ـ كتاب (الخبر والعيان في تاريح نجد) وهو شرح قصيدة تاريخ نجد
البائية. خالد بن محمد الفرج. تحقيق عبدالرحمن بن عبدالله الشقير. مكتبة العبيكان.
زحف
طوسون على القصيم:
قال
المؤلف (ص 295) بعد أن تحدث عن الوقائع الحربية في الميدان الجنوبي للمملكة (وفي
الشمال زحف أحمد طوسون بجنوده من المدينة قاصدا القصيم, فاستولى على الرس والخبراء
بمواطأة من أهلها, وأعلن عبدالله بن سعود النفير العام في نجد بدوا وحاضرة, ونازل
طوسون في القصيم وجرت بينهما مناوشات ومطاولات.
انعقاد
الصلح:
وتحت
عنوان (انعقاد الصلح)(ص 297) قال المؤلف (مما لا ريب فيه أن محمد علي لما أزمع
الأوبة إلى مصر كتب إلى ابنه طوسون بعقد صلح شريف إن أمكنه, رغبة بهدنة يتفرغ فيها
لتأمين مخاوفه, وتسكين الاضطرابات التي كان يتوجس منها, والمؤرخون المصريون يعزون
الصلح إلى طلب عبدالله بن سعود في الوقت الذي كان فيه طوسون يفكر في العودة إلى
المدينة.
وبديهي
لو لم يكن طوسون نفسه راغبا في عقد الصلح لعد طلب عبدالله دليلا على ضعفه وواصل
القتال حتى النهاية. على أن ابن بشر المؤرخ الصريح يكشف لنا عن الحقيقة فيقول: إن
جنود عبدالله قبضوا على اثنين من البادية: أحدهما حربي, والثاني مطيري, ومعهما أحد
رؤساء الترك وجدوا لديه رسائل إلى طوسون من والده يأمره فيها بالصلح, وبالطبع أن
الطرفين كانا مائلين لذلك, ولهذا بادر عبدالله بإطلاق سراح التركي وإيصاله إلى
معسكر طوسون.
وبعد
مفاوضات قصيرة تم عقد صلح شريف تنازل فيه أهل نجد عن الحجاز, وتعهدوا بتأمين طرق
الحج وعدم التعرض للقوافل, على ألاّ يتعرض المصريون لنجد ولا لملحقاتها من جهة
الشرق. وكُتبت المعاهدة ورفعها عبدالله, وتوجه بها وفد مؤلف من عبدالله بن بنيان
والقاضي عبدالعزيز بن إبراهيم إلى مصر, فصادق عليها محمد علي وتم الصلح. وعاد
طوسون إلى مصر, فجعله أبوه أميرا على حامية رشيد وهناك أفرط في الملذات حتى أنهكت
جسمه, فمات إثر مرض قصير في شوال سنة 1231 ونقلت جثته إلى القاهرة).
حملة
إبراهيم باشا على نجد:
ثم
يكمل المؤلف حديثه عن الأوضاع في نجد فيقول(ص 299) تحت عنوان (استئناف القتال)(بعد
أن أمن محمد علي مركزه في مصر أعاد التفكير في نجد وإعادة الحملة عليها, وكان
عبدالله بن سعود فد تجرد لتأديب الخائنين من البادية وأهل نجد الذين ظاهروا الحملة
المصرية. فخرب أسوار الرس والخبراء وأغار على كثير من بوادي حرب ومطير الخائنين,
فاتخذها محمد علي ذريعة لنقض الصلح, فأخذ يستعد لإرسال حملة بقيادة ابنه ـ أو ابن
زوجته ـ إبراهيم باشا, ووصلت أخبار الاستعدادات إلى نجد. فأرسل عبدالله بن سعود
وفدا أخر برئاسة حسن بن مزروع, وعبدالله بن عون إلى مصر, ومع الوفد هدايا إلى محمد
علي, فوجداه قد تغيرت نواياه, وأخذ يملي شروطا غير معقولة لا يسلم بها حتى
المنهزم. وكثير من المؤرخين يكتفي بذكر أحد الموفدين, ولم نر مؤرخا مصريا يعترف
بوقوع الصلح, مع أن رجوع طوسون أقوى دليل على إبرامه, وليس من المعقول أن طوسون
يخلي الرس وغيرها من نجد بهدنة مؤقتة, كما أن بين الصلح وانتفاضة ما يناهز أربعة
عشر شهرا.
صمم
محمد علي هذه المرة على مواصلة القتال إلى النهاية مهما كلفه ذلك, واتخذ للأمر
عدته, وقد علمته التجارب الماضية دروسا حسب لها كل حساب, فقضى ستة أشهر في إعداد
المعدات وتجنيد الجيش, وعقد لواء القيادة لإبراهيم باشا, ونقلت المؤن والذخائر من
بولاق إلى قنا ومنها برا إلى القصير حيث الأسطول رأس هناك. وهو مؤلف من نيف
وثلاثين قطعة كبيرة, أقلعت بتلك الحملة الهائلة إلى ينبع.
رسا
الأسطول المصري في ينبع ونزل منه إبراهيم باشا متوجها إلى المدينة. ومنها باشر
الزحف إلى الحناكية. وقدم طلائعه بقيادة أوزون علي, فنزلت على ماء ماوية. فاجتمعت
عليه عربان حرب ومطير وعتيبة, وهناك هاجمهم أهل نجد بقيادة عبدالله بن سعود,
ولكنهم رأوا الجيش المصري مجهزا بمدافع وأسلحة لا عهد لهم بها, أثّر مفعولها في
صفوفهم, ففرت البادية منهزمة وتبعتها الحاضرة’ وعاد عبدالله بن سعود إلى الخبراء
ومنها إلى عنيزة).
حصار
الرس:
وتحت
عنوان (حصار الرس واحتلاله)(ص 301) قال المؤلف(بعد وقعة ماوية والى إبراهيم باشا
زحفه من الحناكية إلى أن أحاط بالرس, وجاء أهل الرس يكفرون عن خطيئتهم الأولى,
فثبتوا للمصريين ومعهم سرية بقيادة حسن ابن مزروع. وكانت حربهم هائلة لم تشهد نجد
مثلها.
أهل
الرس ونفق إبراهيم باشا:
صوّب
إبراهيم باشا مدافعه على أسوار الرس الحقيرة ـ خمسة آلاف قنبلة في ليلة واحدة ـ
فدكها ولكنها بنيت لساعتها, وحفر الأنفاق لإلغامها فأبطلوا عملها بأنفاق مثلها,
وسقط تحت أسوارها من رجاله ثلاثة آلاف وأربعمائة جندي, بينما قتلى الرس لا يتجاوز
المائتين.
فهاله
الأمر, ولكن أهل الرس مالوا إلى التسليم بعدما رأوا الإمدادات لا تنقطع عن عدوهم
وهم في نقص مستمر, ولم تأتهم نجدات جديدة, وكانت سياسة عبدالله في توزيع جنوده إلى
حاميات غلطة لا يلام عليها, لأنه لم يشأ أن يخاطر في مصاف حاسم بعدما تحقق من قوة
خصمه.
الصلح
بين إبراهيم باشا وأهل الرس:
جنح
إبراهيم باشا إلى الصلح فسلمت الرس, والتحق أهل الرس بجميع ما معهم بعبدالله في
عنيزة. وهم يحملون قصص المدافع الحديثة السريعة والقنابل التي تضرب الجدار ثم
تنفجر ثانية. وتتطاير شظاياها, وقد يبالغون تبريرا لتسليمهم. وكانت هذه الأخبار
بمثابة طلائع إبراهيم باشا, ولولا ثبات أهل الرس لما أدركوا ذلك الصلح المشرّف من
إبراهيم باشا.
وقصد
إبراهيم باشا الخبراء فاستولى عليها, ورحل منها ووجهته عنيزة وكان عبدالله قد
غادرها بعد أن رتب فيها حامية بإمارة إبراهيم بن حسن بن مشاري السعود. وقصد بريدة
على أن عنيزة ما عتمت أن سلمت. واعتصمت الحامية بالقصر, ولكنها أرغمت على التسليم
لانفجار مستودع ذخائرها.
بعد
تسليم بريدة زحف إبراهيم باشا إلى الجنوب وهو يحتل قرى نجد وبلدانها إلى أن استولى
على شقراء قاعدة الوشم بعد حصار ستة أيام. ولكنه لقي من أهل ضرمه]ضرما[ ما لاقاه من أهل الرس
"أردنا شقراء وأراد الله زرمه (ضرمة)]ضرما[" هذه الكلمات قالها
إبراهيم باشا فذهبت مثلا... ومن الغرائب أن تسلم له عنيزة وبريدة وشقراء, وتقاوم
الرس وضرما على بعد ما بينهما من قوة ومناعة) أ.هـ.
كتبه: عبدالله بن صالح العقيل ــ الرس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق