محافظة الرس تتألق في مهرجان الصيف
لم نكن نعرف في بلادنا قبل السنوات الخمس عشرة الماضية تقريبا مهرجانات سياحية بل اعتادت الأسر السعودية أن تقضي الإجازة الصيفية وغيرها من الإجازات في مدن ومناطق سياحية خارج المملكة، كما لم يستطع أحد منا في السابق أن يتكلم عن السياحة والمهرجانات السياحية أو يطلب إقامة مثل ذلك في بلادنا وإلا لسمع من التقريع والشتم الشيء الكثير من كبار السن وغيرهم من بعض الفئات المتشددة التي تستهجن إقامة مهرجان سياحي لأسباب واهية تشبثت في عقولهم وأنفسهم مع العلم بأنهم يمقتون الذين يسافرون إلى خارج المملكة بقصد السياحة والترفيه.
وفي السنوات القريبة الماضية بدأنا نسمع بل نسعد بإقامة مهرجانات سياحية جميلة ومتعددة العفاليات والمواهب أخذت تنظمها بعض المدن السعودية خاصة الساحلية مثل جدة والدمام والطائف فقط وعلى نطاق ضيق، ثم تطورت تلك الفعاليات وبدأت تظهر في مدن أخرى جعلت منها الأجواء الباردة في الصيف بيئة جيدة تقضي فيها الأسر السعودية الإجازة الصيفية مثل أبها والباحة وما حولها.
أما في سنواتنا السبع الماضية تقريبا فقد انتشرت المهرجانات السياحية لتشمل كل المدن السعودية تقريبا بل أخذت المدن تتنافس في تقديم المهرجانات والعروض التسويقية والترفيهية وحصلت كل المدن في كل المناطق على الإذن بذلك وقامت الهيئة العامة للسياحة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بالإشراف عليها وتنظيمها وفق أهداف وبرامج مدروسة ويشرف عليها نخبة من القادة المتميزين في ذلك بدعم من القطاع الخاص ومن خلق سياحة داخلية وتنشيطها والحد من السفر للخارج فازدانت المدن السعودية بالجمال ولبست حللها لاستقبال الزوار وتعددت فعالياتها الثقافية والرياضية والاجتماعية والدينية وغيرها وأخذت تلك المهرجانات تتفنن في أبراز الأسماء المشوّقة والجذابة من أجل الترويج لتلك الفعاليات. وشملت السياحة لدينا السياحة الدينية المتمثلة في الحج والعمرة والزيارة في الأماكن المقدسة والسياحة الفكرية للإطلاع على المناطق الأثرية والحضارية لدينا ثم السياحة التسويقية والترفيهية.
ثم جاء دور الصحف في رعاية تلك المهرجانات إعلاميا ومنها جريدة الجزيرة التي تسابق سواها في الرعاية وإبراز تلك الفعاليات بل تألقت في تلك الرعاية ونالت تقدير كل المسئولين والمواطنين على دورها الرائد في إبراز جهود المدن والأفراد، وإجراء اللقاءات مع المسئولين الذين يرعون تلك البرامج وبعض المواطنين الذين يحضرونها ويتمتعون بها وتنقل فرحتهم صغارا وكبارا، كذلك تقوم الجزيرة بالكتابة عن المناطق الحضرية والسياحية والأثرية التي تزخر بها بلادنا الغالية ونالت الشكر والتقدير من الجميع.
ومحافظة الرس الجميلة من المدن التي قامت فيها فعاليات السياحة في الصيف خاصة منذ ثمان سنوات تقريبا ولكنها كانت تتم على استحياء في بداية الأمر وفي مواقع مظلمة كما يتم إدارتها من قبل فئة لها اهتمامها الخاص ويتم من خلال فعالياتها إبراز بعض الأمور الشرعية فقط أو إبراز بعض الممارسات المحكومة بالتحفظ لتشمل فئة محدودة فقط يقومون بها ويحضرها من يؤيدهم بغياب الفئة المثقفة والمتعلمة من أبناء المحافظة الذين لهم إبداعات جميلة و متعددة.
وفي صيف هذا العام 1429هـ أخذ مهرجان الصيف في محافظة الرس بعدا واسعا في تنظيمه ويسير في مساره الصحيح بمتابعة من صاحب السمو الملكي أمير المنطقة وصاحب السمو الملكي نائب الأمير وقد قامت الهيئة العامة للسياحة بالقصيم بالإشراف على المهرجان وتولى القطاع الخاص التنظيم حيث تم عقد اتفاقية مع مؤسسة المقبل المتخصصة في ذلك لرعاية المهرجان لمدة خمس سنوات قادمة أولها هذا العام، كما برزت جهود سعادة محافظ الرس الأستاذ خالد العساف في الرعاية والإشراف والمحافظة على التزام الجميع بتعليمات حكومتنا الرشيدة بموجب عقود موثقة بمحاضر شهدها مجموعة من المثقفين وأعيان المحافظة وأعلن بأن المهرجان للجميع ويجب أن تتمتع به كل الأسر وأن يكون مفتوحا لكل أهل الرس وما حولها بدون استثناء. ثم برزت في هذا المهرجان جهود المخلصين من أبناء المحافظة بأسماء متميزة في الإعداد والإشراف حيث كانت الإدارة التنفيذية للمهرجان للأستاذ خالد بن محمد الحناكي مدير فرع الغرفة التجارية بالرس الذي كان يعامل كل من حضر للمهرجان بالحكمة والتقدير والاحترام وبرزت فيه موهبة القيادة وكان يدير المهرجان بكل ثقة وقدرة.
كما شاهدنا في مهرجان صيف الرس هذا العام مجموعة من العفاليات الجميلة والممتعة التي تفاعلت معها كل الأسر في الرس فكانت السعادة بادية على الرجال والنساء والشباب والأطفال على حد سواء، حيث أقيمت العرضة النجدية الرقصة العربية الشعبية التي هي رمز السلم والحرب ولها صلة مباشرة بحياة الناس وبيئتهم وطباعهم والتي كانت غائبة في المهرجانات السابقة عدة سنوات بوجود من يحاربها.. بل وبرزت مكانها مشاهد القبور وتكفين الموتى والأناشيد الصاخبة القوية التي تلهب حماس الشباب وتسمم عقولهم وتفسد علاقاتهم بأسرهم وتدعوهم إلى عقوق الوالدين والأقارب وإلى الجهاد المزعوم مثل:
صمتا..فقد نطق الرصاص وحسبنا أن الرصاص إلى الجهاد ينادي
أما في صيف هذا العام فقد قام شباب الرس تعلو أصواتهم أمام سمو نائب أمير المنطقة في اليوم الذهبي للمهرجان الذي شاركهم في الرقص رافعين أصواتهم بقصيدة شاعر الحرب بالرس إبراهيم بن دخيل الخربوش ومطلعها:
ياطير ياللي بالجذيبة تراعينا يتنا العشا لين المناعير يرمونه
ياطير قل للذيب وان جاع يتلينا يتلي عيال الملاقا يعشونه
والله ما جينا من الرس عانينا إلا ندور الحرب ياللي تدورونه
معنا سلاح ننقله في يمانينا ملح الجريف محيّل له يزلونه
ثم شاهدنا المعارض الجميلة والمتاحف التراثية والسيارات القديمة والقطع الأثرية العتيقة والصناعات التقليدية التي يشتهر بها أهل الرس وشاهدنا الباعة من الرجال والنساء ممن يقومون بتسويق الأكلات الشعبية والملابس وغيرها داخل المهرجان والمدير التنفيذي يعامل الجميع بالتقدير ويهئ الأماكن المخصصة لهم، كما كان المكان مفتوحا لمن يرغب المشاركة من الهيئات الخيرية والدعوية والفرق الشعبية والفكاهية وغيرها. وأود التذكير بكلمة الأستاذ خالد الحناكي لقناة العربية (لم نفعل سوى كسر الحاجز المعتاد) وأنا أقول لعلنا بدأنا بتحطيم الحاجز الذي حال بيننا وبين حريتنا في المشاركة والمتعة في محافظتنا طيلة الأعوام السابقة.
وأخيرا أتقدم بالشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم على حسن الرعاية والتوجيه حيث سمعته حفظه الله في عدة مناسبات يقول (أنا أحبكم يا أهل الرس..وأحب أن أكون بينكم دائما) والشكر موصول لنائبة صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن عبد العزيز الذي شاركنا فرحتنا وسعادتنا في العرضة النجدية في اليوم الذهبي الذي قال كلمة في معناها (أنا معكم يا أهل الرس.. وعساكم على القوة) كما أشكر سعادة محافظ الرس على الإشراف والمتابعة وآمل منه أن يكون معنا دائما في مثل تلك المناسبات، والشكر الوافر للمدير التنفيذي الأستاذ خالد بن محمد الحناكي على حسن تقديره واحترامه للجميع، وشكرا لجريدة الجزيرة على رعايتها إعلاميا. ولمؤسسة المقبل التي رعت المهرجان وأدعوها للتألق الأحسن في الأعوام القادمة. ولمنتديات (الرس اكس بي) ومنتديات (ساحاتنا) وأرجو منهم الإنصاف وتحري الصدق لما يكتب لديهم حتى يكونوا على مستوى الثقة. والتقدير الجمّ لجميع أهل الرس الذي كان منهم التشجيع والمؤازرة. وللجميع تحياتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق