الأحد، 30 مارس 2014

جبل أبان.

(1)                                      جبل أَبَانْ

هما جبلان وليس جبلاً واحداً، يقعان في وسط منطقة القصيم غرب مدينة الرس، ويسميان: (جبلي أبان) كما يسميان (أبانين) ويسمى الشمالي منهما (أبان الأسمر) الأسود قديماً، ويسمى الجنوبي منهما (أبان الأحمر) الأبيض قديماً. وهما من الجبال الكبيرة في القصيم، يفصل بينهما وادي الرمة العظيم، ويقعان على ضفتيه الشمالية والجنوبية، حيث يقع الأسمر شمال الوادي، ويقع الأحمر جنوب الوادي.
ويجدر بنا قبل أن ننقل ما قاله الجغرافيون عنهما أن نتحدث عن موقع الجبلين وارتفاعهما وحدودهما فنقول:
يقع أبان الأسمر بين خطي عرض ( 17.14    50  25) وطول(00 57  42) ويبلغ ارتفاعه حوالي (1199) متراً.
أما القرى الواقعة حوله: فمن الشمال، البتراء والفوارة. ومن الجنوب، وادي الرمة. ومن الشرق، الرس والنبهانية ونبيها والدوحة وقصر ابن عقيل. ومن الغرب، ثادج وعطي.
والأودية والشعاب التي تمر من حول الجبل هي: من الشمال: شعيب القليب. ومن الجنوب: وادي الرمة ومصب وادي الداث. ومن الشرق: شعيب المطلاع وشعيب السحق الجنوبي، وشعيب القليب. ومن الغرب: وادي ثادج وشعيب مخيط.
أما أبان الأحمر فيقع بين خطي عرض ( 8.57 30  25) وطول (00   45   42) ويبلغ ارتفاعه حوالي (1280) متراً.
أما القرى التي تقع حوله: فمن الشمال الغضياء. ومن الجنوب: العمودة، والجرذاوية وأبو طلح. ومن الشرق الحنينية والمرموثة وضليع رشيد وخضراء. ومن الغرب كحلة وفياضة والشعب.
أما الأودية والشعاب التي تمر حول الجبل: فمن الشمال وادي الرمة ووادي عطا عند لقائه بالرمة. ومن الجنوب: شعيب أبو رمث وشعيب العمودة. ومن الشرق: شعيب جرار.
أما ما قاله الجغرافيون عن جبلي أبان، فقد ذكره ابن قتيبة (عيون الأخبار 4/82 باب محادثة النساء) فقال: وقال أعرابي:
ونازعنا ضحيا خفيا كأنه




على المجتنى الريحان أمرع خاضله

بوحي لو أن العصم تسمع رجعه




تقضض من أعلى أبان عواقله

وقال البكري ( معجم ما استعجم 1/13) ذاكراً أن أبانين من ديار بني أسد: وبلاد بني اسد: الجلس، والقنان، وأبان الأبيض، وأبان الأسود، إلى الرمة، والحميان: حمى ضرية، وحمى الربذة، والدو، والصمان، والدهناء.
أقول: ذكر البكري بأن جبل أبان من ديار بني أسد، وهذا صحيح فإن أرض أبان كانت مسكناً لبني أسد قديماً، والتي يحدها من الشمال القنان[الموشم الآن] ومن الجنوب: حمى ضرية وحمى الربذة، ومن الشرق الدهناء والصمان.
ثم قال عن أبانين (1/95) أبان: بفتح أوله: جبل، وهما أبانان، أبان الأبيض، وأبان الأسود، بينهما نحو فرسخ، ووادي الرمة يقطع بينهما، كما يقطع بين عدنة وبين الشربة، فأبان الأبيض لبني جريد من بني فزارة. قال الحطيئة:
من النفر المرعي عدوا رماحهم




على الهول أكناف اللوى فأبان

أقول: حدد البكري المسافة بين جبلي أبانين بأنها [نحو فرسخ] أقول: أي تقارب [28] كيلاً.
ثم ذكر بأن وادي الرمة يقطع بينهما، وهذا هو الواقع فإن الوادي يمر بين الجبلين.
وقال بشر فيهما:
( وفيها عن أبانين ازورار)
وقال الأصمعي: أراد أبان فثناه للضرورة.
أقول: يقصد الأصمعي بأن بشرا ثنى لفظ [أبانين] للضرورة الشعرية، وهذا غيرصحيح لأن التثنية ليست للضرورة، بل هما جبلان متجاوران أحدهما الشمالي الشرقي ويسمى [أبان الأسمر] والآخر الجنوبي الغربي ويسمى [أبان الأحمر] وبينهما كما أوضحنا سابقاً حوالي [28] كيلاً.
كما قال جرير، أي في التثنية للضرورة:
لما تذكرت بالديرين أرقني




صوت الدجاج وضرب النواقيس

قال: وإنما أراد واحداً- أي الديّر. وقال مهلهل:
انكحها فقدها الأراقم في



جنب وكان الخباء من أدم

لو بأنين جاء يخطبها



ضرج ما أنف خاطب بدم

قال: فذلك قول مهلهل على أن لتغلب في أبانين اشتراكا مع القبيلتين المذكورتين، أو أن مهلهلا جاورهما أو أحدهما.
أقول: يريد بأن تغلبا ربما كانت تجاور قبيلتي بني جريد من فزارة، وبني والبة من اسد في السكن حول جبلي أبانين أو أن المهلهل كان يمر عليهما.
وقال (2/438) في رسم [حرزم] قال الأخطل:
فإذا كليب لاتوازن دارما




حتى يوازن حرزم بأبان

أقول: ذكر الشاعر [حرزم] وهو جبل يذكر العبودي بأنه هو الذي يسمى حالياً[القنينة] ويقع على ضفة وادي الرمة الشمالية عند مصب وادي عطا في الرمة، ويتكون الخنق في وادي الرمة الذي بين جبلي أبانين بين جبل القنينة وبين نفود الميسرية [نفود محيوة] وسوف يرد ذكره لاحقا.
ثم قال (3/764) في رسم [سواج]:
فلست بركن من أبان وصاحة




ولا الخالدات من سواج وغرب

أقول: ومعروف بأن جبل سواج من جبال الحمى ويقع جنوب شرق أبان الأحمر بينهما حوالي [37] كيلاً. أما جبل صاحة فهو بعيد عن أبان. وجبل غُرّب يقع في شمال شرق الدوادمي.
وقال (3/808) في رسم [شمام]: وقال الخليل: ابنا شمام: جبل له راسان يسميان ابني شمام وقال في موضع آخر: تسميهما العرب أبانين.
أقول: قوله [ابنا شمام] من الأشمّ، وقولهم: جبل أشم، أي طويل الرأس ومرتفع، والشمام: كما قال ابن منظور في رسم [شمم] (لسان العرب 12/327) جبل له رأسان يسميان ابني شمام، وتمثل في قول لبيد:
فهل نبئت عن أخوين داما




على الأحداث، إلا ابني شمام

كما تمثل في قول الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوه




لعمر أبيك، إلا ابني شمام

أقول: ولعله شبه جبلي أبانين بابني شمام لتجاورهما على الدوام ثم ارتفاعهما وعلو رأسيهما. أما قوله: تسميهما العرب أبانين، فلعل ذلك الاسم أطلق عليهما قديماً تشبيهاً بابني شمام، ولكن هذا الاسم ليس له ذكر في الوقت الحاضر، ثم إني لم أجد مصدراً يثبت هذا الاسم.
وذكر الهمداني في (صفة جزيرة العرب 292) بأن ابنا شمام جبلان طويلان جداً، وأنهما لباهلة. وقال (294) وهو يعدد المعادن: شمام معدن فضة ومعدن نحاس وكان به ألوف من المجوس يعملون المعدن وكان به بيتا نار يُعْبدان.
وقال البكري (3/876) عند حديثه عن وادي الداث:... وأسفله ينتهي إلى الرمة، قريباً من أبان الأسود.
أقول: وهذا صحيح فإن وادي الداث يتصل بالرمة عند طرف أبان الأسود من الجنوب.
وقال (4/1178) عن منازل بني عبس:... وكانت منازل بني عبس فيما بين أبانين والنقرة وماوان والربذة، هذه منازلهم.
أما ياقوت الحموي (معجم البلدان 1/62) فقد تحدث عن الجبل، بل الجبلين فقال: أبان: بفتح أوله وتخفيف ثانيه وألف ونون، أبان الأبيض وأبان الأسود، فأبان الأبيض شرقي الحاجر فيه نخل وماء يقال له: أكرة، وهو العلم لبني فزارة وعبس، وأبان الأسود جبل لبني فزارة خاصة، وبينه وبين الأبيض ميلان، وقال أبو بكر بن موسى: أبان جبل بين فيد والنبهانية أبيض، وابان جبل أسود وهما أبانان، وكلاهما محدد الرأس كالسنان، وهما لبني مناف بن دارم بن تميم بن مر، وقد قال امرؤ القيس:
كأن أبانا في أفانين وبلة



كبير أناس في بجاد مزمل

أقول: بأن ياقوتاً حدد المسافة التي بين أبانين بأنها بمقدار [ميلان] وقد ذكرنا سابقاً المسافة بينهما. أما قوله: [أبان جبل بين فيد والنبهانية] فالصحيح بأن النبهانية تقع مجاورة لجبل أبان الأسمر [الأسود قديماً] وهو الشمالي الشرقي من الجبلين، أما فيد فهي من بلدان منطقة حائل، وتبعد عن النبهانية جهة الشرق أكثر من [120] كيلاً. ولكني أجد بأن القدماء يحددون بعض المواقع بالمواضع المشهورة قديماً، وذكرها ياقوت فقال: قرية ضخمة لبني والبة من بني أسد.
ثم قال: وقال أعرابي كان يقطع الطريق فحبسه والي اليمامة فقال يحن إلى وطنه:
فقلت: إفتحا لي الباب أنظر ساعة




لعلي أرى البرق الذي تريان

فلا تحسبا سجن اليمامة دائماً




كما لم يدم عيش لنا بأبان

ثم قال ياقوت: أبانان: تثنية لفظ أبان المذكور، وقد روى بعضهم أن هذه التثنية هي لبان الأيض وأبان الأسود، قال الأصمعي: وادي الرمة يمر بين أبانين، وهما جبلان يقال لأحدهما أبان الأبيض وهو لبني فزارة، ثم لبني جريد منهم، وأبان الأسود لبني أسد، ثم لبني والبة، ثم للحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد، وقال آخرون: أبانان تثنية أبان ومتالع غلب أحدهما. قال لبيد:
درس المنا بمتالع فأبان




فتقادمت فالحبس فالسوبان

أقول: قول الأصمعي [وادي الرمة يمر بين أبانين] هذا صحيح فإن الوادي يمر بين أبانين الأسود والأحمر، ثم إن مجراه عندما يصل إلى نفود الميسرية [نفود محيوة] يشكل خنقاً ضيقاً ينحصر مجرى الوادي عندما يلتقي به وادي عطا بين نفود محيوة وبين جبال القنينة ثم ينعرج مجرى الوادي ويصل عمقه في تلك المنطقة أكثر من مترين ونصف. أما قوله [أبانين تثنية أبان ومتالع غلب أحدهما] فلا أرى صحة ذلك، لأن متالعاً جبل آخر يقع جنوب غرب الرس مجاوراً لجبل لإمّرَة ويسمى الآن [أم سنون] وهو يبعد عن جبل أبان الأحمر حوالي [55] كيلاً. وقد حقق ذلك العبودي في معجم بلاد القصيم. ثم لبيد في بيته السابق ذكر متالعاً وأبان منفردين مما يدل على أن كل واحد منهما علم بعينه.
وقال بشر بن أبي خازم:
تؤم بها الحداة مياه نخل



وفيها عن أبانين ازورار

ثم قال ياقوت:... فأبانان علم لجبلين، وليس كل واحد منهما أبانا على انفراده، بل أحدهما أبان، والآخر متالع.
أقول: لعل هذا القول وهم من ياقوت، وهذا ما حدا ببعض الباحثين بأن يجزم أن أبان الأحمر هو متالع، وأعني بذلك الشيخ ابن بلهيد في صحيح الأخبار الذي جزم بأن متالعاً هو أبان. والدليل بأن أبانين علمان لجبلين منفردين أن مهلهل بن ربيعة ذكرهما عندما زوّج أخته لقوم من مذجح يقال لهم بنو جنب فقال:
أنكحها فقدها الأراقم في 




جنب، وكان الخباء من أدم

لو أبانين جاء يخطبها




ضرج ما أنف خاطب بدم

وقد ذكر ابن عبدربه تلك الأبيات في (العقد الفريد 3/309، 6/67) كما يلي:
أعزز على تغلب بما لقيت




أخت بني الأكرمين من جشم

أنكحها فقدها الأراقم في



جنب وكان الخباء من أدم

لو أبانين جاء يخطبها





زمل ما أنف خاطب بدم!

أما أصحاب المعاجم: فقد قال ابن منظور (لسان العرب13/5) عن الجبل: وأبانان: جبلان في البادية، وقيل: هما جبلان أحدهما أبيض والآخر أسود، الأبيض لبني أسد، والأسود لبني فزارة بينهما نهر يقال له الرُّمَة بتخفيف الميم، وبينهما نحو من ثلاثة أميال وهو اسم علم لهما. وقال: وإنما قيل أبانان وأبان أحدهما، والآخر متالع كما يقال القمران. ثم أورد ابن منظور بيتي بشر ولبيب السابقين.
أقول: ابن منظور نقل كلامه هذا من ياقوت الحموي، ومثله كثير من الكُتّاب القدماء نقلوا ذلك حتى توهم من قرأ كتبهم بأن أبان كان يسمى متالع.
وقال الفيروزبادي (القاموس المحيط 4/194) عن الجبلين ناقلاً ما قال عن ياقوت وأثبت بأنه كان يسمى متالع، قال: وأبان... جبل شرقي الحاجر فيه نخل وماء وجبل لبني فزارة... وأبانان جبلان متالع وأبان.
أما الجغرافيون المحدثون فقد تحدثوا عن أبانين كثيراً، فقال ابن بلهيد (صحيح الأخبار1/31) قال امرؤ القيس:
كأن أبانا في عرانين وبلة 




كبير أناس في بجاد مزمل

ثم قال: أبان: يثنّى ويفرد وهما جبلان عظيمان، يقال لأحدهما وهو الشمالي: أبان الأسود، ويقال للآخر: أبان الأحمر وهو الجنوبي، ومجرى وادي الرمة بينهما، يقال لذلك المسلك [الخنق] وهما في الجاهلية لبني عبس وبني فزارة، وقرية النبهانية تحت أبان الأسود.
ثم قال (1/55) ناقلاً عن ياقوت: النايعان: جبلان بين أبان وسواج طخفة.
أقول: وهذا تحديد صحيح، فهما بين أبان وسواج.
ثم أورد (1/76) بيتاً لأعرابي قال:
ألا ليت شعري هل تغير بعدنا




معارف ما بين اللوى فأبان

ثم قال: (2/40) عند رسم [الوقيط]: ووقيط: منهل معروف إلى اليوم قريب أبان يقال له في هذا العهد [وقط] حذفوا منه الياء.
أقول: بأن وقط هضبة مرتفعة تقع شرق قرية صبيح شمال غرب الرس، ويجري أسفلها وادي وقط وهو من روافد وادي الرمة.
وأقول: ثم إن ابن بلهيد يؤكد – على ما يرى بعض الجغرافيين القدماء - من أن أبان الأحمر هو متالع استدلالاً بقول لبيد السابق، قال: (وهذا الرأي هو ما نذهب إليه من أنه قد تغلب اسم أبان على اسم متالع حتى انطمس ذكره، فأصبحت تعرف [أبانين] أبان الأسود، وأبان الأحمر، وأبان الأحمر في موضع متالع كما حدد في المعاجم وأخبار العرب، لأن جميع الجبال الأخرى التي تحف بهذين الجبلين تحمل أسماءها الخاصة بها).
أقول: وهذا هو رأي بلهيد حيث يثبت بأن أبان الأحمر وهو الجنوبي كان يسمى متالع، ولا شك بأنه نقل هذا الرأي من ياقوت، وإلا لا يوجد دليل قاطع على ذلك.
ثم قال (4/49) في تعريفه لوادي المحلاني: ... وهو واد قريب أبان.
أقول: هذا صحيح فإن وادي المحلاني من روافد وادي الرمة ويصب قريب من جبل أبان.
وقد سئلت إمرأة بأن تعد عشرة جبال لا تتعتع فيها فقالت: أبان وأبان والقطن والظهران وسبعة الأكوام وطمية الأعلام وعليمتا رمان.
أقول: بأن في كلامها دليل آخر على أن أبان كان هذا اسمه عند العرب، حيث ذكرت [أبان وأبان] ولو كان يسمى متالع لذكرت ذلك تفريقاً بين الأبانين.
وقال ابن بلهيد عند تعريف [المخرم]... هناك واد عظيم قريب أبان يقال لتلك الوادي [المخرم] وبه ماء ترده العرب يقال لتلك الماء ماء المخرم.
أقول: المخرم هو ماء قديم يقع غرب القوارة شمال بريدة وغرب جال الطراق، وهو بعيد عن جبل أبان.
وقال في تعريف ثادق وجبل قطن (4/141) وأما ثادق فهو منهل ترده الأعراب قريب أبان، وقطن جبل أحمر بين أبان والفوارة.
أقول: ثادج قرية صغيرة تقع في الجهة الغربية لجبل أبان الأسمر، يمر بها الخط المعبد الذي يتجه من القصيم إلى المدينة المنورة. أما جبل قطن فهو جبل مشهور يقع شمال غرب أبان بينهما حوالي [37] كيلاً. وهو شمال الخط المعبد المذكور.
أما الشيخ عبدالله بن خميس (المجاز ص 96) فقد ذكر جبل أبان عند تعريفه لجبل شطيب، فقال: ... وهو اسم يطلق على جبلين أحدهما بقرب أبان على شط وادي الرمة.
أقول: المقصود هو [جبل شطب] الذي يقع بين أبان الأسود وبين وادي الرمة.
وأورد (ص135) قول الهمداني في صفة جزيرة العرب: (والجبال المشهورة عند العرب المذكورة في أشعارها.. أجا وسلمى جبلا طيء، وابان ، وتعار، ولبن، وحضن، وقدس، ورضوى، وعروان، ويسوم، وحراء، وثبير، والعارض، والقنان، وأفرع، والنير، وعسيب، ويذبل، والمجيمر، ولبنان، واللكام).
أقول: وهذا الأصمعي عد جبل أبان ضمن الجبال المشهورة في جزيرة العرب، ولو كان أحدهما يسمى متالع لقال ذلك.
كما أن ابن خميس ذكر الجبل في (معجم جبال الجزيرة
ص 153) وأورد قول الطرماح:
 أضوء الرق يلمع بين سلمى




وبين الهضب من جبلي أبان

وقال مزرد بن ضرار الذبياني:
وما خالد منا وإن حل فيكما
 




أبانين من بالنائي لا المتباعد

وقال حمود بن ساكران ذاكراً أبانين:
يا عنز ريم رعت بين اللهيب وبين أبانات 




ذرات من الزول يوم الزول مع البيان

ثم ذكر ما قاله البكري سابقاً وما قاله العبودي.
أما الشيخ محمد العبودي ( معجم بلاد القصيم 1/221) فقد تحدث عن الجبل بإسهاب وفصّل القول فيه تفصيلاً كاملاً، فقال: أبان: بفتح الهمزة فباء فألف ثم نون أخيرة.. هكذا ينطق به أهل البدو، وبعض أهل الحضر ينطقون به بكسر الهمزة، جبل من أشهر جبال المنطقة في القديم والحديث، وهما جبلان أحدهما أبان الأسمر وكان يسمى قديماً أبان الأسود، وهو الشمالي بالنسبة لمجرى وادي الرمة، والثاني أبان الأحمر، وكان يسمى قديماً الأبيض وهو الجنوبي من مجرى الوادي.
 ويقعان إلى الغرب من مدينة الرس على بعد حوالي [50] كيلاً منها على تفاوت بينهما في ذلك.
وأوضح بأن تسمية المحدثين لهما أقرب من تسمية الأقدمين لأن الشمالي لونه أسمر والجنوبي لونه أحمر. والخط الواصل من القصيم إلى المدينة يمر شمال أبان الشمالي.
ثم قال: ويقع حول أبان في الوقت الحاضر عدة قرى للبادية وأماكن زراعية كثيرة ونخيل يسقى بماء قليل قريب من الأرض، ويقطن أبان في الوقت الحاضر فخذ من قبيلة بني رشيد وخاصة المضابرة، وكان منهم عدة أمراء يحصل بينهم التناحر فقامت الدولة – حفظها الله- وجمعتهم تحت إمارة واحدة تسمى [مركز إمارة أبانات] في قرية [ضليع رشيد] تابع لإمارة القصيم.
ثم نقل العبودي ما قاله البكري وياقوت عن الجبل، ثم روى بعض الأشعار في أبان من أشعار الجاهلية وصدر الإسلام، فقال: قال زهير بن أبي سلمى:
تبين خليلي هل ترى من ظعائن 




بمنعرج الوادي فويق أبان

مشين وأرخين الذيول، ورفعت


 

أزمة عيس فوقها ومثاني

وقال: يريد بالوادي: وادي الرمة الذي ياتي من فوق أبان ويمر بين أبانين.
وأورد بيت امرئ القيس السابق، وقال: وقال عبدالله بن قيس الرقيات:
زودتنا رقية الأحزانا




يوم جازت حمولها سكرانا

إن تقل هن من بني عبد شمس




فعسى ذاك أن يكون وكانا

أنا من أجلكم هجرت بني زيد




ومن أجلكم أحب أبانا

وقال الحطيئة، من قصيدة مدح:
رأيت امرا يسقي سجالاً كثيرة 




من العرف فاستقيته فسقاني

من النفر المرعي عديا رماحهم




عن الهول أكناف اللوى فأبان

ثم ذكر العبودي قول لبيد السابق، ثم قال: وقال أوس بن حجر، وقرن ذكر أبان بذكر العيون وضلفع والقنان وهي جميعاً في تلك المنطقة:
تثوب عليهم من أبان وشرمة




وتركب من أهل القنان وتفزع

لدن غدوة حتى أغاث شريدهم



طويل النبات والعيون وضلفع

أقول: أما العيون فهي [عيون الجواء]، وهي من بلدان القصيم المشهورة حاضراً، وأما ضلفع فهي [الضلفعة] وهي قرية قرب بريدة. وأما القنان فهو جبل مشهور يقع شمال شرق أبان الأسمر، ويسمى حالياً [الموشّم].
وقال الطرماح بين حكيم الطائي وهو بقزوين يتشوق:
طربت وشاقك البرق اليماني 




بفج الريح فج القاقزان

أضوء البرق يلمع بين سلمى




وبين الهضب من جبلي أبان

وقال أيضاً: قارناً في البيتين التاليين ذكر أبان بذكر جبال عظيمة مشهورة وهي رضوى ويذبل وثبير لجامع العِظَمِ والشهرة، وليس بقرب المكان:
وعليه السلام ما قام رضوى 




وأبان ويذبل وثبير

محتد طاهر ومجد أثيل




وفخار غمر وخلق أثير

وأنشد الأسود الغندجاني لبعضهم قارناً أبان بذكر اللوى [وهو عريق الدسم]:
وإني لأشقى الناس إن كنت غارما



هوامي ما بين اللوى وأبان

أقول: اللوى هو ما يسمى سابقاً [رميلة اللوى] والآن يسمى [عريق الدسم] ويمتد من الشمال إلى الجنوب، ويبدأ من المنطقة الواقعة شرق أبان الأحمر، وهو يفصل بين أبان ووادي الجريب الذي يسمى سابقاً [الجرير].
ومن الشعر الذي أورد العبودي وذكره الهجري:
ألا هل إلى بيضاء من أهل أصيل 




أغالي بها قبل الممات سبيل

رأيت أخاها يمنع القوم نهبه




بشط أبان والدماء تسيل

وقال: وأبان ضربت العرب به المثل في الشدة والصلابة والخلود على الدهر.
ثم أورد قول زهير بن أبي سلمى:
فلست بتارك ذكرى سليمى 



وتشبيبي بأخت بني العدوان

طوال الدهر ما ابتلت لهاتي



وما ثبت الخوالد من أبان

أفيقا بعض لومكما وقولا




قعيدكما بما قد تعلمان

وقال الراعي النميري يهجو عدي بن الرقاع:
إن كنت ناقل عزي عن مباءته 



فانقل أبان بما جمعت من عدد

والهضب هضب شرورى إن مررت به




ورحرحان فأطلعه إلى أحد

وقال محمد بن أحمد الحاجب في تمثال أسد من الحجارة رآه على باب مدينة همذان، بعد أن وصفه بالعظمة:
وعما قليل سوف تتبع من مضى 




وجسمك أبقى من حرا وأبان

وقال جرير:
إن رمت عبد بني أسيدة عزنا 




فانقل مناكب يذبل وأبان

وقال ابن أبي حصينة:
ولو أني شكرتك كل شكر 




لما استقصيت ما ضمن القنان

ولو حملتني ركني أبان




لأثقلني جميلك لا (أبان)

وعلق العبودي على بيت الأخطل السابق قال: وحرزم: جبل صغير فوق الهضبة في ديار بني أسد، ولعله الجبل الصغير الذي يسمى الآن: القنينة، ويقع إلى الغرب فوق أبانين، وقد أوضحنا ذلك سابقاً.
ثم قال العبودي: واستمر ذكر أبان في الخلود على الدهر والثبات على الزمن مضرب المثل، وقد ذكره الأقدمون والمحدثون، ومن الشعر العامي الذي رواه العبودي، لعبيد الحمود يضرب المثل بأبان في الكبر والضخامة قاله باسم [أبانات]:
لا والله اللي دوبحن الليالي 




وأقفن بشيمات العرب والمرواه

أقفن ولا خلن للأجواد تالي




إلا ذنانة واحد وين أبي لقاه

العود عند الناس ماله جلال



والعفن صارت كبر أبانات علباه

قال العبودي: وقد سمى العرب أبناءهم بأبان، وربما كان بعضها قد سمي باسم [أبان] يدل على ذلك قول الجاحظ: قال الأول: إن العرب قد تسموا أيضاً بأسماء الجبال، فتسموا بأبان، وسلمى، وقال آخرون إنما هذه أسماء ناس سموا بها هذه الجبال، وقد كانت لها أسماء تركت لثقلها أو لعلة من العلل. وقال: وانت ترى في هذين القولين الاختلاف في اسم [أبان] هل كان علماً لشخص سمي به الجبل، أم أن الجبل سمي باسم شخص يقال له [أبان] ولكن ابن دريد يذكر أن اسم أبان للرجل قد اشتق من اسم الجبل فقال: واشتاق [أبان] من اسم الجبل المعروف، وهما أبانان أبان الأبيض وأبان الأسود، ثم أورد مهلهل بهذه الصيغة:
لو أبانين جاء يخطبها 



ضرج ما أنف خاطب بدم

وقد كان أبان لشهرته عند القدماء علماً تضبط به المواقع القريبة منه أو المناوحة له.
وأقول: أرى بأن الأشخاص هم الذين تمت تسميتهم باسم الجبل (أبان) لا أن الجبل سمي باسم الأشخاص. لأن الجبل وجد مثل وجود الأشخاص فهو من مخلوقات الله يوم خلق السموات والأرض.
وقال العبودي: وقالت أعرابية محدثة طلب منها أن تذكر أسماء إثني عشر جبلا لا يبعد بعضها عن بعض كثيراً بدون أن تحتاج إلى تفكير كثير وشرط أن يكون كلامها مسجوعاً فقالت: أبان وأبان، والمقوقي، وعمودان، وكبشات الثمان.
وذكر العبودي شيئاً عن المراعي حول أبان، فقال: و[أبان] وما حوله من المرابع والمراتع بلد مريء طيب الهواء، عذب التربة، يتغنى به أهله ومن حل به، ويذكرونه إذا ارتحلوا عنه، ولو كانوا قد ارتحلوا إلى مكان أكثر خصباً، وأوفر مرعى، فمكانة [أبان] في نفوسهم لا تعادلها مكانة، وهواه في قلوبهم لا يمحوه هوى آخر. وقال شيخ من آل هذال من عنزة وقد أجبر على الابتعاد عن أبان: والله إنني ما أنسى – ماحييت - وقدة رمث بأبان.
أقول: إن جبلي أبانين ضمن حمى ضرية، وهذا الحمى هو الذي حدده عمر بن الخطاب رضي الله عنه لإبل وخيل الصدقة وكانت أرضه خصبة طيبة المرعى عذبة الماء، ثم إن المنطقة الواقعة بين أبانين من مناطق الرعي المشهورة عند البادية في العصر الحاضر، ويُجلب منها الماء العذب للمدن والقرى القريبة منها. ثم إنها مكاناً لرعي الإبل والأغنام، كما أن تلك المنطقة لا شك بأنها كانت قديماً مسرحاً للضبا والوعول.
وذكر قول مشعان بن هذال من قصيدة له طنانة بالعامية تسمى [الشيخة]:
لابد ما حنا لأبنات زُوّار 




بظعاين تسبق ركاب المعايير

 ثم قال العبودي: وكان القدماء من أهل أبان إذا بعدوا عنه اشتاقوا له وحنوا إليه، قال المرار ابن سعيد الأسدي يتشوق إلى أبان وجبل القنان [الموشم حاليا] وهو في الرها:
برئت من المنازل غير شوق  



إلى الدار التي بلِوَى [أبان]

ومن وادي القنان وأين مني




بدارات الرها وادي القنان

وقال العبودي: وأبان مشهور في القديم والحديث بمناعته، وصعوبة إدراك من لاذ به، قال شيبان بن دثار النمري:
من يك سائلاً عني فإنني  




أنا النمري جار الزبرقان

طريد عشيرة، وطريد حزب




بما اجترمت، يدي وجنى لساني

كأني إذ نزلت به طريدا



حللت على المنع من [أبان]

ثم أورد العبودي قصة قران بن يسار مع النمر ومصاحبته له في جبل أبان، وإطعام كل منهما للآخر، ثم روى قصة الشيخ قرناس بن عبدالرحمن قاضي الرس- وهو ممن قاوم إبراهيم باشا وأجلاه عن الرس، حيث أخذ الشيخ يتخوف من أن يعتقله إبراهيم باشا ويؤذيه، وبينما هو في صلاة الفجر أخذ يردد قوله تعالى [يقول الإنسان يومئذ أين المفر] فسمعه أحد الداخلين إلى المسجد فقال: إلى أبان الحمر، ثم التجأ الشيخ إلى مكان حصين ولم يخرج منه حتى رحل إبراهيم باشا.
ويقال إنه التجأ إلى النمرية، ويبدوا بأن هذه القصة صحيحة حيث سمعتها من أحد كبار السن. ثم أورد العبودي قصة المثل [فاتت ياونيان] وهي عندما أسر الإمام عبدالله بن سعود من قبل إبراهيم باشا وارسله إلى مصر ومعهم رجل يقال له [ونيان] من حاشية الإمام، مروا على جبل أبان الأحمر فأخذ ونيان يقص قصة خيالية مع وعل أراد أن يصيده في جبل أبان – وكان يريد أن يُذَكّر الإمام بالهروب إلى الجبل حتى يسلم من الأسر، ولكن الإمام لم ينتبه لذلك، ولم يستطع ونيان أن يفصح عن قصده، خوفاً من الجنود فلما ابتعدوا عن الجبل فطن الإمام لقصد ونيان من القصة فقال: فاتت ياونيان، فذهبت مثلاً مشهوراً عند أهل المنطقة.
أقول: بان هذه القصة صحيحة، لأن المثل من الأمثال العامية المشهورة عند أهل الرس وما حولها وقصته معروفه كذلك.
وقال: وهناك مثل عامي آخر يدل على عظم جبل أبان في نفوس أهل القصيم يقول: [تولد أبان وإلى سحبله] ومثل آخر فصيح وهو [أرزن من أبان] وأرزن: من الرزانة.
ثم أورد العبودي بعض الأبيات عن [أبانات] بالجمع فقال: قال بعضهم ملغزا في وادي الرمة:
رجليه بالبصرة وصدره أبانات 



ومشرع يشرب من حوض المدينة

  وقال الشاعر عبدالله بن سبيل متغزلاً:
يوم الركايب عقبن خشم أبانات 




ذكرت ملهوف الحشا من عنايه

ليته رديف لي على الهجن هيهات




أما معي، والا دريف خْويَايه

ثم ذكر حرب إبراهيم باشا مع [الرحلة] من قبيلة حرب: قال ابن بشر: دخلت سنة 1232هـ والعساكر المصريون في الحناكية مع إبراهيم باشا، ومعه البوادي المذكورون، وهو يغير على بوادي نجد، فأغار على [الرحلة] من حرب عند أبانات الجبلان المعروفان في نجد، فأخذهم وقتلهم.
ثم أورد قول مزرد بن ضرار الذبياني من قصيدة يطلب فيها إلى رجل غطفان اشترى إبلا من غلام اسمه خالد كان قد جاور مع رهطه بني ثعلبة في بني عبدالله بن غطفان:
فردوا لقاح التغلبي، أداؤها 




أعف وأتقى من أذى غير واحد

فإن لم تردوها فإن سماعها




لكم أبدا من باقيات القلائد

وما خالد منا وإن حل فيكم



[أبانين] بالنائي ولا المتباعد

وأورد قول الشماخ في أبانين محلى بالألف:
كأن رحلي على حقباء قاربة 



أحمى عليها الأبانين الأراجيل

حامت ثلاث ليال كلما وردت



زالت لها دونه منهل تماثيل

وأنشد الهجري لرجل من بني نمير يذكر ناقته في أبيات:
فلن ترى ماء الطوي ولن ترى 




[أبانين] ما غنى الحامام الهواتف

فكم من حبيب قد أزرت حبيبه



وذي كربة جنبته وهو خائف

ثم أورد بيتي مهلهل بن ربيعة السابقين، وقال: ثم أنشد
– أي الحربي - قول الشاعر:
أقفر من خولة ساق الفروين 




فقطن فالركن من أبانين

ثم أورد العبودي عن حرب الردة، فقال: وقد ورد ذكر أبانين في حروب الردة، قال البلاذري: قالوا: وأتى خالد بن الوليد رمان و [أبانين] وهناك فل [بزاخة] فلم يقاتلوه وبايعوه.
ثم تحدث العبودي عن بعض الأوهام حول أبانين:
(1)  رد على قول ياقوت السابق: وهو أن أبان الأبيض شرق الحاجر، قال: إن هذا وهم ظاهر إذ أن أبان الأبيض وهو الأحمر الآن ليس شرق الحاجر، بل هو بعيد عنه أي جنوب شرقي الحاجر.
أقول: تعليق العبودي صحيح، لأن الحاجر بعيد عن جبل أبان في الجهة الشمالية منه، ثم إن جبل أبان الأسمر (الأسود) أقرب للحاجر من الأحمر.
(2)  ورد على قول ياقوت أيضاً، وهو أن أحد الأبانين يسمى (شروري) قال العبودي: إن أبانين معروفين من قديم الزمان بأبان الأبيض وأبان الأسود، وأن (شرورى) جبل معروف مشهور وهو بعيد عن القصيم ويقع في ديار بني سليم قريبا من مهد الذهب.
أقول: بأن قول ياقوت هذا غير صحيح، لأن جبل شروري يقع قرب مهد الذهب في الجهة الشمالية الشرقية منه، ولم يرد بأن أبان كان يسمى شرورى.
(3)  ما نقله ياقوت أيضا عن بعضهم: أن أبانان تثنية أبان ومتالع، وهما بنواحي البحرين، قال العبودي: ولا يحتاج القول إلا أن أبانين في القصيم ومتالع ليس أحدهما، بل هو يقع في الجنوب منهما، ويقع شمال إمرة.
(4)  وعلى قول نصر: أبانان جبلان، جبل أبيض لبني فزارة، وجبل أسود لبني ذبيان، وفيه ماء لبني أسد يقال له: محيا. قال العبودي: ورد بعض الخلط في كلامه، أما الذي ذكر باسم محيا، فهو معنى ماء محياة، وتسمى الآن محيوة، وأما بنو ذبيان فلا يعرف أن أحد أبانين كان لهما في صدر الإسلام.
أقول: قوله (محيا) هي كما ذكر العبودي كانت تسمى (محياة) وفي الوقت الحاضر تسمى (محيوة) وهي عبارة عن هضبة جبلية مرتفعة ونفود ممتد على الضفة الجنوبية لوادي الرمة كان يسمى سابقاً (نفود الميسرية) يبلغ طوله حوالي (13) كيلاً وأقصى عرض له حوالي (كيلين)، والخنق الذي يُذكر في وادي الرمة بين أبانين يقع بين هذا الرمل وجبل القنينة – كما ذكرنا سابقاً – وأسفل الجبل من الشرق روضة مشهورة تمتليء بالعشب بعد موسم الأمطار. وهذا الجبل والرمل يقعان بين جبلي أبانين
(5)  ورد العبودي على ما نقل ياقوت عن أبي بكر بن موسى، قوله: أبان جبل بين فيد والنبهانية أبيض، وأبان: جبل أسود، وهما أبانان، وكلاهما محدد الرأس كالسنان، وهما لبني مناف بن دارم بن تميم بن مرة، قال العبودي: هذا فيه عدة أوهام، أولها: أن أبان ليس فيد والنبهانية إذ فيد يبعد عن النبهانية أكثر من ثلاثة أميال للإبل إلى الشمال الشرقي وأبان إلى الغرب من النبهانية ملاصقاً لها، ثانيهما: أنهما ليسا محددا الرأس كالسنان، ثالثها: لا نعرف أحداً من المتأخرين ذكر أنهما من منازل تميم.
أقول: أوضحنا سابقاً في الرد على ما نقل ياقوت من أن (أبان بين فيد والنبهانية) ثم إن جبلي أبانين ليسا محددا الرأس، بل هما جبلان ممتدان يتكون كل منهما من عدة هضاب.
(6) ثم رد على تعليق الدكتور عزة حسن على بيت بشر بن أبي خازم:
تؤم بها الحداة مياه نخل




وفيها عن أبانين ازورار

حيث قال: أبانان: جبلان وهما أبان وسلمى، فغلبوا أبان في التثنية. قال العبودي: وهذا وهم لا يحتاج كبير رد، لأن جبل سلمى أحد جبلي طيء، يقع بعيدا عن أبان بنحو مسيرة يومين للإبل، ثم أن أبانين معروفين بالقديم والحديث.
(7) ثم علق على قول عمر كحالة: وبين مكة والمدينة سلسلة متصلة من الجبال، وتعلو في الجنوب الشرقي من مكة إلى ارتفاع غير قليل، فيتألف من ذلك سلسلة جبل (كرا) وإلى الشمال من هذا يشرف جبل حضن على سهل ركبة إلى جهة الشرق منه، ثم في الجهة الجنوبية جبال السعدية والأبانين والعقبة، وجبال عسير بكاملها. قال العبودي: وهذا تخليط ظاهر، فأين أبانان من ركبة أو عسير أو العقبة.
أقول: وقد تمكنت من جمع بعض الأشعار التي قيلت في جبل أبان ومنها: ماورد في كتاب (أصدق الدلائل في أنساب بني وائل /ص 38) حول الحرب التي جرت حول أبانات، وملخصها: أن قوماً أغاروا على بلاد بني وائل في القصيم قرب أبانات فأرسل الشيخ ماجد بن عريعر شيخ قبيلة بني خالد إلى الشيخ مشعان بن هذال كتاباً يطلب فيه النجدة، وفعلاً هب الشيخ مشعان ودحر القبائل المعادية، وورد في هذه المناسبة عدة قصائد منها القصيدة التي قالها الشيخ مشعان، ومنها:
الله يايوم جرى عند أبانات




تشهد عليه محيوة والزباير

منهم خذينا ذودهم بالملاقاة



وعوضتهم عقب البيوت الخطاير

أقول: (محيوة) ذكرناها سابقاً، أما (الزباير) فالمقصود بها نفود محيوة، فقد سمعت من البادية أن النفود المتطامن يسمى (الزبارة)
وقال أيضاً في هذه المناسبة:
لابد ما تأتي لأبانات زوار





باسلاف عجلات تعد المظاهير

وقال الشاعر:
الهوى من قبلنا شدد طمية




ضلعه في كشب شدت يم أبانات

وقال الشاعر عبد الله الحرير من الرس:
أحد لها يشرى وأحد صار يباع




كل وما تلحق عليه القضية


لو ما وقع فينا ببان الحمر ماع




صواعق ومحول والناس حيه

عيت تغيب قلوبنا كثر الأفجاع




الذئب عم الله يعلم الخفيه

وقال أيضاً يحلف على ألا ينسى حبيبه:
لو دلهوني عنه والله يمين القطع ما أنساه




ما أنساه لين أمرة تزبن على خضرا ولينه

أيضاً وأبانات ترحل والخناق وساق مرباه



أيضاً وضلعان تمشي بين طخفة والمدينه

أقول: الشاعر عد مجموعة من الواقع والجبال المشهورة منها: (خضراء) هجرة تقع بين أبان الأحمر من الشرق وقرية الهمجة من الغرب. و(لينة) قرية مشهورة من عهد بعيد تقع في منطقة حفر الباطن بينها وبين رفحا.
أما (الخناق) وهو الذي يسمى الخنق حيث ينحصر وادي الرمة بين نفود الميسرية وجبل القنينة، و(ساق) جبل مشهور يقع في منطقة الجواء الواقعة غرب بريدة ويسمى (ساق الجواء) و (طخفة) جبل مشهور أيضاً من جبال حمى ضرية يقع قرب ضرية.
ويقول الشاعر حمود بن سكران من سكان مسكة:
يا عنز ريم رعت بين اللهيب وبين أبانات




ذارت من الزول يوم الزول شف إمعا البيان

وحازت لخشم أمرة مع جل صيد مستنيسات



ماذيروها تغافيق العرب من هالزمان

أقول : ذكر الشاعر [اللهيب] وهو جبل يقع جنوب أبان الأحمر. و[إمرة] وهي جبال تقع جنوب الرس وشرق الشبيكية.
وقال محمد بن عثمان التويجري:
نجد تهضم بالبكا للعمارات 



ترجي الفزع من سربة أولاد وائل

وادي الرشا ينعى وينخى بالأصوات 



يهل دمع مثل وبل المخايل

وبني السفر ما تذكر حول أبانات 



والشمري بجبال سلمى وحايل

وقال الشاعر الشاب عبدالله الكدري من الرس بعد ما راق له نزول الغيث على ديرته واخضرت الأرض بالعشب:
وسمك السماء وسم على كير والوادي 



من الظاهريه مد لين أسفل العبله

أبانات والنايع يصوت به الحادي 



تجادل به القطعان بالشوق والقبلة










وقال الشاعر محمد بن بلهيد في ديوانه متمنياً أن يكمل فتح المملكة وتوحيدها وتعلو كلمة الدين على يد الملك عبدالعزيز-رحمه الله- كما يرسي جبل أبان:
إذا شاء فتاح المدائن والقرى 



وهازم أحزاب الخنى حين أقبلوا

أتاح لنا فتحاً مبيناً بأمره 



قريباً على رغم المعادي يعجل

ويرسي بها الدين الحنيف كما رسى 



أبان على مر الليالي ويذبل

وقال أيضاً وهو بالمدينة محبوساً بامر الشريف:
يممتها الجهة العليا وقد لعبت 



بي المفوز فوق الأينق الذلل

فخلفت قطناً وأبان واعتسفت



درباً معالمه في العثعث السهل

وقال أيضاً يدعو للملك عبدالعزيز – رحمه الله - بثبات الملك كما ثبت جبل أبان:
عسى الله يبقي ملككم مثل ما بقي  



أبان على مر الليالي ويذبل

وقالت امرأة زوجت رجلاً ثرياً فأسكنها في قصر له كبير ظناً منه أنها سوف تكون مرتاحة البال لهذا العيش المترف بعد عناء البادية، لكنة سمعها ذات يوم على سطح القصر تناجي طيراً:
ياطير سلم على أبو شخاقيق 



في جانب الوادي بشرقي أبان

قله تراي من السعة طحت بالضيق



كني بحبس في طويل المباني

ويقول الشاعر أحمد الدامغ، يلوم أحد أصحابه مع المداعبة:
لومي عليه من طويق مثلين 



وأكبر من أبانات ونايف خشومه

ليته يعرف اني من اللي عليين



من رأس قوم تنحدر منه قومه




0 المراجع:
(1) محمد بن بلهيد. صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار.- ط2، 1392هـ
(2) ابن منظور. لسان العرب .- بيروت: دار الفكر
(3) عبدالله بن خميس. المجاز بين اليمامة والحجاز.- منشورات دار اليمامة، 1390هـ.
(4) ياقوت الحموي. معجم البلدان.- بيروت : دار صادر، 1404هـ
(5) عبدالله بن خميس. معجم جبال الجزيرة.-ط1.
(6) محمد العبودي. المعجم الجغرافي للبلاد السعودية-بلاد القصيم.- منشورات دار اليمامة، 1400هـ.
(7) ناصر المسيميري. ديوان الحرير.-ط1.- مطابع العقل بالرس، 1406هـ.
(8) محمد بن بلهيد. ابتسامات الأيام في انتصارات الأمام.- ط1، 1405هـ.
(9) الفيروزبادي. القاموس المحيط.- القاهرة : مؤسسة الحلبي.
(10) البكري. معجم ما استعجم.- ط3 .- عالم الكتب، 1403هـ.
(11) عبدالله بن دهيمش العنزي. أصدق الدلائل في أنساب وائل .- ط4، 1418هـ
(12) الهمداني. صة جزيرة العرب/ تحقيق محمد علي الأكوع.- مطبوعات دار اليمامة، 1397هـ.

هناك تعليقان (2):

  1. اقول إبان الأحمر وأبان الاسمروبأن الأبيض وجبل العمود وعمودان والعموده وظليعة حجيلان موثقه وأعتقد الكثير من أهل الرس وبريده يعرف التاريخ جيداً حول هذا

    ردحذف
  2. حول ابانات الصحيح إبان الأحمر وا بأن الاسمر يفصل بينهم وادي الرمه اماء بأن
    الأبيض يفصل بينه وبين إبان الأحمر ووادي نخل اي وادي النخيل وهذاء الصحيح متصل بجبل العمود من قبله معلق شعيب العموده الجاهليه والتي توجد بها عدت آبار جاهليه وأثار قديمه والدليل جمع أسماء ابانات ولو كان جبلين فقط كمايروي بعض الاخوان لقالو إبانان اوابانين وهذاء الصحيح والدليل عمودان

    ردحذف