السبت، 29 مارس 2014

الرس: الاسم والدلالة.

الرس: الاسم والدلالة :ـ

      الرس كلمة معروفة قديما وحديثا ولها مجموعة من المعاني، يقول الفيروزبادي (القاموس المحيط 2/219) (الرس) ابتداء الشيء ومنه رسُّ الحمى ورسيسها، والبئر المطوية بالحجارة، وبئر كانت لبقية من ثمود كذبوا نبيهم ورَسُّوهُ في بئر، والإصلاح والإفساد ضد، وواد بأذربيجان كان عليه ألف مدينة، والحفر والدس، ودفن الميت، وحركة الحرف الذي بعد ألف التأسيس في القصيدة العربية أو قبله أو فتحة قبل التأسيس كلها تسمى الرس، والتعرف على أمور القوم وخبرهم يطلق عليه الرس. والرسيس: تعني الشيء الثابت، والفَطِن العاقل من الناس، والخبر الذي لم يصح، وابتداء الحُب يسمى كذلك. يقول ذو الرمة:

إذا غيّر النأي المحبين، لم أجد            رسيس الهوى من ميّة يبرح 

وذكر ابن منظور (لسان العرب 6/97) بعض المعاني للرس منها:ـ رَسّ بينهم يرس رسا: أصلح. وقولهم: بلغني رَسّ من خبر أي أوله. وقال في الصحاح: الرَّسّ الإصلاح بين الناس والإفساد أيضا وهو من الأضداد، والرس: ابتداء الشيء، ورس الحمى ورسيسها واحد: بدؤها وأول مسّها. قال الأصمعي: وأول ما يجد الإنسان مسّ الحُمّى قبل أن تأخذ وتظهر فذاك الرس والرسيس أيضا. والرّسّ في قوافي الشعر صرف الحرف الذي قبل التأسيس. والرس والرسيس أول الحُمّى الذي يؤذن بها ويدل على ورودها. وقيل: رسَّ الهوى في قلبه والسقم في جسمه رسا ورسيسا. ورس الحب ورسيسه بقيته وأثره. ويقال: بلغني رسّ من خبر أي طرف منه. وقال المازني: الرس العلامة، أرسست الشيء: جعلت له علامة. وقال أبو عمرو:الرسيس: العاقل الفطن. والرس: البئر القديمة أو المعدن. وأقول: أرى بأنه سمي الرس من هذا المعنى وأنها المطوية منها. وقيل: رسست رسا، أي حفرت بئرا. ويُروى بأن كل بئر عند العرب تسمى رَسّ.

أما مارود من المواقع التي تسمى الرس فمنها: أنها بئر لبقية من ثمود عصوا نبيهم صالح فعُذبوا بذلك وهم الذين يسمون (أصحاب الرس) الذين قال الله بهم { وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا } (سورة الفرقان 38).

ويروى بأن الرس قرية باليمامة يقال لها (فلج) يروى بأنهم كذبوا نبيهم ورَسّوه أي دسّوه فيها حتى مات. وأقول: وفلج هو الوادي الكبير الذي يمتد في نفود الدهناء ويتصل بوادي الباطن المجاور لحفر الباطن.

ويكثر الحديث في كتب البلدان بأن في العهد الجاهلي يوجد موضعان هما الرس والرسيس وهما: واديان بنجد أو موضعان، وقيل: هما ماءان في بلاد العرب معروفان. والرس: اسم واد  في قول زهير بن أبي سلمى:ـ

بكرن بكورا واستحرن بسحرة      فهن وادي الرس كاليد في الفم

والمعنى: أنهن لا يجاوزن هذا الوادي ولا يخطئنّه كما لا تجاوز اليدُ الفَمَ  ولا تخطئه. وأما قول زهير في البيت الآخر:ـ

لمن طلل كالوحي عاف منازله            عفا الرس منها فالرسيس فعاقله

فهو اسم ماء. أقول: الرس والرسيس: هما المعروفان في القصيم والرس هو موضوع حديثنا هنا. أما عاقل: فهو واد يقع شرق الرس، يبتديء من جنوب الرس باسم (وادي النساء) ثم يستمر في الجريان ممتدا نحو الشرق محدثا جرفا يصل في بعض أنحائه إلى أكثر من مترين، ثم يستمر في المنطقة الواقعة شرق حوطة الرس وشرق العُبيل حتى يسمى (أبو جرف) ويصب في وادي الرمة عند الحجناوي بين الرس والبدائع.                         

الموقــع :ـ

      يقول ابن منظور (لسان العرب 6/98) [ والرس والرسيس واديان بنجد أو موضعان، وقيل: هما ماءان في بلاد العرب معروفان، والرس اسم واد في قول زهير:

بكرن بكورا واستحرن بسحرة        فهن ووادي الرس كاليد في الفم

فهو اسم ماء.

ويقول ياقوت الحموي (معجم البلدان 3/43) الرس والرسيس.. واديان بنجد أو موضعان، وقال عليّ: الرس من أودية القبيلة. وقال غيره: الرس ماء لبني منقذ ابن أعيا من بني أسد قال زهير:

لمن طلل كالوحي عاف منازله       عفا الرس منه فالرسيس فعاقله

وذكر ذلك ابن بليهد (صحيح الأخبار 4/226).

وقال الأصمعي: فالرس لبني أعيا رهط حمّاس.

أما العبودي في معجم بلاد القصيم (3/1023) فيقول عن الرس: [الرس، مدينة رئيسة من مدن القصيم كله بعد بريدة وعنيزة ، وموقعها من غربي القصيم.

ثم قال: ويقول ابن السكيت: الرس واد بقرب عاقل، فيها نخل. ولعله يتحدث عنها في زمنه إذ أنها في الجاهلية كان الرس ماء يرده حمر الوحش وبقره، ومن ذلك تبين بأن الرس مدينة قديمة كانت على عهد الجاهلية مورد ماء للقبائل ، ثم لما جاء الإسلام دخلها العمران كغيرها حيث أن ابن السكيت كان عاش في القرن الثالث الهجري ولاشك بأنه نقل كلامه من غيره ممن تقدمه.

ومحافظة الرس هي المدينة الثالثة في منطقة القصيم وتقع على دائرة عرض     (52    25)(31    43) وتبعد عن مدينة بريدة (90)كيلا وعن الرياض (400) كيلا وعن المدينة المنورة (450) كيلا وعن مكة المكرمة (800) كيلا. كما ترتبط بطرق معبّدة مع جميع المدن والقرى في منطقة القصيم ومدن المملكة الأخرى.

التنمية بالرس ومعوقاتها :ـ   
ومدينة الرس تتوسط منطقة القصيم مما جعلها مركزا تجاريا تسويقيا لجميع المدن والمراكز والقرى في المنطقة.
أما التحديد الحديث لموقع الرس ـ كما ورد في (مخطط التنمية الشامل لمنطقة القصيم ـ المجلد الرابع ) الصادر من وزارة الشؤون البلدية والقروية. فإن الرس ثالث أكبر مدينة في القصيم وتقع على الرأس الغربي للمثلث الذي يربطها ببريدة وعنيزة، ويعيّن هذا المثلث بوضوح أكثر الأجزاء كثافة بالسكان وأكثرها نموا في منطقة القصيم والذي يشار إليه بمنطقة القلب، ومن الأشياء المميزة للرس الحقيقة التي مفادها أن منطقة القلب نفسها تقع شرق المركز الجغرافي للقصيم، لذلك فإن الرس تحتل موقعا يجعلها النقطة البؤرة للنصف الغربي من منطقة القصيم.
كما يوجد بعض المظاهر الطبيعية التي تحدد منطقة نفوذ الرس، حيث تقع في الطرف الشرقي من منطقة الدرع العربي الذي يغطي كل الجزء الغربي من القصيم. وإذا أردنا أن نتحدث عن طبيعة تكوين هذا الدرع فهو يتكون من صخور بلورية قديمة حيث تكون إمدادات المياه من الآبار الضحلة شحيحة، ونتيجة لذلك نجد أن أعداد السكان في الرس قليلة وأن الاستيطان فيها مُجزّأ متناثر، كما أن التنمية الاقتصادية نتيجة لذلك محدودة.
وتختلف منطقة الدرع التي تقع فيها الرس تماما عن الجزء الشرقي من القصيم، حيث يتميز هذا الجزء بأنه يرقد على صخور رسوبية تحتوي على بعض أفضل مصادر المياه الجوفية في المملكة والتي كان لها الأثر الأكبر في التنمية الحضرية والاقتصادية في القصيم لبريدة وعنيزة خاصة وهو ما يقل في الأهمية في الجزء الغربي من المنطقة ويتمثل في الرس.
ولموقع الرس أهمية استراتيجية مهمة في المستقبل حيث يتوقع أن تستمر الرس في كونها المركز الرئيس للخدمات الإدارية في الجزء الغربي من القصيم، كما سوف تستفيد الرس من موقعها في قلب المنطقة من الناحية الاقتصادية حيث ستظل منطقة التنمية الرئيسة بالمنطقة. ومع أن مشكلة الشح في المياه قد يفوّت على الرس أن تشارك في التنمية الزراعية في المنطقة إلا أنها مهيأة لأن تكون منطقة صناعات مختارة مثل صناعة الإنشاء والتعمير وصناعة البضائع المستهلكة والتنمية العقارية والخدمات الإصلاحية. وقد تم إدراك هذا الدور للرس رسميا بتعيينها مركز منطقة.
أما مشكلة المياه وهو العائق الواضح للتنمية الزراعية في الرس بكونها تقع في منطقة الدرع العربي الذي تقل إمكانات وجود المياه بكميات كافية وصالحة، بسبب الصخور البلورية التي تكون فيها إمدادات المياه نادرة وشحيحة. وتعيش المحافظة حاليا على بعض الآبار القليلة ذات الموارد المتواضعة، وكانت الرس تعتمد في إمداداتها من المياه من مشروعين أحدهما في قرية الحوطة جنوب الرس والآخر في البدائع الوسطى على مسافة (25) كيلو متر من المحافظة. وهو يتألف من مجموعة من الآبار التي لا تكاد تكفي حاجة المحافظة تغذي الخزان الأرضي الذي يضخ الماء عبر أنبوب قطره     (250 ملم) إلى خزان علوي يقع في الرس سعته (1200 متر مكعب) وقد تم توسعة تلك الشبكة بدءا من الخزانات الأرضية في البدائع ولكن ذلك تم بشكل محدود جدا، وتلك المياه التي يتم ضخها إلى الرس غير كافية لحاجة المحافظة، كما أنها غير معالجة.         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق