عبد الرحمن بن عقيل العقيل
1302ـ 1373هـ.
اسمه : عبد الرحمن بن عقيل بن عبد الله العقيل .
مولده ونشأته: نزح جده عبدالله من شقراء وسكن عنيزة ، وتزوج والده عقيل من آل عجروش من عنيزة، ورزق منها أربعة أبناء هم: عبدالله وعبدالعزيز وعبدالرحمن وصالح.
ولد عالمنا عبدالرحمن في عنيزة عام 1302هـ وتوفي والده وهو صغير فتولى أخوه عبدالله تربيته. ونشأ بها نشأة حسنة.
سيرته : كان رحمه الله محمود السيرة ، متواضعا ذا أناة وتؤدة ، مثالا في العدالة والنزاهة والتقى ، وكان زاهدا ورعا عزيز النفس ، قليل ذات اليد ، ليس له دخل ثابت ، وكان يصدع بكلمة الحق ، مستقيم الديانة ذا غيرة على الدين وكان رحمه الله كثير التلاوة للقرآن والذكر ، له حزب في الليل يحافظ عليه ، وكان داعية خير ورشد ، يحب الفقراء والمساكين ويحنو عليهم ، حريصا لإصلاح ذات البَيْن بين الناس، وكان له أوراد يحافظ عليها في اليوم والليلة، ويداوم على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان من كل عام، وكان يقرض الشعر وله منه نظم جيّد.
علمه وفضله: حفظ رحمه الله القرآن وجوّده عن ظهر قلب ، وقرأ على المطوع سليمان بن دامغ في مدرسته الواقعة بجانب مسجد أم خمار، ثم شرع في طلب العلم بهمة وحرص ومثابرة، وكان ذا صوت حسن عند القراءة لايُملّ، أم الناس في كثير من مساجد عنيزة في رمضان في صلاة التراويح وقيام رمضان في ليالي العشر الأواخر. وكان ذا خط جميل معترف به لدى المشائخ، وكان الناس يأتون إليه ليكتب وثائقهم بدون أجر، وهو ثقة معتبر لدى من يعرفه معمول بخطه لدى الحكام في وقته. وكان يحضر درس الشيخ عبدالرحمن بن علي بن عودان بعنيزة وإذا سافر أنابه للتدريس، كذلك إذا سافر أو مرض الشيخ عثمان القاضي أنابه للتدريس فيقوم بواجبه خير قيام، وعندما سافر الشيخ ابن عودان في عام 1366هـ للجنوب أنابه عنه بحل الخصومات فاعتذر عن ذلك، وكان يكثر من الأوراد وقراءة كتب الشيخين خاصة كتاب: عدة الصابرين ليتسلى بها عما لحقه من الضرر، وكانت مجالس الشيخ عبدالرحمن مجالس علم ومحادثة شيقة وممتعة لمن يجلس إليها.
مشائخه : قرأ شيخنا رحمه الله على علماء بلده ، ومنهم : قاضي عنيزة الشيخ ابراهيم بن حمد بن جاسر، والشيخ محمد بن عبد الكريم الشبل ، والشيخ عبدالرحمن بن سعدي، والشيخ عبد الله بن عايض ، ولازمهم طويلا، ثم قرأ على الشيخ عبد الله بن محمد بن مانع ، ثم على الشيخ صالح بن عثمان القاضي ولازمه سنين طويله وهو أكثر مشائخه نفعا له، قرا على هؤلاء الأصول والفروع والحديث والتفسير وعلوم العربية، وكان كثير المطالعة ويحب البحث والنقاش في مسائل العلم ولا يسام منه، ثم قرأ على الشيخ عثمان بن صالح القاضي الأصول والفروع في علم العربية ، ثم على الشيخ علي ابن محمد السناني أصول الدين وكتب ابن تيمية . والشيخ علي بن ناصر أبو وادي، ثم رحل الشيخ رحمه الله إلى بريدة وقرأ على الشيخ عبد العزيز بن بشر ، والشيخ عبد الله بن محمد بن سليم ، وتعلم العربية على الشيخ محمد أمين الشنقيطي. واستمر مثابرا على طلب العلم إلى عام 1335هـ وله تلاميذ وزملاء كثيرون يتدارس معهم القرآن وكتب العلم.
أوصافه : كان الشيخ رحمه الله أبيض اللون مشربا بالصفرة ، طويلا كثيف اللحية يصبغها بالصفرة ، مدوّر الوجه ، طلق المحيّا والوجه المدوّر.
أعماله : في عام 1353هـ طلبت الحكومة قضاة من القصيم لليمن فاختاره الشيخ عمر بن سليم وسافر معه في شهر ذي الحجة من هذا العام وأدوا جميعا مناسك الحج بأمر من الملك عبدالعزيز يرحمه الله ومعهم بضعة عشر رجلا من طلبة العلم ثم اختاره الشيخ عمر بن سليم للقضاء في جازان وتولى القضاء فيها بجد وحزم ، وسدد أقضيته فيها محبوبا بين أهلها وبقي فيها حتى عام 1358هـ وكان كثيرا ما ينتدب لحل المشاكل بين القبائل في جازان وغيرها لما يعرف فيه من الحكمة وصواب الرأي، وانتدب أيضا لحل مشاكل في اليمن بين القبائل، ثم اشترك مع لجنة للفصل وتعيين الحدود بين حكومة المملكة وحكومة اليمن عام 1354هـ ،
وأخيرا طلب من الملك عبدالعزيز إعفاءه من القضاء ولثقته فيه وما يجده منه من حكمة وصواب في الرأي لم يوافق على ذلك، ولكن الشيخ عبدالرحمن ألحّ في الطلب بخطابات وبرقيات كان يبعثها إليه، وبعد إلحاح وتوسط من بعض القضاة أعفاه من القضاء.
وكان الشيخ تزوج امرأة من جازان وخلف بنتا منها ثم فارقها ، وأخيرا رجع الشيخ من جازان إلى عنيزة عن طريق البحر من جدة على سفينة شراعية فصادفهم اضطراب البحر وجاءتهم ريح عاصف في الليل مع الموج الشديد فألقوا ما معهم من عتاد في البحر للتخفيف على القارب فضاع ما معه من نقود وتلف كثير من متاعهم وأوانيهم وسلمت أرواحهم، فعادوا إلى جازان ومكثوا يومين ثم عادوا مرة أخرى إلى جدة ثم إلى عنيزة بلا زاد ولا متاع، ثم فتح دكانا بالمسوكف مقابل منزله وجلس يبيع فيه وتجرد للعبادة والتدريس.
بعد رجوع الشيخ إلى عنيزة تفرغ للتدريس في مسجد المسوكف في حلقة بعد العصر والمغرب ، وكان يعهد لأحد الطلاب بالقراءة ثم يتولى هو الشرح بكلام مشبع بالحديث والفقه والتوحيد والتفسير، ويناقش ويبحث في مجلس الشيخ عبد الرحمن بن عودان، وكان يحضر القراءة على الشيخ ابن عودان،
أبناؤه : خلف الشيخ ابنين هما عقيل وعبد الكريم ، أما عقيل: فقد تنقّل في عدة وظائف في عنيزة في أعمال الحسبة ، ثم انتقل إلى مكة المكرمة فتعين رئيسا للهيئة بطريق مكة ، وهو إمام وخطيب جامع الأمير عبد الله بن عبد العزيز. والابن الثاني: عبد الكريم صاحب محل تجاري في عنيزة .
وفاته : أصيب الشيخ بمرض مكث فيه طويلا في عنيزة ولزم الفراش مدة من الزمن، ثم ارتفع عليه الضغط فصار يرتعش في مشيته ويديه ، ثم ثقلت رجلاه فصار لا يصل إلى المسجد إلا ببطء وتعب شديد ، ثم أصيب بالشلل والتشنج واستمر على ذلك ثلاث سنوات، وفي يوم 26/محرم/1373هـ وافاه الأجل المحتوم وانتقل إلى جوار ربه مأسوفا على فقده ، وقد بكاه أكثر أهل عنيزة ومن يعرفه من غيرها، رحمه الله رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته .
كتبه: عبدالله بن صالح بن عبدالرحمن العقيل ـ الرس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق