بلدة الشنانة بالرس في
عيون الكتّاب:
# كتاب
(المملكة العربية السعودية في القرن التاسع عشر الميلادي) ريتشارد بايلي واينجر.
راجعه وعلق عليه د فهد بن عبدالله السماري. دارة الملك عبدالعزيز بالرياض. ط1
1434هـ. قال:
خورشيد
يتقدم نحو الشنانة:
وفي (ص
240) في حديثه عن توجه خورشيد نحو الشنانة, قال (وفي يونيو عام 1840م ربيع الآخر
1256هـ غادر خورشيد قاعدته في ثرمدا مع بعض قواته إلى عين ابن قنور, وهناك أمر أن
تنظم إليه حاميتان في شقراء والزلفي, وعندما وصلت إليه هذه الحاميات توجه إلى
الشنانة على حافة القصيم الغربية وتبعد حوالي خمسة أميال إلى الجنوب الغربي من
الرس, وهناك أمر البدو من حوله ومعظمهم من قبيلة حرب بتزويده بإبل إضافية حتى
يتمكن من أن يرسل بطلب قواته التي لا تزال موجودة في ثرمدا, وقد وصلت هذه القوات
إلى الشنانة عام 1840م جمادى الأولى 1256هـ).
# تاريخ الفاخري. محمد بن عبدالله بن محمد بن عمر الفاخري (1186ـ1277هـ)
(الخزانة ج 3) قال:
طوسون يحاصر أهل الرس في الشنانة:
ـ قال الفاخري (3/123) (فسار عسكر الترك فنزلوا الشبيبة فأقاموا
أياما. ثم رجعوا إلى الرس, وقد ندم بعض أهله وانحازوا إلى قلعة الشنانة فحاصرهم
الترك ورموهم بالقنابر, ولم يدركوا منهم شيئا, وسار عبدالله حتى نزل الحجناوي
وتهيأ للقتال وأقام بها شهرا, وقد قدم مدد للترك مع ابن نابرت فأحبوا الصلح
فتصالحوا على وضع الحرب, وأنه لم يكن لعبدالله ولاية على الحرمين وأعمالهما وما
بينهما من الحاضرة والبادية, وأن كلا يحج ولا يخاف. وكتبوا بذلك سجلا وسار به معهم
عبدالله بن محمد بن بنيان وعبدالعزيز بن حمد بن إبراهيم لتقرير الصلح وإجازته على
يد محمد علي. وكان مسيرهم من الرس في أول شعبان) أ.هـ.
أقول: الذين يرون مجابهة طوسون بالحرب من أهل الرس لم يكونوا راضين
عن رأي الأغلبية بالتسليم. ولما لم يجد رأيهم قبولا من غيرهم خرجوا إلى الشنانة
وتحصنوا في قلعتها (المرقب الموجود حاليا) فأغار عليهم مجموعة من جنود طوسون
وحاصروهم ورموهم بالقنابر رميا هائلا ولكنهم لم ينالوا منهم شيئا وعاد الترك إلى
الرس بعد أن فشلت مهمتهم.
# وقال إبراهيم بن ضويان في تاريخه (الخزانة 3/185) في أحداث سنة
1230هـ:
نزول خورشيد باشا في الشنانة:
ـ كما قال إبراهيم بن ضويان في تاريخه (3/190) في أحداث سنة 1255هـ:
(ونزل خورشيد ثرمدا ثم نزل السر ثم عنيزة, وبلغه خبر موت السلطان
محمود وتسلطن ابن عبدالحميد وهو فيها. ثم رحل من عنيزة ونزل قرية الشنانة قرب الرس
شهرا. ثم رحل إلى المدينة ثم إلى مصر, وهو آخر مسير مصر على نجد) أ.هـ.
أقول: من خلال القراءات يلاحظ بأن الشنانة كانت مسرحا للعمليات
الحربية ابتداء من غارة طوسون باشا عام 1230هـ عندما وصل طوسون باشا إلى الرس
موفدا من والده محمد علي باشا, ثم اختلف أهل الرس في التصدي لطوسون وجنوده مجموعة
منهم يرون عدم التسليم له ومحاربته والبعض الآخر يرون التسليم وليس الحرب لأن
البلدة حينها لم تكن محاطة بسور يحميها من الترك, كما أن أهل الرس ليس لديهم معرفة
ودراية بالحرب وفنونها فخافوا على أنفسهم من الموت وأعراضهم من الانتهاك وبلدتهم
من التدمير. فأما الذين يرون حرب طوسون فقد خرجوا إلى الشنانة فأرسل طوسون إليهم
سرية لقتالهم ولكنهم لم ينالوا منهم. وبعد تلك الحادثة صارت الشنانة مقصدا للجيوش
وللقادة آخرهم عبدالعزيز بن رشيد في معركة وادي الرمة المشهورة. كما أنها كانت
بلدة مشهورة بالزراعة خاصة النخيل لتوفر الماء في آبارها الكثيرة. والجيوش عادة تحتاج
بصفة دائمة للماء والزرع من أجل سقاية أفراد الجيش والحيوانات التي تنقل الأمتعة
وهذه تتوفر في الشنانة.
# (تاريخ ابن دعيج) أحمد بن علي بن دعيج.
وهو أرجوزة تاريخية وصف بها أحداث حملة إبراهيم باشا على نجد. وسقوط الدرعية وما
نتج عن ذلك. اعتنى بها/ سليمان بن صالح الخراشي. روافد للطباعة والنشر والتوزيع/
الطبعة الأولى/ 1429هـ. قال:
إبراهيم باشا في الشنانة:
قال ابن دعيج مكملا (دخلت الحملة أثناء تقدمها إلى الرس بلدة
الشنانة, التي كانت خاوية تقريبا من سكانها. بعد أن نقل عبدالله بن سعود القادرين
من أهلها على حمل السلاح إلى الرس لتعزيز القوات الموجودة فيها. في حين نقل الشيوخ
والنساء والأطفال والماشية إلى الوشم, وقام بردم آبارها حتى لا تستفيد منها القوات
المعادية, وكانت القوات المصرية قد أُنهكت أثناء سيرها, لذلك أقامت عدة أيام في
هذه البلدة لأخذ قسط من الراحة قبل مواصلة السير إلى الرس, وبعد فترة الراحة في
الشنانة تحركت الحملة يتقدمها إبراهيم باشا في خمسمائة فارس من رجاله. وقبيل
وصولهم إلى الرس قام إبراهيم باشا بمن معه بعملية استطلاعية لمراقبة الوضع ومعرفة
المكان قبل تقدم جيشه, ولكنه واجه مفرزة من جنود الحامية السعودية في الرس واشتبك
معها, وقد قتل اثنان من رجاله وجرح خمسة, وفي اليوم التالي صدرت أوامره بالتحرك
إلى الرس وضرب الحصار حولها).
أقول: إذا كان صحيحا أن عبدالله بن سعود قد أخلى الشنانة من سكانها
وردم كل آبارها فماذا سوف يجد إبراهيم في هذه البلدة وهذه حالها. كما أنه سوف لن
يجد أحدا من البشر يتصدى له أو يعتدي عليه في تلك البلدة المنكوبة مادام أنه يقصد
الراحة وبعد أن أجلى ابن سعود سكانها.
# كتاب/ مطالع السعود في تاريخ نجد وآل سعود. مقبل بن عبدالعزيز
الذكير (الخزانة ج 7).
قطعة الشنانة:
ـ قال عن عبدالعزيز بن رشيد (وسار ونزل الشنانة في 16 جمادى الأولى
فقطع جميع نخيلها, وهدم بيوتها وتركها قاعا صفصفا).
وأقول: هذه التي تسمى (قطعة الشنانة) وهي عندما وصل ابن رشيد إلى
الشنانة قطع نخيلها وعذّب أهلها وقتل منهم بعض الرجال انتقاما.
ورد في كتاب (صفحات مطوية من تاريخنا الشعبي) روايات المواطن محمد بن
سليمان الصويان. نقله عبدالرحمن بن عبدالعزيز الصويان. أحاديث شاهد عيان من بلدة الشنانة
حضر دخول ابن رشيد للبلدة, كما حضر تعذيب بعض أهلها وقتل ابن بلاّع أمام أسرته
وأقاربه.
وقائع الحجناوي والقوعي والشنانة:
ـ وقال المؤرخ مقبل بن عبدالعزيز الذكير (7/397) عن وقعة الحجناوي
والقوعي سنة 1322هـ:
(شدّ ابن رشيد في الشنانة في 17 رجب تحت ضغط البادية وكان البادية قد
ارتحلوا قبله, وعندما شدّ ابن رشيد ومشى هجم عليه ابن سعود فتصادموا وتقارعوا من
طلوع الشمس إلى غروبها, وكان قصد ابن سعود بهذا الهجوم أن يحول دون ابن رشيد
اللحاق بشمر, فشاغله إلى الليل ونصب ابن رشيد خيامه للمبيت ليوهم ابن سعود أنه
سيبيت في مكانه, فانخدع ابن سعود بذلك ورجع إلى مخيّمه وأقام حرّاسا يراقبون حركات
ابن رشيد.
عندما علم ابن رشيد برجوع ابن سعود شرع يتأهب للرحيل, فانطلق أحد
الحرّاس وأخبر ابن سعود أن ابن رشيد قد رحل, وسارعوا إلى الخيل يتعقبون ابن رشيد,
فلما قربوا منه رأوا سوادا فأغاروا عليها, فإذا هي عسكر الترك فنازلوهم ساعة, فصمد
لهم الترك وصدوهم. فرجع ابن سعود إلى مخيّمه دون نتيجة, ولكنه ترك حراسا وكشافة.
في مكان قريب من منزل ابن رشيد, وقال لهم: إذا رحل إن كان صار طريقه على الحنف:
وهو درب بين جبلي أبانات. فاتبعوه لتكونوا عالمين بمسيره, وأرسلوا لي واحدا منكم
يخبرني. أما إن مشى إلى قصر ابن عقيّل فعليكم أن تسبقوه إليه لتشجعوا أهله,
وتخبروهم إني على أثركم ليشتد ساعدهم).
# وتحدث المؤرخ صالح بن عثمان القاضي في تاريخه (8/15) فقال في أحداث
سنة 1196هـ متحدثا عن معركة وادي الرمة فقال:
معركة وادي الرمة:
قال في (8/22) (وفي يوم الخميس تاسع وعشرين من ربيع الآخر من تلك
السنة 1322هـ التقى ابن سعود وابن رشيد في البكيرية واقتتلوا قتالا شديدا وقتل من
الفريقين خلائق كثيرة.....وعدد كثير من العسكر, ثم ارتحل ابن رشيد بعد ذلك من
الشنانة ونزلها وقطع نخيلها, ونزل ابن سعود وأهل القصيم الرس, فلما كان اليوم
الثامن عشر من رجب سار بعضهم إلى بعض واقتتلوا عند قصر ابن عقيّل وانهزم ابن
رشيد)أ.هـ.
# كما ورد في مجموع في التاريخ النجدي/ابن عيسى (الخزانة 9/153) في
حوادث سنة: 1322هـ في معركة الوادي وأعمال ابن رشيد في القصيم:
قطعة الشنانة:
(وأما ابن رشيد والعسكر
فإنهم ساروا إلى نواحي الرس ونزلوا بلد الشنانة وقصدهم الإيقاع بأهل الرس, فلما
علم عبدالعزيز بن سعود بذلك أرسل أخاه محمد ومعه جملة من أهل عنيزة وبريدة وغيرهم
مددا لأهل الرس, وأما ابن رشيد فإنه قطع نخل الشنانة وهدم بيوتها, وكان نزوله فيها
بتاريخ جمادى الأول تقريبا من السنة المذكورة.
أقول: أي عام 1322هـ وهو عام معركة وادي الرمة.
# أما كتاب (تذكرة أولي النهى والعرفان
بأيام الله الواحد الدّيّان وذكر حوادث الزمان) تأليف إبراهيم بن عبيد آل
عبدالمحسن/ج2/ط1/مؤسسة النور للطباعة والتجليد.
معركة وادي الرمة.
ـ بعد حديثه عن معركة
البكيرية وما جرى فيها من الخطب الفادح كما ذكر. قال المؤلف (ص 25):
ـ (ولما علم ابن رشيد
بزحف ابن سعود إلى البكيرية أهمه أن يهجم عليها وهي مركزه العام للجيش وفيها
ذخائره وعتاده فأرسل إليها سرية كبرى بعدها سرية وسرية حتى أرسل إليها ألفا
وخمسمائة خيال بقيادة سلطان بن حمود بن رشيد فصادموه بخيالة ابن سعود وهي ستمائة
وخمسون عند انفجار الصبح قرب البكيرية فكانت الهزيمة على سلطان بن رشيد وجنوده ثم
دخلها ابن سعود وفتك بحامية ابن رشيد فيها فقتل أكثر رجالها وانهزم الباقون وهربوا
فارين, ثم طاردت الخيل السعودية خيل ابن رشيد حتى أوقفتهم في الخبراء فرحل ابن
رشيد منها إلى الرس فهجموا على بواديه وغنموا عددا كبيرا من الإبل, ثم نزل ابن
رشيد في الشنانة على مسافة ساعة من الرس جنوبا فنزل ابن سعود في الرس, ثم أنه قام
ابن رشيد فنصب مدافعه على الرس وجعل يضربها كما ضربها إبراهيم باشا في طليعة القرن
الماضي. وما أشبه الحالتين فدافع أهل الرس على عادتهم في الشجاعة حتى الرمق الأخير
وثبتوا ثباتا عظيما.
أقول: إن معركة وادي
الرمة هي امتداد لمعركة البكيرية. فبعد هزيمة ابن رشيد في البكيرية وبعد أن فتك
ابن سعود بجنود ابن رشيد خرج ابن رشيد
فارا مرورا بالخبراء حتى وصل إلى الرس ونهب منها إبلا ووصل بلدة الشنانة.
ووجّه مدافعه على الرس وأخذ يضربها فتصدى له أهل الرس كما تصدوا لإبراهيم باشا
قبله. ولقنوا ابن رشيد درسا في الدفاع عن بلدتهم كما كان مع الباشا.
إكمال الحديث عن معركة الوادي:
ثم قال صاحب كتاب تذكرة
أولي النهى: هذا وابن رشيد في الشنانة ولم يكن في غالب هذه المدة بينهما مزاحفة
إنما هو مناوشات بالخيل ومطاردات حتى ملّ الناس من تلك الحال, فقد أنتنت الأمكنة
من جثث القتلى وانتشرت الأمراض الوبائية الفاتكة بين العسكريين, والسيف أعظم فتكا
من تلك الأمراض الوبائية, فعند ذلك قام البدو يتفلتون كل عن أميره لأن ذلك الوقت
هو فصل الربيع يريدون أن ترعى مواشيهم وتسمن استعدادا للقيض, وصاحوا بالضرر كل
يشكو إلى أميره, فلما أحس ابن سعود بذلك أرسل رسولا من قبله إلى عبدالعزيز بن رشيد
وهذا الرسول هو فهد بن علي الرشودي وكان فتى ندبا عاقلا وذا رأي سديد ومن أكبر
أعضاء أهل بريدة بعثه ابن سعود يدعو عبدالعزيز بن رشيد إلى الصلح والهدنة. وكان
ابن سعود يعلم بعناد ابن رشيد وتصلبه وجبروته وهكذا كان فقد قابل الرسول بالاستهزاء
والسخرية والوعد والوعيد لأهل نجد).
أقول: هذا القول يدل
على أن المعركة لم تقع في محيط بلدة الشنانة, وإنما كان يحصل بين الفريقين مناوشات
ومطاردات بالخيل وحصل بينهم قتل لبعض العساكر ولكن لم يكن فيها معركة. وهو ما يؤكد
بأن المعركة الحامية حصلت في موقع يسمى (المغارة) على ضفة وادي الرمة بعدما انتقل
ابن رشيد من الشنانة إلى قصر ابن عقيّل هاربا من مضايقه عسكر الملك عبدالعزيز
وبعدما هدم منازل البلدة وقتل من أهلها وخرّب أرضها وآبارها وقطع نخيلها وهو ما
يسمى (قطعة الشنانة) وهذا ديدنه في البلدات التي يمر عليها.
ـ ثم قال (ص 28) (أضف
إلى ذلك تهديده الذي شد عزائم السعوديين على مهاجمته والقضاء عليه, فلما عزم على
الرحيل ذلك اليوم لم يشعر إلاّ وقد هجم ابن سعود عليه بخيوله ليحول دون ذلك يقول
أنا أخو الأنور لا أدعهم يرحلون إلا المناجزة فتصادموا وتقارعوا من صلاة الفجر يوم
سادس عشر شعبان إلى غروب الشمس, فارتحلت بادية ابن رشيد قبله وتركته وراءها فخرج
ابن رشيد من الشنانة وجعل ابن سعود يطارده إلى أن أذنت الشمس بالمغيب, فنصب ابن
رشيد خيامه إذ ذاك خدعة للمبيت فانخدع له ابن سعود ورجع بخيله بعد أن أقام هناك
بعض الحرس والكشافة, فشرع ابن رشيد يتأهب للرحيل. وكانت خطة ابن سعود الحربية أن
ينهك خصمه بالمفاجآت والمناوشات فإذا أضعفه ضربه ضربة تكون هي القاضية.
ولما رجع ـ أي ابن سعود
ـ مساء إلى مركزه بالرس من يومه وجلس على العشاء جاءه أحد الكشافة يقول: رحل ابن
رشيد فقام وترك العشاء هو ورجاله وسارعوا إلى الخيل وأخذوا قافية العدو ولما قربوا
منه رأوا سوادا ظنوه غنما فأغاروا عليها فإذا بها عساكر الترك وكان قد جن الليل
فنازلوهم ساعة دون نتيجة تذكر.
ثم عاد ابن سعود وجنوده
إلى الرس, وترك كشافته على حسب العادة في مكان معلوم ومعهم رجال من أسرتهم وزودهم
بهذه التعليمات, إذا رحل ابن رشيد وقرب إلى الخنق (وهو موضع بين جبلي أبان معروف)
فأرسلوا إليّ لتخبروني وتقفّوه لتعلموا بمسيره أما إذا مشى إلى قصر ابن عقيّل
فعليكم أنتم يا آل سعود أن تسبقوه إلى القصر لتشجعوا أهله وتقولوا لهم أننا
مسارعون إلى نجدتهم. وكان في قصر ابن عقيّل سرية لابن سعود. فلما ذهب ابن رشيد تلك
الليلة نزل على الجوعى (القوعي) ودنا من قصر ابن عقيّل فزحف إليه يريد ضربه وكان
القصر منيعا ولا يخشى عليه إلا من المدافع أن تثلم جدره, فهمّ ابن رشيد في صباح
تلك الليلة بالهجوم عليه ولكن سبقه ابن سعود إليه (الصحيح سبقه آل سعود) وأرسلوا
يخبرون عبدالعزيز, وما أن وصل ابن رشيد إلى القصر ركّب في الحال مدافعه كلها عليه
وشرع يضرب القصر, فلما جاء الخبر إلى ابن سعود ظهرا أن ابن رشيد حصر قصر ابن عقيّل
صاح برجاله قائلا. انهزم ابن رشيد ونريد أن نعمل مناورة خارج البلدة فاستبشروا
واخرجوا للمناورة. فكشف لهم عن قصده الحقيقي وأمرهم بالزحف إلى قصر ابن عقيّل
فترددوا لأنهم لم يكونوا متأهبين للرحيل وما معهم ماء ولا زاد وكان ذلك في الساعة
الأخيرة من النهار, والمسافة بينهم وبين القصر قدر عشرين ميلا. فخطب فيهم ابن سعود
محرضا مستنهضا, ثم قال: أنا واحد منكم ومثلكم أنتم خاشون وأنا أخشى. انتم حفاة
وأنا والله لا أنتعل وهذا نعلي وهذا ذلولي, قال ذلك وهو يضع النعل في الخرج ويلقي
بحبل الذلول على غاربه, ثم مشى أمامهم حافيا فمشوا وراءه متحمسين, وعندما وصلوا
إلى القصر قبل نصف الليل بساعة أرادوا أن يهجموا على ابن رشيد في ذلك الحين فمنعهم
عبدالعزيز لعلمه بما حلّ بهم من التعب والجوع, فدخلوا القصر واستراحوا تلك الليلة.
ثم قال مكملا: أما ابن
رشيد فبعد أن شغّل مدافعه على القصر بضع ساعات بدون طائل رحل في صباح اليوم 18
بعدما وصل ابن سعود قصر ابن عقيّل. فلما رآه ابن سعود يرحّل إبله ويحمل أطوابه
أمهل حتى مشى برجاله والعساكر ثم أنه خرج بخيله وجنده. وأتبع ساقتهم بجيوشه
للمفاجأة فأدركوهم في وادي الرمة. وكان هذا الوادي لا يوجد في جزيرة العرب مثله في
الطول بحيث يخترق القصيم ويمتد شرقا حتى حرة خيبر إلى الرس, ثم شرقا بشمال إلى
البصرة وهو بين عنيزة وبريدة, وكذلك البكيرية والخبراء والشنانة واقعات على ضفافه.
وكذلك الشيحية والجبل ممتد هناك بضعة وخمسين ميلا من الرس. فجرى على ابن رشيد في
هذا الوادي ملحمة فاصلة).
نهاية معركة الـوادي:
ـ وفي (ص 28) تحت عنوان(ذكر
واقعة وادي الرمة سنة 1322) قال:
(لما طارد السعوديون
ابن رشيد من قصر ابن عقيّل وأغاروا عليه أدركوه في وادي الرمة في اليوم 18 من
شعبان فأناخ هناك وجمع جيوشه, ثم أنه نصب المدافع وبنى بيوت الحرب وشجّع قومه
استبسلهم فثبتوا للسعوديين فتهاجم الفريقان إلى منتصف النهار وكانت الغلبة أولا
لابن رشيد.
ثم إن ابن سعود عندما
رأى جناح العدو متقهقرا صمد لهم بهجمة عنيفة وشوهد منه بسالة لا تنسى, فهدم بيوت
الحرب واشتد الحرب والضرب والطعان, واشتبكت بين الفريقين ملاحم تشيب لها النواصي وتعجز
عن مقاساتها الجبال الرواسي. وحصلت ذبحة هائلة فانكسر ابن رشيد وولت عساكر الترك
الأدبار لا يلوي أحد على أحد. وانهزم ابن رشيد ورجاله وفرّ الجميع هاربين, فأراد
ابن سعود أن يتعقبهم ولكن الحملات والأموال الغنائم شغلتهم عن تتبع الفارّين.
فشغلوا بها حتى جن الليل وهم ينهبون بها. ثم عادوا في اليوم الثاني والثالث
والرابع وظلوا عشرة أيام وهم يجمعون الغنائم من الأسلحة والذخائر والأمتعة والثياب
والنقود سوى الإبل والغنم وما وجدوا من الأموال بين تلك الأحمال من صناديق الذهب
والفرش والمؤن فحملوها إلى عنيزة مقر ابن سعود فوزعها مثل بقية الغنائم على رجاله
ولم يأخذ منها شيئا لنفسه. تالله إنها لغنيمة عظيمة جسيمة قسمها ابن سعود على
رجاله فأصاب الرجل الواحد مائة وخمسين ليرة ذهبا وبضعة وعشرين بعيرا إلى مالا يقدر
من الأثاث وغيره من الأشياء الثمينة. وقضت هذه الوقعة على ابن رشيد وعساكر الدولة
ما قضت وقعة ذي قار على الفرس, وكانت هذه الوقعة الحاسمة قد غيّرت مجرى التاريخ في
جزيرة العرب وانفصلت عن نتيجتين, إحداهما: نفوذ الأتراك وهيبتهم في نجد قضاء
مبرما, وزعزعت ملك ابن رشيد فلم تقم له قائمة بعدها.
أما العساكر فقد تفرقوا
شذر مذر بعضهم من الوباء وغالبهم قام عليهم أهالي القصيم يصطادونهم ويذبحونهم حتى
جرت مواضع السانية من دمائهم, لأنهم كانوا يختفون بها فينحرون هناك, فهذا ما جرى
من ذكر هذه الوقعات ولم يجر في القصيم مثلها. ومما قال الشيخ سليمان بن سحمان قدس
الله روحه في ذكر مقامات صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وأن ذكره فيها
يستحق أن يشكر ويخلد مجده بين الأنام ولا ينكر. كيف لا وقد دفع الله بفتوحاته
البلاء عن العالمين ونصر الله بطلعته سنة سيد المرسلين الأولين والآخرين. فجزاه
الله خيرا عن الإسلام والمسلمين).
# وفي كتاب(حملة إبراهيم باشا على
الدرعية وسقوطها 1232ـ1233هـ) تأليف فاطمة بنت حسين القحطاني/ مطبوعات دارة الملك
عبدالعزيز/ عام 1431هـ. قال عن حملة إبراهيم باشا:
دخول الحملة بلدة الشنانة:
ـ دخلت الحملة في أثناء تقدمها إلى
الرس إلى بلدة الشنانة التي كانت خاوية تقريبا من سكانها بعد أن نقل الإمام
عبدالله بن سعود القادرين من أهلها على حمل السلاح إلى الرس لتعزيز القوات
الموجودة فيها, في حين نقل الشيوخ والنساء والأطفال والماشية إلى الوشم. وردم
آبارها حتى لا تستفيد منها القوات المعادية. وكانت القوات المصرية قد أنهكت في
أثناء سيرها, لذلك أقامت عدة أيام في هذه البلدة لأخذ قسط من الراحة قبل مواصلة
السير إلى الرس. وبعد فترة الراحة في الشنانة تحركت الحملة يتقدمها إبراهيم باشا
في خمس مئة فارس من رجاله, وقبيل وصولهم إلى الرس قام إبراهيم باشا ومن معه بعملية
استطلاعية لمراقبة الوضع ومعرفة المكان بعد تقدم جيشه. ولكنه واجه مفرزة من جنود
الحامية السعودية في الرس واشتبك معها. وقد قتل اثنان من رجاله وجرح خمسة. وفي
اليوم التالي صدرت أوامره بالتحرك إلى الرس وضرب الحصار حولها) أهـ.
# وفي كتاب
(منطقة الوشم في عهد الدولة السعودية الأولى) د خليفة بن عبدالرحمن المسعود
مطبوعات دارة الملك عبدالعزيز. 1428هـ. قال عن دخول طوسون باشا بلدة الشنانة:
مهاجمة
طوسون للشنانة:
وبعد
ذلك عاد الإمام عبدالله إلى عنيزة لمساعدة أهلها في الدفاع عنها ومنع تقدم طوسون
إليها. فأرسل القوات لمهاجمة طوسون في الشبيبية بين عنيزة والخبراء, وعند ذلك ندم
كثير من أهالي الرس على سماحهم لقوات طوسون بدخول بلدتهم فانحازوا إلى الشنانة قرب
الرس وتحصنوا في قلعتها, فحاصرتهم قوات طوسون فيها وضربتهم بالمدافع إلا أنهم
صمدوا وتمكنوا من قتل عدد من جنود طوسون, وأجبروا البقية على التراجع للرس التي
عاد إليها الجنود المرابطون في الشبيبية وبذلك انحصر وجود القوات الأجنبية بالقصيم
في الخبراء والرس فقط. أما عبدالله بن سعود فقد انتقل بقواته إلى الحجناوي وبقي
فيها ما يقارب الشهرين حتى عقد الصلح بينه وبين طوسون باشا سنة 1230هـ/1815م)
أ.هـ.
كتبه:
عبدالله بن صالح العقيل ـــ الرس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق