الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

حرب أهل الرس مع إبراهيم باشا في تاريخ ابن دعيج.

حرب إبراهيم باشا وأهل الرس في كتاب (تاريخ ابن دعيج):
أحمد بن علي بن دعيج. وهو أرجوزة تاريخية وصف بها أحداث حملة إبراهيم باشا على نجد. وسقوط الدرعية وما نتج عن ذلك. اعتنى بها/ سليمان بن صالح الخراشي. روافد للطباعة والنشر والتوزيع/ الطبعة الأولى/ 1429هـ.
ثم قال (ص 120) (وصلت حملة إبراهيم باشا في اليوم الخامس والعشرين من شعبان عام 1232هـ/9 يوليو 1817م وفي الحال أمر إبراهيم باشا عساكره بضرب الحصار حولها, فنُصبت المدافع في أماكن متعددة وبدأ على الفور إطلاق المدافع على هذه الأسوار بشكل كثيف ومتواصل لمدة خمسة أيام ويبدو أنهم استطاعوا هدم ثلاثة من أبراجها وقسم من سورها, ولكن أهالي الرس كانوا يبنون ما تهدم بشكل سريع, وبهذا فشل إبراهيم باشا في جميع هجماته على الرس, وطالت مدة حصارها إلى ثلاثة أشهر ونصف).
أقول: لم يذكر إبراهيم باشا في خطاباته لوالده أنه هدم شيئا من قلاع بلدة الرس أو جزء من سورها. بل إنه كان يتذمّر من صلابة قلاع البلدة وصعوبة هدم السور, وكان يصف ذلك بحسرة. كما أنه لو استطاع أن يهدم ثلاثة أبراج وجزء من السور لسقطت الرس في يده بسهولة وانتهى الحصار ودخل جنوده البلدة وقضوا على أهلها. لذا فأنا أشك في قول الكاتب. كما أنه قال (يبدو) ولا أعلم كيف بدأ له هذا الرأي وكتبه.     
 وقوله (ولكن أهل الرس كانوا يبنون ما تهدم بشكل سريع) من السور والقلاع. أقول: إذا سلّمنا أن الباشا هدم قلاعا وجزءا من السور فليس من المعقول أن يتمكّن أهل الرس من بناء ما تهدم بهذه السرعة وفي وقت قياسي وهم في حالة حرب, كما أن البناء لن يكون بقوة البناء الأصلي. ثم إن جنود الباشا لو تمكنوا من هدم الجزء فلن يعجزهم هدم كل السور والقلاع خاصة وهم يملكون المدافع الكبيرة والقوية. ثم لا ننس أن الباشا وجنوده كانوا يصبّون غضبهم على بلدة الرس وأهلها ولن يدعوهم يبنون ما تهدم من السور والقلاع بسهولة والحالة آنذاك حالة حرب شعواء هدفها التدمير والقتل.      
ويواصل الكاتب الحديث عن حرب الرس (ص 122) (ومع وصول الإمدادات لإبراهيم باشا قام بإنشاء برج قريب من قلعة الرس يناظرها في العلو والمتانة. ووضع فيه المدافع الموجهة إلى سور القلعة, وبدأ حربا عنيفة بالمدافع والبنادق استمرت 24 يوما, تم خلالها هدم أجزاء من قلعة الرس, وتم التضييق بشكل قوي على أهاليها حتى كانت حركتهم داخل البلد من أصعب ما يكون, واشتد الحصار حتى يوم عيد الأضحى 10 ذو الحجة من عام 1232هـ  21 أكتوبر 1817م ويذكر ابن بشر أن أهالي الرس راسلوا الإمام عبدالله في عنيزة وناشدوه التدخل بشكل سريع لفك الحصار عنهم. أو أن يأذن لهم بالتفاوض مع إبراهيم باشا, وقد عجز الإمام عبدالله عن التدخل في هذا الوقت, بينما كانت الإمدادات تتدفق إلى إبراهيم باشا وتزيد قوته قوة. وهنا علا صوت أهالي الرس الذين طاولهم الحصار وأنهكهم يطالبون بالصلح. فتم عقد الصلح على إعطاء أهل الرس الأمان, وإخراج الحامية الموجودة لديهم إلى الإمام عبدالله بن سعود. وتضيف الوثائق العثمانية شرطا آخر تمثل في إحضار ثلاثة من شيوخ الرس إلى إبراهيم باشا كرهائن لديه يضمن بهم هذا الصلح. اتفق الطرفان على أن يُرفع الحصار عن الرس, وأن يذهب إبراهيم مع جيشه حيث يشاء على ألاّ يدخلوا الرس, وان الأهالي ليسوا مجبرين على أن يقدموا شيئا للجيش ولا يطلب منهم لا مؤن ولا غرامات, وأن تقام في الرس حامية مصرية إلاّ إذا استطاع إبراهيم باشا الاستيلاء على عنيزة, وأنه إذا لم يتمكن من ذلك فإن المعارك ستبدأ من جديد بين الطرفين).    
ـ قال (وتم التضييق بشكل قوي على أهاليها حتى كانت حركتهم داخل البلد من أصعب ما يكون) وأقول: هذا صحيح فإن أهل الرس وهم داخل بلدتهم يعانون من ظروف صعبة منها: أن العدو الذي يحاصرهم يتربص بهم ويتوعدهم بالقتل والتدمير. وأن إبراهيم باشا يتلقى باستمرار المدد الكبير له من والده من القادة العسكريين والجند المدربين والمدافع والقذائف والذخائر المنوعة وكلها يصبها على سور البلدة وهو يعترف بقوله (وإن مثل تلك القلاع يحتاج أخذها إلى ألغام. أرجو إرسال معلمين في الألغام. إنني أعجز عن إفادتكم بشأن صعوبة هذه القلعة المنحوسة) كما يقول (ولما كان المحاصرون.... فإنهم تجمعوا في المواجهة وأخذوا يقتنصون برصاص البنادق الجنود الذين دخلوا القلعة فسقط الكثير منهم قتلى. ولذلك لم يتيسر الاستيلاء على القلعة) أما أهل الرس فلا يوجد من يمدهم بالسلاح والعتاد إلاّ توفيق الله وفضله لهم بالنصر. وكانوا يعتبرون تصديهم للباشا وجنوده جهادا يبتغون به الأجر من المولى عز وجل. كما لا ننس أن الحامية التي جاءت إلى الرس كانت عبئا ثقيلا على أهل البلدة, حتى أن المعيشة التي ادخرها أهل الرس لأيام الحرب لا تكاد تكفي الرجال والنساء والأطفال فكيف برجال الحامية. ولا ننس أن شيوخ البادية وأتباعهم من البدو مثل فيصل الدويش وغانم بن مضيان كانوا يحاربون أهل الرس مع جيش الباشا, ويزيدونهم شدة على شدة.
قال (وتضيف الوثائق العثمانية شرطا آخر تمثل في إحضار ثلاثة من شيوخ الرس إلى إبراهيم باشا كرهائن لديه يضمن بهم هذا الصلح) وأقول: لم أجد في كتب التاريخ من يذكر في صلح الرس أن إبراهيم باشا أخذ معه رهائن من أجل ضمان الصلح. ومن هو الشيوخ الذين يذكر الكاتب أن الباشا أخذهم,  وليت الكاتب ذكر لنا تفصيلا أكثر عن ذلك الشرط.
قال (وأن يذهب إبراهيم مع جيشه حيث يشاء على ألاّ يدخلوا الرس) وأقول: هذا الشرط اشترطه أهل الرس وقائدهم قرناس بن عبدالرحمن وشددوا عليه. بل إنهم منعوا الباشا وجنوده من دخول البلدة. ولكن قرناس وافق على دخول إبراهيم باشا إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة. وكان خطب قرناس عن الوفاء بالعقود والمواثيق, فقال له إبراهيم باشا (أنت ذيب وخطيب).
وقال (وأن تقام في الرس حامية مصرية إلاّ إذا استطاع إبراهيم باشا الاستيلاء على عنيزة) وأقول: لم يبق حامية مصرية أو جندي واحد في بلدة الرس بعد إتمام اتفاقية الصلح. مع العلم بأن إبراهيم باشا عندما انتهت حرب الرس بالصلح غادرها إلى عنيزة واحتلها بعدما خرج منها عبدالله بن سعود. ثم اتجه إلى الدرعية الهدف الرئيسي للحملة وهو يحتاج زيادة في الجنود والعتاد فكيف يبقي حامية كاملة وهو يحتاجها لحرب الدرعية.
كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل ـ الرس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق