الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

صالح بن قرناس القرناس.

صالح بن قرناس القرناس
1253 ـ 1336هـ.
اسمه وأسرته: هو الشيخ صالح بن قرناس بن عبدالرحمن بن قرناس بن حمد بن علي بن محمد بن علي بن حدجان من آل حصنان.
وآل حصنان ـ كما ذكر البسام في علماء نجد ـ عشيرة كبيرة من آل محفوظ أحد البطون الكبيرة من قبيلة العجمان التي هي من قبيلة يام بن أصبى بن دافع بن زيد ابن ربيعة بن الخيار بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان. فهم من يام ثم من همدان ثم من كهلان ثم من قحطان.
وآل حصنان تشمل أسر كثيرة في الرس منهم: العساف والعذل والقرناس والرشيد والحواس والحميد والغفيلي والعواجي والدليمان والصبي والعفيصان والرميح والعميل والمفيز وغيرهم.
وكل الأسر التي ذكرنا ومنهم القرناس هم من نسل محمد بن علي بن راشد  الملقب (أبا الحصين) الذي قدم إلى الرس في حدود عام 970هـ وعَمَره مع نسله وصار كثير منهم من أمراء الرس وقضائها وعلمائها.
مولده ونشأته: ولد الشيخ صالح في الرس عام 1253هـ أما القاضي صاحب روضة الناظرين فيقول بأن ولادته في قرية النبهانية بالقصيم.
ونشأ وترعرع في بيت والده الشيخ الجليل قرناس بن عبدالرحمن مع أخوته نشأة حسنة في بيت علم وهدى وصلاح وتعلم حتى صار قاضيا هو وأخوه محمد. وتوفي والده وعمره تسع سنوات فتولى أخوه محمد تربيته. أما أمه فهي مضاوي بنت شقير الجلالي والدها شقير وأخوها ناصر يرد ذكرهما كثيرا في وثائق الرس ضمن كتابات الشيخ قرناس وأبنائه.  
مشايخه: وأول معلم له والده ثم المشايخ الموجودين بالرس حيث أخذ عنهم العلم الشرعي في بدايته، ثم درس على أخيه الشيخ محمد بن قرناس بالرس، ثم قرأ على الشيخ محمد بن عمر بن سليم والشيخ محمد بن عبدالله بن سليم ثم الشيخ علي بن محمد بن علي آل محمد قاضي عنيزة، وعلى تلميذ والده الشيخ سليمان بن علي بن مقبل وعلى الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الخليفي والشيخ علي ابن محمد بن راشد حتى أدرك وحصّل من العلوم الشيء الكثير خاصة في الفقه حتى عدّوه من كبار فقهاء القصيم لغزارة علمه وثقة الناس به.
أورد الشيخ البسام في علماء نجد نصا للشيخ إبراهيم الضويان يقول فيه(الشيخ صالح بن قرناس ولد عام 1253هـ وابتدأ طلب العلم على أخيه الشيخ محمد في الرس، وأكثر طلبه العلم في عنيزة على الشيخ علي آل محمد قاضي عنيزة وعلى الشيخ علي بن سالم آل جليدان، والشيخ صالح بن عثمان العقيل آل عوف وغيرهم، وقرأ في بريدة على الشيخ سليمان بن مقبل، والشيخ محمد بن عبدالله بن سليم.
ثم رحل إلى الرياض عام 1282هـ وأخذ عن الشيخ عبدالرحمن بن حسن وابنه الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن، والشيخ عبدالرحمن بن بشر والشيخ عبدالعزيز بن صالح بن موسى المرشدي وكان إذ ذاك قاضي الرياض وغيرهم.
تلاميذه: درس على الشيخ صالح بن قرناس تلاميذ كثيرون أشهرهم: الشيخ عبدالله بن محمد بن مانع والشيخ عبدالله بن سليمان بن بليهد والشيخ صالح بن عثمان بن حمد القاضي والشيخ إبراهيم بن محمد الضويان والشيخ محمد بن سليمان البسام والشيخ صالح بن عبدالكريم الصائغ والشيخ علي بن محمد السناني والشيخ عبدالله بن حسين أبا الخيل
علمه وفضله: يقول عنه الشيخ إبراهيم الضويان ( وكان مولعا بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن رجب يستنسخها ويشتريها ما استطاع، ويحب مجالس الوعظ وكانت فتاواه غير محررة وكف بصره آخر حياته واختلط) ويقول الشيخ البسام في علماء نجد (وكان الشيخ صالح كريما سخيا ينفق على حاشيته وضيوفه نفقة الأمراء، ولكنه احتاج في آخر عمره فكان الذين يبرونه ويصلونه هم محمد السليمان البسام ثم ابنه إبراهيم ثم الشيخ صالح القاضي.
ويقول القاضي صاحب روضة الناظرين في بداية ترجمته عن فضله (هو العالم الجليل والفقيه المتبحر الورع الزاهد) ويقول (حفظ القرآن الكريم على يد أخيه محمد ودارسه زمنا ولازمه في طلب العلم حتى مات وهو من أبرز من تلقى العلم عنه لأنه لازمه في ليله ونهاره في جلساته كلها وحفظ المتون عليه).
كما يقول (كانت عمتي تثني عليه بكثرة عبادته وتلاوته وتدبره وإحيائه الليل وتقول كان لسانه رطبا بذكر الله وكان مجدا في طلب العلم وأدرك في الفقه والحديث وأصول الدين إدراكا جيدا وكان مكبا على كتب ابن تيمية وابن القيم حتى كانت صبوحه وغبوقه ودرس الطلبة بعنيزة وبريدة والرس وكان حسن التعليم وله تلاميذ لا حصر لعددهم).
ويقول القاضي عنه ( كان سخيا يؤثر على نفسه عطوفا على الفقراء والمحاويج أبلى بلاء حسنا سنة الجوع عام سبع وعشرين مع قلة ذات يده كان آية في التواضع وحسن الخلق والاستقامة في الدين وكان إمام وخطيب الجوامع التي زاول أعمال القضاء فيها وكان قوي الفهم حاضر البديهة ومرجعا في التوثيق، وكان القضاة يرجعون في حساب التركات إليه، وكان إمام جامع الرس المعروف حتى الآن بهم وكان يرشد ويعض أدبار الصلوات ولمواعظه وقع في القلوب وله مكانة مرموقة وكلمة نافذة) وكان يملك مكتبة كبيرة في الرس تعتبر من المكتبات الأثرية وتحتوي على مراجع كثيرة ومخطوطات ومطبوعات نادرة وقد تلفت عن آخرها في منزله الذي انهدم عام 1376هـ من أثر السيول التي جرفت المنزل.
أما وصفه فقال عنه القاضي (كان أسمر اللون ضخما مربوعا لا يُرى الغضب في وجهه طلق الوجه مجالسه ممتعة ومحادثاته شيّقة)       
أعماله: تولى الشيخ صالح قضاء الرس بعد وفاة أخيه الشيخ محمد ابن قرناس من عام 1275هـ حتى عام 1330هـ أي كانت مدة قضائه في الرس خمسة وخمسين عاما، وفي خلال مدة قضاء الرس تولى قضاء عنيزة مرتين الأولى لمدة سبعة أشهر ـ ويقول القاضي في الموسوعة مدة تسعة شهور ـ بعد وفاة قاضيها الشيخ عبدالعزيز بن محمد المانع عام 1307هـ وعندما قامت معركة المليداء عام 1308هـ واستولى محمد بن رشيد على القصيم عين في قضاء عنيزة الشيخ عبدالله بن عائض، والثانية عام 1317هـ وقيل عام 1318هـ لمدة عام واحد وكان خلالهما يتردد بين البلدتين للقضاء. كما تولى خلالها قضاء بريدة مرتين أيضا أحدها في أول ولاية عبدالعزيز بن رشيد على القصيم عام 1318هـ عينه قاضيا في بريدة بعد أن عزل الشيخ محمد بن عبدالله ابن سليم مع بقائه في قضاء الرس، وكان الشيخ صالح بن قرناس عندما يسافر إلى بريدة للقضاء ينيب عنه في الرس تلميذه الشيخ إبراهيم بن محمد الضويان صاحب منار السبيل والكاتب المعروف بالرس.
وعندما كبر كف بصره وتوالت عليه الأمراض قدّم استقالته ثم أرهقته الشيخوخة فتجرد لعبادة ربه ولازم المسجد والتلاوة والذكر.
كتابته: كان الشيخ صالح بن قرناس يكتب الوثائق وكان ثقة بل كان هو القاضي المشهور في القصيم كلها، ويوجد مجموعة كثيرة من الوثائق في الرس بعضها من خطه وبعضها ذكر اسمه فيها شاهدا أو معرّفا كما كان من أصحاب المداينات مع المزارعين وغيرهم وكان يشتري الآبار والمزارع في الرس ويؤجرها على من يزرعها، كما كان يكتب الأوقاف والعقود والأنكحة، وكان يملي على تلميذه الشيخ الكاتب إبراهيم الضويان ويوثق ذلك بالشهود العدول.
ومن تعاملاته في ذلك نقتطف ما يلي:
1ـ ولّى حمد بن عبدالله بن مكفوت على بيت جده حمد الرشيد الخياط الوقف الكائن في الرس عام 1306هـ.
2ـ نقل من خط والده الشيخ قرناس وثيقة قسمة بقعة الرسيس المعروفة بشهادة محمد الدعيجي، ونقل الوثيقة من خط الشيخ صالح الكاتب رميح بن سليمان الرميح.
3ـ أجر أولاد عبدالله بن محمد بن مكفوت عبدالرحمن وحمد البئر وقف أبيهم المسماة الحسينية مائة سنة كل سنة ريالين بشهادة محمد بن عبدالمحسن بن صيخان وحسين بن عايد المصطور ومحمد بن حمود بن دغيم، وكتبها بخطه عام 1293هـ.
4ـ اشترى من منصور بن إبراهيم العواجي القليب المعروفة بالقوعي بمبلغ ستة عشر ريالا مقبوضات بمجلس العقد بشهادة صالح بن محمد الحريقي وعبدالرحمن بن راشد البلي وصالح بن محمد الضويان وحمد الدعيجي.بخط الكاتب الشيخ إبراهيم بن محمد الضويان.
5ـ كتب هبة أخته خديجة بنت قرناس لأخيها محمد بن قرناس نصيبها من بئر أبيها النغيمشية بشهادة محمد بن صالح الشبلي وسليمان العقل وحمد الزعاقي بتاريخ السابع عشر من ربيع الآخر عام 1274هـ.
6ـ كتب تزكية وتعريف للكاتب رميح بن سليمان على خطه في بيع دار محمد المنصور بن عوض على محمد بن عبدالرحمن المزيني عام 1306هـ هذا نصّه (الخط المزبور أعلاه خط من سمى نفسه الأخ رميح بن سلميان أعرفه كما أعرف شخصه وهو إذ ذاك أهل لما صدر منه عدل مقبول الشهادة معمول بخطه والشهود المذكورون عدول قال ذلك كاتبه الفقير إلى الله صالح ابن قرناس).
هذه نماذج من كتابة الشيخ صالح بن قرناس وهي بعض من الوثائق التي كتبها أو شهد عليها أو عرّف بها.
وكان يبدأ كتابته بالبسملة كاملة ويختمها بالتاريخ باليوم والشهر والسنة.وينهي الوثيقة بقوله (أنا الفقير إلى الله) ويختمها بختمه.
أبناؤه: يوجد لديّ ورقة تتضمن إثبات وفاة الشيخ صالح بن قرناس وإحصاء ورثته وعددهم ثلاث زوجات وأبناؤه ثلاثة بنين وسبع بنات وهم كما يلي: الزوجة الأولى: نورة محمد الخليفة ومنها: محمد وعبدالله وفاطمة وزينب ومضاوي وموضي. أما عبدالله فكان إماما وواعظا في مسجد قرية ضرية جنوب الرس، والثانية: نورة الفواز ومنها: خديجة زوجة عقيّل. والثالثة نورة بنت فوزان ومنها: إبراهيم وحصة ورقية. أما الزوجة الرابعة فقد ذكرها تلميذه الشيخ صالح بن عثمان القاضي صاحب روضة الناظرين وهي عمته لولوة العثمان القاضي وأنجبت منه ولدا اسمه قرناس وتوفيت عام 1376هـ أما البسام فقد ذكر بأنها لم تنجب منه أحدا ويبدو بأن هذا الابن توفي صغيرا حيث لم يرد له ذكر في وثائق والده.
وفاته: توفي الشيخ صالح بن قرناس في بلدته الرس في اليوم الخامس من شهر ذي الحجه عام 1336هـ فكان لمصابه أكبر الأثر في نفوس ذويه والناس ممن يعرفه وصلى عليه تلميذه الشيخ إبراهيم الضويان في جامع الرس رحم الله الشيخ صالح وأسكنه فسيح جناته وجمعنا وإياه ووالدينا مع عباده الصالحين.
كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل ـ الرس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق