذا ما أردت إيضاحه وللجميع تحياتي وتقديري.
كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ـ الرس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق