السبت، 29 مارس 2014

الرس والدور البطولي.

أهل الرس والدور البطولي:
مدينة الرس من المدن التي أنجبت مجموعة من الأبطال الذين كان لهم ذكر في الحروب السابقة، سواء منها ماكان لتوحيد البلاد السعودية بجوار البطل المغوار الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ أو سابقتها مما كان يدور بين البلدان والقبائل من معارك وحروب، ثم إن الرس اشتهرت بالحروب التي دارت حولها مثل الحرب التي دارت بين عنزة والظفير عام 895هـ كذلك حرب الجلاّس التي وقعت في القرن الحادي عشر، وحركة ابن عريعر والدرو البطولي لأهالي الرس فيها، كذلك المعركة التي دارت بين أهالي الرس  وحملة طوسون باشا على الرس والدفاع الشجاع للأبطال فيها عام 1230 كذلك حملة إبراهيم باشا بعد ذلك عام 1232هـ وما كان لهم من دور بطولي استطاعوا هزيمة الأعداء وصدهم عن بلدتهم، لأن أبطال الرس يكنّون لبلدتهم الحب والوفاء والتضحية والفداء، لا أدلّ على ذلك من أن كثير أهالي الرس منخرطون في العسكرية ومعروفون بالشهامة والشجاعة، كذلك فإن الأشراف يفضلون أبناء الرس من أجل حبهم للعسكرية، حيث كانوا يبدون عزيمة وتضحية عند اللقاء. وقد خلّد الشعراء تلك المعارك والبطولات التي دارت حول الرس . بل يوجد من شعراء الرس المشهورين من يطلق عليه (شاعر الحرب) مثل الشاعر: ابراهيم بن دخيل الخربوش، ومثله: مبارك البدري وصالح العوض والشاعرة: موضي الدهلاوي.
فقد قال الشاعر إبراهيم بن دخيل الخربوش:
حربنا خابرينه أول وتالـي               كل باشه يجي ينكس بعرضيه
كل باشه يجينا يطلب العالي         يطلب الصلح والدوله علاويه
وقال أيضا متحدثا عن حال ربعه أهل الرس وحبهم لملاقاة العدو:
والله ماجينا من الرس عانينا  إلا ندور الحرب ياللي تدورونـه
من يوم سرنا والمنايا تبارينا  واللي ورد حوض المنايا تعرفونه
معنا سلاح ننقله في يمانينـا ملح  الجريف  محيّل  له  يزلونه
وقالت الشاعرة موضي الدهلاوي وهي من أشهر الشاعرات بالرس وكانت تستحث همم الرجال للإقدام والمشاركة بالحروب:ـ
هيه ياراكب  حمرا  ظهيره                تزعج  الكور  نابية  السنام
سر وملفاك هل العوجا مسيره                ديرة  الشيخ   بلّغه  السلام
ياهل الحزم يانعم  الذخيرة          إن لفاكم  من  الباشا  علام
أدعوا الله ولاتدعون غيره                 واعرفوا مامن الميته سلام 
الفرنجي إلى قمنا نكيلــه                تلفظه مثل سيقان النعــام
عند سوره تخلى كالمطيره                 إلى استلذ الردى حلو المنام
ما نقلنا السيوف اللي شطيره        كود للكون في وقت الزحام
ويقول الشاعر صالح بن عوض من قصيدة يذكر فيها شجاعة وبسالة قومه أهل الرس ويشير إلى حيلة أهل الرس عندما أشعلوا الفتيل في الملح الذي عبأه ابراهيم باشا في الخندق الذي حفره لهدم سور الرس:
جاء  راعي  الرقطا  وجانيبه        من اسطنبول يمشي لما جانا
باشة لابس له فيس يومي به       نيته  بس  ياصلنا  ويفضانا
حظّبوا مدفعا للحرب يرمي به       واللغم حضبه من تحت مبنانا
عزنا  الله  وولعنا  مشاهيبه        ثار ملحه  بعسكرهم  ولاجانا
ويقول عنهم عبدالعزيز عبدالغني ابراهيم  (كانت الرس أقوى البلاد النجدية تحصينا، وأهل الرس من أقوى المحاربين شكيمة، ولهذا صمدت البلدة أمام مدافع ابراهيم باشا، ولم تسلم له إلا بعد أن لم يكن بد من ذلك، وأصابت لتك البلدة سلما مشرفا، لم يقع على هذه البلدة أن تؤدي للجيش ما يؤديه المهزومون عادة من الغرامات، ولم يقع عليها عبء تموين الجيش، ولم يستطع جند إبراهيم أن يستبيحوها فسلمت للبلدة أموالها وأعراضها).
وسوف نتحدث عن أيام العرب وحروبهم التي وقعت في بعض المواضع حول الرس في الجاهلية والإسلام، وقد يُلاحظ أن بعض تلك الحروب لم تقع في أرض عاقل أو الرس ولكن نذكرها لوقوعها في أماكن قريبة منها بل هي أماكن الرحلات يرتادها أهل الرس قديما وحديثا، كذلك تلك الحروب والمعارك التي وقعت بين أهل الرس وغيرهم من الغزاة في عصرنا الحاضر. 
حرب داحس والغبراء:
وهو من أيام العرب العظيمة، كان بين عبس وذبيان، ملخصه: أن قيس بن زهير العبسي وحذيفة بن بدر الفزاري تراهنا على سباق بين خيل قيس ويسمى (داحس) وفرس حذيفة وتسمى (الغبراء) بأن يجرياهما وجعلا الرهان مائة ناقة، ومنتهى السباق مائة غلوة والمضمار بينهما أربعين يوما، وبعد أن أرسل كل منهما خيله إلى رأس الميدان وكان في الطريق شعاب كثيرة، ووضع حذيفة بن بدر وأخوه حمل فتيانا من فزارة على طريق السباق وقالا لهما إن جاء داحس سابقا أن يردوه عن غايته، فلما رأوا داحس سبق الغبراء وكاد أن يصل الغاية وثب الفتية في وجهه فودوه حتى تغلبت عليه الغبراء فسبقته، ثم اختلف قيس وحذيفة في الحكم من ينال الرهان وتشاجرا ثم استعدوا للحرب التي دامت بينهم أربعين عاما. قضت على الرطب واليابس وامتدت إلى الرس وماحوله، وظهرت في هذه الحرب شجاعة عنترة بن شداد العبسي.
2ـ يوم خــزاز:
وهو جبل يقع جنوب الرس بحوالي (50كيلا) وقعت فيه عدة حروب في الجاهلية، منها هذا اليوم الذي وقع بين قبيلتي معدّ ومُذجح ، وهو أن ملكا من ملوك اليمن كان لديه أسرى من قبيلتي مضر وربيعة فأطلق سراح بعضهم وقال: آتوني برؤساء قومكم حتى آخذ عليهم المواثيق بالطاعة لي ولملكي وإن لم تؤتوني بهم سوف أقتل أصحابكم، ولما وصلوا قومهم وأخبروهم بذلك عزموا على محاربتهم. ثم اجتمعت قبيلة معد مع كليب بن وائل وساروا حتى وصلوا جبل خزاز فأوقدوا فوقه نارا يهتدوا بها ويعلنوا القوة على عدوهم، يقول فيها الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم:
ووفد أوقد في خزازا     رفدنا فوق رفد الرافديـــنا
وفي المقابل سارت قبيلة مذجح ومن معهم من قبائل اليمن وتهامة وعندما وصلوا إلى خزاز بقيادة سلمة بن خالد السفاح أن يوقد عند وصوله خزازا في رأسه نارين، وعندما شاهد كليب النارين قد أوقدتا سار بجموعه نحو الجبل قاصدا الحرب ثم دارت بينهما حربا شديدة انهزمت فيها قبيلة مذجح ومن معها. وبذلك يقول الشاعر ابن الحائك:
كانت لنا بخزازى وقعت عجب       لما التقينا وحادي الموت يحديها
ملنا على وائل في وسط بلدتها       وذو الغمار  كليب العز  يجمعها
3ـ يوم البطاح:      
والبطاح بلدة صغيرة تقع جنوب غرب الرس على بعد (20كيلا) مجاورة لقرية الرسيس من جهة الجنوب. وكانت من ديار بني أسد. وملخص يوم البطاح: أنه عندما انتقل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى في العام الحادي عشر من الهجرة ارتد بعض العرب ومنعوا الزكاة وأبوا أن يدفعوها لأبي بكر وكان في البطاح مالك بن نويرة وقومه من بني يربوع من تميم ممن منع الزكاة. ثم إن سَجَاح بنت الحارث التميمية قدمت إليه تحرّضه على غزو المدينة والموادعة، فوادعها مالك ولكن صدّها عن غزو المدينة، ثم اجتمعت مع مالك بن نويرة ووكيع بن مالك وحاربوا الرباب وقُتل من الجانبين خلق كثير، ثم إنهم تصالحوا بعدها وعاد السلام لبني تميم. ودفعوا الزكاة إلى خالد بن الوليد عدا مالك بن نويرة فقد منعها وتحصّن في البطاح. ولما علم خالد بأمره سار بمن معه من المهاجرين والأنصار إلى البطاح فلم يجدوا فيها أحدا وكان مالك حين اضطرب عليه أمره قد فرّقهم في أموالهم ونهاهم عن الاجتماع ورجع هو إلى منزله. ثم بثّ خالد السرايا بالبطاح وأمرهم بداعية الإسلام وأن يأتوه بكل من لم يُجب، وأن يقتلوه إن امتنع. فجاءوه بمالك بن نويرة  في نفر من قومه بني يربوع فحبسهم خالد حتى ينظر في أمرهم في الصباح، وكان الليل باردا فنادا خالد : أن (دفئوا أسراكم) وكانت في لغة كنانة تعني القتل، وكان الحرّاس من بني كنانة فقتلوا من بالسجن جميعهم ولما سمع خالد الصّراخ وقد أبادوهم جميعا قال(إذا أراد الله أمرا أصابه) ثم قفل خالد راجعا إلى المدينة، وقدم مُتَمِّم بن نويرة أخ مالك المدينة على أبي بكر الصديق ورثى أخاه وأخذ الدية.     

4ـ يوم عاقل:      
أما عاقل فهو واد واسع يجري من جنوب الرس باسم (وادي النساء) متجها نحوالشرق وعندما يصل إلى العبيل جنوب شرق الرس متصلا بوادي الإرطاوي يتّسع ويسمى (بطن عاقل) وهو كما أسلفنا مقر مملكة كندة وبعدهم بني أسد، وكان يوجد به عدة آبار تشتهر بعذوبتها يردها الأعراب للري وسقي الماشية.
وأما يوم عاقل فيتلخص: بأن الصمة الجشمي أغارعلى بني حنضلة من تميم في بطن عاقل، فانهزم جيش الصمة وتم أسره من قبل الجعد بن شماخ. وطلب الصمة من الجعد أن يبقيه على قيد الحياة على أن يفتدي نفسه فوافق الجعد على ذلك، ثم إن الصمة أرسل إلى قومه يطلب بعث الفداء ولكنه تأخر، فظن الجعد بأن في ذلك خديعة، وكان الجعد يحضر في كل شهر أفعى كبيرة فيحلف أن يسلط عليه الأفعى إن لم يأت بالفداء، ثم جزّ ناصيته وأرسله.
وبعدها غزا الصمة بني حنظلة فأسره الحارث المجاشعي ثم عفا عنه، ثم طلب الصمة من الحارث أن يسير به في قومه لطلب الفداء ولما أتوا بني يربوع رآى أبو مرحب الصمةَ على تلك الحال أخذ سيفه وضرب به بطن الصمة فأثقله. وعلى أثر ذلك كاد أن يقع بين بني حنظلة وبني يربوع قتال شديد إلا أن مصعب بن أبي الخير أطفأ الفتنة بينهم قائلا (يا بني مالك هذه يدي بجواركم فهي لكم وفاء) فسلموا من حرب وشيكة.       
5ـ يوم منعج:      
ومنعج هي حاليا تسمى (دخنة) التي تبعد عن الرس مسافة (53كيلا) جهة الجنوب أسفل جبل خزاز. ويوم منعج كان بين        وملخصه: أن زهير بن جذيمة العبسي سيد قيس عيلان تزوج إليه النعمان بن امرئ القيس ملك الحيرة لشرفه وسؤدده،وطلب منه أن يزوره أحد أبنائه فأرسل إليه أصغر أبنائه شاسا فأكرمه وحباه وألبسه أحسن اللباس، وبعد الزيارة خرج يريد أهله ولما وصل منعجا أناخ بعيره في ردهة من جبل رياح بن الأسك الغنوي وليس فيها غير بيته في يوم رياحه شمالية شديدة، ثم أخذ شاس يغتسل بين الناقة والبيت وامرأة رياح تنظر إليه وهو كالثور الأبيض فطلب رياح من امرأته قوسا وسهما وأرسل لشاس سهما استقر في صلبه فمات ثم دفته وأخذ متاعه وذبح بعيره وأكلها. ولما سأل زهير عن شاس وبحث عنه لم يجد له أثرا وتيقن أن رياحا قتله قال فيه:
بكيت لشاس حين خُبرت أنه         بماء غني  آخر  الليل  يسلب
لقد كان مأتاه الرداة  لحتفه          وما كان لولا غرة الليل يسلب
قتيل غني ليس شكل كشكله          كذلك لعمري الحين للمرء يُجلَب
إلى آخر القصيدة، ثم انصرف لأهله ولم يقابله غنوي إلا قتله. ثم غزت بنو عبس غنيا قبل طلب الدية مع الحصين بن زهير والحصين بن أسيد بن زهير فقالوا لرياح: أنج واخرج لعلنا نرضيهم بدية وفداء. فخرج فارّا منهم ولقيه جماعة من قوم زهير ورموه بسهم وتجامل على نفسه واحتمى بردهة من جبل فيها بيت أنمار ابن بغيض ودمه ينزف، ومكث فيها وطلب من المرأة ماءا ليشرب من العطش فأبت فبتر عروق يدها وأخذ الماء فشرب ثم توجه إلى قومه.             
6ـ يوم التناءة:      
التناءة هو الاسم القديم لقرية الشبيكية الواقعة جنوب غرب الرس وهي من حمى ضرية جعلها الخليفة عمر بن الخطاب مع جبل سواج المجاور لها حمى لخيل الصدقة. و يوم التناءة يتلخص في خروج بنو عامر في غارة يريدون غطفان بقصد الثأر لما لحقهم يوم الرّقم، فأخذوا نعما لبني عبس وذبيان وأشجع، وفروا بها متجهين نحو بلادهم فضلّوا الطريق وسلكوا وادي التناءة فأمعنوا فيه ولم يستطيعوا الخروج منه ووصلوا التقاء الجبلين، ثم إنهم في طريقهم رأوا امرأة من بني عبس تضرب الشجر بعصا ليسقط ورقها فسألوها عن المطلع فقالت: الفوارس المطلع وكانت وهي على الجبل قد رأت الخيل قد أقبلت ولم يرها بنو عامر لأنهم في الوادي ولم يعلموا أن أحدا يتبعهم فخافوا من قولها فأرسلوا رجلا إلى أعلى الجبل يراقب لهم فرأى فرسان غطفان من فزارة وأشجع وبني عبس على الخيل متجهين إليهم فصاحوا: أتاكم الموت الزؤام، وكان عامر بن الطفيل أول من سبق على فرسه ففات القوم ثم التقوا واقتتلوا قتالا شديدا وقُتِل كثيرون من أشراف بني عامر وكانت الهزيمة عليهم. وبذلك يقول خراشة ابن عمرو العبسي:
وساروا على أطنابهم وتواعدوا      مياها تحامتها تميم وعامر
قذفتهم  في  اليم ّ ثم   خذلتهم       فلا والت نفس عليك تحاذر
7ـ يوم طخفـة:      
طخفة جبل مشهور قديما وحديثا يقع جنوب غرب الرس وجنوب الشبيكية وجبل سواج، يعرفه أهل الرس كثيرا حيث هو مكان نزهتهم ورحلاتهم، كما يقع غرب بلدة القرارة. 
أما يوم طخفة فيتلخص فيما يلي: كانت الرِّدَافة بمنزلة الوزارة عند العرب قديما، وكانت ردافة ملوك الحيرة في عهد المنذر بن ماء السماء لعتاب بن هرمي بن رياح بن يربوع ولما مات نشأ له ابن صغير يقال له عوف بن عتاب، فقال حاجب بن زرارة للمنذر إن الرفادة لا تصلح لهذا الغلام لصغر سنّه فلتكون لرجل كهل واقترح عليه أن تكون للحارث بن بَيْبَة المجاشعي فعرضوا ذلك على بني يربوع فرفضوا وقالوا (لن نفعل ولن ندعها) فقال المنذر إن لم تدعوها فأذنوا بحرب، فقالوا: دعنا نسر عنك ثلاثا ثم آذنا بحرب.
وسارت بنو يربوع ومعها خمسة رجال من بني تميم حتى نزلوا شعبا في طخفة وهو شعب حصين له مدخل كالباب، ودخلوا فيه هم وعيالهم ثم جعلوا العيال في أعلاه ومالهم وحلالهم ومنها الإبل والخيل في أسفله، وبعد ثلاثة أيام أرسل الملك المنذر جيشا كثيرا إلى بني يربوع في جبلة على رأسه ابنه قابوس وأخوه حسّان وبعد أن انطلقوا أتوا شعب جبلة فدخله قابوس وحسان وجيشهم حتى عندما ضاق بهم الشعب حملت بنو يربوع النّعَم عليهم وخرجت الفرسان من شعابه فقعقعوا بالسلاح للنعم فذعروها فأخذت النعم تدوسهم بأقدامها وبنو يربوع تقتل بهم وتطعن حتى أُسر قابوس وحسان وهُزم الجيش. ولما أصبح الملك أتاه رجل على بعير انهزم من أول الجيش فأخبره بالهزيمة. فدعا المنذر شهاب بن عبد قيس اليربوعي وكان قد حبسه عنده وقال له: يا شهاب، أدرك ابني وأخي فإن أتيت بهم حيّين فلبني يربوع حكمهم وأرد عليهم ردافتهم وأُهدر عنهم ما قتلوا وأهنئهم ما غنموا وأحمل لهم من قّتل منهم فأعطيهم بها ألفي بعير. فخرج شهاب فوجد الرجلين حييّن فضمن لقومه ما قال المنذر فرضوا بذلك وعادت الردافة لبني عتاب ولم تزل لهم حتى مات المنذر. قال متمم بن نويرة في تلك الوقعة:
ونحن عقرنا مهر قابوس بعدما            رأى القوم منه الموت والخيل تلحب
عليه دِلاَص ذات نسج  وسيفه       جُرَاز من الهندي أبيض مقْضب
8ـ مناخ الظفير وعنزة :ـ
في سنة 895هـ حصل هذا المناخ بين قبيلتي الظفير وعنزة حول الرس ما يقرب من عشرين يوما، وهم يغادون القتال ويراوحون على ظهور الخيل ومشى بعضهم على بعض انتصرت فيها عنزة على الظفير بعد قتال شديد بينهم وترك الظفير محلهم وأغنامهم ورحلوا عن الرس، وقد قتل من القبيلتين عدة رجال منهم نقا بن سويط من شيوخ الظفير.
9ـ وقعة كيــر:
      في سنة 1195هـ وعند جبل كير الذي يقع جنوب الرس، قبيلة عنزة بقيادة جديع بن هذّال شيخ عنزة وموطنهم من النبهانية حتى كير وقبيلة مطير وشيخهم فيصل الدويش الذين نزلوا بجوارهم في الحجناوي طلبا للمرعى وأخذوا ينتقلون من مكان إلى آخر حيث يطيب المرعى، وعند انقضاء فصل الربيع ومدة الجوار ثلاثة أشهر وطلب شيخ عنزة من مطير الرحيل وقال (إنا مُصبّحوكم غدا فخذوا حذركم) واستعدوا للصباح وجمعوا جموعهم عند الجبل، حيث استنجد جديع بن هذّال بقبيلة الرحيل وغيرهم من قبائل عنزة وأغار بهم على مطير فبُهت فيصل الدويش وقومه من المباغتة وعجزوا عن إقناعهم فباتوا يديرون أمرهم وصمموا على الاستماتة والدفاع أموالهم وأنفسهم فجمعوا الإبل ورتبوا الخيل والرجال وعرف كل منهم موضعه، واستعد الجميع في الغداة للمناوخة والملاقاة فحصل بينهم آخر النهار قتال فدارت الدائرة على عنزة فانهزموا فقتلوهم مطير شر قتلة وتبعتهم الخيل إلى أن وصلوا إلى جبل كير جنوب الرس. وقد قتل من رؤساء عنزة وفرسانهم عدة رجال منهم أميرهم جديع ابن هذّال وأخاه مزيد بن هذّال وضُرَيْ بن خَتّال ومقعد بن مجلاد. وبذلك يقول شاعر عنزة:
يا كير ما عينت ربع لجوا فيك       خطلان الأيدي نقوة أولاد وايل
وتقول مويضي الدهلاوية زوجة مجلاد بن فواز شيخ الدهامشة من عنزة في تلك الحرب:
يا كير لا مرت عليك المخاييل        في قاعتك يا كير حل الذباح
أخذ حلاوتها جيدع بن منديل         خلا الغثا لرباعته واستراحي
لومي على اللي يلبسون السراويل        ما عفّتوا لرقابهن يوم طاحي
خلّوه بوجيه العصاة المغاليل         وراجوا عليه مغلّبين الرماحي
10ـ حرب الجُلاّس:
في بداية القرن الحادي عشر الهجري وبعد أن تم تأسيس الرس وبدأ فيها البنيان وبدأت حركة استيطان الأعراب حول الرس وعندما تولى على إمارتها هديب ابن عويص بن محمد بن علي بن راشد المحفوظي أي قبل عام 1020هـ بقليل. ويروي الأستاذ عبدالله الرشيد (كتاب الرس ص 23) أن تلك الحرب جرت بين عامي 1140ـ1190أغارت عشيرة الجُلاّس من عنزة على الرس بقصد الاستيلاء عليه وأحكموا  الحصار واستمرت الحرب بينهم حوالي أربع سنوات ، فما كان من أميرها إلا أن استعان بقبيلة الظفير التي تسكن جنوب الرس لمساعدته في صد قبيلة الجُلاّس مقابل أن يعطيهم بئرين من آبار الرس لسقيا أنعامهم. وحاربوهم حتى صدّوهم وفكوا الحصار عن الرس. وهذه الحرب تسمى (حرب الجُلاّس).
11ـ غزو الضيط في جبل النير:      
وقعت هذه الغزوة في عهد أمير الرس حسين العساف، في حدود عام 1328 حيث أغار عدال الضيط ليلا على ماشية لأهل الرس ترعى في جنوب البلدة فنهبها واقتاد الرعاة وعندما وصل إلى سناف بين دخنة ونفي يسمى (حيد الردامي) أطلق سراح الرعاة وفر بما معه من الأغنام حتى وصل جبل النير على الطريق بين البجادية وعفيف، ولما رأى نفسه في أمان بنى حظيرة وحفظ فيها الماشية المنهوبة. أما الرعاة فعادوا إلى الرس ولما وصلوا منزل أمير الرس حسين العساف في الليل وأخبروه بما حصل لهم وكان شجاعا لا يرضى بالضيم أمر خدمه بأن يقرعوا طبول الحرب بقصد تنبيه الناس لما حصل. فاجتمع له أهل الرس ومن حولهم من القرى مثل الرويضة والقصر والشنانة والقوعي ومن حولهم، ثم سار بهم يقصّون أثر الماشية بالنهار ويتتبعونها بالليل بما يوقدونه من حطب في وعاء كبير ربطوه بين راحلتين. ولما وصلوا إلى جبل النير وكان الضيط قد بنى بيوت الشعر وحظائر الماشية أطلقوا عليه نار الفتيل ففر هاربا ومن معه تاركا ما كان جمعه من أنعام، فاقتاد الأمير ومن معه من الناس ماشيتهم ونشوة النصر تملأ نفوسهم حتى وصلوا بها إلى الرس.
وقد تحدث الشاعر عن تلك الغزوة فقال:
يا سلام على شيخ لنا شاعت أذكاره     ردة تسمع بها كل الخلايق ونوحيها
يوم جانا عدال الضيط بوقان باعثاره     عاديا في غنمنا جارها من  مفاليها
خيّب الله رجاه وشبت النار بإحضاره    مالك الله  يعود لها  ولا يعتدي  فيها
جوه  ربع  إلى  تلووا  على  أوكاره    كان إذا وخذت غنمنا مالك الله نخيلها
العدو نلحقه لو هو على ضلع سنجاره   فوق  هجن  هجاهيج  بعاد مماشيها
فوقهن  كل  قرم  بيده  كل   غناره      الموارد    بعيدات   مراميهــــا
يا صبيان الحزم يا قتخان الأيدي بكم شارة    هزمت الجمع يوم النار ما أحد يواليها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق