الجمعة، 11 يوليو 2014

تاريخ الفكر التكفيري.


كيف بدأ الفكر التكفيري.. وإلى أين انتهى ؟

الأمن نعمة لا تقدّر بثمن، بل لا يعرف قدرها إلا من فقدها، والملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ـ رحمه الله ـ عندما وحّد هذا الكيان الكبير تحت اسم (المملكة العربية السعودية) وحدّه على المحبة والعدل والإيمان، وأشاع التعليم في كل الأنحاء وأرسل القضاة في جميع المناطق ليحكموا بين الناس بالعدل، كما أرسل المطاوعة والدعاة ليفقهوا الناس ويعلموهم أمور دينهم. حتى عم الرخاء وانتشر العدل وتعلّم الناس أمور دينهم ودنياهم وعرف كل منهم ما له وما عليه، هذا هو الأمن الذي يقصده الناس ولا يستطيعون أن يعيشون بدونه.على هذا الأساس المتين اتخذت دولة الإسلام المملكة العربية السعودية الشريعة الإسلامية منهجا شاملا لكل نواحي الحياة ينظم العلاقة بين العبد وربه وبين الحاكم والمحكوم بطريقة متميزة وفريدة لا إفراط فيها ولا تفريط ولا غلو ولا تكفير أساسها قول الرسول e ( تركتكم على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ) ونشأت مهيبة عزيزة الجانب قوية الأركان مطبقة حكم الله ومقيمة لحدود الله على الجميع بالعدل والإنصاف. وفي مقابل ذلك برز شرذمة من شباب هذا الوطن ومن عاونهم ممن عميت أبصارهم وبصائرهم وقادهم الهوى والشيطان والحقد والحسد لجماعة المسلمين حتى قاموا بالتفجير والتدمير لكل مقدرات الدولة وأموال الناس بدون حق. خرجوا على ولاة الأمر وعلماء الأمة وهم ليسوا بدعا في ذلك فلهم جذور قديمة بدأها الخوارج في عهد أبي بكر الصديق وهذه تعتبر أول دعوة لفكرة التكفير في الإسلام عندما منعوا الزكاة فحاربهم الصديق رضي الله عنه وامتدت آثارهم الضالة في مواجهة الخليفة عثمان بن عفان والخليفة علي ابن أبي طالب، ثم تكرر ظهورهم في مواجهة الخلافات الإسلامية الأخرى.ثم تطوّر هذا الفكر الضال في طوره الثاني بظهور فرقة الخوارج الذين رفعوا شعار (لا حكم إلا لله) فكفّروا الحكام والعلماء ومن تبعهم كما كفّروا من خالف رأيهم أو نصحهم أو وجّههم ومن دعوتهم الشنيعة تكفير الخليفة عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ثم قتلهما ومحاربة من شايعهما من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين. ثم انتشر هذا الفكر الضال في جميع أطوار الخلافة الإسلامية والكل يعرف ما حصل للإمارات الإسلامية التي سادت ثم بادت وآخرها الخلافة الأموية في الأندلس والخلافة العثمانية التي سادت في العالم سنوات طويلة وحكمت الأمة بالعدل والحكمة حتى أظهر الله من حاربها ظلما وعدوانا. وفي وقتنا الحاضر أول ما ظهرت حركة الخوارج في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله في حركة الإخوان المسلمين الذين استنكروا على الملك بأنه يأخذ بأسباب الحضارة والتقدم وهذا مخالف لمنهجهم وتمردوا عليه فقضى الملك عبدالعزيز على تمردهم باللين والحكمة، ثم نصل إلى دعوة التكفير التي تبناها سيد قطب في كتبه وروّج لها حيث وجدت آذانا صاغية من ضعاف الإيمان الذين أعماهم الهوى والشيطان عن إتباع سنة رسول الله e وأصحابه الكرام، وهذا المنهج الذي تبناه سيد قطب في مصر البعيد عن منهج الأنبياء ما زاد الناس إلا فسادا ودمارا حيث كان يزعم بأنه يدعو إلى حاكمية الله بينما هو يدعو إلى رفض تلك الحاكمية في العبادات والعقائد ورفض الرجوع إلى الله ورسوله في قضايا الخلاف بين الناس. بل وتبنى هذا المنهج دعوة صريحة لتكفير المجتمعات الإسلامية وتكفير ولاة أمر المسلمين في كل البلاد الإسلامية.وبداية تلك الحرب على الحكام المسلمين عندما انتشرت جماعة (التكفير والهجرة) التي ظهرت في داخل السجون المصرية وانتشرت وكثر أتباعها في الريف المصري وبين طلاب الجامعات ثم نقلها هؤلاء الأتباع إلى الدول العربية المجاورة ونهجوا معها نهج الخوارج وكانوا يقصدون من التكفير (التكفير) تكفير ولاة أمر المسلمين في كل مكان من يحكم بالشريعة الإسلامية منهم ومن لا يحكم بها كما يكفّرون كل من خالف منهجهم أو عارضهم أو نصحهم ويقولون بأن كل الحكام كفره والعلماء الذين لا يكفّرونهم كفرة مثلهم كما يرون أن العسكريين الذين يقفون في صف الحكام ويدافعون عنهم كفرة مثلهم، أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركهم فهذا مرتد دمه حلال يجوز قتله في شريعتهم، ويقصدون من لفظ (الهجرة) اعتزال تلك المجتمعات التي كفّروها ولا تسير على منهجهم عزلة مكانية وشعورية فتراهم يندسّون في بعض القرى والهجر الصغيرة البعيدة عن المدن، كما كانوا يزعمون بأن المهدي المنتظر عندهم لهذه الأمة هو زعيمهم (شكري مصطفى) الذي يرون بأن الله سوف يحقق على يديه ما لم يتحقق على يد محمد e وأصحابه. وصارت دعوتهم تلك مصدرا للفساد حيث تفاعل معها مجموعة من دعاة الإصلاح.ونحن في هذه البلاد المباركة وصلتنا تلك الدعوة الضالة مع مجموعة من المعلمين الذين قدموا للتدريس في مدارسنا وجامعاتنا ومع مجموعة أخرى ممن عادوا من أفغانستان من الذين تغذّوا بهذا الفكر الضال، ثم ظهر لهذا المنهج الضال أتباع ممن غلوا في الدين مثل الاعتداء الغاشم في يوم: 1/1/1400هـ على يد جهيمان وعدد من الشباب الذين غُرّر بهم من تلك الزمرة الفاسدة وهي تعتبر البداية الحقيقية للعمليات الإرهابية التي تشهدها المملكة ويعاني منها الشعب السعودي في الوقت الحاضر، حيث اعتدوا على المسجد الحرام في مكة المكرمة أطهر بقعة على الأرض وكانوا يلبسون عباءة الدين ويغالون في الشريعة ويكفرون كل من خالفهم أو حاربهم وقد عطّلوا الصلاة في المسجد الحرام عدة أيام وأعلنوا بأن المهدي المنتظر موجود بينهم بناء على دعوى رؤيا رآها بعضهم وهو (محمد بن عبدالله القحطاني) حتى انتهت حركتهم بالقضاء عليها من لدن حكومتنا الرشيدة يوم: 15/1/1400هـ وقتل منهم مجموعة بينهم مهديهم الذي كانوا ينتظرون خروجه منذ أمد. وهذه الحركة الغريبة في وقتها على مجتمعنا المسلم والتي يدعي أصحابها أنهم تشبعوا بالفكر الضال بفعل انغلاق التفكير لديهم وزعمهم بأن هدفهم تطهير المجتمع المسلم من بعض مظاهر المدنية الجديدة والتي اعتبروها خروجا عن الدين وقالوا بأن كل من اتبعها فهو كافر.


بعد القضاء على حركة جهيمان بن سيف التكفيرية أخذت المملكة وعلماؤها الأجلاّء يعملون على تطهير المجتمع من تلك الأفكار الضالة المنحرفة وبدأ الخطاب الديني لدينا من لدن علمائنا الأفاضل ينوّر عقول الشباب والناشئة من الأفكار الضالة ويوجههم الوجهة الصحيحة على هدى من ديننا الحنيف، ولكن ما إن بدأ المجتمع يصحو من غفوته حتى جاءت مرحلة خطيرة في حياة المجتمع السعودي وهي مرحلة الحرب بين أفغانستان والإتحاد السوفييتي وأخذ مجموعة من الشباب السعودي يسافرون إلى أفغانستان برغبة منهم من أجل المشاركة في الجهاد الأفغاني حيث كان المجال متاحا للجميع ممن يرغب ذلك بدون ممانعة من قبل الدولة وما إن انتهت الحرب في عام 1409هـ عاد عدد بعض من هؤلاء الشباب إلى المملكة مشحونة أفكارهم بمبادئ الفكر المنحرف المتطرف الذي دعا إليه من يسمى أبو محمد عاصم المقدسي الذي ألف مجموعة من الكتب منها: كتاب: الكواشف الجليّلة في كفر الدولة السعودية وكتاب: المصابيح المنيرة في الرد على أسئلة أهل الجزيرة، وله مجموعة فتاوى متطرفة ومنحرفة منها: حكم العمل في عموم الوظائف الحكومية ومنها: حكم المشاركة في جيوش وشرطة الدولة .. وغيرها. وقد بدأ فكره بالتحريض بتكفير ولاة الأمر والخروج عليهم وفرض الجهاد عليهم وعلى كل من يعمل معهم وهذا الفكر في مجمله يكره الحكّام المسلمين ويقلل من قيمة العلماء الأجلاّء، كما استغل قادتهم الأحداث المتلاحقة بعد اعتداء العراق على الكويت وأخذوا يفسرون قضية الولاء والبراء تفسيرا خاطئا ويحللون عملية مشاركة القوات الأجنبية في تحرير الكويت من غزو صدام حسين وأخذ زعماؤهم يحللون عملية مشاركة القوات الأجنبية في تحرير الكويت من غزو صدام حسين وبرز مجموعة من المحرّضين لهم في هذا الشأن مثل محمد المسعري وسعد الفقيه الذين خرجا من المملكة وأخذا يبثّان سمومهما الموجّهة إلى الشباب السعودي بما يذاع عنهما من أحاديث في وسائل الإعلام المختلفة تُسبب الكراهية لولاة الأمر في هذه البلاد وبما يرسلونه من أفكار منحرفة عبر وسائل الاتصال مستغلين قضية مجيئ القوات الأمريكية إلى الخليج للدفاع عن بلادنا عام 1411هـ وأعلنوا بأن في ذلك ضرر على البلاد وأخذوا يخوضون في تحريم ذلك ولم يتركوا لعلمائنا الأفاضل الفرصة لتنوير الشباب بأهميته للدفاع عن المملكة ضد العدوان الغاشم الذي شنّه صدام حسين، قال الله تعالى ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد * وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ) البقرة [204ـ206] ثم جاء دور أسامة بن لادن الذي كان في أفغانستان يشارك في حرب الإتحاد السوفييتي بمساعدة من أمريكا وبعد انتهاء تلك الحرب أخذ يحرّض شباب المملكة ضد التواجد الأجنبي في بلادنا ودعاهم إلى الجهاد ضد هذه القوات كما دعا إلى تكفير حكامنا وتسفيه علمائنا وقد وجدت دعوته تلك آذانا صاغية من بعض الشباب السعودي المتشدد خاصة الذين عرفوه أثناء الحرب في أفغانستان وفضلوا الانضمام لأفكاره وتبنوها وتعاطفوا معه وأيّدوه، ثم غادر مجموعة من الشباب المملكة متوجهين إلى أفغانستان بقصد التدريب في معسكرات الجهاد وقد صرّح كثير ممن زاروا ساحات القتال ومعسكرات تدريب المجاهدين بأنهم وجدوا فيها من يكفّر حكامنا في المملكة ويكفّر علماءنا مثل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله. بينما بقي مجموعة أخرى في المملكة متأثرين بتلك التوجهات الضالة المنحرفة وبعد انتهاء حرب الخليج نشطوا في تغليف توجهات ابن لادن ومن شايعه بسلوك يتخبط في الدعوة إلى العنف والتكفير والفكر المشحون الذي يتبناه بعض العناصر ضد المصالح الغربية في المملكة وكانوا يستندون في خطابهم الفكري الضال بحديث الرسول e ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ) دون أن يتعرفوا على المعاني السامية لهذا الحديث. وهم الذين تبنّوا تلك التفجيرات العنيفة في بلادنا التي أدت إلى قتل الأبرياء ويتم الأطفال وتعطيل المصالح وهدم المنازل والمنشآت وغيرها، وأول عمل من ذلك التفجير الذي حصل في تاريخ: 20/6/1416هـ في شارع العليا بالرياض وقام به أربعة من الشباب وهم (عبدالعزيز المعثم ورياض الهاجري ومصلح الشمراني وخالد السعيد) الذين تم القبض عليهم في هذا الحادث الغاشم واعترفوا أمام العالم بأنهم قد انغمسوا في وحل التكفير وبأنهم تعرفوا على مجموعة من الشباب الذين شاركوا في الجهاد الأفغاني وتأثروا بما لديهم من أفكار منحرفة تدعو إلى تكفير حكام هذه البلاد والبلاد الإسلامية الأخرى وهيئة كبار العلماء في المملكة ثم أنهم كانوا يستقبلون المنشورات التي يبثها المسعري والفقيه وأعوانهما من أعداء المملكة الذين تبنوا جبهة تسمى (الإصلاح) وهي تحمل في طياتها الإفساد والتخريب وأخذوا يبثون سمومهم وأفكارهم التحريضية المنحرفة التي غررت بمجموعة من الشباب أودعت بعضهم في السجون وحرمت بعضهم من وظائفهم وأسرهم، ألم تسمعوا ما قاله كل من: منصور النقيدان ومشاري الذايدي وعبدالله بن بجاد عن هذا الفكر وهم الذين كانوا قد انظموا إليه وتعاطفوا معه وتدربوا في معسكرات أفغانستان ثم سجنوا في فترة من الزمن وبعد خروجهم تحدثوا عما كانوا يشاهدون من ابن لادن وأعوانه وأفكارهم المنحرفة.

· لقد تمادى أسامة ابن لادن بعد أحداث 11 سبتمبر في أمريكا وأعلن عن مسئوليته عن تفجير برجي التجارة العالمية وكان يخرج بعد كل تفجير في دولة من دول العالم ليبارك ذلك ثم يظهر بعد ذلك ليدعو المسلمين إلى الفتنة والخروج على ولاة أمرهم وشن الهجوم على كبار علمائهم خاصة داخل المملكة بلد الأمن والإيمان، قال ابن تيمية رحمه الله (والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء وهذا هو شأن الفتن، قال الله تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) والفتنة إذا وقعت لم يسلم منها أحد والنبي e ( إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان) كما دعا ابن لادن صراحة في عدة مناسبات بأنه سوف يتجه مع من شايعه من الشباب الذين انغمسوا في مهاوي التكفير والتفجير إلى شن عمليات إرهابية في المملكة العربية السعودية ذلك البلد الذي نشأ فيه وترعرع في أحضانه وتنعم في خيراته وذلك من أجل تحقيق مصالحه في بلاد المسلمين كما كان لبعض الدعاة هداهم الله دور بارز في تحريض هؤلاء الشباب في الخروج على ولاة الأمر وشن الحرب عليهم وتسفيه العلماء في بلادنا مستغلين قضية ( فقه الواقع.. وقتل الصائل) متهمين العلماء بأنهم يجهلون ذلك، لقد كان هؤلاء المنظرون وأعوانهم هم الذين كانوا يحرضون الشباب في المملكة على الخروج وشق عصا الطاعة وخلع البيعة عن ولاة الأمر. حيث أدى ذلك إلى تفشّي الشر في بلادنا وتعدد التفجيرات في كل مكان وقتل الأبرياء وهدم المنازل بحجة إخراج الكفار من بلاد العرب، لا شك بأنهم يعلمون أن قتل النفس بدون حق من كبائر الذنوب قال الله ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) [الإسراء 33] ثم إن من يقتل مؤمنا متعمدا فإن عليه غضب الله وله جهنم وبئس المصير قال تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا أليما) [النساء 93] فأي وعيد أشد من هذا الذي تقشعر منه الجلود وتنفطر منه القلوب ويودع في النفس زاجرا ورادعا قويا يمنع من التعدي على حدود الله، كما جعل الله سبحانه وتعالى قتل نفس واحدة كقتل الأنفس جميعا قال (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) [المائدة 32] كما جاءت السنة المطهّرة بعدد من الأحاديث التي تنهى عن قتل النفس المؤمنة منها حديث ابن عمر (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما) أي لا يزال في سعة من الأعمال الصالحة فإذا قتل نفسا ضاقت بسبب ذنبه. وحديث البراء بن عازب الذي يهوّل من قتل النفس المعصومة قال e ( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق) كذلك ما رواه أبو داود والنسائي قوله e (كل ذنب عسى الله أن يغفره إلاّ الرجل يقتل المؤمن متعمدا والرجل يموت كافرا) أما أقوال السلف في قتل النفس المعصومة فهي كثيرة. ولنا عبرة كبرى في اعترافات وأقوال الذين كانوا على منهج التكفير ثم تراجعوا بعد أن وجدوا بأن آثار فتواهم تعدت إلى القتل والترويع وأذيعت أحاديثهم في وسائل الإعلام مثل: علي الخضير وناصر الفهد وأحمد الخالدي حيث تم بث اعترافاتهم في وسائل الإعلام نقطف منها ما يلي: قال الخضير (أؤكد على أن المملكة دولة إسلامية والحكام فيها مسلمون .. أبرأ إلى الله من تكفير العموم من تكفير الوزراء والعلماء وتكفير المجتمع، لأن هذا مسلك سلكه الخوارج والمملكة دولة إسلامية ونرى البيعة لولي الأمر والالتزام بها واجب والطاعة له وهذا من ضرورة كونه مسلما) كما قال (كل من دخل في هذه البلاد فإنه معاهد ومستأمن ويحرم قتله وتكون دماؤه معصومة حتى يخرج، وأوضح أن تكفير المجتمع على وجه العموم من أعمال الخوارج، وأن فتوى قتل الصائل أو مقاتلة أو مواجهة رجال الأمن خطأ وقال: تراجعت عنها) ثم عقّب على حديث: أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب قال (بأن الحديث حق لكن فهمه خطأ ومجيئهم لحاجة المسلمين جائز، وبيّن بأن قتالهم محرم لأنهم دخلوا بأمان وبقاءهم لمصلحة) أما الفهد فقد قال عمن يفجر نفسه هل يسمى شهيدا (هذا يعتبر انتحارا لأنه يقتل مسلمين ويقتل نفوسا معصومة ويتلف أموالا في بلاد المسلمين) ثم قال أيضا(إن بلادنا لا أرى أحسن منها تحب الدين وفيها مشاعر الإسلام ظاهرة .. وحب الخير.. والتعاطف مع أهل الدين فلن نجد أحسن من بلادنا، لذلك يجب المحافظة على أمنها) كما قال ضمن اعترافاته (التكفير غير محمود ويترتب عليه مساوئ عظيمة، من حل دمه وقطع ولايته وإفساد نكاحه وعدم موارثته وعدم الصلاة عليه وعدم قبره في مقابر المسلمين ومثل هذا الإقدام على التكفير غير محمود مطلقا ولا يجب أن يقدم عليه أي رجل) أما الخالدي فقد اعترف بخطأ كل ما صدر منه من ذلك قوله (إن بعض الفتاوى التي قد صدرت وخصوصا فتوى دفع الصائل تبين الخطأ والزلل فيها ومجانبتها للواقع والحقيقة) كما قال عن إخراج الكفار من بلاد المسلمين ( أما من يقومون بتطبيق حديث إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب فهذا الأمر ليس من حقهم وإنما مثل هذه الأمور ترجع للولاة وولاة الأمور ولا ترجع للأشخاص ولا الفرق) ثم أشار إلى أهمية الرجوع إلى العلماء فقال(أرى أهمية الرجوع إلى العلماء والأخذ عنهم حتى لا تقع أشياء تترتب عليها مفاسد وأشياء أكبر منها وأعظم، وقال: إن مخالفة العلماء والمشائخ خطأ فادح والعلماء هم أهل الفتوى الذين يجب الرجوع إليهم) هذه نموذج من تراجعات بعض منظري أهل الخوارج والإرهاب الذين قتلوا الأنفس بغير حق وروّعوا الآمنين من المواطنين والوافدين في بلاد الأمن والإيمان فهل نسمع تراجعات البقية منهم نرجو ذلك؟!.


أقول: إنه قد تبين خطأ الفتاوى التي أصدرها بعض الدعاة ومنظري الخوارج وأهل الإرهاب وإننا نطالبهم بإعلان التوبة والرجوع عن آرائهم التي ربما كانت هي المحرّض الأول لمثل تلك الأعمال الإجرامية وإعلان ذلك في وسائل الإعلام المختلفة، كما أن مسألة الجهاد وما ترتب عليه من مفاسد وقتل وترويع يجب أن يتم إيضاحها للناشئة حتى يتم تعديل أفكارهم، وعلى كل من تحدث سابقا وكان حديثه نبراسا لهؤلاء الخوارج وأدى بهم إلى الخروج على ولاة الأمر في بلادنا وقتل الأنفس المعصومة أن يعيد حديثه ويبين خطأه لعل في ذلك تعديل لمسارهم ورجوعهم إلى الحق.ثم أوجّه الدعوة لهؤلاء الشرذمة الذين خرجوا عن إجماع المسلمين وأكثروا التفجيرات في بلاد الحرمين الشريفين وروّعوا الآمنين وقتلوا المسلمين والمستأمنين وأبكوا الآباء والأمهات ويتّموا الأطفال وأخافوا النساء والطلاب والطالبات وعطّلوا مساجد الله أن يرفع فيها اسمه وهدموا المنازل من بداية حركتهم الشنعاء حتى يومنا هذا وآخرها ما عايشناه في محافظة الرس تلك المدينة الآمنة أقول لهم: اتقوا الله وخافوا عقابه في الدنيا قبل الآخرة وارجعوا عن مرادكم فقد تجاوزتم الحد في الطغيان والعصيان. وللآباء والأمهات أن يوجهوا أبناءهم الوجهة الإسلامية الصحيحة وأن يراقبوهم ويعرفوا من يرافقون وأن يختاروا لهم الصحبة الطيبة التي تدلهم إلى الخير وتنهاهم عن الشر. وللمعلمين والمعلمات والمربين والمربيات أن يتقوا الله في أبناء المسلمين فهم أمانة بين أيديهم وعليهم أن يثقفونهم في أمور دينهم ويربونهم التربية الحسنة وأن يعلمونهم حقوق ولاة الأمر وطاعتهم ويبينون لهم الخير من الشر والصواب من الخطأ. وللمؤسسات الإعلامية بالاّ يبثوا للشباب إلا ما يهذب نفوسهم ويصقل عقولهم وينمى فيهم روح الفداء والتضحية في الدفاع عن بلادهم وأوطانهم وأن يدعوهم لمجابهة ظاهرة الإرهاب والذود عن حياض الدين والتزام الصدق والأمانة والمحافظة على ثوابت الدين الحنيف. والمؤسسات التعليمية والتربوية بأن يستغلوا إقبال الشباب على المشاركة في المراكز الصيفية والمنتديات التربوية وأن يدربوهم على حب الوطن والتضحية من أجله وبر الوالدين ويربوهم على الأخلاق الفاضلة والعادات الحسنة. أما أئمة المساجد الذين يكثرون من الدعاء والقنوت في الصلاة مع جماعة المسلمين بأن ينصر إخواننا المجاهدين في كل مكان وهذا حق واجب عليهم ولكني أراهم عند قيام الخوارج بالتفجير في أي مكان من بلادنا آخرها ما حصل في محافظة الرس في الأيام الماضية خرست ألسنتهم وتجمّدت عقولهم وأحجموا عن الدعاء، لقد عشنا في الرس أياما عصيبة لم أسمع بأن أحدا من أئمة المساجد إلا من شاء الله دعا الله بأن ينصر المسلمين ويزيل تلك الغمّة التي حلّت بهم فلا حول ولا قوة إلاّ بالله. اللهم أحم بلادنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم احفظ بلادنا من كل مكروه، وأجرنا من شر الأشرار وكيد الفجّار، اللهم أكفنا من حقد الحاقدين اللهم أكفناهم بما شئت.عبد الله بن صالح العقيل





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق