[ الترويـــــــــح]
مجالاتـه ـ وأهدافـــه ، ودور بيوت الشباب في تحقيقها.
بحث أعده:
عبد الله بن صالح العقيل .
.
[ الترويـــــــــح]
مجالاتـه ـ وأهدافـــه ، ودور بيوت الشباب في تحقيقها.
( تقديـــــم )
إن الترويح المنظم الهادف يعتبر حديث العلاقة بميدان التربية ، لكن جذوره متعمقة مع تأصل في الحياة العاطفية والإجتماعية والذهنية لشعوب العالم المتحضر، وإن معرفة النشاط الترويحي للشعوب يعبر عن المظاهر الإجتماعية والثقافية والعاطفية والنفسية لتلك الشعوب .
ولقد كان النشاط الترويحي في الدول التي تحت الإستعمار في العالم مرتبط بأفكار وخطط الدول التي تستعمرها ، وهي التي تسيطر على أنشطتها وبرامجها، حتى إذا ماانتهى الإستعمار إنتبهت تلك الدول من غفلتها وأخذت تخطط لنفسها ولشبابها .
ومايزال الترويح غير مفهوم ، وغير محدد الأهداف وغير معروف النتائج ، خاصة لدى الدول النامية والفقيرة، ولم يعرف أهميته في تجديد النشاط والحيوية لأفراد المجتمع في عالم مليء بالحوادث والتيارات الهدامة والقلق والمصاعب.
كما أن للترويح أهمية داخل المجتمع في دفع عجلة النهضة الصناعية الحديثة التي أصبحت حديث الدول الكبيرة ، وله أهمية في حل كثير من المشكلات التي تهيمن على سلوك أفراد المجتمع مثل : شغل أوقات الفراغ لدى الشباب وارتفاع دخل الفرد والتحول إلى الصناعة .
وسوف نحاول في ثنايا هذا البحث أن نبين أهمية النشاط الترويحي للشباب ، ودوره في حل مشكلاتهم ، وإثراء أوقات الفراغ ، وكذلك أهدافه ومجالاته ، ودور بيوت الشباب بالمملكة نحوه .
أرجو الله أن يوفق القائمين على هذه الأنشطة ، وأن يأخذ بأيديهم لما فيه النفع للشباب بالمملكة . وأن يسدد على الخير خطاهم . وأسأله التوفيق والعون .
عبد الله بن صالح العقيل ـ الرس
(1) مفهوم الترويــح:
مصطلح الترويح مشتق من أصل لاتيني هو كلمة ( Recreatio ) استخدمت تلك الكلمة في البداية لتعريف النشاط الإنساني الذي يختاره الفرد بدافع شخصي ، ويكون له دور في تنشيط الفرد ليقوم بالنشاط الحركي والعقلي المطلوب منه .
يقول العالم ( كراوس ) [ إنه نشاط وخبرة وحالة انفعالية تطرأ على الفرد نتيجة لممارسته لأنشطة الفراغ من خلال دافع شخصي ] إذن : هو نشاط ذاتي نابع من الفرد بنفسه دون تدخل من أحد .
ويرى العالم ( بتلر ) [ إنه نوع من النشاط الذي يتم ممارسته في وقت الفراغ، والذي يختاره الفرد بدافع ذاتي ، ويكون من تنائجه اكتساب الفرد لقيم بدنية وخلقية ومعرفية واجتماعية ] .
أما ( جون ديوي ) فيرى أن يستبدل مصطلح الترويح باسم [ التربية الترويحية ] ويرى أن الخبرات المكتسبة من الأنشطة الترويحية تعد خبرات تربوية ، وهي من أهم مظاهر النشاط الإنساني في عصر الصناعة .
(2) خصائص النشاط الترويحــي :
للنشاط الترويحي خصائص تميزه عن غيره من الأنشطة الإنسانية ، أهمها مايلي :
1 ـ الهدف السامي :
ويعني ذلك أن يكون النشاط الترويحي أهدافا سامية ونبيلة مثل : إكساب الفرد مجموعة من المهارات والقيم النبيلة والاتجاهات التربوية ، وتنمية وتطوير شخصية الفرد من النواحي العقلية والعاطفية ، وإكسابه الخبرة المتطورة حتى يتميز بين أفراد المجتمع .
2 ـ الدافع الذاتي :
بمعنى ألا يكون النشاط مفروضا على الفرد بل يقوم هو بإختيار النشاط الذي يناسب فكره وعقله وميوله ، مع المراقبة عن بعد من قبل المشرفين .
3 ـ حرية الإختيار :
بحيث يعطى الفرد الحرية في إختيار النشاط الذي يناسب ميوله العقلية والعاطفية ، بحيث يمارس النشاط عن قناعة منه ، مثل الثقافي والفني والإجتماعي والرياضي .. وغيرها .
4 ـ أن يتم النشاط في أوقات الفراغ:
بحيث ينتهي الفرد من قيود العمل الذي يلبي منه حاجاته الأساسية ، ثم يتفرغ للنشاط الترويحي ، لذا فإن النشاط الترويحي هو أهم أهداف وقت الفراغ .
5 ـ التوازن النفسي :
بحيث يتحقق للفرد التوازن النفسي من خلال النشاط الترويحي ، فإن لكل فرد أعماله الخاصة التي تميزه عن غيره ويؤديها في حياته ، وهي غير كفيلة بإشباع الميول الأخرى للفرد التي تحتاج إلى من يشبعها، لذا يأتي دور النشاط الترويحي لإشباع تلك الميول والأهواء .
6 ـ جلب السرور والمرح :
ولاشك بأن أي نشاط يجب أن يجلب السرور والمرح والسعادة للفرد الذي يمارسه بحيث يكون كل واحد من الأفراد في حالة سارة أثناء ممارسة النشاط .
(3) أهداف النشاط الترويحـي:
يكتسب النشاط الترويحي بين الأنشطة الجماعية أهمية بالغة في تطوير الفرد من جميع النواحي العقلية والعاطفية والحركية والنفسية ، وللنشاط الترويحي أهدافا سامية منها :
1 ــ ترسيخ مفهوم الشريعة الإسلامية في نفوس الشباب ، وتعليمهم القيم الفاضلة والحضارية حتى يتمسكوا بتعاليم القرأن الكريم ، ويحققوا مبدأ الجهاد في سبيل الله وحماية المقدسات والذود عن الأمة والوطن .
2 ــ تأصيل المباديء الوطنية في نفوس الشباب ، وإذكاء حماسهم وتمسكهم بعروبتهم ، والقيم الحضارية للأمة الإسلامية ، والحفاظ على المكاسب الوطنية.
3 ــ إكساب الشباب قدرا كافيا من اللياقة البدنية والكفاءة الحركية ، والاهتمام برياضة الدفاع عن النفس ، وتنمية القدرة على التحمل والجرأة والجلد.
4 ــ غرس الصفات الاجتماعية الحميدة والقدرة على الإسهام في تطوير المجتمع وتقدمه وتطويره وتقدمه وزيادة إنتاجه ، والقدرة على استغلال مقدراته .
5 ــ استثمار أوقات الفراغ لدى الشباب فيما يعود عليهم بالنفع ، وعلى المجتمع بالفائدة والتطوير ، وتحقيق تكامل النمو لديهم والتمتع بهواياتهم التي تعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع .
6 ــ إكساب الشباب أعلى مراتب المهارة الخاصة بالألعاب ، وتنمية التفوق البطولي رياضيا ، والاهتمام بالثقافة العامة .
7 ــ تحقيق سبل النضوج الاجتماعي تمهيدا لبلوغ أعلى مراتب الوعي والسلوك الاجتماعي المستمد من القيم العربية والإسلامية ، حتى يصبحوا مواطنين قادرين على تحمل المسؤولية الفردية والجماعية .
8 ــ تمكين الشباب من ممارسة هواياتهم الرياضية المفضلة في موقع المعسكر الترويحي ،وإشباع طموحاتهم وتحقيق أفضل الممارسات التي تتحدد من خلالها سمات القيادة والريادة في نفوس الشباب .
9 ــ تهيئة الجو المناسب لكي تنمو شخصية الفرد نموا سليما من جميع الجوانب العقلية والجسمية والروحية والخلقية والثقافية والعلمية والاجتماعية والنفسية .
10 ــ تنسيق برامج النشاط الترويحي بحيث تساهم في تحقيق توجيه وإرشاد الشباب ، ومراعاة الأساليب الإنشائية والوقائية والعلاجية في تلك البرامج الترويحية .
11 ــ رعاية المتفوقين من الشباب ليحافظوا على تفوقهم ، ورعاية المتخلفين للأخذ بأيديهم .
(4) أهمية النشاط الترويحــي:
النشاط الترويحي أهم متطلبات عصر التكنولوجيا والصناعة لما له من تأثير من الحد من المشاكل المترتبة عنها ، وقد أكد أكثر الباحثين أهمية تلك العلاقة بينهما، ومن أهم ما يتميز به الترويح في العصور المتأخرة ما يلي :
1 ـ البرامج الترويحية تؤدي إلى الإقلال من حالات التوتر العصبي والملل والاكتئاب النفسي والقلق .
2 ـ التخلص من الآثار المترتبة على حياة الآلة التي يعاني منها الأفراد في هذا العصر.
3 ـ تكوين اتجاهات وعادات رياضية وترويحية لضمان ممارسة الأفراد للأنشطة الرياضية والترويحية ، وأنهما تقفان على نفس المستوى في الأهمية لكل من العمل والنوم والتغذية.
4 ـ إن مزاولة الأفراد للأنشطة الترويحية وسائل للتقليل من التوتر العصبي والنفسي الناتج عن الإرهاق في العمل .
5 ـ إن الأنشطة الترويحية ذات الطابع التنافسي تتيح للفرد التعبير عن ميوله واتجاهاته ، وتشبع حاجاته الاجتماعية والنفسية، ويمكن له أن يعبرعن نفسه من خلال ممارسته لتلك الأنشطة.
6 ـ إن ممارسة الأفراد لتلك الأنشطة الترويحية باستمرار يؤدي إلى أن تكون تلك الأنشطة جزءا من حياتهم اليومية .
7 ـ إن الترويح من العوامل المساعدة على سلامة الصحة النفسية والعقلية .
8 ـ تساعد الأنشطة الترويحية على اكتساب الفرد لبعض الخبرات والمهارات، والأنماط المعرفية ، وتنمية الذوق والموهبة ، وتهيء الفرص للإبداع والابتكار .
(5) ــ أهمية الترويح للأســرة :
إن طبيعة الحياة في العصر الحاضر خاصة في المجتمع الصناعي أدت إلى سيطرة الآلة في العمل ، وهذا بالتالي أدى إلى ظهور البطالة بين أفراد الشعوب في العالم وإلى زيادة أوقات الفراغ التي تضيع بدون فائدة ، كذلك فإن هذا الوضع أدى إلى اتجاه الأفراد إلى دراسة العلوم المتخصصة التي تتسم بالطابع العلمي حيث أن الوضع الصناعي يتطلب ذلك ، كل هذا أدى إلى ضياع مجموعة من أفراد الشعوب خاصة ممن ليس لهم القدرة على دراسة العلوم المتخصصة .
ثم إن توفر فرص العمل للمرأة ، وخروجها إلى الميدان ، وتوفر وسائل الراحة من الآلات الكهربائية والأجهزة الحديثة وتوفر الخدم في المنازل قلل من الأعباء المنزلية على المرأة ، كذلك بالنسبة للرجل فإن تطور الآلات ووسائل الإنتاج وتعديل أنظمة العمل ، أدى إلى وجود حياة رتيبة مملة ، وتوفر المزيد من ساعات الفراغ ، ثم إن تطور المناهج الدراسية وتطوير سبل التقييم للطلاب في آخر الدراسة ، وما سببته وسائل الإعلام الحديثة من برامج ملهية . كل ذلك أدى إلى توفر الوقت الذي يضيع هدرا بين أفراد المجتمع .
لذا وجب على رجال التربية والتعليم السعي لوضع الخطط والبرامج لاستغلال أوقات الفراغ لدى أفراد الأسرة لما له من أهمية كبرى تتمثل في :
1 ـ تحقيق الترابط بين أفراد الأسرة الواحدة ، وتوثيق العلاقة فيما بينهم خاصة في الوقت الحاضر الذي طغت عليه لغة المادة ، التي أدت إلى تفرق الأسر .
1 ـ التقليل من أوقات الفراغ التي تسبب التوتر العصبي الناشيء عن ظروف الحياة العصرية التي كثرت فيها الملهيات .
3 ـ يجعل الأسرة أكثر تفهما واندماجا بين أفرادها في الحياة اليومية ، خاصة في الميول والاتجاهات والنواحي العاطفية .
4 ـ كثرة وتعدد الهوايات بين أفراد الأسرة الواحدة ومدى تأثيرها في تفاهمها وانسجامها ، ثم إن التفاهم يزداد كلما تلاقت الهوايات .
5 ـ إن للمنزل دور هام في تكوين الهوايات المختلفة التي تتميز بالطابع الاجتماعي وإن هذه الهوايات تجعل الأسرة أكثر ترابطا وتفاهمت .
6 ـ للترويح أهمية للأسرة حيث من خلاله تلعب الأسرة دورا هاما في نمو الأطفال وتشكيلهم من الوجهة التربوية ، بحيث يستفيد الأطفال من قضاء وقت الفراغ في اللعب والهوايات ، وهذا يؤدي إلى نموهم واكتسابهم خبرات جديدة .
7 ـ ثم إن الأطفال الذين تكون لديهم الفرص والإمكانات للعب بالألعاب ــ خاصة لدى الأسر الغنية ــ تنمو عقولهم أكثر وأسرع من غيرهم ، ممن لم تتح لهم مثل هذه الفرص وتلك الإمكانات .
(6) دور التعليم نحو الترويح :
وسوف نورد آراء بعض العلماء في دور المدارس التعليمية في ذلك :
يقول ( وليم فونس ) إن المسئولية الأولى للمدارس التعليمية ، هي تقرير العديد من القيم والاتجاهات التي تؤدي إلى إتاحة الفرص لاستثمار أوقات الغراغ ، وإن وظيفة المدارس لا تقتصر على المعرفة فقط بل يجب أن تهتم بجانب ذلك بتنمية القدرات والمهارات للاستفادة منها في استثمار وقت الفراغ .
ويقول (برايتبل) إذا لم يتعلم الأفراد كيفية الاستفادة من وقت الفراغ بالطرق التربوية فلن يتعلموا كيف يحيوا .
ويقول ( باجريت ) إن المقصد من الفراغ هو إتاحة الفرصة للأفراد لتنمية ميولهم وقدراتهم .
ويؤكد ( جون ديوي ) على أن للتعليم مسئولية جادة تتمثل في إعداد المتعلمين للاستمتاع بوقت فراغهم بطريقة بناءة .
أما ( رينولد كارلسون ) فيقول : بأن أهداف التعليم وأهداف الترويح غير منفصلين عن بعضهما حيث يعملان في اتجاه واحد . وهو جعل حياة الأفراد ذات قيمة ومعنى .
ونقول : بأن التعليم والترويح يجب أن يتلازما في أماكن التعليم والتربية ، ويجب أن يبدأ هذا التلازم منذ مرحلة الحضانة ثم الروضة والتمهيدي حتى نصل إلى مراحل التعليم العليا، فإذا كان التعليم يصقل العقل والذهن ويعلم الأخلاق والمُثُل الحميدة فإن الترويح واللعب ينميان القدرات الحركية والذهنية ويكسبان الفرد المهارات والهوايات ، كما ينميان ملكة الإبداع ويعلمان كيفية استغلال أوقات الفراغ بما هو مفيد .
وعلى كل حال يجب على رجال التعليم والتربية الاهتمام بأنشطة وقت الفراغ والترويح من خلال :ـ
* القيام بتوعية التلاميذ بأهمية أنشطة وقت الفراغ والترويح .
* العمل على توفير الإمكانات المناسبة لممارسة تلك الأنشطة .
*مساعدة الطلاب على حسن اختيار الأنشطة المناسبة لميولهم وقدراتهم.
* محاولة الكشف عن ميول الطلاب واستعداداتهم وقدراتهم .
* أن يراعوا أن تكون الأنشطة التي يقضي بها الطلاب وقت فراغهم متنوعة ومتعددة .
* توفير الكتب والمطبوعات في أماكن الترويح لتعويد الطلاب على القراءة والإطلاع .
* الاهتمام بالأنشطة الرياضية والتمارين التي تقوي العقل والجسم .
* تجهيز الملاعب والأدوات والأجهزة الرياضية في أماكن الترويح .
* تنظيم الأنشطة الاجتماعيةوالمهرجانات والحفلات والمعسكرات للطلاب.
* الاهتمام بهوايات الطلاب مثل : الرسم والتصوير والتمثيل والنحت والمهارات الفنية والمهنية .
* الاهتمام بالبرامج التي تقابل احتياجات واهتمامات الفرد .
* إن تعمل البرامج الترويحية على إتاحة الفرصة للاشتراك في تخطيط البرامج وإبداء الرأي .
* أن تتلاءم برامج الترويح مع طبيعة المجتمع والبرامج والإمكانات المتاحة .
(7) تنفيذ البرنامج الترويحي :
[ تخطيطـه ــ تنظيمـه ــ إدارتـه ]
لكي يستطيع البرنامج الترويحي تحقيق الأهداف والأغراض المرجوة منه ، لابد أن يكون مبنيا على دراسة مستفيضة من حيث : التخطيط الموضوعي العلمي ، والتنظيم المحكم الجيد ، والإدارة الفعالة الناجحة القادرة على القيادة . وحتى نستطيع أن نحقق تلك الدراسة المثالية المطلوبة في التخطيط والتنظيم والتنفيذ والمتابعة والتقويم فإنه لابد من إتباع خطوات علمية مبنية على أسس تربوية حديثة ومتطورة،وأهم تلك الخطوات ما يلي:ـ
(1) دراسة المجتمع :
عندما يُبنى المجتمع على أسس سليمة قائمة على التخطيط المتقن يستطيع القائمون على ذلك تحديد البرامج الترويحية التي تترجم الفلسفة التي قام عليها بناء هذا المجتمع ، والتي يستطيع المستفيدون من خدمات المجتمع الانسجام معها وتنفيذها والاستفادة منها ، كذلك عندما تكون تلك البرامج ملائمة لحاجات أفراد المجتمع تتحقق الفائدة المرجوة منها . ويجب أن تكون تلك البرامج تم إقرارها طبقا لظروف المجتمع وحاجاته الاجتماعية والسياسية والاجتماعية . بحيث يتم جمع بيانات كاملة عن ما يلي : التعليم والثقافة ، التقدم التقني ، العادات والتقاليد والعقيدة ، مشاكل المجتمع ، حجم أوقات الفراغ ، حاجة المجتمع نحو الترويح وقيمته التربوية .
(2) دراسة الأفراد المستفيدين من البرامج الترويحية :
لابد أن يتم دراسة نفسيات الأفراد الذين هم بحاجة إلى الترويح ، ومقدار تقدمهم الثقافي والصناعي ، وسلامتهم من الأمراض التي تحول دون تنفيذ البرامج ، كذلك دراسة خصائص مراحل نموهم واتجاهاتهم وما يحتاجون له من البرامج ، والكشف عن مستوى استعدادهم للترويح وقدراتهم واتجاهاتهم ، حتى يمكن توجيه كل فرد إلى ما يناسبه من البرامج ، وإتاحة الفرصة له ليختار ما يستطيع ممارسته من مهارات . كذلك مساعدتهم للتلاقي وتكوين جماعات منسجمة مع بعضها البعض .
(3) دراسة الإمكانات المتاحة لتنفيذ الترويح :
ونعني بها الإمكانات المادية التي يمكن من خلالها تمويل برامج الترويح ، وحتى تتهيأ فرص النجاح للترويح لابد من توفير الأموال اللازمة لذلك ، كذلك الإمكانات البشرية القادرة على قيادة برامج الترويح ممن لديها الخبرة الكافية ، مثلها الأدوات والأجهزة والمناهج ووسائل الترويح ، كذلك لابد من التأكد من نوعية تلك الأجهزة وصلاحيتها ، والميزانية التي يتم الصرف منها على تلك البرامج ، والوقت المخصص للترويح ، وعدد الرواد المؤهلين لتنفيذ الترويح .
(4) تحديد الأهداف المراد تحقيقها :
لابد من أن يتم تحديد الأهداف الواضحة للبرامج المراد تنفيذها ، حتى تتحقق الفائدة المرجوة منه ، ومهم جدا تحديدها بوضوح تام يساعد على بناء جميع الجوانب المختلفة ، ويساعد على السير بالترويح على الطريق الصحيح الذي أقر من أجله ، ولا ننسى بأن هذه الأهداف تختلف باختلاف طبيعة كل مجتمع من المجتمعات ونظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع ، سواء زراعي أو عمالي أو تعليمي أو غير ذلك ، ويلزم أن تكون الأهداف محققة لما يلي :
* أن تنبع الأهداف من الفلسفة التربوية للمجتمع ومن حاجاته واتجاهاته.
* أن تكون مناسبة للسن وطبيعة العمل والبيئة .
* أن تتميز بالوضوح وعدم الغموض ، حتى يمكن لها قيادة الترويح إلى الطريق الصحيح .
* ألا تكون تلك الأهداف فرضية ، بل يجب أن تتسم بالواقعية حتى يمكن تحقيقها على ضوء الإمكانات المتاحة .
* يجب أن تهتم بجميع المجالات الرياضية والاجتماعية والصحية والثقافية ..وغيرها.
(5) اختيار الأنشطة المناسبة :
وذلك بأن يتحقق منها ما يلي :
* أن تتناسب مع طبيعة الأفراد واستعداداتهم وقدراتهم ومهاراتهم .
* أن تراعي الفروق الفردية بين أفراد المجتمع .
* أن تتنوع النشاطات بين رياضية وثقافية ومسابقات ومشاركات اجتماعية.. وغيرها.
* أن تتناسب أوجه النشاط مع الإمكانات المتاحة للمجتمع .
* أن يتحقق مبدأ الأمان والسلامة للمشاركين في الترويح من أفراد المجتمع .
* ألا تتعارض الآداب الشرعية ومع العادات والتقاليد للمجتمع .
(6) تنفيذ البرنامج :
بعد أن يتم تحديد الأهداف والدراسات والإمكانات ويتم اختيار الأنشطة المناسبة تأتي مرحلة التنفيذ للبرنامج الترويحي . على أسس سليمة تخدم المجتمع ، وتحقق الانسجام بين أفراده ، وتحل مشاكله ، ويجب من خلال التنفيذ للبرامج أن يتحقق ما يلي :
* أن يساعد الأعضاء بعضهم في بلوغ الأهداف الموضوعة .
* أن يتأثر المشتركون تأثيرا إيجابيا في بعضهم البعض .
* الاهتمام بتنمية شخصيات الأفراد.
* توفير البيئة المناسبة التي تساعد الأفراد على اكتساب القيم المطلوبة .
* أن تكون الفرص متاحة لجميع الأفراد بالتساوي .
* منح الأفراد الفرص اللازمة للإبداع والابتكار .
* توفير الأمن والسلامة لجميع الأفراد .
* توجيه الأفراد أثناء أدائهم لأدوارهم في الترويح لما هو مفيد لهم .
* توفير جو العمل المناسب لجميع الأفراد .
(7) تقويم البرنامج :
يتم قياس جميع الأعمال بخواتيمها ، وكل عمل لابد له من نتائج وتلك النتائج هي الثمار الهامة لتلك الأعمال ، وتقيس مدى نجاح البرامج التي يتم وضعها . والبرنامج الترويحي من البرامج التربوية الهامة في حياة الأمم التي تعمل به جميع المؤسسات التربوية التي تقدم خدمات للشباب .
لذا فإن تقويم البرنامج الترويحي عملية هامة حيث يتمكن القائد الترويحي من معرفة مدى نجاح الخطط التي وضعها لتحقيق الأهداف المرجوة من الترويح , حيث يشمل التقويم جميع الجوانب التي يغطيها الترويح ، ويهتم بكل الوسائل والغايات ، ويحدد مدى الجهد الذي تم بذله لنجاح البرنامج وينبغي أن يسير التقويم مع التنفيذ خطوة بخطوه حتى تنمكن من متابعة البرنامج من بدايته حتى النهاية ، حيث يتم تسجيل النتائج وتحليلها وتفسيرها ومعالجة الخطأ في حينه .
ثم إن التقويم عملية تعاونية يجب أن يشترك فيها جميع العاملين في البرنامج الترويحي من قادة ومشرفين وطلاب ومنفذين لتكتمل منظومة الرأي ، ويجب ألا يغفل رأي لأحد مهما كان صغيرا ، حتى يمنح كل واحد من أعضاء الفريق حرية التفكير والابتكار والتجديد ، وحتى تسود روح المحبة والمودة والتعاون بين أعضاء الفريق الترويحي .
(8) تقويم البرنامج :
وهذه الخطوة هي المحصلة النهائية لأي برنامج يتم تنفيذه ، وبها تتحدد النتائج ويتم رصدها بشكل نهائي حتى تبنى عليها البرامج المزمع تنفيذها في الأعوام القادمة، وهذا التعديل قد يكون في الأهداف ، أو في التنفيذ ، أو زيادة أو تقليل الوقت اللازم لتنفيذ البرنامج ، أو حذف بعض الأنشطة أو إضافة أخرى ، وقد يكون بطلب زيادة في الأموال اللازمة للتنفيذ أو نقصها ، وقد يكون بإبعاد بعض الكفاءات القيادية عن المشاركة في البرامج القادمة ، والكشف عن مواهب جديدة .
(8) الترويح في ظل الشريعة الإسلامية :
إن الدين الإسلامي هو دين الرحمة والرأفة ، وتعاليمه السمحة حددت السلوك الفاضل للمجتمعات ، فما ظل وما خاب من اتخذ الشريعة الإسلامية منهجا ودستور حياة ، ثم إن الدين الإسلامي يدعو دائما إلى التجديد والابتكار والتطوير في سلوك المجتمع المسلم ، من أجل تحقيق الخير والعدل .
وقد اهتمت الشريعة السمحة بجميع الجوانب لشخصية المسلم من جميع النواحي : العاطفية والنفسية والحركية والعقلية والأخلاقية والروحية ودربتها على القيم الفاضلة ، والترويح من الجوانب التي اهتمت بها الشريعة السمحة لغرض بناء وتطوير شخصية الفرد المسلم ، وذلك من جوانب عدة نجملها فيمايلي :
(1) أباح الترويح عن نفس المسلم في أوقات الفراغ فقط ، لأن كل وقت المسلم يجب أن يتسم بالجدية وأن يقضى بالعبادة ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما قال [ روحوا القلوب ساعة بعد ساعة ] .
(2) حرص على استثمار وقت الفراغ والاستفادة منه في ما ينفع المسلم في دينه ودنياه ، وأن يتم توزيع الوقت بين العبادة والعمل الجاد المثمر والترويح عن النفس .
(3) حذر من إضاعة الوقت فيما لا يفيد ، قال الله تعالى في سورة الأعراف {51} [ الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا غرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون] فالترويح في الإسلام وسيلة لغرض تجديد نشاط المسلم وإشباع حاجاته ليتقوى على أداء العبادات .
(4) يشترط الإسلام ألا يطغى وقت الترويح على أوقات العبادة لله تعالى ، ولا على وقت العمل المكلف به الفرد والذي يكسب منه أجرا .
(5) كان الرسول صلى الله عليه وسلم يروح عن نفسه فيما لا يؤثر على وقت العبادة حيث كان يسابق عائشة رضي الله عنها وهي صغيرة ، كما صارع رُكَاَنة في الجاهلية فصرعه الرسول صلى الله عليه وسلم . وكان يشاهد العجم وهم يرقصون وعائشة تتكيء على ظهره . وكان يحمل الحسن والحسين على ظهره وهو يصلي .
(6) وكان الإسلام يبيح الترويح عن النفس بالقول المباح ، حيث جاء رجل إلى النبي فقال له: يا رسول الله احملني ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنّا حاملوك على ولد الناقة . وكان يداعب عجوزا فقال: إن الجنة لا تدخلها عجوز .
(6) وكان الخلفاء الراشدون والصحابة يفعلون ذلك ولا ينسون الوقت الذي يؤدون فيه العبادات المفروضة عليهم .
(7) كان الإسلام يحث على أوجه النشاط والتدريب الرياضي مثل : الرماية، والسباحة ، والفروسية ، والمصارعة ، والعدو .
(8) كذلك كان الإسلام يبيح الاحتفال بالمناسبات السعيدة ، كالأعياد والزواج ، على أن يوافق ما جاءت به الشريعة .
(9) حث على أداء العبادات كالصلاة والصيام والحج ، مما له دور في تقوية المسلم ليكون نشيطا متقويا على العبادة .
(10) حث على الدعوة إلى الله من خلال الأنشطة مثل : المسرح والتمثيليات الهادفة التي تتمشى مع تعاليم الإسلام السمحة ، ومما له صلة بتاريخ المسلمين وحضارتهم .
(9) دور بيوت الشباب بالمملكة في الترويح :
أولت حكومتنا الرشيدة ـ أيدها الله ـ التنمية البشرية عناية كاملة من خلال خطط التنمية الشاملة ، وحرصت على الارتقاء بقدرات وكفاءة الإنسان الفرد بجانب اهتمامها بالتنمية الاقتصادية والعمرانية سواء بسواء باعتبار أن الإنسان هو هدف كل عمليات التنمية ، كما أن الإنسان غاية الدولة ووسيلتها في وقت واحد .
ولذلك تضافرت جهود الكثير من أجهزة الدولة ومؤسساتها لتنفيذ ألوان الرعاية المختلفة التي تشبع حاجات المواطن من النواحي التدريبية والتعليمية والصحية والثقافية والرعاية الاجتماعية وغيرها .
كذلك حظيت الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالملكة بمفهومها الواسع بما تستحقه من دعم الدولة ، وكان من بين أجهزة الرئاسة العامة لرعاية الشباب [ الجمعية العربية السعودية لبيوت الشباب ] التي أخذت على عاتقها تنمية الشباب السعودي ، وتدريبه وتطويره ليكون لبنة صالحة لغرض المشاركة في التنمية الصناعية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها مملكتنا الغالية في ضل رعاية حكومة خادم الحرمين الشريفين ، وتوجيهات سمو الرئيس العام لرعاية الشباب والعاملين المخلصين معه من رجالات المملكة .
وتتركز مجالات الترويح للشباب بالمملكة في أربعة محاور هي : المعسكرات الشبابية المتنوعة، والرحلات والزيارات وتبادل الوفود ، وبرامج الخدمة العامة التطوعية وخدمة البيئة المحلية ، والنشاطات الكشفية والجوالة في بيوت الشباب .
وكان لبيوت الشباب بالمملكة دورا هاما في تحقيق أهداف ومجالات الترويح التي رسمت سياسته الرئاسة العامة لرعاية الشباب ، من أهم خطوات بيوت الشباب في ذلك ما يلي :
(1) تدريب الشباب على الاعتماد على النفس ، وإكسابهم القيم السامية التي هي من سمات ديننا الحنيف .
(2) إشراك الشباب في أنشطة المعسكرات الترويحية المتنوعة التي تحبب إليهم حياة الخلاء والرحلات البرية .
(3) تعميق حب العمل اليدوي والحرفي لدى الشباب من خلال إشراكهم في المعسكرات الترويحية ، والمعارض الفنية التي تكشف ما لديهم من إبداع ومهارات .
(4) إشراك الشباب في المساهمة في تحقيق التنمية الشاملة التي تعيشها المملكة من خلال تنمية المجتمع السعودي النبيل ، وتنظيم العطاء للوطن وفاءا وعرفانا بما هيأه لهم من فرص العمل المختلفة وأصناف الرعاية الشاملة .
(5) تعريف الشباب على معالم النهضة الشاملة التي تعيشها مملكتنا الغالية من خلال برامج الترويح المتنوعة .
(6) تبادل الرحلات الترويحية بين شباب المملكة وشباب العالم من خلال الزيارات التي يقوم بها الشباب ، وإتاحة الفرصة لهم لتبادل الخبرات .
(7) تحفيز الشباب ـ من خلال الزيارات الميدانية ـ للمشاركة في دراسة مشكلات البيئة المحلية ، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة للمحافظة عليها .
(8) إشراك الشباب في برامج خدمة البيئة والخدمات التطوعية العامة في جميع المجالات .
(9) تأصيل المباديء الوطنية في نفوس الشباب وإذكاء حماسهم وتمسكهم بعروبتهم والقيم الحضارية للأمة الإسلامية ، والمحافظة على المكاسب الوطنية .
(10) إكساب الشباب من خلال الأنشطة الترويحية قدرا كافيا من اللياقة البدنية والكفاءة الحركية .
(11) الاهتمام برياضة الدفاع عن النفس ، وتنمية القدرة على التحمل والجرأة والجلد .
(12) لاستثمار أوقات الفراغ لدى الشباب من خلال إشراكهم في الأنشطة الترويحية وتنميته فيما يعينهم على تكامل نموهم ، والتمتع بهواياتهم التي تعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع والفائدة .
(13) تحقيق أعلى سبل النضوج الاجتماعي للشباب لغرض بلوغ أعلى مراتب الوعي والسلوك المستمد من هدى الشريعة الإسلامية السمحة، وذلك من خلال الأنشطة الترويحية التي تنظمها بيوت الشباب .
(14) ترغيب الشباب للعمل التطوعي داخل المجتمع من خلال الأنشطة الترويحية ، وإكسابهم الخبرات القيادية حتى يصبحوا قادة يعتمد عليهم .
هذه بعض مظاهر دور بيوت الشباب في تحقيق أهداف الترويح بالمملكة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
=========================
المراجــــع
(1) الترويح فن وريادة ـ تأليف هـ . دان كوربن ـ ترجمة سعيد حشمت والدكتور حلمي إبراهيم ـ مكتبة النهضةالمصرية ـ يونيو 1964 .
(2) الترويح وأوقات الفراغ في المجتمع المعاصر ـ تأليف د. كمال درويش ود.محمد الحماحمي ـ مكة المكرمة 1406 .
(3) كتاب التربية والرياضة والشباب ـ محاضرة للأستاذ عبد العزيز محمد الربيع ـ من مطبوعات المكتب الرئيسي لرعاية الشباب بحائل ـ 1399/ 1400 .
(4) الدليل السنوي لبيوت الشباب بالمملكة ـ لعام 1416/1417.
(5) النشاطات الاجتماعية للشباب ـ منصوربن عبدالعزيز الخضيري ـ الرياض 1414 .
(6) إنجازات الرئاسة العامة لرعاية الشباب ـ لعام 1412 . إعداد فهد بن محمد الباني .
(7) نشاطات مكتب جيزان ـ موسم عام 1412 .
(8) بحث ميداني عن : أفضل الطرق لشغل أوقات الطلاب ـ إعداد مشرفي النشاط بمنطقة الرس التعليمية ـ لعام 1404 .
(9) العمل مع المتطوعين ـ ترجمة زهيان حنا بخيت ـ ط2ـ 1977ــ مؤسسة فرانكلين .
(10) خبرات ومهارات لدى الباحث من خلال إشرافه على الأنشطة اللامنهجية في مجال عمله.
================
الفهـــرس
الموضــــوع الصفحة
1ـ تقديـم . 1
2ـ مفهوم الترويح. 2
3ـ خصائص النشاط الترويحي. 2
4ـ أهداف النشاط الترويحي . 4
5ـ أهمية النشاط الترويحي . 6
6ـ أهمية الترويح للأسـرة . 7
7ـ دور التعليم نحو الترويح . 8
8ـ تنفيذ البرنامج الترويحي . 11
9ـ الترويح في ظل الشريعة الإسلاميـة . 15
10ـ دور بيوت الشباب بالمملكة في الترويـح . 17
11ـ المراجـع . 21
12 ـ الفهـرس . 22
===============
الخاتمه فين
ردحذف