الأحد، 25 مارس 2018

غار قرناس في أبان الأسمر.


غار قرناس في أبان الأسمر
محاولة قتل الشيخ قرناس وهروبه.
عندما قدم إبراهيم باشا إلى نجد عام 1232هـ بقصد القضاء على الدولة السعودية الأولى, وصل بلدة الرس وحاصرها في الفترة من:25/8/1232هـ حتى:12/12/1232هـ معتقدا بأنها هي مفتاح الدرعية ولكنه عجز هو وجنوده عن احتلال الرس بسبب صمود أهلها المجاهدين الذين دافعوا عنها ببسالة وشجاعة, وعندما وجد نفسه أمام قلعة منيعة وقوية ورجال لديهم شجاعة لا نظير لها تحدوا بها عدوهم بالقول والعمل عقد صلحا مع أهله الرس يوم الخميس الثاني عشر من شهر ذي الحجة عام 1232هـ وتركها وتوجه هو وجنوده نحو الدرعية مقر الإمام عبدالله بن سعود وقاتلوا حتى سقطت الدرعية في أيديهم في نهاية عام 1233هـ. بعدها أراد إبراهيم باشا القضاء على مجموعة من الرجال الأبطال الذين لم يستطع القبض عليهم بسبب ما لقيه منهم من مقاومة وصبر وشجاعة عند التصدي له، فأرسل وهو في طريق العودة مجموعة من جنده إلى الرس وأوصاهم بقتل الشيخ قرناس بن عبدالرحمن حيث كان هو القائد الذي هزمه في حرب الرس، وكان الشيخ قرناس قد أرسل رجلا إلى عنيزة وطلب منه أن يخبره عند وصول جنود من جيش إبراهيم باشا إليها.
ولما سمع الرجل عن عزمهم قتل الشيخ قرناس عاد إلى الرس ليخبر الشيخ بذلك فأدركه وهو يصلي بالناس صلاة الفجر، ثم إن الشيخ قرناس أحس وهو يصلي بالمسجد بأصوات غير معتادة وكان يقرأ جهرا في سورة القيامة ولما وصل إلى آية {يقول الإنسان يومئذ أين المفر} أخذ يرددها فرد الرجل على الشيخ قرناس بقوله (إلى أبان الحمر) موحيا له بالمكان الآمن للفرار دون أن يفهمها الجنود الترك. ويروى بان الذي رد عليه هو المؤذن محمد بن عبدالله الخميس. كما يروى بأن الذي رد على الشيخ هو الرجل الذي أرسله الشيخ قرناس إلى عنيزة وطلب منه أن يخبروه عندما يصل جنود إبراهيم باشا إليها متجهين إلى الرس, 
ثم سجد قرناس وأطال في سجوده وخرج من المسجد تاركا الناس ساجدين متجها على حصانه إلى جبل أبان الحمر قرب بلدة النبهانية وبذلك نجا من القتل. وبقي في جبل أبان مدة تقرب من أربعة أشهر.
روى الرحّالة ديفيد كمنز في كتابه (الدعوة الوهابية والمملكة العربية السعودية) نقله إلى العربية عبدالله بن إبراهيم العسكر. جداول للنشر والترجمة والتوزيع بيروت. ط2/ 2013م.
     قال (ص 85) عن الشيخ قرناس بن عبدالرحمن (كان قرناس بن عبدالرحمن بن قرناس القاضي السعودي في المدينة, ثم أصبح قاضيا في بلدة الرس في القصيم. لكنه هرب حين مرّ جيش إبراهيم باشا بها خلال انسحابه من نجد. ثم عاد ليصبح قاضيا في الإمارة الثانية حتى موته عام 1846م).
كما قال المؤرخ منير العجلاني في كتابه (تاريخ البلاد العربية السعودية/ الدولة السعودية الأولى ج 4) ما يلي:
(أراد إبراهيم باشا القضاء على مجموعة من أبطال الجزيرة العربية بسبب ما لقيه منهم من مقاومة وصبر وشجاعة عند التصدي له. فأرسل مجموعة من جنده إلى الرس وأوصاهم بقتل الشيخ قرناس بن عبد الرحمن حيث كان هو القائد الذي هزمه في حرب الرس، فأدركوه وهو يصلي بالناس، ثم إن الشيخ قرناس أحس وهو يصلي بالمسجد بأصوات غير معتادة وكان يقرأ جهرا في سورة القيامة ولما وصل إلى آية {يقول الإنسان يومئذ أين المفر} أخذ يرددها وكان المؤذن محمد بن عبدالله الخميس يفهم ما يقصده الشيخ قرناس فرد عليه بقوله (إلى أبان الحمر) موحيا له بالمكان الآمن للفرار دون أن يفهمها الجنود الترك، ثم سجد قرناس وأطال في سجوده وهرب من المسجد تاركا الناس ساجدين متجها إلى جبل أبان الحمر وبذلك نجا من القتل(.
روى لي الشيخ عاتق بن عتيق بن جريف بن علي المظيبري الذي زارني في منزلي يوم/ 18/6/1439هـ بأن الشيخ قرناس بن عبدالرحمن عندما وصل إلى جبل أبان الأسمر في وادي النمرية إلتجأ عند جريف بن علي بن جريف المظيبري ووالده علي بن جريف الذين أضافا الشيخ قرناس وتعاهدا له على حمايته واكرامه ونصرته. وعاش معهما حيث وفرا له الأمن والطعام. وعاش الشيخ قرناس معهما أربعة أشهر إلا بضعة أيام. وهو يسكن في غار مشهور في أحد الهضاب باسم (غار قرناس) حتى الآن.
وقام خلالها بتعليمهم ومن حولهم من جماعتهم الأمور الدينية والقرآن. ووجد الشيخ قرناس عندهم الأمن حتى خرج إبراهيم باشا وحنوده من نجد واستأمن الشيخ على نفسه, وعندما أراد العودة إلى بلدته الرس رافقه صديقه جريف بن علي في عودته حتى وصل إلى الرس بعد أن وثّق مجيء إبراهيم باشا في نقش محفور على صخرة بجوار الغار الذي كان يسكن فيه في عام 1234هـ.             
والغار لا يزال موجودا في جبل أبان الأسمر الذي تقع أسفله محافظة النبهانية. كما كان الشيخ قرناس يكتب على الصخر المجاور للغار شيء من ذكرياته. ولا يزال النقش موجودا وهو واضح المعالم والكتابة مع بعض التخريب الذي لحقه من الأيدي الطائشة التي لا تقدر قيمته, يقول في النقش (....ولا إبراهيم باشا صاحب مصر من الترك جميع نجد وأخذ عبدالله بن سعود ملكهم وعشيرتهم وذريتهم وقتل عبدالله سلطان محمود سلطانهم سنة 1234). 
كتبه الباحث: عبدالله بن صالح العقيل ــ الرس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق