صالح بن إبراهيم الطاسان
1328 ـ 1420هـ .
هو الشيخ صالح بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن سعد بن عبدالرحمن الملقب (طاسان) بن سعد بن يحيا بن سعد بن فرّاج بن محمد بن حسين بن عثمان ابن سعدون الجبري الخالدي.
وأسرة الطاسان المشهورة التي استوطنت الرس: هم أبناء إبراهيم بن سعد ابن عبدالرحمن الملقب (طاسان) نزح جد الأسرة فرّاج بن محمد الجبري الخالدي عام 1082هـ من قرية السّهلة في نقرة بني خالد في وادي المياه في الأحساء واتجه إلى بلدة القصب ثم واصل السير إلى القصيم حتى وصل إلى محلة الجناح قرب عنيزة واستوطنها واستمر فيها هو وذريته حتى عام 1196هـ. حيث خرج منها جد الأسرة سعد بن يحيا الجبري الخالدي ودخل عنيزة مستقرا في حي أم خمار حتى انتقل جدهم سعد بن عبدالرحمن وابنه إبراهيم وأحفاده إلى الرس في حدود عام 1250هـ وصاروا من وجهائها وعقدوا مع أمراء الرس آنذاك من ذرية أبا الحصين المحفوظي العجمي حلف لزم ودم.
ولد الشيخ صالح بن إبراهيم في الرس عام 1328هـ ونشأ بها عند والديه وإخوته وتربى في بيت علم ودين وهدى وصلاح. ثم قرأ في كتاتيب الرس وحفظ القرآن الكريم في بداية عمره على خاله لأمه الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن بطي، ثم درس على الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن رشيد، وكان حريصا على التعلم كثير الإطلاع في الكتب الشرعية ومجالسة أهل العلم.
سافر إلى مكة المكرمة عام 1346هـ وجلس فيها حتى عام 1352هـ ودرس خلالها في مدرسة الفلاح بمكة النحو والتجويد وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالمعهد العلمي السعودي ودرس فيه الحديث والتفسير والتوحيد والفقه والفرائض وفروع اللغة العربية. ودرس في الحرم الشريف كتب المتون مثل كتاب التوحيد وزاد المستقنع والرحبية والأجرومية وقطر الندى وألفية ابن مالك.
من مشائخه في الرس خاله الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن بطي والشيخ محمد بن عبدالعزيز بن رشيد، وفي مكة الشيخ محمد بن عثمان الشاوي والشيخ محمد بن عبدالعزيز بن مانع والشيخ علوي مالكي بالمسجد الحرام كذلك درس على الشيخ محمد بن علي البيز والشيخ سليمان بن عبدالرحمن بن حمدان والشيخ عبدالله بن مطلق الفهيد والشيخ محمد بن أمين كتبي والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن محمد بن سبيّل. وذكر الشيخ البسام في علماء نجد بأنه كان من تلاميذ الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد بن سبيل في مكة.
ثم عاد إلى الرس في أواخر عام 1352هـ وأكمل الدراسة على شيخه قاضي الرس محمد بن عبدالعزيز بن رشيد في النحو والحديث والفقه والفرائض.
في 19/7/1356هـ كلّفه أمير القصيم مع علي بن محمد العنيزان آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر في الرس بطلب من أهلها وقاضيها الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن رشيد حتى شهر رجب 1358هـ واستقال عند سفره إلى الرياض.
وفي عام 1358هـ سافر إلى الرياض ودرس على الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في النحو والفقه والتوحيد والحديث، وعلى الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم في الفرائض.
وفي 28/6/1359هـ تم إشعاره من رئيس القضاة بالسفر إلى مكة المكرمة مع مجموعة من طلبة العلم من أجل أن يكونوا مرشدين ودرس على علمائها مثل الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن مانع في الفقه والنحو والصرف وعلى الشيخ علوي مالكي في النحو، وكان ينوب عن الشيخ عبدالله بن مطلق الفهيد في إلقاء الدروس في الفقه والحديث والتوحيد في المعهد العلمي السعودي.
تولى الشيخ صالح الطاسان عددا من الأعمال الحكومية في الحسبة والإمامة والوعظ والقضاء نذكرها بالتفصيل:ـ
1ـ عمل بالخدمة العسكرية (الهجّانة) في مكة المكرمة في الفترة من تاريخ: 17/9/1346هـ حتى تاريخ: 1/10/1352هـ. في البلك الذي كان تحت إمرة اللواء إبراهيم الطاسان.
2ـ في عام 1359هـ تم تكليفه مرشدا وواعظا في مكة المكرمة ضمن البعثات التي كان يرسلها الملك عبدالعزيز إلى المناطق للوعظ والإرشاد.
3ـ تم تكليفه بالأمر السامي رقم 930 في 15/1/1360هـ بالقضاء في جبال بني مالك براتب شهري قدره (100) ريال ومرجعه قاضي جازان واستلم العمل في 15/2/1360هـ حتى1363هـ. وفي فترة قضاءه في بني مالك صدر أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بإجراء بروة له واستمرت تصرف له.
4ـ في عام 1363هـ تم نقله إلى قضاء القحمة فطلب من الملك عبدالعزيز إعفاءه منها فجاءه الرد في برقية الملك بتاريخ:4/5/1363هـ نصها موافقا للمصلحة العامة في الدولة وحاجة البلاد كما يلي: (صالح بن طاسان. جيزان... مالك دبرة في نفسك دبرتك عند الله ثم عندنا والأمر الذي ندبركم عليه امش عليه ولا تتوقف) فبقي فيها حتى عام 1365هـ.
5ـ في عام 1365هـ تم تكليفه بالعمل قاضيا في الرس فاعتذر القبول بذلك فجاءه الرد من أمير القصيم ورئيس القضاء الشيخ عبدالله بن حميد بعدم الموافقة على الطلب بتاريخ:28/6/1365هـ فبقي فيها حتى 1372هـ.
وفي أثناء قضاء الرس كان يرعى احوال المدرسة السعودية ويتلمس حاجاتها ويوفر لها كل ما تحتاجه من المواد الدراسية وكان يكتب لمعتمد المعارف عن ذلك باستمرار، كما أنه كتب لعبدالله بن عبدالعزيز الرشيد ليكون معاونا بالمدرسة ولصالح بن محمد الهندي ليكون معلما عام 1368هـ فتم له ذلك. وقد عهد إليه مدير المعارف العام محمد بن مانع بخطاب بتاريخ: 10/7/1371هـ برئاسة لجنة اختبار الشهادة الابتدائية لمدرسة الرس لما عهده فيه من الثقة والنزاهة وللمساهمة في خدمة العلم والتعليم.
6ـ ثم تولى من عام 1372هـ القضاء في الأسياح بموجب خطاب من أمير القصيم هذا نصه بعد السلام (بناء على أمر سيدي ولي العهد المعظم أيده الله قد جرى تعيينكم في قضاء عين ابن فهيد وتعيين الشيخ محمد الصالح بن خزيم خلفا لكم في الرس فأنت إن شاء الله توجه إلينا لأجل مواصلة سفرك إلى مقر عملك الجديد) ثم باشر العمل فيها حتى عام 1374هـ.
7ـ في تاريخ:3/12/1373هـ جاءه خطاب سماحة رئيس القضاة المتضمن تبليغ توجيه الأمر الملكي بالموافقة على تعيينه في قضاء الخرمة الشاغرة منذ أمد طويل ويطلب منه سرعة التوجه لمباشرة العمل، وعند مباشرة العمل ورده خطاب من سماحة رئيس القضاة هذا نصّه (فضيلة الشيخ صالح الطاسان قاضي الخرمة المحترم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فعند مباشرتكم قضاء الخرمة يجب أن تجعلوا المحكمة وإقامتكم في وسط السوق ليسهل على المراجعين والأخصام مراجعتكم ولتكونوا قريبين من مسجد السوق الجامع لترتيب دروس للطلبة ولأن جهة السوق أعمر وأليق لإقامة القاضي والمحكمة. والله يحفظكم) حرر في 27/12/1373هـ. ثم بقي في الخرمة حتى عام: 1378هـ.
وعندما كان في قضاء الخرمة جاءه التكليف بالنقل إلى قضاء الجوف فكتب لفضيلة الشيخ حسن بن عبدالله بن حسن آل الشيخ مقدما عذره عن النقل إلى الجوف، وفي تاريخ:18/4/1377هـ جاءه خطاب الشيخ حسن بالموافقة على طلبه بعدم النقل ما دام لا يرغب بذلك فسُرّ به.
8ـ وفي عام 1378هـ تم نقله إلى رنية ليتولى القضاء فيها ومكث قاضيا فيها حتى عام:1381هـ. وعندما كان قاضيا فيها طلب تعيين اثنين من اخويا الأمارة في المحكمة لعدم وجود شرطة لديه من أجل منع دخول السلاح ومنع الخصوم والمراجعين من التشويش في المحكمة فتم تعيين ما يريد.
9ـ وفي بداية عام 1381هـ نُقل إلى قضاء القويعية حتى 1383هـ. وفي أثنائها تقدم بطلب إعفائه من القضاء والإحالة إلى التقاعد فورده خطاب سماحة رئيس القضاة برقم (3185/3) وتاريخ: 17/10/1382هـ بعدم الموافقة على طلبه كما جاء فيه ما يلي (... ونفيد فضيلتكم بأننا لا نوافقكم على ذلك لما نحن فيه من الحاجة لكم ولأمثالكم وقلة من يقع عليه الاختيار كما نذكر فضيلتكم بأن البقاء في عملكم من التعاون وأداء الواجب ومن الجهاد في سبيل الله وخاصة في هذا الوقت المبارك والذي نؤمله فيكم الصبر والاحتساب ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا...).
10ـ وأخيرا نُقل في عام 1383هـ إلى البكيرية وتولى القضاء فيها لمدة خمسة عشر عاما حتى 1398هـ جاء ذلك بخطاب رئيس القضاة رقم (2740/5) وتاريخ:27/6/1383هـ هذا نصّه (من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة الشيخ صالح الطاسان/ قاضي محكمة القويعية المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: بناء على مقتضيات المصلحة فقد تقرر نقلكم من قضاء القويعية إلى قضاء البكيرية براتبكم ومرتبتكم.فاعتمدوا ذلك وعليكم مباشرة العمل هناك وتسليم المحكمة للكاتب بها وإدراج راتبكم في مسيرات محكمة البكيرية كالعادة السابقة. نرجو لكم التوفيق والسلام).
كان الشيخ صالح رحمه الله حازما في عمله وفي أحكامه القضائية لا يجامل أحد من الناس وكان يتحرى الدقة في أحكامه ويحرص على الإطلاع في كتب الفقه والعقيدة من أجل تثقيف نفسه والإطلاع على أحكام العلماء القدماء، حريصا على توجيه الناس في أمور الدين، وكان يسير في عمله سيرا حسنا بكل أمانة وحرص، كما كان يواجه بعض الشكاوى ضده بسبب حرصه وأمانته فتُقابل تلك الشكاوى من المسئولين بالرفض وصرف النظر عنها وتأييده فيما قضى به.
ثم أحيل للتقاعد في عام 1398هـ فعاد إلى الرس واستقر فيها واستمر بالتدريس لطلبة العلم في المسجد وفي منزله وكان كثير المطالعة في أمهات الكتب الدينية، وله جلد في الحفظ والدراسة والتعلم فكان يحفظ متون الحديث والتوحيد والفقه والفرائض وقراءة القرآن وله تعليقات مهمة على الكتب التي يقرأها.
للشيخ صالح مجموعة من التلاميذ من أهل الرس درسوا بين يديه في المسجد عندما كان في الرس منهم: الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز الرشيد والشيخ سليمان بن محمد الدهامي والشيخ عبدالرحمن بن صالح الرشيد وصالح بن محمد الهندي وسليمان بن حمد الرميح ومحمد بن علي العنيزان وعلي بن صالح الضلعان ومنصور بن حمد المالك ومحمد بن حمد المالك وصالح بن حمد المالك ومحمد بن سليمان الدهامي وعبدالعزيز بن محمد الرشيد وزامل بن محمد الرشيد وناصر بن عبدالرحمن الضويان وحمود بن حسين المطلق وعبدالله بن محمد الرشيد وغيرهم.
كان الشيخ صالح أثناء قيامه بالقضاء يكتب الوثائق والعقود للناس، وكان يبدأه بالبسملة كاملة ويحرره باليوم والشهر والسنة.
كان بين الشيخ صالح الطاسان مع بعض القضاة والأمراء والمعارف مراسلات ودّية مثل: الملك سعود بن عبدالعزيز وأمير بريدة عبدالله بن فيصل بن فرحان وسعد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن والشيخ ابن داوود والشيخ محمد بن عثمان الشاوي والشيخ ورئيس قضاة القصيم الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد والشيخ عبدالرحمن بن سعدي والشيخ سليمان بن صالح بن خزيم وأخيه محمد والشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف والشيخ ومدير المعارف محمد بن مانع والشيخ محمد بن عبدالعزيز بن رشيد والشيخ منصور بن صالح الضلعان والشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن رشيد والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
ومن المراسلات التي كانت بينه وبين الشيخ منصور بن صالح الضلعان كتب له الشيخ منصور بيتا من الشعر يبين فيه اشتياقه للقياه وهو:
لأنتم على قُرب الديار وبُعدها أحبتنا إن غبتمُ أو حضرتمُ
توفي الشيخ صالح في منزله في الرس يوم الأربعاء 11/2/1420هـ وفقده كثير من طلابه ومعارفه من أهل الرس وغيرهم، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل ـ الرس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق