5ـ حصار حصن الجندلية:
والجندلية: هي نخيل ومزارع واقعة غرب الرس قريبة منها وسميت بذلك: نسبة إلى الجندل (جندل الوطاة) وهو أماكن صخرية غير مرتفعة تقع غرب الرس.
وقد أورد عبدالله الرشيد في كتابه (الرس ص36) الحصار الذي وقع لحصن الجندلية نقله من كتاب تذكرة أولي النهى والعرفان وملخصه ومن جماعة من أهل الرس أن خيلا لابن رشيد أغارت على مزارع الرويضة الواقعة شمال الرس فقدم رجل من أهل الرويضة إلى الرس وصاح بأهلها يطلب النجدة من خيل ابن رشيد فقام القائد ناصر بن خالد بن عبدالعزيز الرشيد ومعه عشرون رجلا من الرس لنجدتهم ولكن أمير الرس آنذاك صالح بن عبدالعزيز الرشيد حاول منعهم خوفا عليهم من قوة ابن رشيد فلم يوافقوا فلما دخلوا حصن الجندلية علم بهم قائد ابن رشيد فحاصرهم من الصباح حتى بعد العصر، ثم إن أهل الرس قتلوا من رجال ابن رشيد عددا كثيرا فطلب منهم قائد ابن رشيد أن ينزلوا بعهد الله ثم بعهد ابن رشيد، فتشاوروا بأن يبقوا حتى الليل ثم ينزلوا خفية ويهربوا إلى الرس ويسلموا من بطش عدوهم ولكن القائد ناصر الخالد أصرّ على النزول ومعه أحد عشر رجلا من جماعته فغدر بهم قائد ابن رشيد وقتلهم جميعا. وهم: ناصر بن خالد الرشيد. وعيال مجمول. وعلي بن منصور الخليوي. ومنيع الصالح. والحميدي. وسوهج. وخيّال. ومطلق الحناكي . وإبراهيم الطاسان. وهزّاع. وسليمان الهزّاع . أما البقية وعددهم سبعة رجال بقوا في القلعة ولما غشاهم الليل جاء تركي بن راشد الدبيان وفَتَل لهم حبلا من عمائمهم وسراويلهم ونزلوا وهربوا إلى الرس وهم: سالمين. وسلمان الحناكي. وسليمان الرشيد. والمسعودي. ومحمد بن منصور الخليوي. وعلي بن عبدالعزيز العقيلي. وعبدالله الصالح.
6ـ حرب الشنانة:
والشنانة: بلدة صغيرة تقع في الجهة الغربية من الرس، وهي من القرى المهمة آنذاك في الزراعة ويدل على ذلك برجها المرتفع الذي يدل على ما بلغته البلدة من القوة والصمود في الماضي.
وقعت تلك المعركة الضارية في: 18/7/1322هـ الموافق: 27/9/1904م واشتهرت لدى الكتّاب بهذا الاسم وإن كانت لم تدر رحاها في تلك البلدة ولكن البداية كانت منها.
وملخصها: بعدما انتهت معركة البكيرية بانتصار الملك عبدالعزيز وهزيمة ابن رشيد ارتحل ابن رشيد من الخبراء إلى الشنانة واتخذها معسكرا لجنده ووصل الملك عبدالعزيز إلى الرس واتخذها مركزا له. وبقي الفريقان في موقعهما حوالي شهرين يراوح كل منهما الآخر ويحدث بينهما إطلاق نار قليل بالبنادق بين الحين والآخر وطراد خيل محدود، ولكن مع طول الوقت بدأ الملل يدب في صفوف الفريقين خاصة بين القبائل البدوية الذين يرغبون حسم المواقف العسكرية بسرعة حتى يعودوا إلى مراعيهم وشؤونهم الخاصة، وقد أدرك الملك عبدالعزيز ذلك فأرسل فهد الرشودي وهو من وجهاء بريدة إلى ابن رشيد يعرض عليه قيام هدنة بينهما لكن ابن رشيد ظن أن ذلك ضعف في جيش الملك عبدالعزيز فسخر منه وهددهم بالبطش بهم فكان ذلك مما زاد الحماس في أتباع الملك عبدالعزيز ضد ابن رشيد، وبعد أيام من رفضه الهدنة أتى إليه زعماء القبائل الذين معه وقالوا له: إن غنمنا كادت تنتهي وإبلنا وخيلنا تنقص يوميا وقواتنا شحيحة واضطر الجنود إلى قطع النخيل وأكل جمّارها ثم إن قوتنا ضعيفة أمام الملك عبدالعزيز وجلب المؤن من العراق معرّض للخطر من خصومنا أما ابن سعود فيعتمد على إنتاج بلدانه التي هو فيها ولابد من أن نناجز خصومنا أو نرحل. فاختار ابن رشيد الرحيل وقام بقطع نخيل الشنانة وهدم منازلها وبدأ ت باديته الرحيل من الشنانة قبله ولما بدأ هو وحاضرته وجيشه النظامي بالرحيل فاجأهم الملك عبدالعزيز وأتباعه بالهجوم وتقاتلوا في بداية النهار، وفي اليوم التالي رحل ابن رشيد إلى قصر ابن عقيّل وأخذ يضربه بنيران المدافع ولما علم الملك عبدالعزيز بذلك انطلق مع جيشه إلى هناك ودخلوا القصر ليلا، ولما تبين لابن رشيد عدم قدرته على المقاومة شد رحاله عنه راحلا ثم هجم عليه الملك عبدالعزيز واشتد القتال بين الفريقين وانهزم ابن رشيد وقواته النظامية مخلفين وراءهم كمية كبيرة من المدافع والأسلحة والمؤن العسكرية وصناديق الذهب.
وبهذا المعركة الضارية الحاسمة برز من نتائجها: حصول الملك عبدالعزيز وأتباعه على غنائم كثيرة، وتفكك جبهة خصمه، وحصول الخلاف بينه وبين حلفائه العثمانيين الذين لم يخوضوا معركة بعدها ضد الملك عبدالعزيز.
وقد وجدت ضمن كتابات العم محمد بن إبراهيم الخربوش (وثيقة رقم 45) قولا عن حرب الشنانة وهزيمة ابن رشيد في عام 1322هـ نورده فيما يلي بشئ من التعديل: أمر الملك عبدالعزيز الجنود أن يخرجوا في طلب عبدالعزيز بن متعب بن رشيد يوم يرتحل من منزله في الشنانة يريد الهرب من شدة ما نزل به وبجنوده من اليأس والجوع والمرض ونزل في الوادي عند قصر ابن عقيل أمر الملك عبدالعزيز جنوده عامة أن يخرجوا بطلبه وأمر رجاله بالأمر على أهل الدكاكين في بلد الرس من كان عنده فشك ـ أي ذخيرة ـ يأخذه ويكتب اسمه وأخذ ما وجد .. وبعد مدة أرسل الملك لأهل الحقوق وأعطاهم.. ولما خرج الجنود بطلب ابن رشيد نزل وبات بالوادي وكان أهل الرس بهم حقد شديد على ابن رشيد بسبب فتك رجالهم بالجندلية بأربعين رجلا من أهل الرس مع أميـرهم ناصر بن خالد بن رشيد فلم يطيق أهل الرس إلا أن رابطوا على ابن رشيد في الليل خوفا من أن يهرب ولم يأخذوا ثأرهم منه، فلما أصبح نادى في الرحيل فلم يطيق أهل الرس الصبر فحلوا عليه حلة رجل واحد من قلب واحد حزين لأخذ ثأرهم وأخذوا نصف النهار فاقتفوا أثرهم أهل بريدة وباقي أهل القصيم خرجوا من القصر مددا لهم فأمر الله بالهزيمة على ابن رشيد وانهزم هزيمة عظيمة وأخذوا جميع ما معه وذبحوا ناس كثيرون ومعهم جنود من الدولة العثمانية ولم يخرج معه من جميع جنوده ورجاله إلا القليل وكل شئ بقضاء الله وقدره وذلك في سنة 1322هـ.
أقول: وهذه القصة تدل دلالة واضحة على أن عبدالعزيز بن رشيد لقي من أهل الرس في حرب الشنانة هزيمة منكرة هرب منها بنفسه وقُتل جمع كبير من رجاله وجنود الدولة العثمانية وغنم جنود الملك عبدالعزيز منهم غنائم كثيرة، وبعد تلك الهزيمة لم تقم لإبن رشيد قائمة وانقطع عن محاربة الدولة السعودية واستقر الأمن في بلدان القصيم ودخلت تحت لواء صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله.
وقد سجّل الشعراء تلك المعركة في أشعارهم، قال العوني:
بالرس خيّم فوق تسعين ليلة واستحسن الراضة لتدبير حيلة
به صد أبو متعب وضيع دليله وإن اشتهى الطيره شبكناه ما طار
ثلاثة أشهر ما خفي بينهنه والخيل تكضم بيننا بالأعنه
والكون حتم صار فرض وسنه ما زل يوم ما للقهر بيننا ثار
كما قال الشاعر خالد الفرج في وقعة الشنانة:
ومضى ابن الرشيد نحو الشنانة جامعا في ربوعها أعوانـه
مفرغا كل ما له في الكنانة وعلى الرس حيث ألقى جيرانه
سئم الكل قومه ومكانه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق