(حي الشهداء في محافظة الرس)
في زمن حرب أهل الرس مع إبراهيم باشا عام 1232هـ الذي أوفده
والده محمد علي باشا للقضاء على الدولة السعودية الأولى وقبلها وبعدها بسنوات كانت
الرس بلدة صغيرة فيها منازل قليلة من الطين يحيط بها سور منيع وقلاع مرتفعة تتصدى
للأعداء والغزاة وتتحدى الصراعات بين القبائل المحيطة بها, وبعدها تطورت البلدة
بفعل الهجرات المتتابعة من البادية وغيرهم.
وكان من أشهر أحياء تلك البلدة الصغيرة (حي الشهداء) وهو أول
الأحياء في الرس يضم في وسطه مقبرة صغيرة دُفِن فيها عدد (63) شهيدا وشهيدة من أهل
الرس وهم الذين قُتلوا في الحرب مع إبراهيم باشا. وبها سُمي بهذا الاسم.
كما يضم هذا الحي مجموعة من المعالم القديمة مثل (السور
القديم) الذي لم يبق منه إلاّ مقصورة باب الأمير. وكان فيه مجموعة من المقاصير
العالية التي تحمي البلدة مثل: باب النقبة وباب العقدة وغيرها. كذلك يوجد فيه
مباني البلدة القديمة المبنية من الطين التي قامت بلدية الرس بهدمها.
ثم صار لهذا الحي شأن كبير ومهم وذلك عندما أغار عليها
إبراهيم باشا عام 1232هـ وحاصرها ثلاثة شهور وسبعة عشر يوما وهو يضربها بالمدافع
وهاجمها ثلاث هجمات برجاله الأقوياء الأشداء ولكنهم لم يوقفوا بالاستيلاء عليها
حيث أبادهم أهل الرس, ولما عجز عنها أمر إبراهيم باشا جنوده بحفر نفق قوي بقصد
اقتحام البلدة من أسفل السور ولكن أهل الرس أبطلوه في حيلة لم يتوقعها الباشا, ولا
يزال بقايا هذا النفق شاهدا على تلك البطولة حتى يومنا وهو معلم من معالم الرس
الأثرية يحكي قصة تلك البطولة.
وكان حي الشهداء يوجد فيه إلى عام 1370هـ أربعة مساجد في كل
جهة منه مسجدا بناها أهل الرس وهي: المسجد الداخلي في الشمال والمسجد الطالعي في
حي المفرق ومسجد الضويان في الجنوب ومسجد الرشيد في الشرق.
كما كان حي الشهداء يضم معالم أخرى وهي: السوق التجاري القديم
ومرقب الرس المشهور والقبان (وهو ميزان البلدة) ومجلس الأمير وحي المفرق القديم
والمراغة (وهي مكان بيع الإبل) ومقبرة الرس الأولى في حزم الحناكا. كما يوجد في الحي
بعض المواقع المشهورة مثل( حفرة قديح ـ حفرة المزيني ـ حفرة الرداحية ـ حفرة
المشخّة... وغيرها).
لذا كان لهذا الحي أهمية كبيرة في محافظة الرس نظرا لماضيه
العريق منذ أن كانت بلدة صامدة تفخر بشجاعة أهلها وتصديهم لغارات محمد علي باشا
وأبنائه. الذين أتوا من أجل دمار بلاد نجد والقضاء على الدولة السعودية. ولكن الله
خذلهم وأفشل مخططاتهم فكانت بلدة الرس هي مفتاح نجد كلها.
إن هذا الحي العريق يستحق الاهتمام به في كل النواحي, حيث يحتاج
من بلدية المحافظة إصلاح طبقة الإسفلت القديمة المتكسرة بفعل الأمطار والمركبات, ويحتاج
من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني المحافظة على المواقع التراثية الباقية فيه
مثل معلم الجريف ونفق إبراهيم باشا. ويحتاج من لجنة أهالي المحافظة المطالبة من
الجهات الرسمية الأخرى بتحسين الحي ليكون معلما حضاريا يحكي قصة بطولات أهل الرس
وشجاعتهم التي تعرفها حكومتنا الرشيدة.
وفق الله الجميع لكل خير.
كتبه
الباحث: عبدالله بن صالح العقيل ـ الرس.
26/4/1438هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق