عبدالله بن سليمان السلومي
1345 ــ 1434هـ
هو الشيخ عبدالله بن سليمان بن ناصر السلومي.
والسلومي ـ كما ذكر لي ابنه الأخ الدكتور محمد ـ هو سليمان بن محمد بن هويشان من آل منيع من آل مشرّف من آل وهيب (الوهبة) من تميم. قدم جدهم من أشيقر مع جد الخليفة ليستقروا في الشنانة بعد شرائها من آل غيلان.
ولد الشيخ عبدالله في بلدة الشنانة قرب الرس عام 1345هـ ويسميه أهلها (المطوع) على عادة أهل نجد في تسمية إمام المسجد والواعظ مطوعا. وأبوه هو: سليمان بن ناصر السلومي ـ سبق الترجمة له ـ مطوع الشنانة. وكان يعمل في بلدته في الزراعة والحرث وتسويق التمور والمحاصيل الزراعية. وعاش مع أقرانه بين أهله وأصحابه في بلدته الشنانة. وكان يشارك أهلها في بناء مسجدها ومدرستها من الطين بأجرة قليلة تسد حاجته وأبنائه.
سافر الشيخ عبدالله عام 1368هـ مع بعض أقرانه إلى الظهران لطلب الرزق والعمل لدى شركة ارامكو ولكنه عاد بعد أشهر قليلة إلى بلدته بسبب عدم ارتياحه في العمل.
بعدها قام ببناء مسجد البلدة في عام 1371هـ وأصبح إماما ومتطوعا محتسبا فيه. وبعد سنوات قام أخوه صالح مندوب الأوقاف في الرس بتعيينه على وظيفة رسمية، ولكن مصدر الرزق الأهم لديه هو ما يحصل عليه من عمل يده، كالعمل في الزراعة وتوبير النخيل وغيرها.
كما تعلم الشيخ عبدالله من والده العمل على حبك وتجليد المصاحف، وأعمال النجارة وأدوات الزراعة وجني التمور في المزارع المتوفرة في الشنانة. وكان يأخذ أجرته من أصحاب المزارع من التمر والحبوب. وهذا ما كان يقوم به أقرانه.
وأما صفاته: فقد عرف عنه عاش طول عمره بسيطا متواضعا في مأكله ومشربه وملبسه وسائر حياته. وكان يستمتع بالبساطة في الإنفاق والحياة. كما كان قوي الإرادة وشديد العزيمة في عمل الخير والكد من أجل الحياة السعيدة. قال عنه صاحبه محمد الشيباني(مطوعنا السلومي يدوّر عن التعب) وقال عنه الشيخ عبدالله الجلالي(إنه لا تستعظم أي أمر من الأمور وكلمته المعروفة دائما "هذا الأمر سهل لا إشكال فيه" فقد عهدت فيه هذا الأمر يتكرر في كل مناسبة حتى لو كان الأمر صعبا) وكان يحب التواضع في الإنفاق كما كان يقوم على توفير حاجات بيته بيده.
وكان يقوم بالإصلاح بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. عطوفا على الأطفال والشيوخ محبا للخير منفقا له. وكان متواضعا لا يحب الشهرة أو الجاه أو السلطة أو كثرة المال. ومن أقواله (الناس يطلبون زيادة المال للسعادة، ويسعون للمال لها بأكثر من احتياجاتهم، والسعادة الحقيقية تتحقق في التخفف من المال كفانا الله شره) كما أنه يفرح بزيارة الناس له في مجلسه ويسعد بهم.
ومن الأعمال التي يقوم بها: كان يقوم ببناء منازل الطين مع جماعة قريته ويشجعهم عليه. وكان يصاب ببعض الحوادث مثل السقوط من السيارة أو من أعلى النخلة فينجيه الله فيصبر ويحتسب الأجر من الله, كما كان يقوم بعمل مفاتيح الخشب القديمة للأبواب، ويعمل ألواحا من الخشب لحمل المصاحف في المسجد. ويعمل النعش المخصص لحمل الموتى، كما كان يقوم بحفر القبور تبرعا من أجل طلب الأجر من الله. كما كان حكيما حليما له شهرة في الرقية الشرعية بالقرآن بدون أجر.
ومن أعماله المعروفة أنه يكتب الوثائق والمكاتبات بخط يده، وكان على ثقة من الناس يحبونه ويجلونه ويثقون به وبخطة. ومن الوثائق المحفوظة لديه ما أورده ابنه الدكتور محمد ما يلي:
كتب توكيل عبدالرحمن بن ناصر البلاّع للمطوع له على تأجير ملكه في بلدة البلاّعية على من يراه وهذا يدل على ثقته به، كتبها بتاريخ:4/7/1374هـ.
وكتب وثيقة دين علي بن ناصر الخليوي الكائن في ذمة صالح العوفي وأبنائه محمد وعبدالله بتاريخ:25/5/1384هـ.
وكتب وثيقة تفويض جاره عبدالله بن محمد الخليفة للمطوع السلومي بوضع قيمة منزل والدهم المباع على مشروع المسجد.
يقول عنه الشيخ فريح العقلا (الشيخ رجل زاهد في الدنيا مع أن زهده ليس من قلّة ولكنه يتمتع بها تمتع الصالحين)
ويقول عنه الشيخ عبدالله الجلالي (يندر أن ترى مثله في العبادة كما عهدته، ففي السفر ينام الناس وهو راكع ساجد في جوف الليل ولربما هذا ديدنه في أهله فهو سريع النوم سريع اليقظة، فارغ قلبه من هموم الدنيا ومطالبها، لم أره يوما يفكر فيها).
ويقول عنه محمد المجاهد الخليفة (وهو رجل مبارك مع قلة ذات اليد يحسبه الجاهل من أغنى الناس فهو ـ حفظه الله ـ يتصف بالكرم سجية بدون تكلف).
وقال عنه الشيخ الحزابي أحد جيرانه (إن الشيخ السلومي لا يحب الإسراف والتكلف في الولائم، يأمر الناس بالحفاظ على النعمة وصيانتها ويغضب إذا رأى على الأرض نعمة ملقاة فتعرف ذلك في وجهه وتصرفاته ومن خلال رفع صوته بقوله: لا حول ولا قوة إلا بالله).
وقال فيه الشيخ عبدالعزيز اليحيى أبياتا يمدحه فيها عندما زاره بعد غيبة ورأى تغير حالته الصحية نذكر منها:
زرت الصديق الذي في القلب سكناه أبا سليمان بالتقوى عرفناه
يمشي الهوينا فهاج القلب من شجن لما تدانت خطاه قلت أواه
أين النشاط الذي قد كنت أعهده أمسى ضعيفا بطيئا عند ممشاه
نعم الصديق الذي كانت سجيته خوف المعاد وتعظيما لمولاه
نشا على الخير في أحضان والده على العقيدة والتحقيق ربّاه
شيخ وقور حيي ذو مناصحة طلق المحيا إذا ما الضيف وافاه
كان حفظه الله كثيرا ما يردد أبياتا من الشعر في الزهد والحكمة منها:
إن لله عبادا فطنا طلّقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحيّ وطنا
جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
زمنها هذه الأبيات التي تنسب للإمام الشافعي:
وما هي إلاّ جيفة مستحيلة عليها كلاب هممن اجتذابها
فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها وان تجتذبها نازعتك كلابها
والشيخ عبدالله أصيب بمرض السكري وتضاعف عليه المرض في منتصف عام 1432هـ. وبعدها توقف عن إمامة المصلين, ثم زاد عليه المرض مع فقد الذاكرة. حتى توفي يوم:2/8/1434هـ غفر الله له وأسكنه الجنة مع الصالحين.
كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل. الرس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق