الخميس، 21 سبتمبر 2017

أشعار الشعراء الجاهليين في الرس.



الأشعار التي قالها الشعراء الجاهليون في الرس:
كان زهير بن أبي سلمى يسكن في عاقل وهو منازل شرق الرس, وبها أطلال منازل قديمة من الحجر درست وبقيت آثارها وآبارها ونقوشها ورسومها, وهو يصفها ويشير إليها, قال:
لمن طلل كالوحي عاف منازله     عفا الرس منه فالرسيس فعاقلة
فقرن ذكر عاقل بذكر موضعين قريبين منه لا يزالان معروفين باسمهما حتى الآن هما الرس الذي أصبح مدينة رئيسية من مدن القصيم, والرسيس: وهي قرية تابعة للرس. هُجرت منازلها الطينية ولا تزال بارزة للعيان, وقامت حولها منازل جديدة ومزارع.
وقال زهير أيضا وقرن ذكر عاقل بذكر الرسيس:
كأن بغلان الرسيس وعاقل       ذرا النخل تسمو والسفين المقير   

وقال لبيد بن ربيعة العامري. وهو يذكر بأن منزله وابنتيه في عاقل:   
تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما     وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر؟
ونائحتان  تندبان  بعاقـــل        أخا  ثقة  لا عين  منه  ولا أثر
وقال لبيد بن ربيعة أيضا, وهو يصف أطلال منازل لحبيبته خولة. كانت في موقع بين الرسيس وعاقل وجبلي الأنعمين (القشيعين) الذين يقعان جنوب الرس.
طلل لخولة بالرسيس قديم        فبعاقل فالأنعمين رسوم
وفي عاقل: قامت مملكة كندة قبل الإسلام ويحكمها الحارث الحرّاب الكندي, ومات الحارث ودفن في بطن عاقل بعد أن أغار بنو أسد على مملكته وفرّقوهم. وإذا ذُكر عاقلا في الشعر فيُقصد به الرس. التي يتم مشاهدة بقايا مملكتهم حاليا في موقع عاقل. والذي يقول فيه لبيد بن ربيعة:
والحارث الحراب خلا عاقلا        دارا  أقام  بها  ولم  يتنقـــل
تجري خزائنه على من نابه        مجرى الفرات على فراض الجدول
حتى  تحمل  أهله  وقطينه       وأقام  سيدهم  ولم  يتحمـــل
أما الشاعر جرير بن عطية الكلبي فقد ذكر عاقلا مقرونا ببلدة دخنة التي تسمى قديما (منعج) والتي تقع جنوب الرس متذكرا ليالي السمر مع قومه وتلك المواقع من منازلهم, قال:
لعمرك لا أنسى ليالي منعج       ولا عاقلا إذ منزل الحي عاقل
وذكر ابن السكيت قول النابغة الذبياني حين ذكر عاقلا في شعره, قال:
كأني شددت الكور حيث شددته   على قارح مما تضمن عاقل
وقال الشاعر مالك بن حطان السليطي يتمنى أن يكون قريبا من عاقل:
وليتهم لم يركبوا في ركوبنا        وليت سليطا دونها كان عاقل
وقال ابن حبيب في قول عميرة بن طارق اليربوعي:
فأهون عليّ بالوعيد وأهله        إذا حل أهلي بين شِرْك فعاقل
قال:عاقل في بلاد بني يربوع, وكان فيه يوم بين بني جشم وبين حنظلة ابن مالك.
وقال أعرابي شعرا يذكر فيه عاقلا ويمدح شجر الرمث فيه وأصوات القطا عند نزول المطر. 
ولم يبق من نجد هوى غير أنني      تذكرني ريح الجنوب ذرى الهضب
وإني أحب الرمث من أرض عاقل         وصوت القطا في الطل والمطر الضرب
فإن أك من نجد سقى  الله  أهله      بمنانة   منه   فقلبي  على   قرب
وقال الشاعر عبدالرحمن بن دارة وهو يصف الغيوم والبرق يومض  بين المُزْن المثقلة بالمطر وصوت الطرب من الحمام فوق الأغصان في موقع عاقل:
نظرت ودور  من نصيبين  دوننا        كأن عربيات العيون بها رمد
لكيما أرى البرق الذي أومضت به      ذرا المزن علويا وكيف لنا يبدو
وهل أسمعن الدهر صوت حمامة       يميل بها من عاقل غصن مأد
فإني   ونجدا  كالقرينين  قطعا         قوى من حبال لم يشد بها عقد
سقا الله نجدا من خليل مفارق         عدانا العدا عنه وما قدم العهد
ودوّن الأندلسي: " عَاقِل بكسر القاف على وزن فاعل, قال عمارة: هو ماء لبني أبان بن دارم من وراء القريتين. وقال الطوسي عن شيوخه: عاقل جبل كان يسكنه حجر أبو امرئ القيس, قال أحد المعمرين:
وأعقل حجرا ذا المرار بعاقل       وأيام بكر إذ تعاوت وتغلب"
أما النمر بن تولب العكلي وهو شاعر جاهلي, فيذكر البديّ وهو موقع في عالية نجد وبين برقة ضاحك وهو موقع عند بلدة تمير. كما يذكر قبورا بين الرسيس وعاقل وهي قد تكون لحاكم مملكة كندة الحارث الكندي أو غيره من بني قومه. وقد درست تلك القبور ولم يبق منها إلاّ رسوما, وذكر بأنها لأناس نجباء من كرام القوم, قال:    
بين البديّ وبين برقة ضاحك      غوث اللهيف وفارس مقدام
ومقابر بين الرسيس  وعاقل      درست وفيها منجبون  كرام
وقالت الخنساء تصف الخيل وهي تتسابق بين الرس وعاقل:
وكانت إذا لــم تطـارد بعاقل        أو (الرس) خيلاَ طاردتها بعيهما
وكان تمال الحي في كل  أزمة    وعصمتهم والفارس المتغشـما
وقال الحطيئة ذاكرا عدة مواضع هي: الرس والعلياء وبرك وواسط :ـ
عفا الرس والعلياء من أم مالك         فبرك فوادي واسط فمُنيم
تبدلت  الحقب  القوافل  كالقنا          لهنّ بغُلاّن الشُرَيف نَحِيم
كما قال لبيد بن ربيعة وهو يذكر قوما بادوا على كثرتهم في الرس وعاقل ومنعج وخزاز:ـ
ومصعدهم كي يقطعوا بطن منعج       فضاقت بهم ذرعا خزاز وعاقل
فبادوا فما أمسى على الأرض منهم          لعمرك إلا   أن  يُخَبر  سائل
كأن لم يكن بالشرع منهم طلائع        فلم ترع سحا في الربيع القنابل
وبالرس  أوصال  كأن  زهاءها             ذوى الضمر لما زال عنها القبائل
وقال أحد الشعراء موجها قوله إلى بني أسد سكان الرس قديما، وقرن الرس مع البطاح ومنعج (دخنة) :ـ
بني  أسد  إلاّ  تنحُوا  تطأكم      مناسم حتى تُحطموا وحوافر
وميعاد قوم إن أرادوا لقاءنا       مياه  تحامتها  تميم  وعامر
ومانام ميُاح البطاح  ومنعج       ولا الرس إلا وهو عجلان ساهر
وقال لغدة الأصفهاني: وبجنب منعج (دخنة) خزاز وهو جبل. والأنعمان ببطن عاقل, وهما جبلان صغيران. قال المهلهل:
بات ليلي بالأنعمين طويلا        أراقب الليل ساهرا أن يزولا
قال عامر بن عمرو الحصني ذاكرا الرس مع العبيل (العبلاء) وهو مرتفع من المرو يقع شرق الرس وبجوار وادي عاقل:
بسهلة دار غيّرتها الأعاصر      بترواحها، والعاديات الأباتر
قطار وأرواح فأضحت كأنها      صحائف يتلوها بملحوب دابر
وأقفرت العبلاء والرس منهم      وأوحش منهم يثقب وقراقر
وقال عامر بن عمرو أيضا:
أحل به  أسْ  جُنَيْدِبُ  تذره       فأي  قتيل  كان  في  غطفان
إذا سجعت بالرقمتين حمامة      أو الرس تبكي فارس الكَتَفَان
وقال كعب بن زهير بن أبي سلمى يصف حمار الوحش متجها نحو الرس فصده عنه قوم فتوجه نحو وادي السليل:ـ
أتى دون ماء الرس باد وحاضر        وفيها الجمام الطاميات الخضارم
فصُدّ  فأضحى  بالسليل  كأنه          سليب  رجال  فوق علياء قائم
وقال وزير بن عبدالرحمن الأسدي من القرن الثالث الهجري:ـ
أيا كبدا ماذا ألاقي من الهوى          إذا الرس من آل السراب بدا ليا
ضمنت الهوى للرس في مضمر الحشا     ولم يضمن الرس الغداة الهوى ليا
أعد الليالي  ليلة  بعد  ليلة                 للقيان لاه ما يعد اللياليــا
وقال لبيد بن ربيعة العامري :ـ
وبالرس أوصال كأن زهاءها            ذوي الضمر لما زال عنها القبائل
وقال لبيد بن ربيعة وقد ذكر الرس بالتثنية أيضا, ويبدو بأنه يقصد الرس والرسيس المتجاورين:
تربعت الأشراف ثم تصيفت        حساء البطاح وانتجعن السلائلا
تخير مابين الرجام وواسط       إلى سدرة الرسّين ترعى السوائلا
وقال أحد الشعراء على صيغة الجمع من الرس ولعله يقصد الرس وماحوله من المواقع:
ألا ياركيات الرسوس على الهوى  سقيتن هل لي عندكن شجون
وقالت امرأة من بني سليم تتشوّق لمحبوبها, ذاكرة وادي الرس وقد يكون المقصود به وادي الرمة:
وإن امرأ أمسى ودون حبيبه           سواس فوادي الرس والهيمان
لمعترف بالنأي بعد اقترابه         ومعذورة  عيناه   بالهملان
هذه بعض الأشعار التي قالها الشعراء الجاهليون في الرس وما حولها من المواقع مثل: الرسيس وعاقل والبطاح ومنعج (دخنة) وغيرها. مع العلم بأنه إذا أطلق عاقلا فإنه يقصد به الرس. لأن الرس هو موطن مملكة كندة وعاقل يعتبر من أرض الرس. حيث أن عاقلا يقع في طرف وادي النساء الشمالي قبل أن يصب في وادي الرمة ببضعة أكيال, ولا تزال آثار مملكة كندة من النقوش والكتابات والآبار والأحجار موجودة وظاهرة للعيان حاليا في بطن عاقل. كما أن تلك الأبيات بعضها جزء من بعض القصائد المشهورة في العصر الجاهلي.
كتبه: عبدالله بن صالح العقيل. الرس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق